FINANCIAL TIMES

بعد 3 عقود من انهيار جدار برلين: كيف يرى سكان أوروبا الشرقية الحياة اليوم؟

بعد 3 عقود من انهيار جدار برلين: كيف يرى سكان أوروبا الشرقية الحياة اليوم؟

بعد 3 عقود من انهيار جدار برلين: كيف يرى سكان أوروبا الشرقية الحياة اليوم؟

قبل ثلاثة عقود مثل هذا العام أطاحت ثورة سلمية إلى حد كبير بالهيمنة الشيوعية في أوروبا الشرقية.
بدأت في بولندا، مع انتصار حركة تضامن وانتشرت إلى المجر، حيث تم قطع الستار الحديدي الذي كان يفصل بين الشرق والغرب حرفيا، ووصلت إلى ذروتها مع سقوط جدار برلين في تشرين الثاني (نوفمبر) 1989. ثم احتضنت بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا. بحلول أواخر كانون الأول (ديسمبر) من عام 1989، كانت أربعة عقود من الهيمنة الاستبدادية قد انتهت.
منذ ذلك الحين، شهدت المنطقة تحسينات هائلة في مستويات المعيشة والحرية الشخصية والحقوق السياسية، فضلا عن الاندماج مع أوروبا الغربية. في بعض الأماكن، ولدت المرحلة الانتقالية أيضا عدم المساواة والتفكك الاجتماعي والهجرة. الأفكار الليبرالية التي دفعت الإصلاحيين الأوائل، تحدتها القومية وحتى كراهية الأجانب.
في عام 1999، بصفتي محرر "فاينانشيال تايمز" المعين حديثا لأوروبا الشرقية، أردت أن احتفل بالذكرى السنوية العاشرة، لكنني أيضا كنت أتطلع إلى مستقبل المنطقة التي لا تزال في حالة اضطراب. بمساعدة صحافيين وباحثين محليين، وجدت خمسة أشخاص لإجراء مقابلات معهم، في جمهورية التشيك وبولندا ورومانيا وألمانيا الشرقية والمجر. كان كل منهم قد شارك في أحداث عام 1989، سواء من خلال توصيل الرسائل، أو توزيع الصحف السرية أو تشجيع الأصدقاء على الانضمام إلى المظاهرات. أخبروني كيف تغيرت حياتهم في الأعوام العشرة منذ ذلك الحين.
في عام 2009، قابلتهم مرة أخرى. كان كثير منهم يحتفل بانضمام بلدانهم بنجاح إلى الاتحاد الأوروبي، وهي فترة من النمو الاقتصادي المستدام والسياسة المستقرة على نحو متزايد، حتى إن أحدهم اشتكى من أن الحياة في أوروبا الشرقية أصبحت مملة. حيث قال: "إذا جلست في مقهى في وارسو أو أمستردام، ليس هناك اختلاف".
اليوم لا يزال اقتصاد المنطقة يتوسع، حيث يغلق الفجوة مع أوروبا الغربية. الازدهار المتزايد يظهر في الطرق والمصانع ومراكز التسوق الجديدة.
العالم مختلف تماما عن عام 2009. القومية تنمو والاستبدادية أصبحت أكثر شيوعا. التوترات التي بدت فيما مضى أنها حلت، عادت بمنتهى القوة.
عندما سافرت إفيلى جميع أنحاء المنطقة مرة أخرى هذا الصيف، فكرت كم أنا محظوظ لأنه أتيحت لي الفرصة لزيارة الأشخاص والأماكن مرة أخرى، خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة ورؤية كيف بإمكان التغيير السياسي تشكيل الحياة. ثورات عام 1989 وقعت على مدار بضعة أشهر. آثار ما بعد الصدمة لا تزال معنا.

المخترع الروماني
من بين الأشخاص الخمسة الذين قابلتهم مر رادو فيليبيسكو، 63 عاما، بأصعب وقت على يد نظام شيوعي. كطالب في العشرينات من عمره، أمضى ثلاثة أعوام في السجن في الثمانينيات، وتعرض للتعذيب أثناء الاستجوابات الوحشية.
نتحدث في شقة كبيرة بنيت في ثلاثينيات القرن الماضي ورثها عن والدته، ابنة عائلة سياسية رومانية بارزة. فيليبيسكو، المخترع بالمهنة، يعمل في سلك كهربائي وهو حاصل على براءة اختراع، وهناك نوع جديد من آلة قطع نايلون التغليف الشفاف المسجلة باسمه. زوجته إخصائية تخدير وابنها البالغ من العمر 21 عاما يدرس الطب.
لديه نظرة براجماتية لتطور البلاد بعد عام 1989، معترفا بخيبة الأمل مثل حجم الفساد، وكذلك المفاجآت الإيجابية مثل انضمام رومانيا السريع إلى حلف النيتو، والتحالف الأمني الغربي، والاتحاد الأوروبي.
لا تزال ذكرياته في السجن حية، خاصة عام 1987، عندما قبض عليه بسبب نشره دعاية معادية للنظام وتم ضربه.
يتذكر العودة إلى زنزانته بعد تعرضه للضرب والكدمات، ويفكر في الانتحار.
يقول: "كنت أبحث عن خطاف لأعلق نفسي وأنتهي من كل ذلك". كان يرتجف كلما سمع حارسا يمر من أمام زنزانته، خشية أن يكون على وشك أن يتم سحبه لمزيد من الاستجواب.
يقول فيليبيسكو إن قدامى المحاربين في الشرطة السرية الشيوعية السابقة يحتفظون بنفوذ كبير فوق الحد: "لا يمكنك إيقافهم تماما، لكن يجب أن نستمر في المحاولة".
الديكتاتور نيكولاي تشاوتشيسكو كان يدير نظاما ديكتاتوريا شديدا، وكان حظ رجال الشرطة السرية أفضل من معظم نظرائهم في المنطقة، حيث إنهم نجوا من ثورة 1989 وتشبثوا بالسلطة.
إنه سعيد لأن الشرطة السرية تحاسب أخيرا على قضية سيئة السمعة، وفاة الشاعر جورجي أورسو عام 1985 في السجن، بعد تعرضه للضرب في زنزانته بعد أن ألقي القبض عليه وتبين أنه يحتفظ بمذكرات تحتوي على تعليقات معادية للحكومة.
عام 2016، حوكم أربعة من كبار مسؤولي النظام بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بوفاة أورسو؛ وكان من بينهم رئيس سابق مسن للشرطة السرية ووزير داخلية سابق، أكبر منه سنا. وقد توفي هذان الأخيران منذ ذلك الحين، لكن الإجراءات ضد اثنين آخرين، ينكران ارتكاب أي مخالفات، لا تزال مستمرة. يقول فيليبسكو: "تظهر التجربة كيف كان جهاز الشرطة السرية مسؤولا عن كثير في زمن تشاوتشيسكو".
يخصص الوقت للحملات المحلية، من خلال منظمة غير حكومية تسمى مجموعة الحوار الاجتماعي. منذ عقد من الزمان، احتج أعضاؤها بنجاح على خطط تسليم مجمع حمام سباحة عام في بوخارست إلى شركة لتطوير الفنادق.
هذا العام، أقنعت المجموعة السلطات بتجديد "نصب البعث"، وهو نصب بوخارست التذكاري لضحايا عام 1989، تضرر من قبل العناصر والمخربين.
الحساب الكامل للماضي الشيوعي لا يزال مستمرا، كما يقول فيليبيسكو: "الإرهاب كان في كل مكان في رومانيا".

الناشر الألماني
بالنسبة إلى كريستوف لينكس، 65 عاما، فإن صعود اليمين القومي الألماني هو تحد يأخذه على محمل شخصي. ويقول إنه بالكاد يكون الأمر خلاف ذلك، بالنظر إلى حياته المهنية كناشر كتب في برلين مختص في التاريخ والسياسة الألمانية المعاصرة. حصل حزب اليمين "البديل من أجل ألمانيا" على أقوى دعم في المنطقة التي نشأ فيها لينكس -ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة.
يقول لينكس: "لم أتوقع قط أن يكون البديل من أجل ألمانيا قويا إلى هذه الدرجة". أسس لينكس دار نشر كريستوف لينكس عام 1989، كأول ناشر كتب مستقل في ألمانيا الشرقية سابقا. "ألمانيا، بسبب تجربتها الرهيبة مع النازيين، لم يكن لديها حزب شعبوي يميني كبير لفترة طويلة جدا".
في وقت لاحق من هذا العام، سينشر لينكس عملا جديدا بعنوان "الهجوم على أوروبا"، وهو تحليل لنجاح اليمين المتطرف في الانتخابات.
ويعتقد أن الاتجاه هو جزئيا دلالة على خيبة الأمل من العولمة، كما هو الحال في كثير من دول العالم الصناعي.
في شرقي ألمانيا يتفاقم الوضع بسبب عدم اليقين الناجم عن انهيار الشيوعية. هناك هذا الظلم الذي فقد فيه كثير من الناس وظائفهم أو أموالهم أو مدخراتهم أو معاشاتهم.
لفترة طويلة، لم يتحدث أحد عن هذه المشكلات. الآن، هي على رأس جدول الأعمال لأول مرة. الآن، عندما نحتفل بالذكرى الـ30 للثورة السلمية".
لينكس الذي يتخذ موقفا على يسار الوسط السياسي ويصوت إما للديمقراطيين الاجتماعيين أو لحزب الخضر، لا يزال يشعر بأنه مدفوع لشرح حقائق ألمانيا الشرقية. "كان هذا هو الدافع الأصلي كناشر -بعد أعوام من الصمت والمحرمات والرقابة، للتحدث أخيرا عن مشكلات البلاد ... ونحن نعمل على هذا منذ 30 عاما".
إنه يخرج من موضوع ما بعد الشيوعية في الكتالوج الخاص به بنتيجة أخرى.
كان النجاح الذي تحقق في العقد الماضي هو دراسة متعددة المجلدات لوكالة بي إن دي BND، وهي وكالة التجسس الألمانية الشرقية التي أصبحت فيما بعد لألمانيا بالكامل.
على القدر نفسه من الأهمية كانت الكتب المربحة التي تساعد على تمويل أعمال أكثر جدية، بما في ذلك سلسلة من أدلة السفر التي هي الأكثر مبيعا.
يقول لينكس إن الأعمال نمت بشكل مطرد في الأعوام الأخيرة، حيث بلغت مبيعاتها السنوية 1.5 مليون يورو، مع 12 موظفا.
الأوقات صعبة في نشر الكتب مع الضغط من الإنترنت وتغيير العادات الثقافية. في العام الماضي باع حصة السيطرة في الشركة إلى ناشر منافس في برلين هو أوفباو Aufbau.
يقول إن المديرين يتفهمون قيمه ويتقاسمونها، وسيظل مسؤولا حتى نهاية العام المقبل. "لم أتمكن من العثور على أي شخص يريد مواصلة العمل بشكل مستقل. وأردت إيجاد موطن آمن جديد للمؤلفين الذين يتعاملون معي والبالغ عددهم 1500 مؤلف" حسب قوله.
على أنه لا يزال ملتزما بالكتب. في الأفق إصدار ملفات تروهاند Treuhand الوكالة المثيرة للجدل التي خصخصت أصول ألمانيا الشرقية بعد عام 1990. ويأمل لينكس أن ينشر بعض الأعمال التي ستنطلق من هذا البحث. يقول: "سيؤدي ذلك إلى غضب ونقاش جديدين".

التشيكية المختصة بالتمويل
لم تتوقع جانا موسن الاحتجاج بعد ثلاثة عقود من الثورة المخملية. في تموز (يونيو) من هذا العام، انضمت إلى حشد شمل 250 ألف شخص في العاصمة التشيكية براغ -أكبر مظاهرة منذ عام 1989. وكان المحتجون يدعون إلى استقالة أندريه بابيش رئيس الوزراء الذي اتهم في تقرير مراجعة المفوضية الأوروبية لعام 2017، بالتحكم في الشركة التي تعاملت بشكل غير نزيه مع مليوني يورو، في دعم الاتحاد الأوروبي (بابيش ينفي أي مخالفات).
ستنطلق موسن (51 عاما) مرة أخرى في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في احتجاج يتزامن مع ذكرى سقوط الشيوعية، وستأخذ طفليها معها.
وتقول: "هذا يجعلني أفكر في 30 سنة مضت". كطالبة، وزعت منشورات الاحتجاج في الأيام الأخيرة للنظام.
وتضيف: "هذا يدل على أن هناك شيئا غير صحيح في البلاد. بالنسبة لي، بابيش يعرض النظام الديمقراطي للخطر".
عندما التقينا للمرة الأولى عام 1999، أخبرتني موسن: "أشعر بأنني كنت سأعمل دائما على القيام بشيء بنفسي".
وكانت في الـ33 من عمرها، وهي أصغر عضو في لجنة الأوراق المالية التشيكية، بعد أن تم استقطابها أثناء عملها في بنك استثماري في لندن.
بداية الإعصار في حياتها المهنية تبعتها بعض خيبات الأمل. في الماضي كانت تستمتع بتغيير الوظائف كل بضعة أعوام. تكافح الآن من أجل إيجاد عمل مستقر. كعضو مجلس إدارة لمركز النقل والطاقة، لها لقب مهيب.
المركز منظمة غير حكومية صغيرة تقع في غرفة واحدة في إحدى ضواحي براغ. لديها عقد لمدة عام واحد قد يتم أو لا يمكن تجديده عندما تنتهي صلاحيته.
تعتقد موسن أن فرص عملها تضاءلت بعد أن أمضت خمسة أعوام بعيدا عن براغ في إسبانيا، حيث كانت لزوجها وظيفة مرموقة.
تلوم أيضا تمويل قطاع المنظمات غير الحكومية. وتقول: "نحن جميعا على عقود مدتها سنة واحدة"، على الرغم من أن 55 في المائة من تمويل مركزها يأتي من الاتحاد الأوروبي.
تقول: "لماذا لا يمكننا الحصول على أموال طويلة الأجل حتى من الاتحاد الأوروبي؟ بالنسبة إلي هذا مرهق". كانت في الماضي تؤمن بالسوق الحرة، لكنها تجادل اليوم بأن العمال لم يستفيدوا شيئا يذكر من تحول الاقتصاد المركزي.
"كان ينبغي أن نمنح مزيدا من المشاركة في الأسهم للموظفين. لم نفعل ما يكفي لتشجيع الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم التي يمكن أن توفر كثيرا من الوظائف".
تقول موسن إن الإصلاحيين التشيكيين "أنشأوا سوقا حرة تسمح بهيمنة الشركات الكبرى"، بما في ذلك الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات.
"أنشأنا مثل هذا الشكل الحاد من الرأسمالية". الجانب السلبي بالكاد ظاهر في براغ، كما هو الحال في أماكن أخرى، أحدثت الفجوة بين المدن الكبيرة الغنية وبقية البلاد ردود فعل شعبوية قوية.
وتقول: "يمكنك الآن رؤية رد الفعل الشعبي في انتقاد المستثمرين الأجانب والهجرة".
ليس لديها أي ندم على عام 1989. تغيرت جمهورية التشيك نحو الأفضل. ليس لدي حنين ... لكنني أرى الفرص الضائعة. يجب أن نجد توازنا أفضل بين الأهداف الرأسمالية والأهداف الاجتماعية والبيئية. نحتاج إلى أن نضفي الطابع الحضاري على الرأسمالية التشيكية".

صانع الأفلام البولندي
قبل عقد من الزمن، استنكر كرزيستوف كوبشينسكي حقيقة أن السياسة البولندية أصبحت مملة إلى حد ما في فترة وجودها ما بعد الاتحاد السوفياتي.
حيث أخبرني "تتعلق السياسة بالحصول على أكبر قدر من المال لإنشاء طريق سريع".
اليوم، صانع الأفلام الوثائقية، البالغ من العمر 60 عاما، يبتسم بامتعاض عند تذكيره بتلك الكلمات. مع قيام الزعيم القومي ياروسلاف كازينسكي رئيس حزب القانون والعدل الحاكم، بإثارة جدل دولي، يعترف كوبشينسكي أن هناك "توترا معينا" عاد إلى وارسو.
على الرغم من أنه قضى كثيرا من فترة الثمانينيات في حركة "تضامن" النقابية السرية، إلا أنه لا يرى نفسه يعود إلى الحواجز.
أيامه الآن مكرسة لأفلامه، وكتاب عن الأدب الرومانسي في القرن الـ19 وعائلته.
يكرس نفسه لزوجته أيوا، وطفلتيه التوأم البالغتين من العمر عشرة أعوام. ويقول: "في وضعي هذا، أنا لا أشعر بالانزعاج".
أثناء جلوسه في حانة في فندق بريستول الفاخر وهو مكان مفضل يتردد عليه ينكر أنه راض. على أي حال، سؤال كوبشينسكي ليس بسيطا، كما يقول، في إشارة إلى حقيقة أن زعيم البلاد الحالي يجذب الدعم لوجهات نظره الواضحة المعادية للشيوعية، فضلا عن الانتقاد لتعصبه الواضح.
ويشير إلى أن بولندا بالكاد هي البلد الوحيد الذي يشهد طفرة قومية. "انظر إلى بريطانيا مع "بريكست". أنا لست قلقا من احتمال خوضنا حربا أخرى. التعبير عن وجهات نظرك بانفتاح كامل الآن أمر صعب خارج مجتمع مغلق أو مجموعة مغلقة".
هل كان من الممكن إدارة السياسة البولندية بشكل أفضل في الأعوام الـ30 الماضية للحد من مخاطر الشعبوية؟ نعم، كما يقول كوبشينسكي.
ويجادل بأن السيطرة على وسائل الأعلام العامة لطالما كانت بمنزلة "جائزة سياسية"، حيث يستحوذ الفائزون في الانتخابات على المناصب العليا لشعبهم. "حزب القانون والعدالة حالة متطرفة، إلا أن الأحزاب قبله لم تكن بريئة".
يضيف أن السياسيين من التيار الرئيس في وارسو كان ينبغي أن ينتبهوا للتحذيرات السابقة بشأن الشعبوية في البلاد ككل، كما أكدها منذ عام 1990 ستان تيمينسكي، رجل الأعمال البولندي الكندي الذي ظهر بشكل غير متوقع لخوض الانتخابات الرئاسية، حيث سجل 23 في المائة، قبل أن يخسر في النهاية لمصلحة ليخ فاونسا زعيم حركة تضامن.
يقول كوبشينسكي: "كانت الأبواب مفتوحة في وقت مبكر للشعبوية".
أكبر نجاح مهني حققه هو فيلم وثائقي عام 2015 يروي قصة أومان، وهي بلدة في أوكرانيا حيث يجتمع عشرات الآلاف من اليهود في رأس السنة اليهودية، للصلاة على قبر حاخام مشهور من القرن الـ19، ناخمان بريسلوف.
لقد تمت مواجهتهم من قبل القوميين اليمينيين المتطرفين الأوكرانيين، ويستكشف الفيلم مواضيع الاستقطاب والتعصب.
يتوقع كوبشينسكي أنه لو بقي حزب القانون والعدالة في السلطة، فإن غرائزه المسيطرة ستنمو على حساب الديمقراطية الليبرالية، التي بدأت تظهر بعد عام 1989. "بالطبع في الأوقات الشيوعية كانت الأمور أسوأ، لكن هذا ليس ما توقعنا أن يحدث بعد الشيوعية".

العاملة الصحية المجرية
من بين الأشخاص الخمسة الذين أجريت معهم مقابلة عامي 1999 و2009، هناك شخص لم يعد بيننا للأسف. عندما التقيت آخر مرة كاتالين لاكاتوس قبل عقد من الزمن، كانت المعالجة المجرية ممتلئة بالخطط الخاصة بمراكز علاج الأطفال المعوقين.
حتى التوسع في الولايات المتحدة بدا ممكنا، حيث كان الآباء والأمهات في أمريكا يتصلون بها بشأن أسلوبها القائم على التمارين، لكن بعد ذلك، عانت لاكاتوس السرطان، فشل العلاج المكثف في إنقاذها وتوفيت في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، عن عمر يناهز 52 عاما، ما ترك عائلتها في حالة من الألم الشديد.
قول ابنتها فاني فينيوس البالغة من العمر 30 عاما: "قلنا جميعا إنها عملت أكثر من اللازم وضغطت على نفسها بقوة أكثر من اللازم. أفهم الآن ما الذي دفعها. كانت تبحث عن فرص لا حصر لها لمساعدة الناس".
تولت فينيوسي، أكبر أطفال لاكاتوس الثلاثة، عمل والدتها، وتدير مركزا لعلاج المرضى وقاعدة تدريب منفصلة للمعالجين في بودابست.
وهي تشاطر والدتها استياءها من النزعة القومية اليمينية التي اجتاحت المجر في الأعوام الأخيرة، ما أعطى البلد سمعة التعصب، ولا سيما تجاه المهاجرين. وصف فيكتور أوربان رئيس الوزراء المحافظ أعداءه السياسيين على اليسار بأنهم خونة.
تقول فينيوسي: "أستطيع أن أرى أن هذا ليس ما يريده جيلها. لا نريد أن يستغل هؤلاء الأشخاص التغيير، لكن هذا ما فعلوه: كانت أمي سعيدة حقا في الأعوام القليلة الأولى بعد عام 1989 ... في وقت لاحق أصيبت بخيبة أمل، بالتأكيد. لقد كرهت حقا سياسة أوربان، حتى في البداية".
أصبح أوربان زعيما لحزب فيدس المحافظ عام 1993، وشغل هذا المنصب بشكل مستمر منذ ذلك الحين. شغل منصب رئيس الوزراء من عام 1998 إلى عام 2002 ومرة أخرى منذ عام 2010.
تقول فينيوسي إن والدتها، التي وزعت الصحف السرية في الفترة التي سبقت عام 1989، نشأت على التفكير بحرية.
يبدو لي أن جيلهم كان أشجع من جيلي. كان أكثر ثقة بشأن ما يجب التمرد عليه. ليس الأمر كما لو أن الحكومة ديكتاتورية الآن. إنها لينة. إنها صعبة. لا تعرف إلى أين تذهب أو ماذا تفعل للاحتجاج. لذلك أنت لا تفعل أي شيء".
مثل عديد من المجريين الشباب الآخرين، فينيوسي فكرت في الهجرة، لكن عملها -وإرث والدتها- يمنعها من المغادرة، وكذلك عائلتها وأصدقاؤها والحياة في "المدينة الجميلة" في بودابست.
إنها تكره الطريقة التي يعرف بها فيدس الهوية المجرية بعبارات ضيقة، مثل إعلان أن المرأة المجرية الجيدة هي التي تنجب أربعة أطفال على الأقل.
"إنهم يثيرون معارضتي، ما يجعلني أشعر بأنني أوروبية على الرغم من أنني مجرية. إنهم يحاولون نزع الهوية المجرية مني".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES