FINANCIAL TIMES

للاحتماء من تداعيات «وي ورك» .. المستودعات أفضل مكان

للاحتماء من تداعيات «وي ورك» .. المستودعات أفضل مكان

مستثمرو العقارات في جميع أنحاء العالم يترصدون الآثار المترتبة على فشل الطرح الأولي لشركة وي ورك في سوق الأسهم. قبل أن يتم تأجيل الطرح العام الأولي للشركة الموفرة للمساحات المكتبية، المدعومة من "سوفت بانك"، كان المصرفيون يناقشون قيمة للشركة تقل عن ثلث مبلغ قدره 47 مليار دولار تم جمعه في جولة تمويل أخيرة في كانون الثاني (يناير). هذا الحدث جعل المستثمرين العقاريين يعيدون تقييم فئات مختلفة من العقارات في الأسواق المتقدمة والناشئة في آن معا - ولسبب وجيه.
"وي ورك" أصبحت أكبر مستأجر للمساحات المكتبية في كثير من المدن في جميع أنحاء العالم، بعدما بذلت قصارى جهدها لتحقيق النمو في إجمالي إيراداتها. "في السابق كان ذلك يعد ميزة لها، لكن الآن أصبح عامل خطر بدلا من ذلك"، حسبما قال أحد تنفيذيي العقارات في سنغافورة يعمل لصالح شركة دولية كبرى للأسهم الخاصة، مضيفا: "قد يكون هناك ارتفاع كبير في الوظائف الشاغرة".
تصورات المستثمر للأصول العقارية آخذة في التحول منذ فترة. كانت مساحات البيع بالتجزئة أول قطاع فرعي يتأثر بتغيير اتجاهات المستهلكين. شركات الاستثمار البديل تصور نفسها على أنها أذكى المستثمرين على هذا الكوكب، لكنها فشلت في رؤية التأثير المدمر للتجارة الإلكترونية على تجارة التجزئة وانهيار سلاسل مثل "تويز آر أص" Toys R Us، التي تمثل جزءا كبيرا من المساحة في مراكز التسوق.
الآن يبدو أن سوق المكاتب هي الفئة التالية التي سيتم تعطيلها. ويعزى ذلك جزئيا إلى التغييرات التكنولوجية - حيث يتدبر أصحاب العمل أمورهم بعدد أقل من الأشخاص، بينما يعرض مزيد من الشركات العمل المشترك ويشجع العمل المرن لتقليل الإنفاق على المساحات المكتبية.
ومع أن مصير "وي ورك" لم يتضح بعد، إلا أن المفاوضات بينها وبين أصحاب العقارات بشأن عقود الإيجار الجديدة قد تم تجميدها فعليا، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. في الوقت نفسه، قال أحد مديري صناديق التحوط، مقره هونج كونج، إنه بدأ يتخذ مراكز مكشوفة في صناديق الاستثمار الخاصة بالعقارات المكتبية في اليابان، اعتقادا منه أن "وي ورك" ستتراجع قريبا عن عقود إيجارها في طوكيو.
منذ وقت ليس ببعيد كانت عوائد المكاتب أقل من العائدات التي تقدمها المستودعات والعقارات الأخرى التي تخدم لوجستيات الميل الأخير. لكن العلاقة انقلبت وأصبحت عوائد الخدمات اللوجستية الآن أقل بكثير، وهو اتجاه من غير المرجح أن ينعكس في أي وقت قريب.
خذ، مثلا، شركة إي إس آر كايمان ESR Cayman للتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية التي تركز على آسيا. هذه الشركة التي تعد شركة الأسهم الخاصة "ورابورج بينكوس" Warburg Pincus أكبر مساهم فيها، تأمل أن إدراج أسهمها في بورصة هونج كونج قبل نهاية العام - بعد تأجيلها في حزيران (يونيو) بسبب اضطراب السوق. فيما سيكون واحدا من أكبر عمليات الإدراج في المنطقة هذا العام، تأمل "إي إس آر" في جمع مبلغ يراوح بين مليار و1.5 مليار دولار.
شركة إي إس آر أعادت تقديم نشرة الإصدار قبل أيام فقط من إعلان شركة الاستثمار العقاري "بلاكستون" الانتهاء من صفقة لشراء ما قيمته 18.7 مليار دولار من الأصول اللوجستية الأمريكية، فيما وصفته شركة الاستثمار العملاقة بأنها أكبر صفقة عقارية خاصة في العالم.
"الخدمات اللوجستية هي أهم موضوع (...) للاستثمار العالمي اليوم" حسبما قال كين كابلان، الرئيس المشارك لشركة بلاكستون العقارية، عندما تم الإعلان عن الصفقة في حزيران (يونيو). هذا الأسبوع أعلنت "بلاكستون" شراء مستودعات أمريكية بقيمة 5.9 مليار دولار من "كولوني كابيتال".
في حين أن العلاقة بين التكنولوجيا والشركات مثل "وي ورك" هشة في أحسن الأحوال، إلا أن شركات الخدمات اللوجستية هي رهان مباشر على نمو التجارة الإلكترونية. بغض النظر عن الاستثمار الضخم، فإنها تميل إلى أن تكون مربحة. أرباح "إي إس آر" بعد استقطاع الضرائب للأشهر الستة حتى حزيران (يونيو) بلغت 84 مليون دولار، بزيادة 32 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.
مذكرة العرض تصف "إي إس آر" بأنها أكبر شركة لوجستية عقارية، من حيث إجمالي المساحة الأرضية، مع التركيز على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وهي تعمل في ستة أسواق، أكبرها إلى حد ما الصين، حيث الطلب على المساحات يواصل ازدهاره.
مثل هذا الميل تجاه الصين ربما يكون منافيا للتقدير السليم في وقت تضعف فيه الصادرات من البلاد وتتكيف فيه سلسلة التوريد العالمية، وتبتعد الشركات متعددة الجنسيات عن البر الرئيسي لتجنب الضرر الناجم عن نزاعها التجاري مع الولايات المتحدة.
لكن الاستهلاك لا يزال قويا. هذا هو أساس قوة شركة إي إس آر. مستودعاتها هي استغلال للطلب المحلي، وليس لنمو التجارة العالمية. أصولها لا تركز على المستودعات الجمركية أو الموانئ.
علاوة على ذلك، المستأجرون اللوجستيون يميلون إلى الالتزام بطريقة لا يلتزم بها مستأجرو المساحات المكتبية أو تجار التجزئة. شركة جيه دي دوت كوم JD.com المدعومة من شركة تنسنت – منافسة "علي بابا" في مجال الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية - تمتلك حصة غير مباشرة في "إي إس آر" تتجاوز 8 في المائة. "إي إس آر" أيضا هي أكبر مالك خارجي، تابع لـ "جيه دي"، في منطقة دلتا نهر يانجتسى بالقرب من شنغهاي، وفقا لوثيقة العرض.
زيارة أحد مراكزها اللوجستية في ضواحي شنغهاي، المملوكة لـ"إي إس آر"، تكشف عن مكان زاخر بالنشاط حيث تنقل الروبوتات صناديق البضائع إلى شاحنات الانتظار وشاحنات النقل الصغيرة، في عملية مصممة بعناية.
يستمر المستثمرون في آسيا في تفضيل العقارات، خاصة عندما يكون هناك جانب سلبي للتكنولوجيا أكثر مما توقعه كثير من المحللين منذ فترة ليست طويلة. في ظل الاقتصاد الاستهلاكي المتغير، يوفر القطاع الفرعي للخدمات اللوجستية ملاذا من نوع ما.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES