FINANCIAL TIMES

احذر من دفع سعر مرتفع لأصول عالية الجودة

احذر من دفع سعر مرتفع لأصول عالية الجودة

"لا توجد أصول سيئة، فقط أسعار سيئة" قول مأثور في وول ستريت. إنه أمر ينبغي للمستثمرين الذين يجتمعون في الزوايا المفترض أنها آمنة ومستقرة في الأسواق المالية أن يأخذوه في الحسبان.
مع تعثر معظم الاقتصادات الكبيرة، ومع كون السوق الصاعدة ما بعد الأزمة تبدو معرضة للخطر، من الطبيعي أن يبحث كثير من مديري الصناديق عن الأمان، في المقام الأول. السلسلة الأخيرة من البيانات الاقتصادية من أوروبا والولايات المتحدة كانت محبطة، وسيخفض صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع توقعاته المتعلقة بالنمو العالمي، ما يؤكد الشعور المتنامي بالتشاؤم.
إذا كان هناك تباطؤ كبير يلوح في الأفق - مثلما يعتقد بعض المستثمرين - فإن الأسهم في الصناعات الأكثر حساسية من الناحية الاقتصادية، مثل المصارف والسلع الفاخرة أو السندات التي تصدرها الشركات ذات التصنيف المتدني والمثقلة بالديون، ستتعرض على الأرجح للخسارة.
بالتالي، تدفقت الأموال إلى فئة الديون الاستثمارية والأسهم الأكثر ثباتا وإدرارا للربح في الصناعات التي يكون الطابع الدفاعي فيها أكثر من غيرها، مثل المرافق والمواد الاستهلاكية الأساسية، أو الشركات التي تنمو بسرعة بغض النظر عن الخلفية الاقتصادية.
ما النتيجة؟ تباين في تقييم الأرقام القياسية بين الأصول التي يفترض أنها آمنة ومحفوفة بالمخاطر، كما يتضح من ثلاثة تقارير أخيرة من "جولدمان ساكس".
دائما ما كان المستثمرون يفضلون نمو الأرباح الأكثر قابلية للتنبؤ، لكن فجوة التقييم بين الأسهم ذات الأرباح الثابتة والمتقلبة – التي عرفت بتقلب أرباحها على مدار العقد الماضي - وصلت الآن إلى أوسع مستوياتها، على الأقل خلال الـ35 عاما الأخيرة، حسب تقديرات "جولدمان".
تذبذب سوق الأسهم في أوائل أيلول (سبتمبر) هدد لفترة وجيزة بقلب هذا الاتجاه، لكنه لم يفعل. الهروب إلى الأمان يعود مجددا، في الوقت الذي يتخلى فيه المستثمرون عن الأسهم الحساسة اقتصاديا لمصلحة الأسهم الأكثر مرونة من الناحية النظرية.
على مدار العامين الماضيين، الشركات التي شهدت تقلبا أكبر في نمو الأرباح، مثل "أبل" و"ساوث ويست إيرلاينز" و"ويندي" Wendy، حققت عوائد بلغت 1 في المائة فقط، بينما سجلت الشركات المتوسطة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بلغت 16 في المائة. وتراجعت الشركات التي تحقق أرباحا بصورة مستقرة - مثل "كومكاست" أو "ديزني" أو "وول مارت" - 22 في المائة، وفقا لـ"جولدمان". وهذا فرق كبير.
هناك ظاهرة مماثلة بدأت تظهر في سوق السندات. ففي حين انخفض متوسط العائد على السندات المستحقة إلى 1.23 في المائة هذا العام، كان الأداء مدفوعا في الغالب من السندات الحكومية وسندات الشركات ذات التصنيف العالي.
الفرق في سعر الفائدة المعدل حسب الخيارات لمؤشر "بلومبيرج باركليز جلوبال أجريجيت" للسندات الذي يتتبع مجموعة من ديون الشركات والحكومة عالية الجودة، لا يتجاوز 46 نقطة أساس على الدين الحكومي، عند تعديله بحسب مخاطر الاسترداد المبكر، وفقا لـ"فاكت ست". هذا يبعد مجرد 14 نقطة أساس عن أدنى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي. في المقابل، ارتفع فرق السعر المكافئ لسوق السندات العالمية عالية المخاطر – موطن أدنى السندات من حيث الجودة - إلى 502 نقطة أساس، صعودا من أدنى مستوى في العام الماضي عند 323 نقطة أساس.
في الواقع، عام 2019 يعد أسوأ عام على الإطلاق بالنسبة للأداء النسبي، المعدل حسب المخاطر لسندات الفئة CCC ذات التصنيف المنخفض، وفقا لـ"جولدمان". لطفي قروي، استراتيجي ديون الشركات في "جولدمان"، يقول: "لطالما كان هذا الأداء الشبيه بالركود أكثر دراماتيكية بالنظر إلى العوائد المكونة من رقمين الناتجة عن السوق الأوسع".
البحث عن أماكن تحافظ على الدخل في زوايا أكثر أمانا وثباتا في أسواق رأس المال يعد أمرا منطقيا. على الرغم من أن البنوك المركزية تتصرف مجددا بقوة لمنع ما تعتقد أنه مخاطر متزايدة، إلا أن قوتها المحدودة - مع استمرار أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها القياسية أو بالقرب منها وتناقص العوائد من برامج شراء السندات - تعني أنه يمكننا أن نرى تباطؤا عالميا على مدار الـ12 شهرا المقبلة.
لكن الازدحام الهائل في الأماكن التي تحافظ على الدخل أمر مقلق. قد تكون هذه أصول قوية بشكل أساسي، لكن التقييمات تبدو متوسعه بصورة كبيرة. لقد تركز الاهتمام في الغالب على السندات ذات العائد السلبي البالغة 14.5 تريليون دولار، لكن بشكل عام يدفع المستثمرون مقابل الأمان.
يعتقد "جولدمان" أن الأصول الدفاعية ستبقى مفضلة. بيتر أوبنهايمر، كبير استراتيجيي الأسهم العالمية في المصرف، يجادل بأن "كلا من الأسهم والائتمان يحتاج إلى رؤية تحسن ظروف الاقتصاد الكلي، وتلاشي مخاوف السياسة وارتفاع توقعات التضخم وعوائد السندات من أجل تناوب أكثر قوة واستدامة". إذا تخلت الحكومات عن ضبط النفس واقترضت بدرجة أكبر، فقد يكون ذلك "حافزا" لتفوق الأصول عالية المخاطر. "لكننا لم نصل إلى هناك حتى الآن".
صحيح أنه قد يكون من الخطر التخلص من الأصول الأكثر أمانا في الوقت الذي تستمر فيه البيانات الاقتصادية في التدهور بوتيرة مخيفة في بعض الأحيان. لكن بالنظر إلى الازدحام والتقييمات المرتفعة، فإن خسائر المستثمرين قد تكون فادحة في حال فشل تباطؤ التصنيع في الانتشار والاقتصاد العالمي في استعادة مكانته.
بعبارة أخرى، الأصول الجيدة المتداولة بأسعار سيئة يمكن أن تؤدي إلى نتائج مؤلمة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES