FINANCIAL TIMES

من أين تأتي جاذبية الأسهم الأمريكية؟

من أين تأتي جاذبية الأسهم الأمريكية؟

من المدهش أن المستثمرين عندما يطاردون أسهم الشركات التي تحقق الأرباح غالبا ما ينتهي بهم الأمر في الولايات المتحدة.
أفضل خمسة أسهم في مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية حسب وزن السوق كانت جميعها شركات تكنولوجيا أمريكية عملاقة، بالتالي ليس من المستغرب أن وول ستريت تغلبت على منافساتها خلال العقد الماضي، مدفوعة بشركات التكنولوجيا الكبرى وغيرها من الشركات المتعددة الجنسيات الرائدة.
ويظل الأمر كذلك في عام 2019. حتى الآن هذا العام، ارتفع مؤشر عموم الأسهم العالمية، باستثناء الولايات المتحدة نحو 9 في المائة. وبإضافة مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يرتفع المؤشر أكثر إلى 15 في المائة.
من غير المستغرب أن تكون مقاييس التقييم الواسعة للأسهم الأمريكية مرتفعة. ليس ذلك فحسب، بل إنها تتجاوز مقاييس تقييم الأسهم في الأسواق المنافسة لها، مثل أوروبا والمملكة المتحدة والأسواق الناشئة. مضاعف السعر إلى الأرباح المعدل دوريا ـ المعروف بـ CAPE ـ لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 يتم تداوله حاليا بنحو 29 مرة، مقارنة بمتوسط تاريخي يبلغ 17 مرة. في المقابل، في جميع أسواق الأسهم الأخرى معدل مضاعف السعر إلى الأرباح أقل كثيرا. هذا يشير إلى أن المستثمرين الذين يهتمون بالتقييمات والعوائد الطويلة الأجل يجب أن يفكروا بجدية في أسواق الأسهم في أوروبا والأسواق الناشئة، وحتى المملكة المتحدة التي تم تخفيض تصنيفها بشدة داخل كثير من المحافظ الاستثمارية منذ بدء مسألة "بريكست".
دانييل جروزفينور، استراتيجي الأسهم في شركة أوكسفورد إيكونوميكس، يوضح كيف يمثل معدل مضاعف السعر إلى الأرباح في مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشونال لعموم البلدان الذي يبلغ 19 مرة "فجوة شبه قياسية" مع مؤشر ستاندرد آند بورز 500. ويحذر قائلا: "الولايات المتحدة هي المكان الذي يتم فيه توسيع عمليات التقييم للغاية في الوقت الحالي (...) كما أنها محور قلقنا فيما يتعلق بالرفع المالي للشركات، نظرا لانتشار عمليات إعادة شراء الأسهم في الأعوام الأخيرة".
من أين تأتي هذه القدرة القيادية الهائلة للأسواق الأمريكية؟ قد تكون الشركات الأمريكية ببساطة أفضل كثيرا في جني الإيرادات والسيطرة على التكاليف. بصرف النظر عن المعطلين الواضحين في قطاع التكنولوجيا، حققت وول ستريت كثيرا من تكامل الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يساعد الشركات المتعددة الجنسيات على تقليص تكاليف اليد العاملة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة وقوانين الضرائب التنافسية.
الخلافات التجارية التي استمرت 18 شهرا بين الولايات المتحدة والصين قد تصبح قريبا أخف حدة، وهذا من المحتمل أن يساعد الأسواق الأمريكية بشكل أكبر. لقد أثر تباطؤ الاقتصاد العالمي في نمو أرباح الشركات إلى جانب ثقة الشركات والمستهلكين، حتى بالنسبة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500.
حافظت البنوك المركزية على سير خططها، وخفضت أسعار الفائدة بأسرع وتيرة لها منذ فترة الأزمة المالية، على الرغم من أن عائدات السندات الحكومية منخفضة انخفاضا حادا منذ كانون الثاني (يناير)، ما يوفر دعامة لتقييم الأسهم والسندات.
عوضا ذلك هناك أيضا احتمال حدوث ركود في أرباح الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لأول مرة منذ 2015 / 2016. سيبدأ موسم الأرباح ربع السنوية اليوم، بقيادة الشركات المالية التي ستكشف عن أرباحها وتتحدث عن آفاق أعمالها لعام 2020. ويمثل هذا فترة مهمة للمستثمرين، لأن الشركات في هذه المرحلة من العام تكون في وضع أفضل لتحديد كيف ستبدو الأمور بعد كانون الثاني (يناير) المقبل.
تعتمد وول ستريت على أنباء متفائلة من المديرين التنفيذيين. حقيقة أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 قريب من أعلى مستوياته في شهر تموز (يوليو) تعكس توقعات بحدوث انتعاش في النشاط خلال عام 2020. كثير من الارتفاع في أسعار الأسهم منذ كانون الثاني (يناير) يعد دفعة مقدمة تفيد بأن نمو الأرباح المستقبلية يتسارع. هذا هو السبب في أن المحللين لا يزالون يتوقعون نمو أرباح ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 10 في المائة في عامي 2020 و2021. المشكلة هي أننا سبق أن عشنا هذه اللحظة من قبل. قبل 12 شهرا، مثلا، توقع المحللون أن أرباح ستاندرد آند بورز 500 ستزيد بنسبة 10 في المائة في عام 2019. والآن تتوقع السوق نموا بنسبة 2 في المائة في الأرباح طوال العام، إذ تشير نتائج الربع الثالث المرتقبة إلى انكماش الأرباح مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. على الرغم من كل التفاؤل بأن نمو أرباح ستاندرد آند بورز 500 سيزيد من سرعته، إلا أن هناك علامة تحذير كبيرة ترفرف فوق وول ستريت تتمثل في المراجعة الأخيرة لأرباح الاقتصاد الأمريكي ككل، المعروفة باسم حساب الدخل والإنتاج القومي، الذي يغطي جميع الشركات الأمريكية الصغيرة منها والكبيرة. أنستاسيوس أفجيريو، من شركة بي سي أي ريسيرش، يلاحظ أن هذا المقياس "بلغ ذروته قبل أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز في الدورات الثلاث السابقة". يبدو أن هذا هو الحال الآن مرة أخرى عند النظر إلى أرباح حسابات الدخل والإنتاج القومي وهوامش الربح. ويبرز هذا أيضا من خلال الأداء المتخلف هذا العام للشركات الأمريكية متوسطة الحجم والأصغر حجما. يقول أفجيريو: "ربما تكون الأرباح على مستوى الاقتصاد قد بلغت ذروتها بالفعل في هذه الدورة، محذرة من أن أرباح ستاندرد آند بورز 500 الهائلة طويلة الأمد".
قطاع التكنولوجيا ذو الوزن الثقيل، الذي يحقق أرباحا منذ فترة طويلة، يدعم الشركات الأمريكية الكبيرة منذ فترة طويلة، لكن التاريخ يخبرنا أن الدورات في النهاية تقص أجنحة أكبر وأغلى الأجزاء في السوق.
كما قال روب أرنوت، من شركة ريسيرش أفيليايتس، في مؤتمر عقد في لندن الأسبوع الماضي "أكبر الأسهم في السوق غالبا ما تكون باهظة الثمن، وعادة ما يتراجع آداؤها خلال العقد التالي".
تواجه الأسهم العالمية ضعفا في الأرباح، لكن التقييمات شديدة الانخفاض خارج شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تقدم درجة من العزل ونقطة بداية أفضل على المدى الطويل لصالح الأسواق الناشئة، خاصة الأسهم ذات القيمة المتدنية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES