FINANCIAL TIMES

سويسرا .. خان وثيام يتصارعان بالوكالة عن عملاقي الصيرفة

سويسرا .. خان وثيام يتصارعان بالوكالة عن عملاقي الصيرفة

سويسرا .. خان وثيام يتصارعان بالوكالة عن عملاقي الصيرفة

استيقظ سكان إحدى الضواحي الغنية على "الساحل الذهبي" من بحيرة زيورخ بشكل مفاجئ ومزعج صباح يوم الأربعاء الماضي، عندما بدأت رافعة ضخمة مثبتة على شاحنة ذات ست عجلات، تفريغ لبنات البناء.
ذهبت الطلبية إلى منزل إقبال خان الذي كان حتى وقت قريب رئيس قسم إدارة الثروات في بنك كريدي سويس.
من بين الجيران الذين حجزت سياراتهم بسبب الرافعة صادف أنه تيجاني ثيام الرئيس التنفيذي في المصرف السويسري نفسه الذي كان يحاول الوصول إلى المطار.
لم يكن ذلك سوى أحدث مصدر للتوتر بين رجلين في نزاع انشغلت به سويسرا.
في الـ20 من أيلول (سبتمبر) الماضي اتضح أن بنك كريدي سويس كان قد استأجر محققا خاصا لملاحقة خان، الذي كان قد استقال من المصرف للذهاب إلى منافسه: بنك يو بي إس.
اكتشف خان ملاحقيه وحاول أن يضيعهم أثناء مطاردة بالسيارة قبل مواجهتهم في الشارع.
اتخذت القضية تحولا أكثر قتامة بعد أيام عندما توفي مقاول الأمن الذي وظف محققا بالنيابة عن المصرف منتحرا.
اثنان من موظفي بنك كريدي سويس فقدا وظيفتيهما: أقرب صديق لثيام، بيير أوليفييه بويه، كبير الإداريين التشغيليين؛ وريمو بوكالي، رئيس الأمن في المصرف.
في الوقت نفسه، بدأ خان العمل في بنك يو بي إس المنافس.
تحدثت صحيفة فاينانشيال تايمز مع عشرة أشخاص مقربين عن العلاقة المريرة لتسجيل أحداث نزاع كانت له عواقب مأساوية، وألحق الضرر بسمعة بنك كريدي سويس وتصدر عناوين الصحف الرئيسة في جميع أنحاء العالم.
كلا الرجلين والمصرفين رفض التعليق.
خان، المستشار السابق في "إي واي" ارتقى بسرعة في مراتب بنك كريدي سويس بعد الانضمام إليه عام 2013. بعد عامين، عهد إليه بإدارة وحدة إدارة الثروات الدولية، التي جعلها ثيام حجر الزاوية لاستراتيجيته في تحويل البنك.
حقق خان الأهداف. خلال فترة ولايته، زادت أرباح الوحدة بنحو 80 في المائة، وساعد على جلب أكثر من 46 مليار دولار من الأصول الجديدة بين عامي 2016 و2018. في أوقات أسعد، أشار إليه ثيام بأنه "نجم".
على أنه سرعان ما شعر خان الجريء والطموح بنحو متزايد أنه لا يحصل على التقدير المناسب، وشعر بالإحباط من ملفه الشخصي داخل المصرف، وافتقاره إلى الظهور العلني والتأكيدات الضئيلة بشأن إمكانية خلافة ثيام.
كما ضغط دون جدوى لتخصيص مزيد من رأس المال لوحدته واقترح أنه ينبغي إضافة وحدة إدارة الثروات الآسيوية -وحدة تولد النقود في قسم آخر– إلى إمبراطوريته.
في الداخل، كانت العلاقة بين الرجلين تتفكك. نبع العداء بينهما إلى حد كبير من نزاعهما في الحي الذي بدأ بعد انتقال المسؤول التنفيذي المبتدئ إلى المنزل المجاور وبدأ بتجديده.
تشاجر الرجلان حول مشروع البناء الطويل الذي بدأه خان والأشجار المتطفلة في حديقة ثيام.
في أوائل كانون الثاني (يناير) الماضي في ظل خلفية متوترة دامت أكثر من عامين من أعمال البناء الصاخبة كادت الأمور تتفجر في حفلة كوكتيل في الحي استضافها ثيام.
خصلت مشادة بين خان وزوجة ثيام حول شجرتي صنوبر، قالت إنهما زرعتا لحماية خصوصيتهما من النوافذ التي قام بتثبيتها. ادعى خان أنهما حجبتا رؤيته للبحيرة.
طلب ثيام الحديث مع خان على انفراد وهدد "بطرده إلى الخارج" ما لم يعتذر. وكان لا بد من الفصل بين الرجلين. "بدا نقاشا ساخنا، روايتهما كانتا مختلفتين"، كما قال أورس روهنر رئيس مجلس إدارة بنك كريدي سويس، في مؤتمر صحافي في وقت سابق من هذا الأسبوع، مضيفا أنه يرجو أن يتمكن الرجلان من وضع خلافاتهما جانبا ومواصلة العمل معا.
وقال "مع مرور الوقت أصبح من الواضح أن التعاون على المدى الطويل لم يكن ممكنا وأن خان أراد المغادرة".
في شباط (فبراير) الماضي، شعر خان بأنه تم تجاوزه في عملية إعادة تنظيم داخلية، وأصبح تدريجيا أكثر انسحابا وتحفظا في العمل.
في الاجتماعات كان قليل المشاركة بدلا من ذلك كان يستند إلى كرسيه ويطوي ذراعيه، وذلك وفقا لأشخاص حضروا الاجتماعات.
يتذكر أحد المسؤولين التنفيذيين قائلا: "كان مستاء نوعا ما، لدرجة أننا كنا نسأله ما الأمر؟".
استقال خان أخيرا في الأول من تموز (يوليو) الماضي. في بيان إعلان مغادرته، أكد ثيام بشكل مقصود أنه هو المسؤول عن الصعود السريع للمسؤول المبتدئ: "لقد حددت إقبال خان كمرشح رائع للمنصب".
تفاوض خان على حزمة مغادرة مؤاتية بشكل غير عادي.
كان مطلوبا منه فقط فترة إشعار لمدة ثلاثة أشهر بدلا من الستة أشهر المعتادة، إضافة إلى فترة إجازة مدفوعة الأجر لمدة تصل إلى عام، مصممة لتقليل خطر قيام المغادرين بسحب الزملاء والعملاء بشكل غير قانوني.
أدت مواجهة حفلة الكوكتيل إلى هذا الترتيب الخاص. هذا الأسبوع، اعترف روهنر أنه "ساعد في التوسط في اتفاقية إنهاء خدمة ذات منفعة متبادلة مع خان" في محاولة لتهدئة الأمور.
كان خان لعدة أشهر يجتمع بهدوء مع منافسين منهم مصرفيو يوليوس باير ويو بي إس، ووصلت معلومات إلى بنك كريدي سويس أنه ناقش "قائمة أمنيات" من زملاء العمل الذين أراد جذبهم في النهاية.
بحلول الوقت الذي عاد فيه خان من عطلة عائلية في نهاية آب (أغسطس) الماضي كان قد تجاهل منصب الرئيس التنفيذي في "يوليوس باير" ووقع مع بنك يو بي إس، الذي كشف النقاب عن تعيينه رئيسا مشاركا لوحدة إدارة الثروات المقدرة بقيمة 2.5 تريليون دولار ضمن المصرف.
في هذه المرحلة، كبير الإداريين التشغيليين، بويه، "اعتبر خطر قيام خان بانتهاك التزاماته التعاقدية قد يغير من فرضية إلى حقيقة وأصدر الأمر بالبدء في أعمال المراقبة"، وذلك وفقا لجون تينر، عضو مجلس الإدارة في بنك كريدي سويس، الذي أشرف على تحقيق المصرف في هذه المسألة.
بويه ورئيس الأمن، بوكالي، استأجرا مقاولا أمنيا للإمساك بخان متلبسا. بدوره، تعاقد مع شركة إنفستيجو للتحقيقات الخاصة لتعقب المصرفي.
شركة إنفستيجو التي تقع في عقار صناعي عادي في أوتيلفينجن على بعد 25 دقيقة من زيورخ ماهرة في اكتشاف المحتالين في مجال العوائد، وجمع الديون وتوفير الحماية الشخصية أكثر من التجسس التجاري.
إعلان وظائف في آب (أغسطس) الماضي للشركة كان يبحث عن مرشحين ذكور تراوح أعمارهم بين 22 و50 عاما، على أن يكونوا "مرنين ورياضيين وموثوقين للغاية" و"في وضع جيد جسديا".
قال رئيس تنفيذي لمصرف منافس إن من غير المعتاد أن يطلب بنك كريدي سويس جواسيس لتعقب خان فعليا.
وأضاف أن تحقيقات اقتناص الزملاء غير القانوني عادة ما تخصص لشركات استخبارات الشركات الكبيرة مثل شركة كرول، وتقتصر على مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني وسجلات الهاتف.
كان عملاء شركة إنفستيجو خرقاء وأمسك بهم. يوم الثلاثاء الموافق 17 أيلول (سبتمبر) الماضي بعد إيصال ابنه لتدريب كرة قدم، أدرك خان أنه وزوجته محل تعقب رجل أو أكثر في سيارة.
أوقف خان سيارته خارج مطعم متروبول وواجه الرجال بصخب قبل إبلاغ الشرطة بالأمر، ما دفع المدعي العام في زيورخ إلى فتح تحقيق.
قال مجلس إدارة كريدي سويس إن هذا هو الوقت الذي علم فيه بشأن المراقبة. في وقت لاحق من ذلك الأسبوع، نشرت مدونة سويسرية تسمى إنسايد باريد بلاتزInside ParadePlatz الخبر وأن الشرطة اعتقلت عددا من الأشخاص.
بنك كريدي سويس كلف شركة المحاماة هومبيرجر لإجراء تحقيق، مع التركيز على بويه لأنه وقع على أمر المراقبة.
بعد أن أصبحت التفاصيل الشنيعة علنية، دافع أكبر مستثمر في بنك كريدي سويس بسرعة عن المصرف ورئيسه التنفيذي.
قال ديفيد هيرو نائب رئيس مجلس إدارة "هاريس أسوشيتس" وهي أكبر مساهم: "ما لم يتم انتهاك القانون، لا يبدو الأمر كحجة لفقدان أي شخص وظيفته".
يوم الخميس الموافق 26 أيلول (سبتمبر) الماضي توجه إلى زيورخ لدعم ثيام.
في الساعة الثامنة صباحا من يوم الثلاثاء الماضي، روهنر الشاحب والمرهق صعد إلى المنصة في مؤتمر صحافي تم ترتيبه على عجل، في قاعة على بعد أقل من نصف كيلومتر من الموقع الذي واجه فيه خان ملاحقيه.
تمت تبرئة ثيام من قبل التحقيق الذي يتكون من 14 مقابلة مع موظفي بنك كريدي سويس، وخان وشركة إنفستيجو، ومراجعات لرسائل البريد الإلكتروني والرسائل الذي لم يجد أي دليل على علمه بالمراقبة.
بالمثل، لم يكن هناك أي دليل على أن خان حاول سرقة العملاء أو الموظفين أثناء قضائه الإجازة مدفوعة الأجر، لكنه "استمر في التواصل مع بعض الموظفين الرئيسين" وذلك وفقا للتقرير. حتى في الوقت الحاضر، لم يكن جميع المستثمرين داعمين بقدر هيرو.
قال أحد أكبر مساهمي البنك إنه فوجئ من عدم وجود مزيد من المغادرات، مضيفا أنه لا تزال هناك أسئلة على رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي الإجابة عليها.
في حين يبدو أن ثيام قد نجح في تجاوز العاصفة المباشرة، إلا أن الأخبار لبويه لم تكن جيدة.
قبل أسبوع في يوم الثلاثاء الموافق 24 أيلول (سبتمبر) الماضي تم العثور على المتعاقد الطرف الثالث الذي استأجر شركة إنفستيجو، ميتا فيما يدل على أنه انتحار.
قبل اندلاع خبر الانتحار، كان بويه يأمل الاحتفاظ بوظيفته، إلا أن موقفه بات لا يحتمل بعد الإبلاغ عن المأساة في وسائل الإعلام، كما قال شخصان معنيان.
"لعب الانتحار دورا، نعم"، كما قال شخص مقرب من ثيام، مشيرا إلى بيير أوليفييه بويه بالاختصار المعروف لاسمه: بوب. "بوب هو ضحية غير ضرورية. خسارته بسبب إقبال أمر مدمر".
ثيام، البالغ من العمر 57 عاما، والوزير السابق في حكومة ساحل العاج، التقى ببويه في مطلع القرن عندما عمل كلاهما مستشارين في شركة ماكينزي.
عندما انتقل ثيام إلى شركة أفيفا عام 2002 أحضر صديقه بعد عامين. بعد ذلك تبع بويه رئيسه إلى شركة برودنشال عام 2008 ثم إلى بنك كريدي سويس عام 2015.
أحد كبار المساهمين الـ20 وصف بويه بأنه "كبش الفداء" وأضاف المستثمر: "لم يرغب المساهمون أن يذهب تيجاني، لكن كان على شخص ما دفع ثمن الفوضى. كان تيجاني يعتني ببوب منذ 20 عاما، إلا أنه تحمل المسؤولية الآن واستقال".
نجح الأمر بالنسبة إلى خان البالغ من العمر 43 عاما، فهو الآن المرشح الأول ليصبح الرئيس التنفيذي التالي لبنك يو بي إس، واحد من أقوى المناصب في مجال التمويل العالمي والمجتمع السويسري.
في مذكرته الأولى لموظفي بنك يو بي إس، تجنب خان الفضيحة بالكامل، متعهدا فقط "بإطلاق ... الإمكانات غير المحققة".
كجزء من صفقته مع روهنر، غادر بنك كريدي سويس مع تعويض بمبلغ مليوني دولار، وتحمل بنك يو بي إس مبلغ أريعة إلى خمسة ملايين دولار من الأجر المؤجل من "كريدي سويس" الذي خسره خان، كما قال أشخاص مطلعون على الشروط. على أنه لا يزال يتعين عليه أن يسدد تكاليف عملية تجديد كبيرة لبيته.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES