FINANCIAL TIMES

الأكراد .. 100 عام صراعا من أجل الهوية والأرض

الأكراد .. 100 عام صراعا من أجل الهوية والأرض

ينظر المقاتلون الأكراد إلى قرار دونالد ترمب إفساح الطريق أمام عملية عسكرية بدأتها تركيا أمس على شمال شرقي سورية على أنه "طعنة في الظهر".
قاتلت قوات سورية الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد إلى جانب القوات الأمريكية في المعركة ضد «داعش» لأكثر من ثلاثة أعوام. الآن، التحول الأخير الذي أحدثه ترمب في السياسة الأمريكية جعلهم عرضة لهجوم تركيا.
دائما ما يقول الأكراد إنهم "ليس لديهم أصدقاء سوى الجبال"، في إشارة إلى تاريخ طويل من إدارة الظهر لهم وتركهم وحدهم يواجهون مصيرهم.
ينتشر ما يقدر بنحو 30 مليون شخص من أصل كردي في الجزء الجنوبي من تركيا، وشمالي العراق، وشمال شرق سورية، وإيران. تعرض الأكراد الرحل التقليديون، الذين غالبا ما يشار إليهم بأنهم أكبر مجموعة عرقية في العالم من دون دولة، للقمع العنيف من قبل الحكام الاستبداديين طوال القرن الـ20، ما حفز الحركات المناهضة للدفاع عن الحقوق الكردية والسعي من أجل الحصول على حكم ذاتي.

قرن طويل مر على الأكراد
1920: تم وعد الأكراد بأرض لهم بموجب معاهدة "سيفر"، إحدى المعاهدات التي أدت إلى نهاية الحرب العالمية الأولى وتفكك الإمبراطورية العثمانية. لكن التعهد الذي قطعته بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة لم يتم الوفاء به، وتم رسم الحدود الوطنية عبر المنطقة المرجوة لكردستان العظمى.
لم يقتل هذا الأمر حلم القومية الكردية، وشهدت بقية القرن ثورات وانتفاضات من قبل زعماء القبائل الكردية ضد الدول القومية التي تعارض مطالبهم بالحكم الذاتي وتحاول قمع الهوية الكردية.
1923: تأسست الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك بعد حرب الاستقلال، فأصبحت دولة ذات مركزية تركية تواجه انتفاضات من القبائل الكردية. هذه القبائل تم قمعها بالقوة العسكرية. فيما بعد تم وضع سياسات تقمع الحقوق والهوية الكردية، إضافة إلى حظر اللغة الكردية وإجبار الأكراد على "تتريك" أسمائهم، وكذلك أسماء المدن والقرى.
1946: الاتحاد السوفياتي الذي كان في ذلك الوقت يحتل إيران إلى جانب الحلفاء ويحاول ضم الشمال الغربي من البلاد، دعم تأسيس دويلة كردية تتمتع بحكم ذاتي تطالب باستقلالها عن إيران تسمى جمهورية ماهاباد. تم تدمير الجمهورية قصيرة العمر عندما انسحبت قوات الاتحاد السوفياتي من إيران.
1958: عاد الزعيم القبلي مصطفى البرزاني، الذي قاتل من أجل بقاء جمهورية مهاباد، إلى موطنه في شمال العراق لقيادة انتفاضة من أجل إقامة دولة كردية مستقلة. أثارت هذه الانتفاضة حربا ضد الدولة العراقية استمرت حتى عام 1970.
1962: تم تجريد خمس السوريين الأكراد في المنطقة الشمالية الشرقية ذات الأغلبية الكردية من الجنسية السورية، الأمر الذي منعهم من العمل والتعليم وحقوق الملكية المدنية والتمثيل السياسي. فقد كثير منهم أراضيهم التي سلمتها الدولة للمستوطنين العرب والآشوريين.
1972: طلب شاه إيران من الرئيس الأمريكي آنذاك، ريتشارد نيكسون، مساعدته على دعم ثورة بارزاني ضد الدولة العراقية. كان العراق متحالفا مع الاتحاد السوفياتي، ووافق نيكسون على البدء بتزويد الأكراد بالأسلحة. لكن في عام 1975 عقد الشاه صفقة مع العراق، ما أدى إلى استغنائهم عن الأكراد وتخلى الأمريكيون عنهم.
1978: ظهر حزب العمال الكردستاني PKK، جماعة مسلحة متطرفة أسسها عبدالله أوجلان، كردي تركي، بهدف إقامة دولة كردية مستقلة عن طريق الكفاح المسلح.
1984: استخدم حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، الكردي، قاعدة لشن حرب عصابات ضد تركيا استمرت على نحو متقطع على مدار أربعة عقود لاحقة. ارتكب حزب العمال الكردستاني فظائع، في حين اعتقلت تركيا الأكراد الناشطين سياسيا وسجنتهم.
1987 - 1988: في الأيام الأخيرة من الحرب بين إيران والعراق شن صدام حسين حملة إبادة جماعية ضد الأكراد العراقيين بلغت ذروتها في هجوم كيماوي على بلدة حلبجة الكردية أدى إلى مقتل نحو خمسة آلاف شخص في يوم واحد.
1991: دعمت إدارة جورج بوش الأب، الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، ثورة الأكراد شمالي العراق، بعد طرد صدام من الكويت في حرب الخليج الأولى. صدام سحق الثورة وفر مئات الآلاف من الأكراد إلى السلاسل الجبلية على الحدود العراقية التركية. هذا الدمار دفع الولايات المتحدة والشركاء الغربيين الآخرين إلى إنشاء منطقة حظر طيران لمنع صدام من قصف الأكراد. كانت المنطقة لا تزال قائمة حتى غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
2003: عملت الولايات المتحدة مع الأكراد العراقيين وإقليم كردستان أثناء غزو العراق. بعد سقوط صدام حصل إقليم كردستان في العراق على الاستقلال الذاتي، وشهد ازدهارا في الاقتصاد.
2011: أتاحت الحرب الأهلية السورية فرصة للأكراد السوريين لتشكيل حكومة مستقلة شمال شرقي سورية. اختارت الولايات المتحدة مقاتلين أكراد ذوي خبرة من وحدات حماية الشعب، الموالية لحزب العمال الكردستاني، لقيادة القتال في شمال شرق سورية ضد «داعش» التي استغلت فراغ السلطة للسيطرة على منطقة شاسعة عبر سورية والعراق.
2015: انهيار عملية سلام متعثرة بين حزب العمال الكردستاني وتركيا أدى إلى تصاعد العنف. اندلعت الحروب في المدن التركية ذات الأغلبية الكردية جنوب شرقي البلاد وضربت موجة من التفجيرات التي لها علاقة بحزب العمال الكردستاني مدنا في غرب البلاد، بما في ذلك العاصمة أنقرة وإسطنبول.
أعقب انهيار المحادثات التي قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مصحوبة بإصلاحات تهدف إلى تحسين حقوق الأكراد، موجة من الاعتقالات ضد الناشطين والسياسيين الأكراد.
2018: في كانون الأول (ديسمبر) جاء أول تهديد من ترمب بسحب القوات الأمريكية من القتال ضد «داعش»، مبررا ذلك بأن الجهاديين قد هزموا. ثم خفف موقفه ليكون انسحابا جزئيا بعد رد فعل عنيف غاضب في الولايات المتحدة وخارجها على التخلي عن الأكراد الذين كانوا حلفاء للولايات المتحدة في مكافحة المتطرفين في شمال شرقي سورية.
2019: في النهاية حققت قوات سورية الديمقراطية - المؤلفة من مقاتلين أكراد إضافة إلى جماعات عربية معارضة لنظام الرئيس بشار الأسد - انتصارا إقليميا على «داعش» في شمال شرقي سورية بدعم من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة.
7 أكتوبر: قال ترمب إن القوات الأمريكية ستغادر المنطقة الحدودية السورية - التركية التي كانت تجري فيها دوريات مشتركة مع تركيا باعتبارها جزءا من آلية لطمأنة أنقرة بأن المقاتلين الأكراد الانفصاليين لن يستخدموا المنطقة لمهاجمة تركيا. ينظر إلى ترمب على نطاق واسع على أنه أعطى ضوءا أخضر لهجوم تركيا العسكري الذي وضع حلفاء أمريكا الأكراد في مواجهة عدو يعتبرونه خطرا أكبر من «داعش».
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES