FINANCIAL TIMES

«الاحتياطي الفيدرالي» يخوض امتحان إصلاح سوق الريبو

«الاحتياطي الفيدرالي» يخوض امتحان إصلاح سوق الريبو

يواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" مطالبات عاجلة، لإيجاد حل دائم لضغوط التمويل قصيرة الأجل، التي أزعجت الأسواق في الشهر الماضي، وتجنب نوبة أخرى من التقلب في نهاية العام، مع توقع أن يرتفع الطلب على السيولة النقدية، مرة أخرى، لإقفال الحسابات التجارية.
صدم المتداولون في أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما اضطربت المعاملات القوية في سوق اتفاقيات إعادة الشراء - "الريبو" -، إذ تقترض المصارف والمستثمرون الأموال عادة في ذلك الشهر سنويا، بشراء سندات الخزانة وغيرها من الضمانات عالية الجودة.
قفز سعر "الريبو" إلى 10 في المائة في الشهر الماضي، ما أثار اتهامات بفقدان مجلس الاحتياطي الفيدرالي السيطرة على أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
أدت سلسلة من ضخ الأموال النقدية من قبل البنك المركزي إلى انخفاض السعر، لكن صناع السياسة والمستثمرين يضغطون من أجل إجابة طويلة الأجل لمشكلات سوق اتفاقيات إعادة الشراء.
قال بيل كامبل، مدير محفظة في شركة دبل لاين كابيتال الاستثمارية: "يفعل بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ما هو صحيح في الوقت الحالي، فيما يخص تسهيلات إعادة الشراء قصيرة الأجل، على أنه في المقابل، يكسب الوقت ببساطة".
يتمحور المشاركون في السوق حول إجابة واحدة: شراء الأصول.
عندما يشتري بنك الاحتياطي الفيدرالي سندات الخزانة من السوق، فإنه يدين حسابات احتياطيات البنوك لتدفع ثمنها بشكل متزامن، ما يؤدي إلى زيادة حجم السيولة في النظام المالي.
بيد أن الآراء لا تزال منقسمة حول حجم الدين الذي يجب على البنك المركزي شراؤه، وما هي آجال الاستحقاق المناسبة.
هناك، على الأقل، اتفاق عام على ضرورة فعل أمر جذري. في أسوأ حالة من ضغوط السوق، تحولت سلسلة متوالية من الضخ النقدي اليومي بقيمة 75 مليار دولار، إلى عمليات إقراض لليلة واحدة بقيمة 100 مليار دولار، وثلاثة قروض لمدة أسبوعين، مع تجاوز رغبة المصارف في تمويل ما كان معروضا من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في البداية.
خفف التدخل المخصص قيود التمويل، لكن الحجم الهائل لعمليات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك – بإعارة نحو 200 مليار دولار نقدا لليوم الأخير من أيلول (سبتمبر) الماضي - أكد للسوق الحاجة إلى حل دائم.
أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول إلى هذه الفكرة في مؤتمر صحافي الشهر الماضي، قائلا إن البنك المركزي "سيوفر بمرور الوقت إمدادات كافية من الاحتياطيات، بحيث لا تكون هناك حاجة إلى عمليات متكررة"، تماشيا مع سياسة "الاحتياطيات الكبيرة" التي اعتمدها في كانون الثاني (يناير) الماضي.
غير أنه لم يقدم تلميحات أخرى حول ما سيكون عليه التوفير الكافي، بخلاف القول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان يفكر في استئناف التوسع "العضوي" لميزانيته العمومية، عن طريق شراء أصول الخزانة لمواكبة النمو الفعلي للعملة، وهو ما يعد بمنزلة مسؤولية.
كان حجم نمو العملة نحو 90 مليار دولار سنويا منذ الانتعاش، لكن بعض المحللين يعتقدون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي - الذي يستكشف أيضا الدور الذي تلعبه اللوائح في مشكلات سوق الريبو - سيتعين عليه الإقدام على عمليات شراء أكثر أهمية.
قالت كيلسي جيرسون، وهي خبيرة استراتيجية في أسعار الفائدة لدى بنك مورجان ستانلي للاستثمار، إن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة 315 مليار دولار، في الفترة بين تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وأيار (مايو) المقبل، لرفع الاحتياطيات إلى مستوى مرتفع بدرجة كافية، حتى تعمل أسواق التمويل بشكل طبيعي.
إحدى ميزات هذا النهج هي أنه يميز نفسه عن التسهيل الكمي بعد الأزمة المالية، الذي ركز عمليات شراء الأصول في سندات الخزانة الأطول مدة للمساعدة على خفض أسعار الفائدة.
يعتقد مسؤولان سابقان في "الاحتياطي الفيدرالي"، جوزيف جانيون وبراين ساك، أحدهما الآن في "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" والآخر في "صندوق التحوط دي شو"، أنه يتعين على "الاحتياطي الفيدرالي" أن يستحوذ على سندات خزانة بقيمة 250 مليار دولار خلال الأشهر الستة المقبلة.
في الوقت نفسه، تدعو بريا ميسرا من "تي دي سيكيوريتيز" إلى عمليات شراء مباشرة بقيمة 300 مليار دولار على فترات استحقاق متفاوتة على مدار عام 2020، ونحو 215 مليار دولار لتحل محل الجولة الثانية من الأوراق المالية المستحقة المضمونة برهون عقارية، كانت موجودة سابقا ضمن الميزانية العمومية لـ"الاحتياطي الفيدرالي".
يعتقد بعض مراقبي السوق أنه يجب على مجلس الاحتياطي الفيدرالي إعلان شراء الأصول، بالتزامن مع أداة من شأنها استدامة دفعاته النقدية المؤقتة الأخيرة.
من خلال ما يسمى تسهيل اتفاقيات إعادة الشراء الدائمة، فإن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيلتزم مسبقا بتنفيذ عمليات إعادة الشراء يوميا مع مختلف النظراء، حتى تصبح سندات الخزانة "شبيهة بالنقد"، وفقا لبرافين كوراباتي، كبير استراتيجيي الأسعار العالمية في "جولدمان ساكس".
حاز التسهيل على كثير من الاهتمام في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية في حزيران (يونيو) الماضي، إذ ناقش مسؤولوه مطولا كيف يمكن أن يكون هذا التسهيل بمنزلة "دعامة ضد الطفرات غير العادية" في مختلف أسعار أسواق المال، إضافة إلى المخاطر المحتملة في التصميم.
يوم الثلاثاء الماضي، قال جون ويليامز، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إن موظفيه كانوا يراقبون تدخلاته من كثب لمعرفة كيفية جعلها فاعلة قدر الإمكان، لكنه أضاف أن هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي ألا تكون عمليات إعادة الشراء "جزءا متكررا من السيطرة على أسعار الفائدة، بل الإلحاح على وجودها الدائم بوضوح، عند الحاجة".
المسألة ليست فقط السعر الذي سيبدل فيه التسهيل سندات الخزانة مقابل النقد فحسب، بل أيضا المؤسسات المالية التي ستشارك.
قال كوراباتي، إن معرفة هذه المعايير قد يستغرق أشهرا، مضيفا "الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للتجريب". إذا اشترى "الاحتياطي الفيدرالي" ما يكفي من سندات الخزانة، فقد لا يكون من الضروري وجود تسهيلات دائمة لإعادة الشراء.
وأضاف: "إذا زدت ميزانيتك العمومية إلى حجم معين، فلا داعي للقلق بشأن الحد الأدنى لمستوى الاحتياطيات، ولا تحتاج إلى التسهيل"، مستطردا: "إذا أرادوا العمل باحتياطيات وفيرة، فإن أنظف طريقة لفعل ذلك هي من خلال شراء الأصول".
يعتقد زولتان بوزار، محلل في "كريدت سويس"، أن هناك خيارا ثالثا.
إذا خفض "الاحتياطي الفيدرالي" أسعار الفائدة بقوة - ما يدفع العائدات قصيرة الأجل إلى ما دون تلك طويلة الأجل - فسيعزز الطلب المتزايد على سندات الخزانة من كل من المشترين الأجانب والمحليين، ويخفف الضغط على المصارف الكبيرة الملزمة بشراء الأوراق المالية، مشيرا إلى أن: "الحل الأمثل هو خفض أكثر كثافة في الأسعار".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES