ثقافة وفنون

«إت شابتر 2» .. رعب بلا خوف

«إت شابتر 2» .. رعب بلا خوف

«إت شابتر 2» .. رعب بلا خوف

‫"الفيلم بحاجة إلى نهاية"، بهذه العبارة بدأت مشاهد فيلم "إت: الفصل الثاني" - IT:Chapter two تتوارد على الشاشة السينمائية، فاتحة المجال أمام عديد من محبي الجزء الأول إلى ماهية أحداث الجزء الثاني والهدف من ورائه، فهل فعلا كانت هذه الرواية لمؤلف الرعب الأمريكي الشهير ستيفن كينج بحاجة إلى فصل ثان، أم أن التجارة السينمائية أصبحت سيدة الموقف في عقر دار هوليوود!‬
في الجزء الأول من الفيلم الذي صدر عام 2017 دارت الأحداث في بلدة "ديري" عندما أعطى بيل دينبرو شقيقه جورجي البالغ من العمر سبعة أعوام فقط مركبا شراعيا مصنوعا من الورق، أخذ جورجي المركب وذهب خارجا في جو ممطر، تزداد سرعة المركب نظرا إلى كمية المياه الغزيرة، ليسقط في نهاية المطاف في المجاري.
يحاول جورجي إخراج المركب، لتظهر لنا تلك الشخصية المرعبة، المهرج بيني وايز الذي يلعب دوره الممثل السويدي بيل سكارسكارد، يدور حوار قصير بينهما لينتهي المطاف بقتل جورجي على يد المهرج.

اختفاء الأطفال
من هذه اللحظة يبدأ اختفاء الأطفال واحدا تلو الآخر، بعد البحث عنهم تتبين فقط أجزاء من أجسادهم مأكولة ومقطعة، الشيء الذي سيدفع مجموعة مكونة من سبعة أطفال ينتمون إلى "نادي الخاسرين" إلى البحث عن أجوبة حول اختفاء أصدقائهم، ومخافة من أن يلحق بهم الشيء نفسه. تأخذهم رحلة البحث هذه إلى مقابلة البهلوان، فيتحدونه ويصرون على قتله.
تتألف مجموعة "الخاسرين" من عدد من الأطفال المضطهدين في مدرستهم ومنازلهم، الممتلئين قهرا والمتجرعين عنفا، ففيهم ولد توهمه والدته بأنه مريض يجب عليه تجرع الأدوية كل ساعة كقطع الحلوى، وآخر يتخمه جسده ويحجب عنه رؤية الآخرين لذاته الفريدة، وفيهم من يحيا متقوقعا في مأساة فقد أخيه الصغير، ولا يأبى تجاوز الأمر.

نهاية الأول .. وبداية الثاني
في نهاية أحداث الجزء الأول، انتقل كل الخاسرين بعيدا عن مدينة ديري التي أرعبها بيني وايز، باستثناء مايك الذي فضل البقاء في ديري بهدف دراسة وتعلم كيفية القضاء على بيني وايز، وتحذير الآخرين عندما يظهر مرة أخرى.
هنا بدأت أحداث الجزء الثاني الذي اختلف بمفهومه عن الأول حيث يلعب "الخاسرون" المراهقون دورا ثانويا في الفصل الثاني، لكنهم يلقون بتأثيرهم على كامل الفيلم. وفي حين إن "الخاسرين" البالغين مؤثرون كل بطريقته الخاصة، إلا أنهم لا يتركون الصدى نفسه الذي يتركه نظراؤهم من المراهقين. حيث إن رؤية أطفال يواجهون صدماتهم الخاصة بهم أكثر إقناعا من رؤية نظرائهم من البالغين الناضجين يواجهون التحديات نفسها.

انسجام بين الخاسرين
لكن ‫هناك انسجاما واضحا بين "الخاسرين" البالغين كمجموعة يمزحون مع بعضهم بعضا ويقنعون المشاهد بالعاطفة التي يكنونها لبعضهم بعضا، ويبرز من بين "الخاسرين" البالغين بيل هادير، فيختطف الأضواء بدور ريتشي، ولقد كانت لافتة مشاهد المزاح التي دارت بينه وبين إيدي، وتقدم جيسيكا تشاتين أداء متينا في دور بيف، كما يقدم جيمس ماكافوي أداء رائعا أيضا في دور بيل، الذي يأخذه شعوره بالذنب الذي يعاوده في مهمة جانبية لإنقاذ فتى من الحي من بيني وايز.‬
كما يقدم آيزايا مصطفى أداء مقنعا وصادقا في دور مايك البالغ، كما يحظى جيمس رانسون وجاي رايان بلحظاتهما الخاصة للتألق، مع أداء قوي لرانسون يلتقط فيه مشاعر القلق والخوف لدى أيدي، في حين يميل رايان نحو مشاعر بين غير المعلنة وغير المتبادلة تجاه بيف، قد لا يكونان أشهر ممثلين بين طاقم البالغين، لكنهما يواجهان تحديات دوريهما بكل مهارة.

فشل إخراجي
لم يكن الفيلم الذي أخرجه أندريس موسشيتي ناجحا من الناحية الإخراجية، فلقد استخدم على مداره‫ لقطات "الفلاشباك" ليعيدنا إلى أحداث جرت في صيف 1989، وبالتالي يعاني بنية مجزأة مع إيقاع غير ثابت مقارنة بجزئه الأول، يسارع نصفه الأول بالأحداث، وهو يعرفنا على أفراد "نادي الخاسرين" بعدما أصبحوا بالغين ولم شملهم جميعا، ثم يبطئ بشكل غير مدروس، دفع بالمشاهد إلى الملل خاصة مع مدة الفيلم الطويلة التي بلغت 170 دقيقة، تضمنت معلومات مكررة من الفيلم الماضي، هذا فضلا عن ابتعاد الفيلم عن صفة الرعب، حيث إنه ظهر خاليا نوعا ما من مشاهد الرعب، وكثرت فيه مشاهد الكوميديا، ما خفف من حدة الرعب أيضا، الذي من المفترض أن يحويه هذا الفيلم، لذلك جاء "إت: الفصل الثاني" أقرب إلى الفشل في الإخراج.

فكرة تائهة بين جزأين
في الجزء الأول من الفيلم ظهر المغزى واضحا، هو كيفية تعامل الأطفال مع الأحداث انطلاقا من التراكمات النفسية لديهم نتيجة تعامل الأهل، وهو ما أضفى عمقا على فكرة الفيلم، حيث يحصل كل طفل منهم على لحظة فريدة ليهيم وحيدا وينظر إلى الأشياء التي تخيفه، قد تكون لوحة مخيفة أو جسما مخيفا أو مرضا عضالا أو حتى المهرجين، ثم يشاهد ذاك الشيء يتجسد بطريقة مرعبة على يد المهرج بيني وايز، في حين إن هذه الفكرة لم تظهر في الجزء الثاني، الذي حاول إعطاء فكرة عن الفيلم مفادها أن الناس المختلفين مهمون، ومن الضروري عدم التخلي عن هويتهم، لكن هذه الفكرة لا تمت بصلة إلى الجزء الأول، لذلك ظهر هذا الجزء عشوائيا وغير منتظم، وفيه كثير من الثغرات.
احتل الفيلم‫ صدارة إيرادات السينما في أمريكا الشمالية في مطلع الأسبوع محققا 91 مليون دولار، ‬ويأتي في المرتبة الثانية كأكبر افتتاحية فيلم رعب على الإطلاق، فيما جاء الجزء الأول من السلسلة نفسها في المرتبة الأولى، التي تكلف إنتاجها 79.5 مليون دولار، كما تخطى ‫الجزء الأول‬ ‫حاجز الـ400 مليون دولار عالميا بعد أسبوعين فقط من عرضه، كما تربع الفيلم على عرش قائمة الـBox Office الأمريكية بإيرادات بلغت 236.339 مليون دولار بعد أسبوعين من طرحه،‬
تجدر الإشارة إلى أنه منذ صدور الجزء الأول تقدمت سلسلة مطاعم برجر كينج العالمية، بشكوى رسمية إلى هيئة الرقابة، تطالب فيها بوقف عرض فيلم الرعب الشهير IT من دور العرض، بسبب تشابه المهرج بيني وايز في الفيلم والصورة الرمزية التي تشتهر بها سلسلة مطاعم منافستها ماكدونالدز، ما يعني مزيدا من الدعاية للمطعم المنافس لها.
وعَدَّت "برجر كينج" المهرج بيني وايز وهو الشخصية المحورية في الفيلم، يتشابه إلى حد كبير مع الشعار الرمزي الخاص بسلسلة مطاعم ماكدونالدز، وهو ما رأته شكلا من أشكال الدعاية المباشرة لمنتج منافس لها، ومن ناحية أخرى، أوضحت سلسلة مطاعم برجر كينج أن استمرار عرض فيلم IT، سيؤثر سلبا أيضا في منافستها "ماكدونالدز"، بسبب تقديم الفيلم شخصية المهرج بشكل مرعب.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون