السياسية

صواريخ إيران .. فشل تضخيم القدرات وإيجاد حالة انتصار

صواريخ إيران .. فشل تضخيم القدرات وإيجاد حالة انتصار

آتت العقوبات الأمريكية على البرنامج الصاروخي الإيراني أكلها، التي كان آخرها اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات تصل حد العقوبات على شبكتين إيرانيتين تتهمهما بتزويد البرنامج الصاروخي الإيراني بمستلزماته اللازمة، من خلال دعم الأنشطة الصاروخية للملالي، التي من شأنها تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة والسلم العالمي أجمع.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها توصلت بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن "شبكة دهقان" المؤلفة من حامد وهادي دهقان أنتجت "مكونات إلكترونية عسكرية" زودت بها شركة هندسة إيرانية تعمل مع الجيش والحرس الثوري الإيراني، موضحة أن حامد وهادي دهقان يعملان عبر شركتهما "ابتكار صنعت صنعت ايليا" وشركة "جرين إندستريز" الصورية في هونج كونج، أما الشبكة الثانية فقد أطلقت الوزارة عليها تسمية "شبكة شريعت" ويديرها سيد حسين شريعت من خلال شركته "عصر صنعت إشراق"، وقد أدرجتها الوزارة على قائمة العقوبات لتزويدها بمنتجات من الألمنيوم كيانات إيرانية خاضعة للعقوبات بسبب برامجها الصاروخية والنووية.
وتنص العقوبات على تجميد أي ممتلكات للأشخاص المذكورين على الأراضي الأمريكية، وتحظر التعاملات التجارية والمالية معهم عبر منع الأفراد الأمريكيين والشركات الأمريكية بما في ذلك الشركات العالمية التي لها فروع أمريكية من التعامل معهم، كما هددت الوزارة الأمريكية بفرض عقوبات على "كل مؤسسة مالية أجنبية تتقصد تسهيل تعاملات كبيرة أو تقديم خدمات مالية كبيرة لأي من الأشخاص الذين أدرجوا في قائمة العقوبات.
تزامنا مع سلسة العقوبات الأمريكية التي طالت البرنامج الصاروخي الإيراني، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أخيرا، أنه "لا علاقة" لبلاده بانفجار وقع لصاروخ إيراني لدى إطلاقه من مركز فضاء إيراني، إذ انفجر صاروخ إيراني يحمل اسم "سفير 1"، على منصة الإطلاق في مركز الإمام الخميني الفضائي في شمال إيران قبل إطلاقه، بسبب بعض المشكلات الفنية، بحسب ما ذكر مسؤول إيراني لـ "رويترز".
وغرد ترمب على "تويتر" بتعليق وصورة قريبة لموقع الإطلاق بعد التفجير "الولايات المتحدة ليس لها يد في فشل إطلاق صاروخ إيراني يحمل قمرا صناعيا"، مضيفا "أتمنى لطهران حظا موفقا لمعرفة ملابسات ما حدث"، وكانت صور للأقمار الصناعية أظهرت أخيرا، بقايا انفجار صاروخ في مركز فضاء إيراني، كان سيقوم بإطلاق قمر صناعي انتقدته الولايات المتحدة، ووفقا لشبكة "سي إن إن" عن مسؤولين أمريكيين، يبدو أن الانفجار وقع أثناء إمداد الصاروخ بالوقود، استعدادا لإطلاقه.
ويرجح أن سبب الإصرار الإيراني على التجارب الفضائية في ظل وضع اقتصادي مترد نتيجة لسياسات "الملالي" تجاه العالم، ليس إلا دراما زائفة تصل حد التهويل، بهدف تشتيت الخصوم في الخارج، ويشتهر "الملالي" بالخداع والتهويل المنظم، من خلال تضخيم وتفخيم القدرات لتحقيق أهدافه المتموضعة في فكرة حشد الجمهور والشعب حول النظام ودعمه وإيجاد حالة انتصار وإنجاز مصطنعة، سعيا منه إلى تصدير مشهد مغاير ومخالف للواقع في توازناته الخارجية وبسط نفوذه كعامل ردع، إذ تعد المحاولات المتكررة التي عنوانها الفشل، لتشتيت الخصوم وردعهم بما يفرض حالة من الارتباك.
يأتي فشل الصاروخ وسط تزايد التوتر بين الولايات المتحدة و"الملالي"، الذي يرفض أن يجلس على طاولة المفاوضات مع واشنطن، قبل رفع العقوبات الاقتصادية التي جرى فرضها على إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
أمريكيا، أثارت الصورة جدلا واسعا، التي قد تكون مصنفة ضمن الأسرار الدفاعية، إذ أثار نشرها ضجة في الأوساط الاستخبارية، ما يعني أن ترمب قد يكون كشف بذلك عن مستوى الدقة لدى أقمار التجسس الأمريكية، وهو الأمر الذي كان مجهولا حتى الآن، أو يرجح أن تكون الاستخبارات هي التي التقطت تلك الصورة من الجو.
تعليقا على تصرف الرئيس، قال فابيان هينز الباحث في مركز جيمس مارتن لدراسات حظر الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، كاليفورنيا "إنه لا يعتقد أن الصورة التقطها ترمب ونشرها من دون استشارة الآخرين بشأن هذه القضية"، مضيفا "إنه من الواضح جدا أنها عبارة عن إحاطة استخبارية، لقد قاموا بتنقيح جزء من الصورة، ولا أعتقد أن الأمر كان مجرد خطأ ارتكبه ترمب أو مجرد سلوك أخرق.. يبدو أنه كان أكثر قليلا من ذلك.. لقد كانت التغريدة غير عادية، لكنها ربما لم تكن سلوكا أخرق بالكامل أيضا"، وكان ترمب اتهم في وقت سابق إيران باستخدام وكالتها الفضائية الناشئة لتعزيز جهودها لإطلاق صواريخ باليستية، وهو الأمر الذي قال الرئيس الأمريكي "إنه غير مقبول".
وتعد القضية ذات أهمية بالنسبة إلى ترمب، الذي كان قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، مستشهدا جزئيا بتجارب الصواريخ الباليستية في البلاد، وبالتالي فهو استخدم الصورة على الأرجح لإثبات مساعي إيران الصاروخية، ورغم النفي الإيراني "المتوقع" للحادث يبقى من المهم الإشارة إلى أن إيران فشلت في إطلاق أقمار صناعية، في مناسبتين أخريين على الأقل، هذا العام.
وكانت تقارير تحدثت عن فشل إيران مرتين في إطلاق صواريخ إلى الفضاء في مطلع فبراير الماضي، ومنتصف يناير الماضي، فيما أكدت إيران فشل التجربة الأولى، والتزمت الصمت إزاء الفشل في محاولة الإطلاق الثانية، على الرغم من صور فضائية وتحليلات رصدت وقوع إخفاق فضائي إيراني في إطلاق الصواريخ الفضائية خمس مرات منذ عام 2008.
ويشكل إصرار النظام الإيراني على إطلاق صواريخ إلى الفضاء تحديا لقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، إذ تمنع قرارات مجلس الأمن إيران من القيام بأي أنشطة ذات صلة بالصواريخ الباليستية القادرة على نقل رؤوس الحرب النووية.
وكرد فعل لـ"الملالي" وعلى الطريقة الكورية الشمالية، يعاقب العلماء بحوادث تصفية لكن في ظروف طبيعية، إذ إن حريقا نشب في مركز أبحاث الفضاء في البلاد في فبراير الماضي عقب محاولة الإطلاق الفاشلة، أسفر عن مقتل ثلاثة علماء، ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية عن محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات الإيراني، قوله "إن ثلاثة باحثين لقوا حتفهم بسبب حريق في أحد مباني مركز أبحاث الفضاء، من دون أن يتحدث عن أسباب اندلاع الحريق".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من السياسية