ثقافة وفنون

أكاديميات للفنون .. استثمار سعودي في بناء القدرات الثقافية

أكاديميات للفنون .. استثمار سعودي في بناء القدرات الثقافية

أكاديميات للفنون .. استثمار سعودي في بناء القدرات الثقافية

أكاديميات للفنون .. استثمار سعودي في بناء القدرات الثقافية

تسير الفنون في السعودية على المسار الصحيح، أسوة بالتجارب الفنية الناجحة في دول العالم، ذلك بعدما أعلنت وزارة الثقافة السعودية عن استثمارها في بناء القدرات، وإطلاقها أكاديميتين لتأهيل المواهب داخل البلاد، ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة.
تعد الأكاديميتان الفنيتان ضمن مبادرات الوزارة الـ27، التي أعلنتها ضمن استراتيجيتها، ولقي هذا الإعلان ترحيبا على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا بعد سنوات من الجدل المتكرر المثار حول افتقاد الشباب والفتيات أساسيات الفنون، أو سعيهم إلى اكتساب هذه القدرات أو تنميتها خارج البلاد، في حين ينظر اليوم إلى الفنون كأحد مقومات جودة الحياة، ورافد اقتصادي وتنموي مهم.

2000 طالب
أمير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، أكد في بيان لوزارته أن الاستثمار في بناء القدرات من أهم مقومات تشجيع القطاع الثقافي، وأن المملكة غنية بالفنون الثرية والمتنوعة وبالمواهب والإنتاج الفني، حيث ستنطلق أكاديميات الفنون بأكاديميتين في المرحلة الأولى؛ واحدة متخصصة في التراث والفنون التقليدية والحرف، وستبدأ في استقبال طلبات الالتحاق بها في خريف 2020، وتستهدف ألف طالب ومتدرب في البرامج طويلة المدى وقصيرته، فيما ستكون الأكاديمية الثانية خاصة بالموسيقى، وستستقبل ألف طالب ومتدرب ابتداء من عام 2021.
جاء هذا القرار بعد أن عقدت وزارة الثقافة ورش عمل عدة حول تعزيز بناء القدرات في القطاع الثقافي مع مسؤولين ومتخصصين سعوديين ودوليين، كما أجرت دراسة شاملة للعرض والطلب في السوق السعودية في القطاعات الثقافية، وأكدت الدراسة ضرورة رفد القطاعات بكوادر مؤهلة أكاديميا.
وتعد أكاديمية التراث والفنون التقليدية والحرف أول الخطوات التي تلت نقل هذا القطاع إلى الوزارة في أبريل الماضي، بعد أن كانت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تتولى قطاع الحرف والتراث في العقدين الماضيين قبل إنشاء الوزارة، في حين يتبع هذا القطاع عادة وزارات وهيئات الثقافة في معظم الدول.
وكانت جامعة الطائف قد استبقت وزارة الثقافة بإطلاقها أكاديمية للشعر العربي، التي تعاقدت أخيرا مع معهد متخصص لتعليم الموسيقى، وأنشأت أول فرقة موسيقية داخل أروقة الجامعة، وسبق ذلك أيضا أكاديميات أخرى، لكنها تقدم بضع ورش عمل ودورات تدريبية، على غرار أكاديمية نفيسة شمس للفنون والحرف، التي تأسست في عام 2006 لدعم المرأة السعودية، وحملت اسم زوجة الشيخ عبداللطيف جميل - رحمهما الله - وتمكنت من تقديم التدريب لنحو سبعة آلاف سيدة منذ بدايتها.
تعزيز لمكانة الفنانين
عد فنانون تأسيس الأكاديميتين الفنيتين خطوة أساسية ضمن الاحتياجات التنموية الثقافية، ليس لدورهما في صقل مواهب الفنانين فحسب؛ إنما لتنمية الحس الفني، والمتذوق للفنون لدى المجتمع، وخطوة متقدمة نحو تعزيز مكانة الفنانين السعوديين في المملكة وخارجها، وحاضنة للتميز الإبداعي والفني.
التأهيل الأكاديمي للفنون كان مطلبا للمثقفين والفنانين والمتخصصين منذ سنوات، ففي عام 2014 كتبت الروائية أميمة الخميس دعوة إلى تأسيس أكاديميات للفنون، تسهم في نقل الثقافة والفنون من الهواة والممارسة العشوائية في هامش الوقت إلى المرحلة الاحترافية المتفرغة، كما كتب الدكتور سعد البازعي قائلا "إن تنشيط الحياة الثقافية مهمة مطلوبة، لكن من المطلوب أيضا وربما بإلحاح أكبر تأسيس أكاديميات أو معاهد تخرج متخصصين في الفنون المختلفة وترفد النشاط الثقافي والإبداعي علميا، نحن بحاجة إلى أكاديميات للفنون التشكيلية والموسيقية والمسرحية". وأكد هذه المقترحات سيل من الفنانين، الذين يتطلعون إلى التجارب العربية والعالمية في مختلف الفنون، وأحدثت فارقا في حياة الشعوب والمجتمعات.

«حليم» نموذجا
يلفت فنانون وموسيقيون إلى اكتساح الدراما السورية خلال السنوات الماضية، بفضل أكاديميات التمثيل، وكذلك الأمر في مصر، حينما أخرجت معاهد الموسيقى فنانين كبارا، منهم الفنان عبدالحليم حافظ، الذي التحق بمعهد الموسيقى العربية عام 1943، والتقى فيه الملحن كمال الطويل، وبقي فنه حيا إلى يومنا هذا.
ومعهد الموسيقى العربية من المعاهد المعروفة في أنحاء العالم، وهو معني بتعليم الموسيقى العربية الأصيلة وحفظ التراث الموسيقي العربي منذ تأسيسه في عام 1914.
ويقدم المعهد مجموعة من التخصصات، مثل الغناء العربي، والعزف على الآلات "القانون، الناي، العود، الكمان، التشيللو، الكونترباص، والآلات الإيقاعية العربية"، وقسم للتأليف، وآخر لعلوم الموسيقى العربية، فيما يمنح درجاته العلمية الرفيعة للخريجين، مثل درجة البكالوريوس، أو دبلوم الدراسات العليا، ودرجتي الماجستير والدكتوراه.
وفي سورية، برز المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي أسس في عام 1977، بهدف تخريج الاختصاصيين في مختلف فروع الفنون المسرحية لتحقيق نهضة مسرحية سورية أصيلة، حيث يتطلب من المنتسب إلى المعهد أن يكون حاصلا على الشهادة الثانوية، وألا يتجاوز عمره 22 عاما، وأن يجتاز مسابقة تحتوي على مشهد تمثيلي ومشهد إيمائي وبعض امتحانات أخرى مثل إلقاء مقطع من قصيدة شعرية ومقطع سيناريو من قصة، واختبارات في سرعة البديهة واللياقة البدنية، وأخرج المعهد طلابا لمعت أسماؤهم مع الزمن، لعل أبرزهم الفنانون جمال سليمان، تيم حسن، قصي خولي، سامر المصري، باسم ياخور، وآخرون لمعوا وأصبحوا نجوما وأبطالا لمسلسلات ومسرحيات، استمتع بها المشاهد العربي طول العقود الأربعة الماضية.

جامعة للفنون
في "كوكب" اليابان، تحتل الفنون مكانة مميزة في قلب الشعب الياباني، الذي حمل على عاتقه مهمة نقلها إلى شتى بقاع العالم، وأصبحت "قوة ناعمة" لا يستهان بها، بحسب كتاب "جذور نهضة اليابان"، لمؤلفه غانم علوان جواد الجميلي.
اليابانيون أسسوا مراكز ومعاهد وأكاديميات لاستيعاب الفنانين اليابانيين ونظرائهم الدوليين، كما أسسوا جامعة لتدريس الفنون، هي جامعة طوكيو للفنون عام 1949، التي جاءت ثمرة لدمج مدرستين للفنون الجميلة والموسيقى، يعود تأسيسهما إلى عام 1887، وتقدم التعليم والتدريب على أيدي أهم الأساتذة في مجالات الفنون، وتستقطب آلاف الطلاب سنويا.
وتسعى اليابان من خلال فنونها إلى التأثير في الشعوب والمجتمعات، وترسيخ الصورة النمطية الإيجابية عن الشعب الياباني، وهي تجربة جديرة بالدراسة، ولا سيما من وزارة الثقافة السعودية، التي تمتلك الأدوات والكوادر القادرة على تحقيق نقلة نوعية للفنون السعودية بحلول عام 2030.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون