FINANCIAL TIMES

أسهم الأسواق الناشئة تعجز عن مواكبة الأسواق المتقدمة

أسهم الأسواق الناشئة تعجز عن مواكبة الأسواق المتقدمة

ينظر إلى أسهم الأسواق الناشئة بشكل عام على أنها تتداول على أساس مقياس "بيتا العالي" لأسهم العالم المتقدم العادية والأقل خطرا التي ينبغي أن تتفوق في بيئات "الدخول في المخاطر عندما تكون الأوضاع جيدة".
ولسبب وجيه، أسواق الأسهم العالمية اتبعت منذ انفجار فقاعة الدوت كوم في عام 2002 نمطا موثوقا ومريحا. عندما ارتفع مؤشر مورجان ستانلي المركب العالمي لأسهم الأسواق المتقدمة، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي المركب الشقيق لأسهم الأسواق الناشئة. وعندما انخفض الأول، انخفض الآخر أكثر. الاستثناءات الوحيدة لهذا النمط كانت في عامي 2013 و2014 عندما أثار الاحتياطي الفيدرالي ما يسمى نوبة غضب الانسحاب التدريجي وسجل مؤشر الأسواق الناشئة بعض الخسائر، على الرغم من تحقيق المؤشر العالمي مكاسب مقبولة.
لكن هذا العام لم يحقق مؤشر الأسواق الناشئة عوائد سوى 11.3 في المائة من حيث إجمالي العائدات، ليتخلف عن مكاسب بنسبة 19 في المائة حققها المؤشر العالمي، على الرغم من الخلفية القاتمة حول كل شيء، بدءا من الحروب التجارية إلى تباطؤ النمو العالمي.
جيف دينيس، معلق الأسواق الناشئة المستقل، وصف العام بأنه "عام غريب فعلا. عادة عندما تكون الولايات المتحدة بهذا القدر من الارتفاع، من الغريب تماما أن تتخلف الأسواق الناشئة".
لكن في هذه المرحلة، ليس هناك اتفاق يذكر حول سبب تصرف الأسواق بشكل غير طبيعي، ناهيك عما إذا كان بإمكان المعايير التقليدية إعادة تأكيد نفسها.
بالنسبة لمارتن-جان باكوم، خبير الاستراتيجية الأول للأسواق الناشئة في "إن إن إنفيستمنت بارتينرز"، الأداء السيئ نسبيا لأسهم الأسواق الناشئة يرجع إلى حد كبير إلى التوترات بشأن التجارة. "المشكلة الكبيرة هي أن حالة عدم اليقين بشأن التجارة تزيد الضغط على توقعات النمو. هذا يجعله عاما خاصا جدا".
فرضية باكوم هي أن أسهم العالم المتقدم استفادت من خلفية البنوك المركزية الحمائمية على نحو متزايد، بقيادة البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي. قال: "الأسواق المتقدمة استفادت كثيرا من الاحتياطي الفيدرالي الأكثر حمائمية. التصنيع في أوروبا يعاني، لكن السوق الأوسع تستفيد من البنك المركزي الأوروبي الأكثر حمائمية أيضا".
لكن في حين أن هذا التفاؤل أدى إلى زيادة الرغبة في اتخاذ المخاطر بالنسبة لسندات الأسواق الناشئة، إلا أن حالة عدم اليقين الناشئة عن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وضعت حدا لأسهم الأسواق الناشئة.
قال باكوم: "عندما تشتري أسهم الأسواق الناشئة، فهذا لأنك تؤمن بقصة النمو (لكن) 75 في المائة من المؤشر هو آسيا والصراع التجاري يلحق الضرر بآسيا بشدة. هذا يجعله عاما خاصا جدا. يفضل الأشخاص شراء (أسهم) التكنولوجيا الأمريكية وليست لديهم رغبة في المخاطرة بشراء أسهم كورية أو جنوب إفريقية".
حجة باكوم تنعكس في مؤشر الحمائية الخاص بشركة إن إن إنفيستمنت بارتينرز، الذي يجمع أداء عملات الأسواق الناشئة الأكثر حساسية للتجارة، وهي الوون الكوري، والدولار التايواني، والبات التايلندي، والرينجيت الماليزي، والبيزو المكسيكي، والبيزو التشيلي، فضلا عن الأداء النسبي لقطاعات التصدير في كوريا وتايوان والمكسيك.
هذا المؤشر الذي ارتفع قليلا بعد قمة مجموعة العشرين في أوساكا في حزيران (يونيو)، عندما اتفق الرئيسان دونالد ترمب وتشي جين بينج على هدنة مؤقتة في الحرب التجارية، تراجع عقب ذلك الاتفاق إلى أدنى مستوياته منذ عامين.
وبحسب باكوم "هذا قد يشير إلى أن المستثمرين يشعرون بقلق شديد بشأن التجارة. لا توجد رغبة في شراء الأشياء المتعلقة بالتجارة. فهي تبدو سيئة فعلا".
علاوة على ذلك جادل باكوم بأن من الصعب على البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أن تحذو حذو أقرانها في العالم المتقدم. مثلا، إذا أقدم بلد مثل تركيا بخفض أسعار الفائدة أكثر من اللازم لتحفيز اقتصادها، فهذا غالبا ما سيؤدي إلى خروج مستثمري المحافظ الأجانب بشكل جماعي.
وافق دينيس على أن الحرب التجارية تعد مشكلة، خاصة أن الصين وهونج كونج تمثلان نسبة قياسية تبلغ 32 في المائة من مؤشر مورجان ستانلي المركب لأسهم الأسواق الناشئة.
هذا الخلاف التجاري انعكس على أداء مؤشر بورصة شنغهاي المركب، الذي ارتفع 31 في المائة في الـ14 أسبوعا المنتهية في منتصف نيسان (أبريل).
قال دينيس إن الانعكاس "له علاقة كبيرة بالنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين والتباطؤ في الاقتصاد الصيني". مع ذلك، جادل بأن العامل الأكثر أهمية "بلا شك" وراء الأداء الضعيف لأسهم الأسواق الناشئة كان قوة الدولار الذي، على نحو مفاجئ لبعض المتنبئين، بقي قويا هذا العام على الرغم من تغيير موقف الاحتياطي الفيدرالي كليا فيما يتعلق بأسعار الفائدة.
وأضاف: "عندما يكون الدولار ضعيفا، يكون لديك أشخاص يتطلعون لسحب الأموال من الولايات المتحدة إلى الأسواق الناشئة. عوائد العملات المحلية تبدو أفضل من حيث القيمة المعدلة بالدولار"، بينما يغلب على الدولار الضعيف أيضا أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية (لأنه يتم احتسابها بالدولار)، وهذه نعمة أخرى للأسواق الناشئة. مع ذلك، تعمل هذه الاتجاهات في الجهة المعاكس عندما يكون الدولار قويا جدا.
عامل ثالث طرحه دينيس هو نمو أرباح الأسواق الناشئة، أو بالأحرى عدم وجودها.
هذا القلق يشاركه عدد لا بأس به من المراقبين. بهانو بويجا، خبير الاستراتيجية في بنك UBS، الذي خرج أخيرا من مركزه التكتيكي الدائن في أسهم الأسواق الناشئة، قال إنه يتوقع الآن انخفاضا بنسبة 3 في المائة في أرباح الأسواق الناشئة للسهم هذا العام، على عكس توقعات الإجماع للنمو المكون من خانة واحدة في المنتصف. بالنسبة لـUBS الدافع الرئيسي كان التغيير في طبيعة استجابة سياسة بكين لتباطؤ النمو الاقتصادي.
وجادل بويجا بأنه خلال النصف الأول من العام، ضخت بكين السيولة إلى الاقتصاد الصيني المعدل نفسه تقريبا كما فعلت خلال برنامج تحفيز مماثل في عام 2016.
لكن القطاعات التي تحفزها مختلفة تماما هذه المرة، على حساب الأسواق الناشئة الأخرى التي تزود الصين بالسلع الأساسية وغيرها من المدخلات. قال بويجا: "القطاعات التي تعتمد على المستهلكين سيطرت على الاستجابة للتحفيز الحالي. في عام 2016 شهدت القطاعات الدورية – تكنولوجيا المعلومات والمواد والصناعات – مكاسب أقوى بكثير. السيولة في الصين تساعد على استقرار النمو داخليا (لكن) ليس بالضرورة أن تراكم الأرباح للسهم بالنسبة للأسواق الخارجية".
فيما يتعلق بما سيحدث بعد ذلك، يرى كل من دينيس وباكوم أسبابا محتملة للتفاؤل بالنسبة لأسهم الأسواق الناشئة.
من رأي دينيس أن الاقتصاد الأمريكي كان من المقرر أن يتباطأ إلى معدلات نمو تراوح بين 1 و1.5 في المائة فقط وأن مثل هذا النمو الضعيف لم يتم احتسابه بالكامل للأسواق. وعندما يتم ذلك، الدولار يمكن أن يصبح ضعيفا بسبب تسريع الاحتياطي الفيدرالي تخفيف السياسة النقدية، الأمر الذي يمكن أن يسمح لأسهم الأسواق الناشئة بإعادة تأكيد نفسها. وتابع: "أنت بحاجة إلى محفز وهذا سيكون فترة من النمو الأمريكي الأضعف"، على الرغم من أنه حذر من أن الأسواق الناشئة ربما تحقق أداء أسوأ إذا وقعت الولايات المتحدة في حالة من الركود التام، يخشى أن هناك "فرصة عادلة" لأن تحدث في الشهور الـ18 المقبلة.
من جانبه، شعر باكوم بالراحة من المؤشرات الاقتصادية المفاجئة للأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة التي تحولت إلى إيجابية، عندما توقفت مؤشرات النمو عن التدهور في الأسواق الناشئة خلال الأشهر الأربعة الماضية، حتى مع استمرار تراجعها في العالم المتقدم. قال: "هذا يمنحنا الأمل في أن هناك فترة أفضل ربما بانتظارنا، لكن ليست لدينا شهية كبيرة لشراء أسهم الأسواق الناشئة". بشكل عام، باكوم لديه موقف محايد بشأن أسهم الأسواق الناشئة "لأن الوضع التجاري غير واضح للغاية ولن يتحسن، على الرغم من أنه لا يزداد سوءا أيضا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES