FINANCIAL TIMES

«المركزي الياباني» في مأزق انتعاش السندات الكبرى عالميا

«المركزي الياباني» في مأزق انتعاش السندات الكبرى عالميا

هناك عديد من المتداولين في اليابان واجهوا وقتا عصيبا في اليوم الأول بعد عودتهم من عطلة وطنية.
مع وصولهم إلى مكاتبهم لإيجاد صافي مضاربات المراكز الدائنة بالين تتجه نحو مستوى قياسي مرتفع، فيما يواجه المصرف المركزي أحد أصعب الاختبارات / التحديات في أعوام.
في مذكرة نشرت الأسبوع الماضي سلط توهرو ساساكي الاستراتيجي في مصرف جيه بي مورجان الضوء على المعضلة الأساسية. الارتفاع العالمي في السندات الكبرى إذا استمر من شأنه أن يقدم لمصرف اليابان المركزي خيارا مستحيلا على حد قوله.
على مصرف اليابان أن يتسامح مع الآثار الجانبية السلبية الأكبر للنظام المالي من خلال السماح لعائدات السندات الحكومية اليابانية JGB بالاستمرار في الانخفاض، وإما أن يحميها ويخاطر بالتالي في رفع قيمة الين الياباني، فيما يشتري المستثمرون سندات الحكومة اليابانية ذات العوائد المرتفعة نسبيا.
محللون آخرون يذكرون أن إطار سياسة مصرف اليابان تحت الأضواء في وقت تتراجع فيه العوائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشرة أعوام، علاوة على الخطر الكامن في ارتفاع الين نتيجة للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
في ظل إطار التحكم في منحنى العائد واي سي سي YCC الذي تم طرحه قبل ثلاثة أعوام، يهدف مصرف اليابان إلى عوائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشرة أعوام عند "نحو الصفر"، لكنها ظلت قائمة دون أي إجراء، فيما انخفضت العوائد إلى أدنى مستوى لها خلال ثلاثة أعوام، ويقل عن 23 نقطة أساس.
منذ أوائل شباط (فبراير) الماضي، كانت اليابان تنتمي في الواقع، إلى مجموعة متزايدة من المصدرين للسندات السيادية، مع وجود مؤشر عائد السندات لأجل عشرة أعوام في منطقة سلبية.
يتوقع مستثمرون أن الاجتماع المقبل لمصرف اليابان في أيلول (سبتمبر) المقبل، يمكن أن يوسع مشترياته السنوية البالغة ستة تريليونات ين (56 مليار دولار) من الصناديق المتداولة في البورصة بنحو تريليونين إضافيين، باعتبارها جزءا من معركة طويلة الأمد لدفع مستهدف التضخم إلى نحو 2 في المائة.
حتى الآن، أشار منصور محيي الدين استراتيجي الصرف الأجنبي في شركة نات ويست ماركتس إلى أن محافظ مصرف اليابان هاروهيكو كورودا لا يبدو مستعدا لتبني هذا النوع من التحفيز الجذري الذي يمكن أن يرفع منحنى العائد في اليابان، ويضعف الين ويدفع التضخم إلى مستوى أعلى من مستواه الحالي عند 0.5 في المائة.
ربما يشمل ذلك "تخفيض مصرف اليابان سعر الفائدة على الودائع، وزيادة عمليات شراء السندات الحكومية، والتنسيق مع وزارة المالية في نهاية المطاف لشراء سندات الحكومة اليابانية الصادرة حديثا" حسبما قال.
بطبيعة الحال، فإن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يراكم مزيدا من الألم على القطاع المصرفي المحاصر في البلاد، الذي كافح من أجل التماس أرباح في عالم ذي أسعار فائدة منخفضة للغاية، وحث مصرف اليابان على التراجع عن اتخاذ مزيد من إجراءات التخفيف.
إذن كيف استجابت الأسواق؟ بعد ارتفاعها الحاد في وقت سابق من هذا الشهر، استقرت العملة اليابانية في أخدود ثبات عند مستوى 106 ينات مقابل الدولار، مستأنفة دورها بصفتها مفوضا شديد الحساسية لشهية المخاطر العالمية.
على مدار الـ12 شهرا حتى نهاية تموز (يوليو) الماضي بلغت في المتوسط نحو 111 ينا مقابل الدولار.
التفسير النموذجي لقوة الين الأخيرة راسخ بما فيه الكفاية. ومثلما لخصه شوسوكي يامادا، الاستراتيجي في مصرف أوف أميركا ميريل لينش بقوله: "الأسواق قلقة على نحو متزايد بشأن تباطؤ عالمي كما أن المصارف المركزية تتساهل في جميع أنحاء العالم، ومصرف اليابان من بينها هو الوحيد الذي لديه أقل ذخيرة متبقية في السياسة" النقدية.
نتيجة لذلك يتوقع استمرار ارتفاع قيمة الين، مندفعا حتى تصل قيمته إلى 101 ين مقابل الدولار بحلول كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
زاك باندل الاستراتيجي في "جولدمان ساكس"، يوصي المستثمرين بالالتزام بالمراكز الدائنة للين من خلال ندوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع في "جاكسون هول" وايومنج.
كانت هناك نتائج معقولة حسبما جادل حيث يمكن أن تكون التعليقات الحمائمية أو المتشددة من المصرف المركزي الأمريكي متفائلة بالرهان على الصعود بالنسبة للعملة اليابانية.
"إذا أشار الرئيس باول ومسؤولون آخرون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى حدوث تخفيف كبير مستقبلا، فإن تضييق الفرق في سعر الفائدة ينبغي أن يؤدي إلى انخفاض سعر الدولار مقابل الين"، حسبما قال.
"بدلا من ذلك، إذا ركز صناع السياسة على بيانات النمو المحلي التي ما زالت مقبولة وبدوا حذرين من تخفيضات عميقة في أسعار الفائدة، فإن الأصول المحفوفة بالمخاطر من المرجح على الأغلب أن يقل أداؤها عن المتوقع، في حين أن الملاذات الآمنة مثل الين، ستتفوق في الأداء" بحسب باندل.
من المحتمل أن يؤثر ذلك بدوره في أسعار الأسهم اليابانية التي ارتفعت قليلا فقط هذا العام ما قلل أداء معظم الأسواق المتقدمة.
مع ارتفاع الين وإظهاره إشارات تدل على أنه قد يتجاوز مستويات أعلى من نطاق تداوله على المدى الطويل، نشر محللون تحذيرات بشأن التأثير الذي يمكن أن يحدثه في أرباح الشركات. ماساتوشي كيكوتشي، استراتيجي في "ميزوهو" يحذر من أن الشركات اليابانية الكبرى لم تعدل بعد افتراضاتها لأسواق صرف العملات الأجنبية لتعكس قوة الين الجديدة أمام الدولار واليورو، وأن الأغلبية ما زالت تساند توجيه دخلها الصافي على سعر صرف يبلغ 110 ينات / دولارات.
بيد أنه ليس يعتقد الجميع أن ذلك مهم. في شركة سي إل إس آي، يحسب الاستراتيجي نيكولاس سميث أن كل ين / دولار من قوة الين تقلص أرباح مؤشر توبكس Topix قبل خصم الضريبة بنسبة 0.2 في المائة فقط.
حتى حينها على حد قوله يجب الحفاظ على قوة الين لمدة عام لتحقيق هذا التأثير. وأضاف "العملة تحظى باهتمام أكبر بكثير مما يبرره تأثيرها في الأرباح".
على أنه ليس من المستغرب حاليا أن يرى المستثمرون فرصا أوضح لكسب المال في مكان آخر.
في آخر دراسة استقصائية حول مديري الصناديق العالمية، توصل مصرف أوف أمريكا ميريل لينش إلى استثمارات أقل في اليابان منذ كانون الأول (ديسمبر) عام 2012، الشهر نفسه الذي أصبح فيه شينزو آبي رئيسا للوزراء، مع مناشدته العالم بالإقبال على شراء الأصول اليابانية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES