FINANCIAL TIMES

ماذا يمكن أن يتعلم السياسيون من عالم المطاعم؟

ماذا يمكن
أن يتعلم السياسيون من عالم المطاعم؟

منذ أربعة أعوام، طلب جون هيكنلوبر، حاكم كولورادو السابق الذي يتنافس الآن - دون جدوى إلى حد ما - ليصبح المرشح الديمقراطي للرئاسة، من داني ماير صاحب المطعم، أن يخاطب مجلس حكام الولايات.
لم يفعل هيكنلوبر ذلك لأنه أراد من ماير أن يجهز وجبة أو يقدم نصائح للطهي أو يناقش العمل والأرباح في صناعة المطاعم. (أسس ماير مطعم " شيك شاك"، وهو سلسلة وطنية، ويدير عددا من المطاعم الراقية، مثل "ذا مودرن" "ويونيك سكوير كافيه" في نيويورك.) بدلا من ذلك، كان لدى هيكنلوبر سؤالا ملحا أكثر: ما الذي يمكن - أو ينبغي - أن نتعلمه جميعا من عالم المطاعم لتحسين سياسات القرن الـ21؟ هل يمكن للكونجرس أو الأجهزة التشريعية للولايات أن تجد الإلهام في مطابخ الأمة؟
للوهلة الأولى، قد تبدو هذه فكرة غريبة. في النهاية، لا نتوقع من قادتنا المنتخبين أن يتصرفوا مثل الطهاة، والحكومة من المفترض أن تكون مشغولة بأهداف أعلى من الأكل. لكن هيكنلوبر لديه خلفية في مجال الضيافة. شارك في تأسيس مصنع جعة قبل الدخول في السياسة، وافتتن منذ وقت طويل بأوجه الشبه غير الملحوظة تقريبا بين العالمين. قال للحكام: "سواء كنت تدير ولاية أو مطعما، فهناك ثلاثة أمور متشابهة. لا يوجد لديك ما يكفي من النقود أبدا (...) لديك مجموعة متنوعة من الأشخاص تحتاج إلى أن تجعلهم فريقا - والجمهور غاضب دائما بشأن أمر ما".
نقاش المحافظين مع ماير، الذي يمكن مشاهدته على شبكة سي-سبان، هو نقاش يأتي في الوقت المناسب مع ظهور سباق 2020 في الأفق. في الواقع يمكن القول إن رسالته أكثر أهمية الآن مما كانت عليه قبل أربعة أعوام، لأنها توفر وسيلة لإعادة صياغة فكرة القيادة السياسية في وقت تتعرض فيه ثقة العامة بالحكومة - وبالقادة المنتخبين – للهجوم.
القضية الرئيسية المطروحة، في نظر ماير، تدور حول مفهوم "الخدمة". السياسيون - مثل أصحاب المطاعم - يعيشون أو يموتون وفقا لحكمة الجمهور. قال ماير: "نحن نترشح باستمرار للمناصب عندما ندير المطاعم - نحاول الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات". هذا يعني أنه ينبغي لهم أن يكونوا مهتمين بشدة بما يريده "زبائنهم". مع ذلك، في عالم مشبع بالإنترنت أصبح من الصعب على نحو متزايد إرضاء الجمهور. آراء المستهلك يمكن أن تنتشر عبر الإنترنت كالنار في الهشيم، وبطرق غير متوقعة. كذلك الأخبار المزيفة - والأخبار الجيدة. قال ماير "اليوم كل شيء يمكن معرفته. يتجول الجميع في العالم كمراسلين بكاميراتهم، سارقين كل فكرة جيدة على وجه الأرض".
لإرضاء الزبائن (الناخبين أو من يتناولون الطعام)، من الواضح أن القادة المحتملين يحتاجون إلى تقديم منتجات جيدة - سواء كانت فكرة رائعة لدجاج مشوي أو سياسة ذكية. لكن على الرغم من أن هذا شرط أساسي للنجاح، إلا أن ماير يقول إنه لم يعد كافيا، إذ يمكن نسخ أي منتج بسرعة البرق. ويخلص إلى أن الحل الوحيد هو التركيز بشدة على فكرة حسن الضيافة أيضا - أو مهارة جعل "الزبائن " يشعرون بالتقدير والاحترام وأنهم مسموعون.
وربما من المثير للسخرية أنه كلما انتقلت حياتنا اليومية إلى الفضاء السيبراني المفصول، زادت أهمية التعاطف الشخصي عندما يتعلق الأمر بإرضاء المستهلكين. قال ماير بجدية للحكام: "أنتم (الحكام) جميعا تؤيدون الحكومة الجيدة، وأنا ممتن جدا لذلك - لكن هذا لا يكفي لإعادة الانتخاب. الخدمة الجيدة تشبه تكييف الهواء - لا أحد يمدحه عندما يعمل، لكن الوقت الوحيد الذي تسمع فيه عن الخدمة والأداء هو عندما لا يعمل (...) كلما زادت التكنولوجيا المتقدمة التي نحصل عليها في الحياة، زاد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى خدمة رفيعة المستوى في حياتهم".
قد يقول أحد المتشككين من المستحيل جعل هذه الأفكار تعمل في الحكومة الحديثة، ناهيك في بلد كبير مثل الولايات المتحدة، حيث لا يتمتع معظم الناخبين بأي فرصة للقاء مسؤوليهم المنتخبين وجها لوجه ولا يتلقون سوى "خدمة" من البيروقراطيين منخفضي المستوى. بعد سماع ماير، لاحظ سكوت ووكر، الحاكم السابق لولاية ويسكونسن "أن تشبيه حسن الضيافة مثالي - إنه تماما ما نتحدث عنه على صعيد الخدمات التي نقدمها (بصفتنا حكاما). لكن حتى لو كان لديك أشخاص في الأعلى يفعلون ذلك، إذا كان الشخص الذي في الخط الأمامي لا يعمل، فكل شيء سينهار".
رسالة ماير مع ذلك تثير التفكير. من الناحية النظرية، يجب أن يدرك الرئيس مفهوم "حسن الضيافة" بشكل جيد. ومن الناحية العملية، ماير يشك في أنه يدرك ذلك. أخبرني هذا الأسبوع أنه، من حيث معاملة الناخبين والموظفين باحترام، يعتقد أن "البيت الأبيض في الوقت الحالي هو نقيض حسن الضيافة".
قد يختلف بعض الجمهوريين بشدة. لكن بصرف النظر عن أي انقسام حزبي، السؤال الأساسي هو: في عالم حيث "السياسة" مغمورة بمعارك شرسة، هل من الممكن إعادة تشكيل مفهوم "الحكومة" بطريقة من شأنها أن تشجع على مزيد من ولاء الناخبين وميلهم؟ هل يمكن للتركيز على "الخدمة" أن يقدم طريقة واحدة لإعادة بناء مفهوم القيم المدنية؟ فكر في هذا الأمر مع تصاعد حملة عام 2020 - للديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. خاصة إذا اختار المرشحون تنظيم حملة في مطعم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES