الطاقة- النفط

محللون: المخاطر الجيوسياسية وتصاعد الحرب التجارية يكبحان المكاسب السعرية للنفط

محللون: المخاطر الجيوسياسية وتصاعد الحرب التجارية يكبحان المكاسب السعرية للنفط

توقع محللون نفطيون ارتفاع أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري، بعد أن اختتمت الأسبوع الماضي على مكاسب، وبعد أن أنهي الخامان القياسيان الأسبوع على مكاسب صغيرة عقب أسبوعين متتاليين من الخسائر.
ويرجح المحللون أن انتعاش الأسعار سيستمر بسبب بعض البيانات الاقتصادية الإيجابية في الولايات المتحدة، وحدوث انحسار نسبي في المخاوف من الحرب التجارية ومن تراجع الطلب إلى جانب استمرار تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها في تقييد المعروض النفطي، إضافة إلى حدوث تباطؤ نسبي في الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري.
وعدَّ المحللون استمرار المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط أبرز العوامل التي تهدد استقرار السوق، بالتوازي مع التصاعد المستمر في النزاعات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم والمخاوف الواسعة من الانزلاق إلى ركود اقتصادي كبير.
في هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، "إنه من المرجح أن تواصل أسعار الخام المسيرة نحو تحقيق مزيد من الانتعاشة والمكاسب، في ضوء بيانات جيدة لأكبر اقتصاد في العالم وهو الولايات المتحدة، حيث أظهرت البيانات أن مبيعات التجزئة الأمريكية لا تزال قوية".
وأضاف كيندي "الركود الاقتصادي ما زال الهاجس الأكبر للاقتصاد العالمي، حيث إن المخاوف في هذا الصدد ما زالت قوية وإن كانت انحسرت نسبيا في وقت سابق"، لافتا إلى أن الاقتصاد العالمي بشكل عام تحيط به توقعات قاتمة، لكنه يتلقى كثيرا من الدعم من الأداء الاقتصادي الجيد في عدد من الاقتصادات الرئيسة، حيث لا تزال البيانات الأمريكية تمثل نقطة إيجابية خاصة ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، لكن بيانات ضعيفة في الصين وألمانيا أثرت سلبا في السوق.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أنه آن الأوان لتدشين تعاون بين "أوبك" ومنتجي الولايات المتحدة من أجل دعم الاستقرار في السوق ووقف حالة التقلبات الحادة المهيمنة على السوق بسبب الضبابية وصعوبة قراءة آفاق وتطورات وضع السوق في المرحلة المقبلة وعمل كل طرف في اتجاه عكس الآخر.
وأشار شيميل إلى أن السوق النفطية مقبلة على وفرة واسعة في المعروض في العام المقبل خاصة إذا حدث انكماش مؤثر في مستويات الطلب، وهو ما يحتاج إلى تنسيق خاص بين منتجي "أوبك" والنفط الصخري الأمريكي للعمل معا من أجل موازنة السوق خاصة في ظل توقعات بأداء أضعف للاقتصاد العالمي نتيجة تقديرات لمنظمة التجارة العالمية بأن التجارة الدولية ستنخفض في الربع الثالث من العام الجاري.
من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، أندريه يانييف المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة، "أسعار النفط تلقت دعما من مؤشرات على أن "أوبك" قد تلجأ إلى تعميق التخفيضات الإنتاجية لاستيعاب وفرة متوقعة في المعروض يصاحبها انكماش مؤثر في الطلب"، لافتا إلى أن المنتجين والمستهلكين راضون عن بقاء الأسعار في مستويات متوسطة ما بين 60 و70 دولارا، لكن الأمر يتطلب سرعة احتواء تداعيات العوامل التي قد تقود إلى إفراط في الارتفاع أو الانخفاض في الأسعار خاصة الحرب التجارية والمخاطر الجيوسياسية.
وعَدّ يانييف السعودية تقوم بدور محوري في قيادة "أوبك" وفي توطيد دعائم تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها، لافتا إلى أن السعودية احتفظت بمستوى صادرات أقل من سبعة ملايين برميل يوميا لتجنب تخمة الأسواق، لكنها في الوقت نفسه ضاعفت صادرات الخام إلى الصين خلال العام الماضي لتعويض أوجه الخلل في السوق خاصة بعدما تسببت العقوبات الأمريكية في تهاوي مستوى الصادرات الإيرانية.
بدورها، ترى إكسوي ساهي المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة، أن "أوبك" في حالة تأهب للتعامل مع متغيرات السوق واللجوء إلى الآليات الفاعلة لدعم التوازن والاستقرار، مشيرة إلى توقع بعض الدوائر التحليلية والبحثية حاجة "أوبك" إلى إضافة مليون برميل يوميا جديد لمستوى خفض الإنتاج من أجل الحفاظ على مستوى الأسعار في مستويات ملائمة ومستقرة.
وتضيف لـ"الاقتصادية"، "هناك أزمة حقيقية راهنة في إنتاج النفط الثقيل بعد أن أدت العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا إلى تهاوي إنتاج البلدين، وجاء ذلك بالتزامن مع تركيز "أوبك" على خفض إنتاجها من النفط الثقيل بصفة خاصة"، مشيرة إلى أن السوق لم تجد بديلا لمواجهة ندرة النفط الثقيل سوى الإنتاج الروسي الذي حقق مبيعات ومكاسب واسعة خلال الفترة الماضية.
وكانت أسعار النفط تعافت في ختام الأسبوع الماضي بعد يومين من الهبوط، حاذية حذو أسواق الأسهم، وسط توقعات بمزيد من التحفيز من بنوك مركزية ساعدت على انحسار مخاوف الركود.
لكن مكاسب أسواق النفط قيدها تقليص منظمة أوبك توقعاتها للطلب العالمي للفترة المتبقية من العام مع تباطؤ النمو الاقتصادي.
وأشارت "أوبك" في تقريرها الشهري إلى تحديات في عام 2020 مع ضخ منافسين لها مزيدا من الخام، ما يعزز الحجة إلى الإبقاء على اتفاقية تقودها المنظمة لكبح الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 41 سنتا، أو 0.7 في المائة، لتبلغ عند التسوية 58.64 دولار للأوقية، بعد أن هبطت 3 في المائة و2.1 في المائة خلال جلستي الأربعاء والخميس الماضيين على التوالي.
وارتفعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 40 سنتا، أو 0.73 في المائة، لتسجل عند التسوية 54.87 دولار للبرميل بعد هبوطها 1.4 في المائة في جلسة الخميس الماضي و3.3 في المائة في جلسة الأربعاء الماضي.
وقبيل صدور تقرير "أوبك" الشهري، لامس برنت أعلى مستوى له في الجلسة عند 59.50 دولار للبرميل وجرى تداول الخام الأمريكي عند 55.67 دولار مع توقع المستثمرين مزيدا من التخفيضات في أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الاتحادي وتحركات للبنك المركزي الأوروبي الشهر المقبل للتصدي لنمو ضعيف.
وأنهي الخامان القياسيان الأسبوع على مكاسب صغيرة بعد أسبوعين متتاليين من الخسائر، وخفض بنك "بي إن بي باريبا" توقعاته للعام 2019 للخام الأمريكي بمقدار ثمانية دولارات إلى 55 دولارا للبرميل، وخام برنت بمقدار تسعة دولارات إلى 62 دولارا للبرميل، مشيرا إلى تباطؤ اقتصادي وسط النزاع التجاري.
وارتفع سعر سلة النفط لمنظمة أوبك في الشهر الماضي بنحو 2.9 في المائة، مع استمرار جهود خفض الإمدادات.
وكشفت بيانات "أوبك" أن متوسط سعر سلة "أوبك" خلال تموز (يوليو) الماضي ارتفع إلى 64.71 دولار للبرميل، مقابل مستوى 62.92 دولار للبرميل في حزيران (يونيو).
وما زال سعر برنت مرتفعا نحو 10 في المائة عن مستواه في بداية العام بدعم من تخفيضات في الإمدادات من "أوبك" وحلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، الذين يشكلون المجموعة المعروفة باسم "أوبك+".
وفي تموز (يوليو) اتفق تحالف "أوبك+" على تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى آذار (مارس) 2020 لدعم الأسعار.
وكشفت بيانات "أوبك"، أن مستويات إنتاج الدول الأعضاء تراجعت إلى مستوى 29.609 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) الماضي، مقابل مستوى 29.855 مليون برميل يوميا في الشهر السابق له.
وقادت السعودية انخفاض الإنتاج داخل منظمة أوبك في الشهر الماضي، بمقدار 134 ألف برميل يوميا ليصل إجمالي إنتاجها النفطي إلى 9.698 مليون برميل يوميا.
كما انخفض إنتاج إيران من النفط بمقدار 47 ألف برميل يوميا عند 2.213 مليون برميل يوميا، بينما هبط الإنتاج النفطي في ليبيا وفنزويلا في تموز (يوليو) الماضي بمقدار 42 ألف برميل و32 ألف برميل يوميا على الترتيب.
من جهة أخرى، زادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة للمرة الأولى في سبعة أسابيع على الرغم من خطط لمعظم المنتجين لخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة هذا العام. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة "الشركات أضافت ستة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ16 من آب (أغسطس)، وهي أكبر زيادة منذ نيسان (أبريل)، ليصل العدد الإجمالي إلى 770 حفارا، وفي الأسبوع نفسه قبل عام كان هناك 869 حفارا نشطا".
وتراجع عدد حفارات النفط، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الثمانية الماضية مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة، بينما تركز بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
من ناحية أخرى، أشار تقرير "بيكر هيوز" إلى أن عدد حفارات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة انخفض بمقدار أربعة حفارات على مدار الأسبوع إلى 165 وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2017.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط