FINANCIAL TIMES

مؤشر «إم إس سي آي» يعيد تشكيل خريطة التمويل العالمي

مؤشر «إم إس سي آي» يعيد تشكيل خريطة التمويل العالمي

مؤشر «إم إس سي آي» يعيد تشكيل خريطة التمويل العالمي

عندما طلب هنري فرنانديز في عام 1996 من المصرفيين الاستثماريين في "مورجان ستانلي"، تقدير قيمة مشروع التأشير المشترك المتواضع مع مجموعة كابيتال جروب Capital Group قيل له إن القسم الذي يديره ربما لا تزيد قيمته على 20 مليون دولار.
كان يعتقد أن هذا التقدير قد جاء تشاؤميا للغاية، غير أن المختص المالي المكسيكي المولد، الذي عاش في نيكاراجوا وتعلم في الولايات المتحدة، بات مولعا بعالم التكنولوجيا بعد حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ستانفورد في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي.
وكان يعتقد أن المشروع المشترك لديه القدرة على أن يتجاوز مجرد كونه مزودا لمؤشرات الأسواق الناشئة - الغرض الأصلي – وأن يتحول إلى لعب دور شركة مايكروسوفت ضمن صناعة الاستثمار، مزودا مديري الأصول بالأدوات والخدمات التي قد يحتاجون إليها.
على الرغم من أنها قد تفتقر إلى ثقل "مايكروسوفت"، إلا أن "مورجان ستانلي كابيتال إنترناشونال" أو "إم إس سي آي"، اختصارا، باتت اليوم شركة مستقلة مدرجة في البورصة، تقدر قيمتها بنحو 20 مليار دولار.
هذا الوضع نتج بفضل حقيقة أنها تقع في قلب بعض من أكبر الاتجاهات التي تعيد تشكيل التمويل العالمي.
قال رئيس مجلس إدارة شركة "إم إس سي آي" ورئيسها التنفيذي في مقابلة "ما زلنا في المراحل المبكرة مما يمكن تحقيقه.
هناك قدر هائل من المدخرات التي تحتاج إلى إدارة محترفة، وهذه مهمة معقدة بشكل لا يصدق وتتطلب كثيرا من الأدوات التحليلية، ونحن المورد الرئيس لتلك الأدوات".
كثير منها التقط من خلال عمليات الاستحواذ. في التسعينيات من القرن الماضي، أعد فرنانديز قائمة بالأهداف التي يحلم بحملها في محفظته لأعوام، وكان يضع علامة على هدف تلو الآخر عندما تختطفه "إم إس سي آي".
أفلت من الشركة عديد من الأهداف، مثل مؤشرات سندات بنك ليمان براذرز "مملوكة الآن من قبل وكالة بلومبيرج". إلا أن شركة بارا Barra للتحليلات التي أسسها بار روسينبيرج المستثمر والمحلل الكمي الأسطوري، و"ريسك ميتيركس" التابع لشركة جي بي مورجان - مقياس القيمة المعرضة للخطر - الذي يهيمن على التمويل – قد استُحوذ عليهما.
وقد استفادت الجهتان من الاتجاه نحو مزيد من الاستثمار العالمي التحليلي خلال العقد الماضي.
مع ذلك تظل المؤشرات هي الجزء الأكبر من أعمال "إم إس سي آي".
تضم الشركة أكثر من 200 ألف مؤشر، وحققت 14.8 تريليون دولار مقارنة بمقاييسها في نهاية الربع الأول. إلى جانب المشتقات التي ترجع إلى مؤشرات "إم إس سي آي"، حققت الشركة 835 مليون دولار في العام الماضي، أي أكثر من نصف إيرادات "إم إس سي آي" الإجمالية، كما ساعدت على رفع هامش الربح بشكل كبير إلى 53.9 في المائة.
قال توني كابلان المحلل لدى "مورجان ستانلي"، "إنه نموذج أعمال قوي للغاية، فالمؤشرات هي جوهرة تاج الشركة، وهو هامش مرتفع ونمو قوي، وتوسع في مجالات جديدة".
تدين "إم إس سي آي" على الأقل بقدر من نجاحها في التأشير إلى شراكة ذكية مع "باركليز جلوبال انفيسترز" Barclays Global Investors في منتصف التسعينيات، ما وفر مؤشرات معيارية دعمت غزوها الصناديق المتداولة في البورصة.
تلك الشراكة هي ما أصبح في نهاية المطاف صندوق آي شيرز العملاق المتداول في البورصة، بقيمة تريليوني دولار تملكه الآن شركة بلاك روك BlackRock. ونتيجة لذلك، فإن نحو 820 مليار دولار من صناديق الاستثمار المتداولة تتبع الآن مؤشراتها ببراعة، محققة زيادة ثلاثة أضعاف خلال الأعوام الخمسة الماضية.
التأثير المتزايد للمؤشرات يدفع بعضا من النقاد إلى الجدل بأن مقدمي خدمات المؤشرات المعيارية مثل "إم إس سي آي" أقوياء للغاية، بالنظر إلى أن عمليات الترفيع أو التنزيل يمكن أن تزيد أو تبدد مليارات الدولارات، من سوق الأسهم في بلد ما.
الزيادة المخططة ذات الخطوات الثلاث في وزن الأسهم الصينية في مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة من 0.7 في المائة إلى 3.3 في المائة بنهاية عام 2019، مثلا، ساعدت حتى الآن على زيادة أرباح البورصة الصينية بنحو 28 في المائة هذا العام.
جاءت زيادة التضمين والترجيح بعد ضغوط شديدة من بكين - ماركو روبيو، السناتور الجمهوري الأمريكي، انتقد هذه الخطوة.
وقال روبيو في رسالة إلى فرنانديز "لم يعد بإمكاننا السماح للحكومة الاستبدادية في الصين بجني ثمار أسواق رأس المال الأمريكية والدولية، بينما تتجنب الشركات الصينية الإفصاح المالي والشفافية الأساسية، وتعرض المستثمرين وأصحاب المعاشات التقاعدية الأمريكيين للخطر".
أقر الرئيس التنفيذي لـ"إم إس سي آي" بأنه "لا يوجد بلد لا يحتج أو يحاجج حالما يتم الإعلان عن المراجعة"، لكنه أضاف أن هناك "مراجعات وتوازنات ضخمة كامنة" في هذه العملية.
وأضاف "مفهوم أن شركات المؤشرات قوية ومؤثرة يتجاهل حقيقة أننا عملاء لعملائنا. اللحظة التي نخالف فيها رغبات عملائنا، ستكون بداية النهاية.
نحاول أن نزاوج بين احتياجات موردي رأس المال بمستهلكي رأس المال. إذا لم نفعل ذلك بشكل جيد - سواء كان ذلك تحت تأثير مستثمرين لديهم أجندة أو بلد ما - فسيصبح ذلك واضحا للغاية وبسرعة".
بصرف النظر عن ذلك، يتوقع فرنانديز أن أعمال المؤشر التقليدية لـ"إم إس سي آي" ستصبح أقل أهمية نسبيا بمرور الوقت بفضل نمو "عامل" مؤشراتها الأكثر تطورا والاستثمار المستدام - وعلى أمل - بروز أعمال تحليل رأس المال الخاص في المستقبل.
لقد أصبح ما يسمى باستثمار الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الآن الجزء الأسرع نموا في عمليات الشركة.
"إم إس سي آي" مهووسة بأن تصبح أكبر مورد في العالم، لأدوات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات... قد تكون هناك مرحلة يتم فيها تعريف شركة إم إس سي آي من قبل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
طموحات "إم إس سي آي" في شأن رأس المال الخاص - فئات الأصول غير المدرجة في البورصة الأكثر غموضا مثل القروض والعقارات والأسهم الخاصة والبنية التحتية - هي حاليا أكثر تطلعا، مع عمليات استحواذ باهظة الثمن. لذا تبحث الشركة عن شراكات، أو إذا فشلت في ذلك، تتجه بشكل طبيعي إلى بناء أعمال جديدة.
قال فرنانديز "عدم فعل أي شيء، لا يعد خيارا. أعتقد أن العالم سيشهد ثورة في استثمار رأس المال الخاص، خلال العقد المقبل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES