FINANCIAL TIMES

برنامج التحفيز النقدي الأوروبي أمام القضاء الألماني

برنامج التحفيز النقدي الأوروبي أمام القضاء الألماني

شرعت المحكمة الدستورية في ألمانيا في جلسة استماع جديدة حول مشروعية برنامج شراء الأصول التابع للبنك المركزي الأوروبي – في الوقت الذي يستعد فيه البنك لتوسيع نطاق تدابير التحفيز الاقتصادي.
بعد أكثر من أربع سنوات ومع شراء نحو 2.6 تريليون يورو من السندات، لا يزال برنامج التسهيل الكمي مثيرا للجدل في الدول الشمالية في منطقة اليورو. ويتجلى ذلك بشكل أكثر في ألمانيا التي شكلت فيها جلسة الاستماع في المحكمة الدستورية الألمانية في كارلسروه جزءا من قضية طويلة الأمد تركز على ما إذا كانت المشتريات تشكل ما يسمى "التمويل النقدي"، وهو أمر محظور بموجب قانون الاتحاد الأوروبي. توقيت جلسة الاستماع حساس. في الأسبوع الماضي قال ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، إن مسؤولي البنك سينظرون في مجموعة من خيارات التحفيز - بما في ذلك تخفيض أسعار الفائدة، والالتزام بالحفاظ على سياسة فضفاضة بشكل استثنائي لأعوام مقبلة، وبدء جولة أخرى من التسهيل الكمي - لمواجهة المخاوف من استمرار عجز البنك عن تحقيق معدل التضخم المستهدف الذي يقل عن 2 في المائة.
وتمنع معاهدات منطقة اليورو البنك المركزي الأوروبي من تمويل حكومات الدول الأعضاء عن طريق شراء ديونها، وهي قاعدة تعرف باسم التمويل النقدي. هذه القاعدة تهدف إلى حماية البنك المركزي من الضغوط السياسية وتجنب زيادة التضخم.
ويشمل التسهيل الكمي شراء البنوك المركزية للدول الأعضاء في منطقة اليورو السندات الحكومية بكميات هائلة، بتمويل من البنك المركزي الأوروبي.
ويجادل أصحاب الشكوى في القضية - وهم مجموعة تتكون من ألفي شخص تقريبا، بقيادة اقتصاديين وأساتذة قانون ألمان – بأن هذه المشتريات غير قانونية ويريدون أن يتوقف البنك المركزي الألماني، الذي كان أكبر مشتر للسندات بموجب التسهيل الكمي، عن المشاركة في برنامج البنك المركزي الأوروبي.
في البداية، رفعوا قضيتهم ضد البنك المركزي الأوروبي بعد أن شرع في برنامج التسهيل الكمي في عام 2015، في محاولة لجعل المحكمة الدستورية الألمانية تمنع ذلك. ويجادل البنك المركزي الأوروبي بأن برنامج التسهيل الكمي لا يعد تمويلا نقديا لأنه يتمثل فقط في شراء السندات في الأسواق الثانوية من مستثمرين آخرين، بدلا من شراء الديون مباشرة من الحكومات. وقواعد برنامج التسهيل الكمي التابع للبنك المركزي الأوروبي تمنعه من الاحتفاظ بأكثر من ثلث الدين المستحق لأي دولة عضو.
ماذا قالت المحاكم؟ كانت المحاكم الألمانية مشغولة منذ أعوام بسلسلة من القضايا في نطاق ولاية البنك المركزي الأوروبي.
في عام 2016 قضت المحكمة الدستورية لصالح البنك المركزي الأوروبي في قضية منفصلة حول برنامجه للمعاملات النقدية المباشرة تم الكشف عنه في عام 2012. لكن عندما طلب منها إلقاء نظرة على برنامج التسهيل الكمي في تموز (يوليو) 2017 ، قالت "من المشكوك فيه ما إذا كان برنامج التسهيل الكمي متوافقا مع قانون منع التمويل النقدي" وإن التسهيل الكمي "قد لا يكون مشمولا في ولاية البنك المركزي الأوروبي" لكنها احتفظت بالحكم وأحالت القضية إلى محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورج.
في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي قضت محكمة العدل الأوروبية لصالح البنك المركزي الأوروبي، قائلة إن برنامج التسهيل الكمي كما هو مصمم حاليا قانوني.
وتعود القضية الآن إلى المحكمة الألمانية لتفسير ما خلصت إليه محكمة العدل الأوروبية في إطار القانون المحلي الألماني.
التداعيات القانونية تتجاوز بكثير هذه القضية الوحيدة؛ ثمة قلق أيضا حول ما إذا كانت أحكام المحكمة العليا في ألمانيا يجب أن تكون مقدمة على القانون الأوروبي. رفع أصحاب الشكوى قضيتهم بموجب الدستور الألماني ـ حتى الآن لم يتضح ما إذا كان قانون الاتحاد الأوروبي يمكن أن يبطل سلطة الدستور.
إلى ذلك تعد مخاطر برنامج التسهيل الكمي التابع للبنك المركزي الأوروبي مزدوجة.
أولا، إذا حكمت المحكمة الدستورية الألمانية في كارلسروه لصالح أصحاب الشكوى، فقد يقرر البنك المركزي الألماني أن من الأفضل الامتثال للقانون الدستوري الألماني بدلا من طلبات البنك المركزي الأوروبي.
ثانيا، هذا الحكم يمكن أن يقيد البنك المركزي الأوروبي فيما يخص تصميم أي مجموعة جديدة من التسهيل الكمي.
يعتقد البنك المركزي الأوروبي أن حكم محكمة العدل الأوروبية كان مرنا بما يكفي لتمكين البنك من رفع كمية السندات المستحقة في أي دولة عضو، التي يمكنه شراؤها - يعرف باسم الحد الأقصى لجهة الإصدار - من الثلث إلى ما يصل إلى 50 في المائة.
لكن البنك المركزي الألماني يمكن أن يعارض ذلك. سيرسل البنك الألماني شاهدين إلى كارلسروه هذا الأسبوع؛ رئيس الشعبة القانونية ورئيس شعبة الاقتصاد.
على الرغم من استعدادهم لمعارضة أصحاب الشكوى، من خلال القول إن برنامج التسهيل الكمي في شكله الحالي قانوني، إلا أنه يمكنهم التأكيد على أن القواعد لا يمكن أن تنحرف أكثر من ذلك دون الوصول إلى حدود ما يشكل التمويل النقدي - بعبارة أخرى، البنك المركزي الأوروبي ليس لديه مجال آخر لشراء السندات.
قد يجعل هذا من الصعب على البنك المركزي الأوروبي رفع الحد الأقصى لجهة الإصدار - وهذا أمر مهم. لا يملك البنك المركزي الأوروبي سوى مجال محدود فقط للتسهيلات الكمية الجديدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى بقاء مبلغ صغير من الديون الألمانية المستحقة في السوق، التي يستطيع البنك المركزي الأوروبي شراءها في ظل الوضع الراهن
حسم القضية في المحكمة يمكن أن يستغرق بعض الوقت بالنظر إلى الحساسيات التي ينطوي عليها الأمر. ويتوقع بعض المراقبين أن لا يصدر الحكم حتى نهاية العام.
بحلول ذلك الوقت، قد يتم بالفعل تنفيذ خطة البنك المركزي الأوروبي وتبدأ جولة جديدة من التحفيز.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES