FINANCIAL TIMES

المصارف تنأى بأنفسها عن عملة «فيسبوك» الرقمية

المصارف تنأى بأنفسها عن عملة «فيسبوك» الرقمية

نأت المصارف الأمريكية والأوروبية بنفســـها عن "ليبرا" Libra، مشروع "فيسبوك" المتعلق بعملة مشفرة جديدة، جراء خوفها من إثارة عداوة المنظمين وتفكيك مشاريعها الخاصة بالعملات الرقمية.
منذ إعلان "فيسبوك" خططها لعملة رقمية جديدة لزمت المصارف الصمت بشأن مشروع يهدد بتحطيم دورها حارسة للنظام المالي العالمي.
قال شخص مطلع على نظرة أحد أكبر المصارف في العالم على المشروع: "ما زلنا نتعلم ماهيته ونحاول تحديد موقفنا؛ هل نحن خصوم أم شركاء، أم نتجاهل الأمر؟".
في الأوضاع المتقلبة في وول ستريت، والحي المالي في لندن، والمراكز المالية في أوروبا يروي كبار التنفيذيين في هذه الصناعة سلسلة العقبات التي تحول دون المشاركة، بينما ينتقد بعضهم الطريقة التي تطرح بها "فيسبوك" المشروع حتى الآن.
لم يدرج أي مصرف على القائمة الأولية للشركاء الـ27 في "جمعية ليبرا" التي ستشرف على العملة، على الرغم من أن ديفيد ماركوس، الذي يقود المشروع في "فيسبوك"، قال إنه "ينفي تماما وبقوة حقيقة أننا تحدثنا مع المصارف والمصارف رفضت".
وأضاف: "أجرينا محادثات مع المصارف، وما زلنا نجري محادثات معها. أتوقع بحلول الوقت الذي يتم فيه إطلاق هذا المشروع في العام المقبل، ستكون لدينا مصارف أعضاء فيه".
مع ذلك، يروي كبار المسؤولين التنفيذيين في المصارف قصة مختلفة. رد مصرف واحد على الأقل، "آي إن جي" ING في هولندا، على أول اتصال من "فيسبوك" بـ"لا، شكرا لكم".
وأشار عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين الآخرين إلى احتمال أن تكون هناك عقبات كبيرة أمام مشاركتهم في المستقبل، إما بوصفهم أعضاء نشطين في جمعية ليبرا، وإما على صعيد مساعدة الناس على تحويل الأموال التقليدية داخل عملة ليبرا وخارجها.
مايك كوربات، رئيس "سيتي جروب"، قال على الرغم من أنه كان "مؤمنا حقيقيا" بالعملات المشفرة وتكنولوجيا بلوكتشين blockchain الأساسية، إلا أن قدرة الحي المالي على المشاركة محدودة.
وقال، مشيرا إلى معايير مكافحة غسل الأموال التي تلتزم بها المصارف: "إن التحدي فيما يخص العملات المشفرة هو الغموض فيما يتعلق بمصادر الأموال". وأضاف: "أخذ تلك الأموال أو إرسالها نيابة عن الأشخاص الذين يملكونها قد يكون خارج نطاق قدرتنا".
في الوقت ذاته، يمضي كثير من المصارف في تنفيذ مشاريع لتسريع المدفوعات، قال بعضهم إنها تتجاوز مبادرة "ليبرا".
تعمل "ماستركارد"، التي تعد جزءا من مشروع ليبرا، مع ستة من مصارف الشمال الأوروبي على بناء نظام للمدفوعات يسمح بالتحويلات الفورية، ويستخدم عملات متعددة في بلدان متعددة.
قال بول ستودارت، رئيس "ماستركارد" المسؤول عن منصات الدفع الجديدة، إنه يتوقع رؤية "مزيد من المبادرات مثل هذه في جميع أنحاء العالم حيث توجد مجموعات من البلدان أو المناطق المندمجة اقتصاديا بشكل أكبر".
في الولايات المتحدة، تقدم "كليرينق هاوس" Clearing House، وهي شركة مدفوعات يدعمها ائتلاف مكون من 25 مصرفا من المصارف الكبيرة بما في ذلك "جيه بي مورجان" و"بانك أوف أمريكا" و"سيتي جروب"، مدفوعات محلية فورية على شبكة تم إطلاقها في عام 2017 تربط بالفعل نصف حسابات الودائع في البلاد.
وفي حزيران (يونيو) أعلن 13 من أكبر المصارف في العالم، بما في ذلك "يو بي إس" ومجموعة لويدز المصرفية و"إم يو إف جي"، خططا لإطلاق عملة رقمية خاصة لاستخدامها في مصرفية كبار العملاء.
وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في أحد المصارف المعنية: "إن فيسبوك محقة في أن المدفوعات العابرة للحدود تكون مزعجة ومعقدة وينبغي لك المرور عبر كثير من الأطراف المقابلة، لكن المصارف تورطت وستحل هذه المشكلة بسرعة كبيرة". وتتوقع المصارف أن تتم أول معاملة مؤسسية بـ"عملة التسوية الشاملة" في غضون عام، وقد تكون عملية تجارية عابرة للحدود.
في الوقت ذاته، لاحظ رئيس قسم الابتكار في مصرف أمريكي آخر أن الصناعة بحاجة إلى فهم الكثير، بما في ذلك الغرض من عملة ليبرا، والبيئة التنظيمية، والأساس الفني للنظام قبل أن تتمكن من الالتزام بالمشروع.
وقال: "سنتحدث إليهم (ليبرا) قريبا جدا"، مضيفا: "يوجد قدر كبير من الشكوك لكن هناك بعض الأسماء الضخمة التي أسهمت بعشرة ملايين دولار لكل منها؛ وهناك ما يكفي من أسماء المنظمات حسنة السمعة التي أسهمت بعشرة ملايين دولار لتكون جزءا منها لتقول إنها شاركت بشيء ما هناك".
وذكر مسؤول تنفيذي كبير في ثالث أكبر مصرف أمريكي أنه لا يعتقد أن على المصارف الضغط بقوة لضمان أن تستخدم "ليبرا" قاعدة "اعرف عميلك" نفسها وكذلك التدقيق المتعلق بمكافحة غسل الأموال مثل شبكات المدفوعات التقليدية، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف المشروع.
وقال: "إذا كان هذا الأمر بحجم ملياري شخص يستطيعون تحريك الأموال خارج النظام المالي (بدون مكافحة غسل الأموال ـ قاعدة اعرف عميلك)، فهذا يسخر من النظام". وأضاف: "لن يتعين علينا إقناعهم في واشنطن (...) ينشغل المنظمون بذلك، وسيجعلوهم يرتفعون إلى المعايير نفسها مثل أي شخص آخر".
وأضاف المسؤول التنفيذي أن "فيسبوك" التي عينت أخيرا عضوا بارزا من جماعة الضغط من "ستاندرد تشارترد"، أساءت بالفعل التعامل مع اللوائح التنظيمية من خلال الإعلان عن خططها دون التوصل إلى اتفاق مع المنظمين.
عندما وضع "جيه بي مورجان" خططا لعملة رقمية محدودة للغاية، كان يجري محادثات مكثفة مع المنظمين قبل طرحها على الجمهور، وطلب منهم تقديم إرشادات غير رسمية بشأن ما يمكن أن يكون مقبولا بالنسبة إليهم، حسبما قاله شخص قريب من هذه العملية.
وأردف أن نظام التنظيم المالي لإدارة ترمب أكثر عرضة لتلك المحادثات المكررة من إدارة أوباما التي "رأت في المصارف عدوا".
قال رئيس قسم الابتكار في مصرف أوروبي كبير إن مشاركته تعيقها حقيقة أن "اللوائح لا تسمح لنا بأن نكون رائدين جدا في هذا المجال".
واعترف ماركوس بالمخاوف التنظيمية في تدوينة. ووعد "بعملية تعاونية" مع المنظمين، وقال إن استبدال شبكة رقمية بالنقود "مع إجراءات خاضعة للوائح ومع ممارسات اعرف عميلك" يمكن أن يساعد على الحد من الجرائم المالية.
قال مسؤول تنفيذي كبير في رابع أكبر مصرف أمريكي إن شركته ربما لا يزال لديها توجه للمشاركة. وأضاف: "المال، الاستثمار الأولي البالغ عشرة ملايين دولار، هنا لن يكون أكبر العقبات المادية، فالمبالغ ليست كبيرة في مخطط المشروع". سيكون الاختبار ما إذا كان "منظما، وهل حقا يحل مشكلة، أم مجرد وضع إشارة على مربع شبه ابتكاري. نحن بحاجة إلى أن نكون مرتاحين لحالات الاستخدام".
بالنسبة لبعض المصارف، لن يكفي وضع علامة على جميع هذه المربعات. "يمكنك الجدال بأنه منافس لميزتنا التنافسية (...) القدرة على نقل الأموال في جميع أنحاء العالم للعملاء داخل شبكتنا. لذلك سيكون من غير المعتاد الخروج من هذا، والتنافس مع نفسك، بطرق عديدة".
من يدعم "ليبرا" حتى الآن؟
المدفوعات: "ماستركارد"، "باي بال"، "باي يو" PayU، "سترايب" Stripe، "فيزا".
التكنولوجيا والمستهلك: "بوكينج هولدنجز"، "إيباي" eBay، "فيسبوك"، "فارفيتش". Farfetch، "ليفت"Lyft ، "ميركادو باجو"Mercado Pago ، "سبوتيفاي"، "أوبر".
الاتصالات: "إلياد" Iliad، "فودافون". بلوكتشين Blockchain: "إنكوريج" Anchorage، "بيسون ترايلز" Bison Trails، "كوين بيس" Coinbase، "إكسابو هولدنجز" Xapo Holdings
رأس المال المغامر: "أندريسن هورويتز" Andreessen Horowitz، "بريكثرو إنشياتيفز" Breakthrough Initiatives، "ريبيت كابيتال" Ribbit Capital، "ثرايف كابيتال" Thrive Capital، "يونيون سكوير فنتشرز" Union Square Ventures
المنظمات غير الحكومية: "كرييتيف ديستراكشن لاب" Creative Destruction Lab، "كيفا" Kiva، "ميرسي كوربس" Mercy Corps، "الخدمات المصرفية العالمية للمرأة" Women’s World Banking.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES