FINANCIAL TIMES

إنقاذ الرأسمالية لا يتم عبر تأميمها

إنقاذ الرأسمالية 
لا يتم عبر تأميمها

في وقت سابق من هذا الأسبوع حث ريك ريدير، المدير الإداري لـ"بلاك روك"، البنك المركزي الأوروبي على تحفيز اقتصاد منطقة اليورو من خلال طباعة النقود واستخدامها لشراء الأسهم.
جذبت هذه الفكرة تعليقات أقل نوعا مما ينبغي، وإن كانت الفكرة ليست جديدة. ظل بنك اليابان يشتري الأسهم المحلية لأعوام: يمتلك نحو 75 في المائة من سوق الصناديق المتداولة في البورصة في اليابان، وهو من أكبر عشرة مساهمين في 40 في المائة من الشركات المدرجة في البلاد.
كان البنك المركزي الأوروبي أيضا حمائميا بشكل لا يصدق: قدم أكثر من ملياري يورو في إطار برنامج التسهيل الكمي، وقدم أسعار فائدة سلبية، وقروضا رخيصة لا نهاية لها، وكثير من التوجيهات المسبقة الدالة على أن هذا سيستمر ويطول.
اعتادت السوق على فكرة أن من المنطقي بطريقة ما دفع 0.3 في المائة أو أكثر سنويا لإقراض الأموال للحكومة الألمانية لمدة عقد. أخبرنا اجتماع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس أنه من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة "عند مستوياتها الحالية أو أدنى" على الأقل خلال النصف الأول من عام 2020. كذلك أشارت اللغة المستخدمة إلى أن حزمة جديدة من التدابير آتية في الطريق - مع مناقشة تجري حول "خيارات الحجم وتركيبة صافي مشتريات الأصول الجديدة المحتملة".
المستثمرون يتوقعون مزيدا من التخفيضات في أسعار الفائدة والمزيد من التسهيل الكمي في أيلول (سبتمبر). لكن الجميع يعلم أيضا أن زيادة التسهيل الكمي ليست بسيطة كما يبدو. نفدت السندات الألمانية، بفضل تحقيق فائض في الميزانية، ويجب أن يكون شراء البنك المركزي الأوروبي متناسبا مع حجم البلدان المكونة له. لذلك تحتاج ألمانيا إلى أن تشهد عجزا لتبيع سندات إلى البنك المركزي الأوروبي، أو أن تسمح بتطوير سندات اليورو المضمونة من قبل ألمانيا. إذا لم يحدث ذلك، يتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يصبح مبدعا بشكل كبير.
بالتالي شراء الأسهم بأموال جديدة يعد حلا ممكنا. برايان بيليجريني، من "إنترتيمبورال إيكونوميكس" Intertemporal Economics، يوضح أن ذلك "سيحترم رأس المال الرئيسي" (الأسهم الوطنية النسبية في البنك المركزي الأوروبي) من خلال شراء الأصول الألمانية، وفي الوقت نفسه المساعدة على إضعاف اليورو.
يمكن أن تكون عمليات شراء الأسهم طريقة رائعة لتعويض سكان الاتحاد الأوروبي عن العقد الماضي من السياسة النقدية المتطرفة. إذا كنت مدخرا ألمانيا تواجه تحقيق عوائد سلبية على الودائع النقدية لبقية حياتك، فإن فقاعة سوق الأسهم قد تشعرك بالتحسن. قد تؤدي حتى إلى القليل من تأثير الثروة الذي يعمل بشكل فعال في الولايات المتحدة لدفع الإنفاق الاستهلاكي.
ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، قال قبل سبعة أعوام إنه سيفعل "كل ما يلزم" لتحريك أوروبا. إذا كان لا يزال يعتقد أن منطقة اليورو بحاجة إلى مساعدته (وهو ليس أمرا مسلما به - وليست كل البيانات سيئة)، فهذا هو الخيار الوحيد المتبقي في جعبته من الحيل النقدية.
إذن، ما الأمر المقلق؟ قبل كل شيء، هناك مسألة غير جذابة بشكل ملحوظ هي رؤية "بلاك روك"، أكبر شركة إدارة أصول في العالم، تقترح أن يعتمد بنك مركزي سياسة مصممة خصيصا لرفع أسعار الأسهم.
لكن المصلحة الذاتية المجردة ليست القضية الرئيسية هنا. ولا حقيقة أن شراء الأسهم من غير المرجح أن يكون ذا فائدة كبيرة. لم ينجح هذا الأمر في اليابان، وعلى الرغم من أنني أستطيع أن أرى كيف يمكن أن يرفع أسعار الأسهم "وهو أمر جيد للأشخاص الذين لديهم أسهم"، إلا أنه من الصعب رؤية كيف يساعد بنك مركزي يشتري أسهما أي شخص آخر.
لنرى المشكلة الحقيقية الناتجة عن هذا، علينا أن نعود إلى الوراء بعيدا. ضعفت حواسنا بسبب السياسة النقدية المتطرفة بشكل متزايد خلال العقد الماضي، لذلك يجب أن نحاول النظر إليها من جديد. ما يتم اقتراحه هنا هو أن على البنك المركزي الأوروبي، وهو مؤسسة مملوكة ملكية عامة، أن يطبع الأموال ويستخدمها لشراء حصص أسهم في الشركات الخاصة. بمعنى آخر، الطريقة الوحيدة لإنقاذ الرأسمالية هي البدء في تأميمها.
تنفعل النخب العالمية في كل مرة يشير فيها جيريمي كوربين، زعيم المعارضة في المملكة المتحدة، إلى نوع من "التسهيل الكمي للناس" أو تأميم بعض من شركات المرافق العامة، لكن عندما تقول ذلك "بلاك روك" لا أحد يهتم.
وهذا ليس هو الأمر نفسه - تأميم المرافق ليس مفيدا لشركات إدارة الأصول الكبيرة للمبتدئين. لكن الأمر ليس مختلفا لهذه الدرجة أيضا. مشتريات الأسهم العامة تشوه إشارات التسعير وهي معادية للأسواق الحرة وسيكون من المستحيل تقريبا تفكيكها ـ وفكروا في مسائل الحوكمة. تحب "بلاك روك" الترويج لفكرة أن كبار المساهمين يجب أن يكونوا نشطين عندما يتعلق الأمر بحوكمة الشركات. ماذا لو كان أحد كبار المساهمين هو بنك مركزي؟ هل يجب أن يكونوا نشطين أيضا؟
أخيرا، التحول المستمر نحو "البازوكا" النقدية المجنونة بشكل متزايد يعد بالتأكيد دليلا على أن الأمر برمته لا يعمل. إذا استطاعت الشركات المالية الكبرى أن ترى ما وراء نماذج أعمالها الخاصة فلن تطلب مزيدا من التدابير لتحقيق الاستقرار في الوضع الراهن.
بدلا من ذلك، سيتذكرون ملاحظات ميرفن كينج، محافظ بنك إنجلترا السابق، في أعماق الأزمة المالية عام 2009 "أي إجراء سياسي مرغوب فيه الآن يبدو متناقضا تماما مع الاتجاه الذي يجب أن نسير فيه على المدى الطويل" - وسيضغطون من أجل شيء مختلف تماما.
مع ذلك، هناك أخبار جيدة مضمنة هنا. بعد الآن لا يحتاج المستثمرون القلقون إلى التساؤل عما يجب عليهم فعله بأموالهم: إذا كان هناك مزيد من التسهيل الكمي في الاتحاد الأوروبي، وهناك حتى فرصة أن يشتمل بعضه على شراء الأسهم الأوروبية، فينبغي لهم شراء الأسهم الأوروبية - وضعت "بلاك روك" للتو ملاحظة تقترح فيها أن يفعل عملاؤها ذلك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES