ثقافة وفنون

«بيت من ورق» .. السرقة من جريمة إلى حب

«بيت من ورق» .. السرقة من جريمة إلى حب

ما إن يدخل أي فرد منا في دهاليز علم الجريمة حتى تشرق الكاتبة أجاثا كريستي حاملة كتبها التي تحوي بين صفحاتها قصصا وحكايات حول الجريمة، تسردها بأسلوب مشوق يجذب عشاق هذا النوع من القصص، لكن هذا الأمر لم يبق محصورا في أجاثا كريستي فقط، ثمة غيرها من الكتاب الذين أسروا في قصصهم عقل المشاهد الإجرامي، وتمخض عنهم كثير من الأعمال المميزة، مثل المسلسل الإسباني الشهير "بيت من ورق" la casa de papel، فما الذي تميز به هذا المسلسل الذي يعرض على شبكة "نتفلكس"؟ وكيف دخل إلى قلب الجمهور العربي؟
لا نسرق مال أحد
تبدأ القصة عندما يقوم رجل غامض يلقب بالبروفيسور، يلعب دوره الممثل الإسباني الفارو مورتيه بالإعداد لأكبر عملية سرقة أنجزت على الإطلاق، وذلك بتجنيد ثمانية أشخاص يدعون بأسماء حركية هي أسماء مدن عالمية، وهؤلاء الأشخاص لهم سوابق إجرامية ومطلوبون أمنيا وليس لديهم ما يخسرونه، قاموا باقتحام دار سك العملة الإسبانية وطباعة 2.4 مليار يورو، ويحتاجون لتحقيق ذلك الأمر إلى البقاء هناك 11 يوما والتعامل مع 67 رهينة ونخبة من قوات الشرطة الإسبانية، ولقد مر كثير من العبارات العميقة في المسلسل، كان أبرزها ما يردده البروفيسور "نحن لا نسرق مال أحد.. نحن نصنع مالنا الخاص"، وعلمهم مجموعة من القواعد التي ترسخت في أذهانهم طيلة المسلسل أولها "لا يجب أن يموت أي أحد من الرهائن على الإطلاق"، أما القاعدة الثانية فهي ألا يعرف أحد من العصابة اسم الآخر، ولذلك كانوا يختارون أسماء بلاد مثل برلين، وطوكيو، وريو، ودنفر.
في البداية وأنت تشاهد المسلسل ستظن أن تلك عصابة تقليدية، تخطط لسرقة بنك مركزي مكلف بطباعة الأموال في إسبانيا، لكن بعد الحلقة الثانية ستجد أن هناك هدفا آخر غامضا وراء تلك العملية، التي تتحول أمام عينك حلقة تلو الأخرى من عملية سرقة إلى نضال سياسي ضد الحكم والشرطة، ومن دون أن تشعر ستجد نفسك تقع في غرام تلك العصابة التي سطت على البنك وهم يرتدون قناعا لوجه سلفادور دالي، واحتجزوا ما يقرب من 70 رهينة.

البروفيسور .. العقل المدبر
يعد البروفيسور العقل المدبر للعملية، والثغرة التي لم يحسب لها البروفيسور حسابا هي أن يقع في الحب خلال الأيام السبعة الخاصة بعملية السرقة واحتجاز الرهائن. والأهم من ذلك هو أنه يقع في غرام الشرطية التي تتفاوض معه لإطلاق سراح الرهائن، وأن تقع هي الأخرى في حبه، فهو يتمتع بشخصية قوية، لديه وجهة نظر اقتصادية ثورية، وهو متأكد أنه لن يسرق أحدا، لأن فريقه لم يأخذ فلوس شخص من بنك ما، بل هم احتجزوا الرهائن طوال هذا الوقت، من أجل طباعة مال جديد لا يخص أحدا داخل هذا البنك، وبهذا يكون كل الفريق حصل على ملايين دون أن يسرقوا شخصا واحدا.
 لقد أكد البروفيسور لفريقه أن تلك الطباعة المالية خارج الميزانية الخاصة بالدولة، تتم طوال الوقت لمصلحة بعض رجال الأعمال ومقابل بعض المصالح والرشا، فما الفرق بين فريقه وبين رجال الأعمال ورجال الحكومة الذين يشاركون في عمليات طبع الأموال دون أن يدري عنها أحد.

المواسم السابقة
في الموسم الأول تعرفنا على تكوين فريق من اليائسين أصحاب المهارات للقيام بسرقة وعملية سطو مسلح تحت قيادة البروفيسور، الذي لا يعلم عنه أحد من طاقم الفريق، وسط عديد من القواعد والتعقيدات والدراسات يقتحم الفريق دار سك العملة الإسبانية في محاولة لطباعة المال لمدة أسبوع كامل والهرب تحت سمع وأبصار الشرطة والمخابرات والقوات الخاصة أحيانا.
وفي الموسم الثاني تعرفنا على كيفية الهرب وكيف نجحت المهمة المستحيلة رغم كل المعوقات وكل التدابير ومع موت عديد من الأبطال، ولنفاجأ بعديد من المطالبات من الجمهور بجزء جديد وعملية جديدة، ورغم صعوبة ذلك مع موت شخصيات رئيسة مثل أوسلو وبرلين، وعدم وجود دافع، إلا أن فريق العمل عمل على تحقيق هذا المستحيل وأطلق الجزء الثالث، الذي تقرر فيه عودة برلين ليكون هو المخطط للسرقة الجديدة بطريقة الفلاش باك.
أما في الجزء الثالث الذي هو عبارة عن ثماني حلقات فقط، بسبب خطأ من طوكيو يتسبب في القبض على ريو الذي يتم احتجازه وتعذيبه، وهنا يضطر البروفيسور إلى تجميع ما تبقى من الفريق تحت ضغط وتحريض طوكيو ليقوم بإنقاذ ريو، وذلك من خلال عملية سرقة كان برلين هو المخطط لها، لكن كما هي الحال دائما تنقلب الأوضاع مع دخول أفراد جدد للفريق وينتهي الموسم الثالث بنهاية تؤكد وجود جزء رابع يجري التحضير له الآن.

الحبكة والموسيقى التصويرية
أبدع المسلسل في إيجاد إثارة وحبكة متماسكة بفضل الإخراج الذي يبدو كأنه من طرف محنكين قادمين من هوليوود. خمسة مخرجين إسبان Jesús Colmenar, Alex Rodrigo, Alejandro Bazzano, Miguel Ángel Vivas, Javier Quintas كانوا وراء تحويل السيناريو إلى مسلسل يعد من أفضل الأعمال التي قدمتها إسبانيا، أما الموسيقى التصويرية فلقد كانت رائعة وممتازة ومن أجمل جوانب المسلسل.

السعودية في لقطة مميزة
في الموسم الثالث ظهرت في أحد المشاهد لمحة بسيطة من الدوري السعودي لكرة القدم، فقد قام منتجو المسلسل بإضافة اللقطة الشهيرة لجمهور الاتحاد السعودي خلال مباراته مع الشباب في دور الثمانية لكأس خادم الحرمين الشريفين في موسم 2018، التي ظهر فيها بعض لاعبي الاتحاد يتوسطهم التشيلي خوزيه سييرا المدير الفني، مرتدين أقنعة أبطال المسلسل، وجاءت تفاصيل هذه اللقطة المتداولة على نطاق واسع بظهور رئيس العصابة الملقب بالبروفيسور، وهو يشير إلى تلفاز يظهر فيه جمهور الاتحاد السعودي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون