FINANCIAL TIMES

تراجع السندات يدفع المستثمرين لطلب الحماية من الذهب

تراجع السندات يدفع المستثمرين لطلب الحماية من الذهب

اعتاد الزملاء أن يسألوا جيم لوك عن سبب ثقته الكبيرة بالذهب – مع أنه معدن يبقى في المحافظ الاستثمارية فقط، ولا يقدم أي دخل.
"الأشخاص المنخرطون في الذهب غالبا يتهمون بأنهم متفائلون بالذهب، أو مهوسون، أو غريبو أطوار"، حسبما قال متأملا مدير صندوق شرودرز، القائم في لندن، مضيفا: "كنت أتلقى من الناس أسئلة مثل ’أليس من الغريب أن يكون لديك هذا الإيمان بمعدن خامل لا يمنحك أي عائد وليست له قيمة وظيفية تذكر؟‘".
لكن الأمر أصبح مختلفا في الآونة الأخيرة. في هذه الأيام تتغير اللهجة مع تزايد المخاوف بشأن مصير الاقتصاد العالمي واستمرار عائدات السندات في الانخفاض - ما دفع إجمالي السندات التي تقدم عائدا سلبيا إلى 13 تريليون دولار تقريبا بحسب آخر إحصاء، ارتفاعا من ستة تريليونات دولار في تشرين الأول (أكتوبر)، وفقا لبيانات من "باركليز". العلاقة بين الحجم المتزايد للسندات ذات العائد السلبي وارتفاع قيمة الذهب مذهلة.
في الأوقات العادية، شراء الذهب يعني أن المستثمرين يفوتون فرصة تحقيق فائدة على الأصول الأخرى مثل السندات والأسهم، ما يطلق عليه "تكلفة الفرصة البديلة" لشراء المعدن الثمين. "الاحتفاظ بالذهب بطريقة هادفة داخل المحافظ الاستثمارية يمكن أن يكون تمرينا مكلفا على المدى الطويل" بحسب ماثيو ييتس، مدير صندوق في شركة سفن لإدارة الاستثمارات.
لكن تراجع العائدات أدى إلى محو هذه المشكلة، على الأقل في الوقت الحالي.
الذهب ينظر إليه من جهة المستثمرين على نحو متزايد بصفته أحد التحوطات القليلة القوية ضد احتمال حدوث تباطؤ في الولايات المتحدة، خاصة وسط توقعات متزايدة بأن تخفيضا إضافيا على أسعار الفائدة من طرف المصارف المركزية سيخفق في رفع النمو العالمي.
"الذهب بصفته أصلا ذا عائد صفري سيبدو أكثر جاذبية مقابل أصل من المضمون أن يخسر المال "، حسبما قال بول وونج، وهو مدير كبير سابق لمحفظة في شركة سبروت لإدارة الأصول.
المستثمرون تحولوا إلى الذهب بدلا من السندات لحماية أنفسهم من أي تراجع في سوق الأسهم الأمريكية التي تواصل تسجيل أعلى مستوياتها، وفقا لجورج ميلينج ستانلي، رئيس استراتيجية الذهب في شركة ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز.
وأضاف: "أفضل الأخبار في الأسواق المالية هو الأداء الاستثنائي لسوق الأسهم الأمريكية، لكنه أيضا الشيء الذي يجعلني أستيقظ في الثالثة صباحا متعرقا".
وتابع: "سوق السندات لا تؤدي دورا بصفتها تحوطا موثوقا به ضد ضعف الأسهم بالطريقة التي توقعها الجميع وهي لم تؤد هذا الدور بهذه الطريقة منذ عام 2008. الذهب يوفر حماية ضد ضعف الأسهم المحتمل الآن أفضل مما توفره السندات".
راي داليو، الملياردير ومؤسس صندوق التحوط "بريدجووتر أسوشيتس"، قال في تدوينة على لينكد ـ يوم الأربعاء إنه في بيئة عائد سلبي "التفكير في إضافة الذهب إلى محفظة الفرد يعمل على تقليص المخاطر وتعزيز العائد في آن معا".
بعد أن راوح سعر الذهب بين 1050 دولارا و1375 دولارا للأونصة على مدى خمسة أعوام ، اخترق هذا الحاجز ليصل إلى أعلى مستوى له في ستة أعوام فوق 1400 دولار في أواخر حزيران (يونيو).
استمر هذا الارتفاع بفضل التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، التي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها في خمسة أعوام عند 74 مليون أونصة الأسبوع الماضي، بقيمة بلغت 105 مليارات دولار. يقل هذا المستوى عن 17.7 مليون أونصة عن أعلى مستوى على الإطلاق، البالغ 92 مليون أونصة في صناديق الاستثمار المتداولة عام 2011، في أوج أزمة ديون منطقة اليورو.
"الوسطاء الذين عانوا قبل ثلاثة أشهر للحصول على عملاء لتحمل تبعات اختيار الذهب، الآن يملأون الغرف مع مشاركين مهتمين"، بحسب لوك.
تخفيض إضافي لسعر الفائدة من طرف مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر، وهو ما تتوقعه السوق، ربما يؤدي إلى دعم إضافي للذهب، من خلال تخفيض عائدات السندات وإضعاف الدولار، وذلك وفقا للمصرف السنغافوري "أو سي بي سي". الدولار القوي عادة ما يكون سيئا بالنسبة إلى الذهب لأنه يجعله أكثر تكلفة للمشترين بعملات أخرى.
بنهاية عام 2019 قد يرتفع الذهب إلى 1500 دولار للأونصة، حسبما قال المصرف هذا الأسبوع.
مع ذلك، يتعين على المستثمرين في الذهب إما دفع رسوم إدارية لشراء صناديق استثمار متداولة مدعومة بالذهب، وإما تكاليف التخزين لقبو للاحتفاظ بسبائك الذهب المادية.
روبرت جان فان دير مارك، المدير المشارك لصندوق كاميس العالمي للنمو المتنوع، قال إنه يفضل سندات الخزانة الأمريكية بصفتها ملاذا آمنا لأن تذبذب أسعارها كان أقل من الذهب وليس من الضروري دفع تكاليف التخزين.
قال: "نود أن نكافأ على ارتفاع مستوى المخاطرة وعائق تكلفة التخزين (للذهب)"، مضيفا "في الوقت الحالي نحافظ على تفضيل سندات الخزانة الأمريكية، باعتبارها العنصر الأساسي الآمن والمتنوع في محفظتنا الاستثمارية (...) على الأقل حتى تصبح أسعار الفائدة الحقيقية سالبة بهامش كبير".
لكن بين مديري صناديق الذهب، على الأقل، لا يتمتع هذا الرأي بقبول كبير.
"امتلاك الذهب على المدى الطويل لا يعني الإيمان بالذهب نفسه"، بحسب لوك، من شركة شرودرز، الذي يشارك في إدارة صندوق الذهب العالمي، الذي ارتفع 31 في المائة هذا العام. "الأمر يتعلق أكثر بالافتقار إلى الإيمان بالبدائل الأخرى، والأكثر وضوحا الإيمان باستدامة تقييمات سوق الأسهم، والأهم من ذلك الإيمان بقدرة المصارف المركزية على الحفاظ على النظام النقدي".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES