تقارير و تحليلات

1.31 مليار ريال تداولات أدوات الدين الحكومية بعد خفض القيمة الاسمية

 1.31 مليار ريال تداولات أدوات الدين الحكومية بعد خفض القيمة الاسمية

ارتفع إجمالي القيمة الاسمية للصكوك الحكومية، التي في متناول الأفراد، إلى أكثر من 146.9 مليار ريال بنهاية شهر حزيران يونيو وذلك مقارنة بـ144.2 مليار ريال بنهاية شهر أيار (مايو) الماضي.
ويشكل الـ29 إصدارا (من الصكوك الادخارية) أكثر من 50 في المائة من إجمالي أدوات الدين الحكومية المدرجة، حيث شهد الأسبوع الأخير من حزيران (يونيو) الماضي إدراج ما قيمته 2.7 مليار ريال من الصكوك الحكومية.
في حين بلغ إجمالي تداولات أدوات الدين الحكومية (في سوق الصكوك والسندات المتداولة في السوق المالية السعودية) إلى 1.31 مليار ريال، وذلك بعد خفض القيمة الاسمية للصك من مليون ريال إلى ألف ريال، وخفض رسوم الخدمات المقدمة، وذلك بدءا من التاسع من يونيو الماضي حتى الـ11 من يوليو الجاري. أي أن المتوسط اليومي لتداولات أدوات الدين الحكومية خلال الفترة المذكورة قد بلغ 52 مليون ريال.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تنفيذ عدد محدود من صفقات "الأفراد" على الصكوك الحكومية الادخارية.
يأتي ذلك في الوقت الذي يعاني فيه معظم المستثمرين الأفراد تحديات تقنية (لدى وسطاء التداول) تحول دون تمكنهم من الاستعانة بخدمات "التداول الإلكتروني"، وذلك لعدم جاهزية معظمها.
ويظهر رصد "الاقتصادية" خلال الشهرين الماضي والجاري، أنه قد تم تنفيذ صفقات للأفراد (دون العشرة)، وذلك على الاستحقاقات الطويلة الأجل (الصكوك العشرية فما فوق).
وبذلك يتشارك الأفراد وللمرة الأولى مع المستثمرين المؤهلين في امتلاك الأوراق المالية لبلادهم "وذلك ريثما يتم معالجة المشكلات الفنية في منصات التداول الخاصة بالصكوك لدى شركات الوساطة، التي تحول هي الأخرى عن حدوث مشاركة فعالة من الأفراد".
وفي الوقت الذي تم فيه تلك الصفقات بعلاوة سعرية (أي فوق القيمة الاسمية وهي 1000 ريال)، علمت "الاقتصادية" من مصدر موثوق أن بعض شركات الوساطة لا تزال "تعمل على تحديث أنظمتها" الخاصة بمنصة التداولات الإلكترونية، التي من المنتظر أن تجمع بين أسهم الشركات وأدوات الدين.
ويظهر رصد "الاقتصادية" أن أول صفقة للأفراد، بعد قرار السماح بالاستثمار بالصكوك الحكومية عقب قرار تخفيض قيمة الوحدة الواحدة من مليون ريال إلى ألف ريال، قد تمت في 20 يونيو بقيمة 1058 ريالا، وذلك على الصكوك الثلاثينية، حيث تم تسجيل الصفقة في الإغلاقات الرسمية لشركة تداول.
في حين تم تنفيذ ثاني صفقة على السندات الإسلامية الادخارية على شريحة العشر سنوات، وذلك بعلاوة سعرية بلغت 93 ريالا عن القيمة الاسمية، حيث كان الإغلاق السابق عند 1021 ريالا ولتتم الصفقة بعد ذلك عند 1093 ريالا، وذلك في سلوك سعري مشابه لسلوك "الأسهم" وأقرب ما توصف في عالم أسواق الدخل الثابت بـ"سوء تسعير" mispricing.

تباين في خدمات الوساطة
كشف رصد "الاقتصادية" لآلية تعامل شركات الوساطة المحلية مع المستثمرين الأفراد بأدوات الدخل الثابت، عن تباين في كيفية توفير خدمات الوساطة الإلكترونية، فضلا عن تسجيل بعض الحالات، التي تكون فيها رسوم التداول على الصكوك الحكومية أعلى من السابق.
وتزامن قرار السماح للأفراد بالاستثمار بالصكوك الادخارية مع بدء تطبيق تغييرات إعادة هيكلة المقابل المالي لشركات الوساطة التي تنشط في أسواق الدين السعودية.
فبعد أن تم رفع الحد الأعلى والأدنى عن عمولة الوساطة، كشف الرصد حالة مؤكدة من قبل إحدى شركات الوساطة تخبر بها العميل بدفع 25 نقطة أساس (أي ريالين ونصف) عن كل صفقة صكوك (أي عن كل ألف ريال)، وذلك في حال تنفيذها عبر الوسيط شخصيا.
وهذا الرقم أعلى من النطاق السابق (قبل التعديلات الجديدة) وهو 8 نقاط أساس. وعلى الرغم من أن تلك الرسوم العالية (التي قد تقرر شركات الوساطة تطبيقها) لا تعد بمنزلة التجاوزات، إلا أنها لا تتواكب مع أفضل الممارسات، التي تطبقها معظم شركات الوساطة في الأسواق الناشئة.
وأظهر الرصد أن شركات الوساطة، التي تعمل في أسواق الدين في البورصة الباكستانية على سبيل المثال، تتقاضى نقطتين أساس.
يأتي ذلك في الوقت الذي لم تعلن فيه جميع شركات الوساطة المحلية المتخصصة بتداولات أدوات الدين (التي لا يقل عددها عن 11 عبر مواقعهم الإلكترونية) عن تفاصيل رسوم التداول الجديدة (للأفراد) الذين سيتداولون على الصكوك الادخارية، وذلك على الرغم من أنهم قد تم منحهم فترة كافية تصل إلى أكثر من الشهرين من أجل بحث مسألة تحديد الرسوم التي يرونها مناسبة لجذب العملاء.
وقامت تداول (كجهة حكومية) بتخفيض تكلفة استثمار الأفراد بأدوات الدخل الثابت إلى مستويات تنافسية مع أسواق المنطقة، إذ تحث إرشادات حقوق المستثمر أن يكون على اطلاع مسبق بالرسوم المتباينة من شركات الوساطة.

المنحنى التعليمي
يكشف الرصد الخاص بتداولات الأفراد خلال الفترة الماضية، أنه من غير المتوقع أن تشهد السوق الثانوية (المعروف بسوق الصكوك والسندات) تداولات كبيرة على الصكوك الادخارية، وذلك لوجود ما يعرف بـ"منحنى تعليمي"، وعلى الأفراد المرور به من أجل معرفة عوالم السندات الإسلامية وما تحويه من مميزات فريدة عن الأسهم.
وتم "الإعلان" الرسمي عن قرار العمل بتخفيض القيمة الاسمية للصك إلى 1000 ريال بنهاية آخر يوم عمل في شهر رمضان، بحيث يتم "التفعيل" والعمل بهذا القرار بعد نهاية إجازة العيد، التي تلتها موسم الإجازات (ويعد هذا الأمر غير كاف لتهيئة المستثمرين الأفراد).

منتج ادخاري طال انتظاره
تقود مقارنة تاريخية للمسار التدريجي لتطور أسواق الدين إلى أن جهات الإصدار السيادية تتريث بإصدار سندات الأفراد حتى تكون الثقافة المالية كافية لتشجيع هذا النوع من الاستثمارات.
وتتفاوت مدة الجاهزية بين سوق وأخرى. فمثلا سنجد أن أول صكوك تم طرحها على مستوى العالم كانت في 1990 عن طريق الفرع الماليزي لشركة "شل" النفطية.
في حين أن أول صكوك أفراد تم طرحها في كولالمبور كان في عام 2013. أي أن ماليزيا انتظرت 23 سنة كي تقدم صكوك الأفراد لمواطنيها، وذلك بعد أن تشبع الأفراد بالثقافة المالية.
وتظهر البيانات التاريخية للصحيفة، أن تاريخ أول صكوك مقومة بالريال (في تاريخ المملكة) يعود إلى يوليو 2006 من قبل "سابك" - كانت القيمة الاسمية لإصدار الـ3 مليارات ريال تصل إلى 50 ألف ريال لكل صك- أي أن السعودية انتظرت 13 سنة من أجل أن تعرض صكوك الأفراد لمواطنيها. وهذا يعني اختصارا تقريبيا لنصف المدة التي استغرقتها ماليزيا، وهي الرائدة في أسواق الدخل الإسلامي، قبل أن تعرض صكوك "مشاريع البنية التحتية" لمواطنيها من أجل تمويل تلك المشاريع. مع العلم أن الإصدارات التي جاءت قبل 2006 - بالتحديد في 2004 كانت صكوكا دولارية صادرة من مؤسسة دولية متعددة الأطراف يقع مقرها في جدة (وهي مملوكة من أكثر من 55 دولة) -.

خلفية عن رسوم التداول
في السابق، كانت رسوم التداول توصف من قبل المراقبين بأنها مبالغ فيها، حيث تصل إلى عشر نقاط أساس "ثماني نقاط أساس تذهب للشركات المرخصة (أي شركات الوساطة) ونقطتين أساس تقسم مناصفة بين هيئة السوق المالية وتداول".
وأحد أسباب حصول الشركات المرخصة على ثماني نقاط أساس يرجع لانعدام السيولة، ما يؤدي لصفقات محدودة شهريا، ولكن مستوى التداولات الشهرية أخذ مسارا مرتفعا منذ إدراج الديون الحكومية، ما سيؤدي لتعظيم أعداد الصفقات المنفذة.

إصلاحات أبريل
في شهر أبريل الماضي تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات، التي طال انتظارها من العاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، حيث سيتضح أثرها أكبر على الأفراد، القادمين من سوق الأسهم، إلى السوق الأخرى التي تشتكي من وهن التداولات الثانوية بها.
وتم إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة لجهات الإصدار والمتداولين، فإعادة هيكلة الرسوم تعد موجهة لشريحتين. الأولى هي جهات الإصدار، وهذه التعديلات ستسهم في تخفيض الرسوم ذات الصلة بالإدراج في البورصة، وذلك بنسبة تلامس 25 في المائة، وهذا الرقم قد يزيد وينقص وفقا لعوامل متغيرة تتعلق بجهة الإصدار.
على الجانب الآخر نجد أن رسوم التداول قد تم تخفيضها لمصلحة المستثمرين، حيث تصل حصة شركة تداول ما بين نقطة أساس إلى نصف نقطة (باستثناء الحالات التي يكون فيها أي من البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا)، أي أقل من عمولة "ناسدك دبي" التي تصل إلى نقطتين أساس.

شركات الوساطة
مع ارتفاع قيمة وحدة الصك الواحد (التي تعادل 1000) - مقارنة بأسعار الأسهم -، فهذا يعني أن المعدل المتوسط لقيمة صفقات الصكوك الحكومية (للصفقة الواحدة) لكل مستثمر فرد ستكون أعلى عند مقارنتها بصفقات الأسهم. وعليه فمن الطبيعي أن تزداد رسوم تنفيذ صفقات شراء وبيع الصكوك التي تتحصل عليها شركات الوساطة.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه أعداد شركات الوساطة المالية في سوق الأسهم السعودية 30 شركة، يتفاوت هذا الرقم مع سوق الصكوك والسندات.
فبعد الرجوع إلى حميع شركات الوساطة التي نفذت صفقات شراء وبيع في السوق الثانوية (لأسواق الدين السعودية) خلال السنة الماضية والجارية، يتضح أن أعداد شركات الوساطة التي تم رصدها هي 11 شركة (من بينها خمس من صناع السوق).

عمولة التداول
في حين تم رفع الضوابط الخاصة بعمولة شركات الوساطة، وذلك عبر إزالة الحد الأدنى والأعلى والخاص بتنفيذ صفقات شراء وبيع الصكوك والسندات.
هذا يعني أن تلك الخطوة ستقود لإيجاد المنافسة بين تلك الشركات عبر تقديم رسوم منخفضة لجذب العملاء. ففي حال تنفيذ أي صفقة صكوك، تستقطع تداول حصتها من المقابل المادي، وكذلك شركة الوساطة التي تم أمر الشراء أو البيع من خلالها.

طرق التداول على الصكوك الحكومية
بخلاف شركة وساطة واحدة (وهي الجزيرة كابيتال)، التي أعلنت في بيان رسمي إمكانية تداول الصكوك عبر منصتها الإلكترونية، ففي الوقت الحالي تتوافر طريقتان لتداول الصكوك أمام الأفراد، إما بالذهاب لمقر شركة الوساطة وتقديم طلب الشراء أو البيع.
الطريقة الأخرى تكمن مع التقدم بالطلب عبر التحدث مع الوسيط هاتفيا. وينتظر قريبا أن يتم توفير خيارات واسعة لتداول الصكوك الحكومية لتصبح مشابهة لطريقة تداول الأسهم.
ومع هذا فعلى المستثمر أن يجري دراسته الخاصة للإصدارات ومن ثم يختار رموز التداول ويحدد كمية الصكوك التي يرغب فيها.

الفتوى الشرعية
في الوقت ذاته، بدأ المستثمرون الأفراد يتحدثون عن شرعية الاستثمار في الصكوك، في ظل غياب نشر الفتوى الشرعية الخاصة بالإصدار. وتظهر آلية عمل أطروحات أدوات الدين في الأسواق - التي اطلعت عليها "الاقتصادية" - أن جهات الإصدار تحصل على فتوى إجازة الاستثمار في الصكوك قبل تسويقها للمستثمرين.
ولذلك، ففتوى إجازة الاستثمار في الصكوك الحكومية قد تم الحصول عليها مسبقا. وقبل ما يقارب السنتين، قدم مكتب الدين شكره، في بيان صحافي، لمصرف الإنماء الذي ساعد المكتب على هيكلة الصكوك. مع الأخذ في عين الاعتبار، أن جهات الإصدار التي لا توجد في بلدانها هيئات شرعية مركزية خاصة بالعمل المصرفي، فإن تلك الجهات تستعين بالهيئات الشرعية للبنوك المرتبة للإصدار، وذلك من أجل تقديم المشورة الشرعية حول هيكلة الصكوك وإصدار الفتوى.
وعند النظر لإصدارات السعودية الدولارية سنجد أنها استعانت بهيكل الصكوك الهجينة نفسه، الذي يستخدم مع الإصدارات المحلية.
وتم إجازة إصدار 2017 عن طريق المجالس الشرعية لفقهاء الصيرفة، الذين يعملون لمصلحة البنوك المرتبة للإصدار، وذلك في ظل عدم وجود هيئة شرعية مركزية متخصصة للمعاملات الإسلامية في المملكة.

الهيكلة الهجينة
سميت الصكوك «الهجينة» بذلك لأنها تحتوي على مزيج من الدين (أي هيكل المرابحة) والملكية equity ويقصد بذلك هيكلة المضاربة.
وهذه هي الهيكلة التي تستعين بها المملكة مع الصكوك الادخارية. ويتم مع كل إصدار تقسيم متحصلات الإصدار إلى قسمين.
الأول مبلغ يعادل 33 في المائة من متحصلات الإصدار (أي رأس مال المرابحة)، بحيث يقوم وكيل حملة الصكوك بشراء سلع متطابقة مع الشريعة من قبل أحد وسطاء السلع (المعروف بالمورد 1)، وبعد ذلك يقوم هذا الوكيل ببيع تلك السلع للمملكة (وذلك بهامش ربح واضح وبين)، بحيث تدفع السعودية ثمن ما اشترته مع الهامش في وقت لاحق.
وقد يساعد هذا على تمويل المدفوعات الخاصة بالصكوك (فضلا عن الأرباح التي ستأتي من إيرادات مشاريع عقد المضاربة).
أما المكون الثاني من متحصلات الإصدار (لا يتجاوز 67 في المائة من إجمالي القيمة الاسمية للإصدار)، والقادم لوكيل حملة الصكوك (الذي يلعب دور رب المال لمصلحة المستثمرين) يذهب لوزارة المالية التي تعد المضارب.
وتم توقيع اتفاقيات ذات صلة بعقد المضاربة بين وزارة المالية ووكيل حملة الصكوك (رب المال)، بحيث يشتركون في حصة ملكية مشاعة في محفظة مشاريع البنية التحتية (المحفظة الاستثمارية)، التي تتولى المملكة اختيارها (أي مشاريع البنية التحتية) بحسب ما تراه مناسبا.
ويتم ذلك على أساس تقاسم الأرباح وتحمل الخسارة بالتناسب مع حصة كل منهم. وتملك المملكة، بحسب نشرة الإصدار، الحق في التنقل بالأموال الاستثمارية الخاصة بالمشاريع بين ما تراه مناسبا من مشاريع البنية التحتية (أي يمكن للمملكة أن تستبدل أصول المحفظة بأصول أخرى).
ومن أجل حفظ حقوق المستثمرين سيتم تقييم مشاريع البنية التحتية، التي سيتم استهدافها. وتملك المملكة الحق في شراء أي أصل من المحفظة الاستثمارية، ولو تم ذلك فسيتم إعادة استثمار الأموال والأرباح الناجمة من عملية البيع في أحد مشاريع البنية التحتية.
أي أن رب المال والمضارب سيتحملان المصاريف الناجمة عن هذه الاستثمارات، وذلك بحسب حصة كل واحد منهما.
وبشكل عام فإن مبلغ الربح الفائض (من المضاربة)، الذي سيظهر خلال مرحلة إطفاء الإصدار، سيذهب للمملكة. وذلك كحافز لها على إدارة محفظة الاستثمار بالبنية التحتية (بمعنى آخر أن حملة الصكوك سيتنازلون عن حقهم في تلك الأرباح (وهذا شرعا جائز).

* محلل أدوات الدين والائتمان

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات