FINANCIAL TIMES

أردوغان يصب الزيت على نار الأزمة التركية ويفاقم المخاوف

أردوغان يصب الزيت على نار الأزمة التركية ويفاقم المخاوف

قلة من خبراء المال الأتراك توقعوا أن يجدوا أنفسهم يدافعون عن مراد ستينكايا، محافظ البنك المركزي السابق في تركيا، الذي اتسمت عملية صنع السياسة خلال أعوامه الثلاثة في المنصب بكونها غير رشيدة في الغالب وغير تقليدية.
لكن إقالته في نهاية الأسبوع من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، بعد اشتباك حول وتيرة تخفيض أسعار الفائدة، أثارت غضبا شديدا.
كتب إبراهيم تورهان، نائب محافظ البنك المركزي السابق، على تويتر: "إقالة محافظ البنك المركزي بهذه الطريقة تشكل ضربة كبيرة لهيكله المؤسسي، وقدراته، واستقلاله".
طريقة رحيل سيتينكايا تعني أن المحافظ الجديد، وهو نائبه السابق مراد أويسال، يخاطر بأن ينظر إليه على أنه مدين للرئيس. حذر فيك أوزتراك، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة وعضو في حزب المعارضة الرئيس، من أن البنك المركزي بات "أسير القصر الرئاسي".
الاستغناء عن سيتينكايا أدى إلى تفاقم المخاوف العميقة أصلا بين المستثمرين بشأن هيمنة أردوغان على جميع مجالات السياسة الحكومية، بما في ذلك الإدارة الاقتصادية.
يخشى بعضهم الآن أنه إذا واجه المحافظ الجديد ضغوطا من أجل تخفيض أسعار الفائدة بقوة، فقد تتجه تركيا لتكرار أزمة العملة في الصيف الماضي التي قضت على 30 في المائة من قيمة الليرة التركية في عام 2018، وتسببت في ارتفاع التضخم، وأحدثت حالة من الركود الاقتصادي. يقول محللون إن هذا سيكون أكثر إيلاما في الجولة الثانية، خاصة بالنسبة للشركات التركية المثقلة بديون بالعملات الأجنبية ولمقرضيها أيضا.
قالت سيلفا ديميرالب، أستاذة الاقتصاد في جامعة كوج في إسطنبول: "إذا تضررت من خلال صدمة سعر صرف أخرى بينما الاقتصاد أصلا في حالة ركود، فإن هذا سيحد بشكل كبير من قدرتك على سداد ديونك. نحن لم نحل الأزمة الأولى بعد. تخفيض أسعار الفائدة مرة أخرى سيزيد الأمور سوءا".
عندما تم تعيين سيتينكايا محافظا للبنك المركزي التركي قبل ثلاث سنوات، كان ينظر إليه على نطاق واسع على أنه خادم لبيرات البيرق، صهر أردوغان القوي، الذي أصبح العام الماضي وزيرا للخزانة والمالية.
بسبب تعرضه للضغط من جانب أردوغان - المعارض لارتفاع أسعار الفائدة – واجه سيتينكايا انتقادات من المستثمرين لعدم استجابته بسرعة كافية إلى الانخفاضات الحادة في الليرة.
عندما هبطت العملة في آب (أغسطس) الماضي، انتظر البنك ستة أسابيع قبل أن يرفع سعر فائدته القياسي إلى 24 في المائة.
على الرغم من انزعاج المستثمرين من الأساليب غير التقليدية الأخرى، وأبرزها الجهود التي يبذلها البنك لإخفاء تآكل احتياطياته من العملات الأجنبية، إلا أنهم أشادوا بسيتينكايا لحفاظه على سعر الفائدة الرئيس معلقا منذ أيلول (سبتمبر). انخفض التضخم إلى 15.7 في المائة الشهر الماضي، في حين تقلص العجز الكبير في الحساب الجاري بشكل كبير.
لكن وراء الكواليس كانت التوترات تتصاعد. كان محافظ البنك المركزي في صدام متزايد مع البيرق، وفقا لعدة أشخاص على دراية بالوضع. كان وزير المالية بمنزلة مبعوث للرئيس، الذي لم يره سيتينكايا وجها لوجه منذ عام تقريبا قبل إقالته.
أثار سيتينكايا غضب وزير المالية برفضه تخفيض أسعار الفائدة في الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية في حزيران (يونيو). تشاجرا مرة أخرى حول خطط الاجتماع المقبل، في أواخر تموز (يوليو)، عندما كان سيتينكايا مستعدا لتخفيض أسعار الفائدة - لكن ليس بالقدر الذي أراده البيرق. وكان أردوغان قد حذر الشهر الماضي من أن أسعار الفائدة المرتفعة "تضر" تركيا ووعد بإيجاد "حل نهائي" قريبا.
بعد أقل من ثلاثة أسابيع، تم طرد سيتينكايا - الذي رفض الاستقالة. قال خبراء قانونيون إن طريقة الإقالة، بموجب مرسوم رئاسي، غير قانونية.
لم يستجب متحدث باسم وزارة المالية لطلب التعليق. لكن أردوغان أكد تقريبا الخلاف حول أسعار الفائدة في اجتماع لنواب الحزب الحاكم يوم السبت، وفقا لصحيفة "حريت" التركية.
ليس من الواضح كيف سيكون أداء المحافظ الجديد. وصف أحد الخبراء الماليين الأتراك أويسال التنفيذي السابق في بنك هالك المملوك للدولة بأنه "ذكي"، لكنه عبر عن قلقه بشأن قدرته على الوقوف في وجه الحكومة. وقال آخر إن لقبه - وهو ما يعني "الوديع" أو "المرن" باللغة التركية - كان تمثيلا عادلا لشخصيته. ويقال إنه دعا إلى تخفيض سعر الفائدة في الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية.
يشعر المستثمرون بالقلق من أن أويسال سيواجه الآن ضغوطا لتخفيض أسعار الفائدة بصورة حادة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل في 25 تموز (يوليو) - وهي خطوة يرون أنها ستفاقم المشاكل العميقة في الاقتصاد. قال عباس أميلي ريناني، مدير محفظة استثمارية لدى شركة أموندي لإدارة الأصول: "ستؤدي هذه الخطوة إلى إضعاف العملة بشكل أكثر".
من جانبه، يخشى بول ماكنمارا، مدير صندوق لدى مجموعة جي آي إم GAM، أن يكون أردوغان مصمما على مواصلة سياسة تحقيق "النمو بأي ثمن". وحذر قائلا: "إذا كانوا سيجربون تقصير فترة الركود من خلال محاولة تكديس مزيد من القروض في اقتصاد ضعيف، فهذا هو السيناريو الذي يمكن أن تسير فيه الأمور بشكل خاطئ للغاية في تركيا".
تأتي الاضطرابات في البنك المركزي في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لتسلم نظام دفاع جوي روسي من طراز إس-400، ينطوي على مخاطر مواجهة عقوبات أمريكية وإثارة قلق الأسواق المالية.
قال دورماس يلماز، محافظ البنك المركزي السابق ونائب رئيس حزب الخير المعارض، إن أويسال أمامه طريق صعب للغاية. "إذا أراد التصرف بشكل مختلف عن رغبات الحكومة، فإن مصيره لن يكون مختلفا عن سيتينكايا".
 

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES