FINANCIAL TIMES

الأسواق تضغط لحمل «الفيدرالي» على تخفيض أسعار الفائدة

الأسواق تضغط لحمل «الفيدرالي» على تخفيض أسعار الفائدة

تبدو الأسواق مقتنعة بأن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل. الأسئلة الوحيدة التي يناقشها المستثمرون الآن هي إلى أي مدى سيخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في تموز (يوليو) – وإلى أي مدى ستنخفض في نهاية المطاف.
جان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في جولدمان ساكس، الذي تحدى منذ فترة طويلة الإجماع من خلال التنبؤ بأن الاحتياطي الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة على حالها، يتوقع الآن تخفيضين في عام 2019 على أساس تلميحات من رئيس مجلس إدارة البنك، جاي باول، وزملائه الذين يحددون الأسعار.
في الوقت نفسه، سوق العقود الآجلة للأموال الفيدرالية، التي تسمح للمتداولين بالرهان على اتجاه أسعار الفائدة الأمريكية، تحتسب ثلاثة تخفيضات بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منها بحلول نهاية العام، ابتداء من تموز (يوليو). مراكز العقود الآجلة باليورو والدولار، وهي عقود شائعة أخرى للمراهنين على أسعار الفائدة الأمريكية، هي الآن في أعلى مستوياتها منذ ذروة الأزمة الأوروبية في عام 2012، ما يعني اقتناعا قويا بأن تسهيل السياسة النقدية قريب تماما.
قال جريجوري بيترز، الذي يدير محفظة في PGIM للدخل الثابت "أنا لا أرى حجة تدعو إلى تخفيض أسعار الفائدة، لكن اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في حزيران (يونيو) كان النتيجة الأكثر حمائمية التي كان من الممكن أن نحصل عليها دون تخفيض فعلي لأسعار الفائدة. الأسواق تضغط على الاحتياطي الفيدرالي، والاحتياطي الفيدرالي يستجيب".
هذا يثير سلسلة من الأسئلة الشائكة. ماذا سيحدث إذا امتنع صناع السياسة عن تخفيض أسعار الفائدة؟ وإذا خفضها الاحتياطي الفيدرالي فعلا، فهل ستنخفض بمقدار ربع النقطة المئوية المعتادة، أم بمقدار نصف نقطة مئوية أكثر حسما؟
وعلى افتراض أن البنك المركزي قرر فعلا تخفيض أسعار الفائدة، هل سيكون هذا خطوة احترازية لدعم النمو في الوقت الذي يمر فيه بحالة من الضعف، أم هل سترسخ المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد، ما يدفع الأسواق إلى الضغط على الاحتياطي الفيدرالي من أجل دورة كاملة من تخفيض أسعار الفائدة؟
ليس الجميع مقتنعين بأن أسعار الفائدة المنخفضة أمر مفروغ منه. يشير المتشككون إلى أنه في حين أن البيانات الاقتصادية مالت إلى الضعف خلال السنة الماضية وأن التوترات الاقتصادية الناشئة تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، إلا أنه ليست هناك أمور تذكر لكي تثير النذير فعلا لدى المسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي. معدل البطالة الآن عند أدنى مستوياته منذ نصف قرن، وأسعار الفائدة – في النطاق المستهدف بين 2.25 و2.5 في المائة – بالكاد هي أعلى من معدل التضخم الرئيس في الولايات المتحدة.
على افتراض أن هذه الأرقام لن تتدهور بشكل ملحوظ، فمن المعقول أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي ضد خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل. ولا يزال أكثر من نصف صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي لا يتوقعون أي تخفيضات في عام 2019، ومعظم الحمائم لا يمكنهم التصويت هذا العام. كان ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قد أكد سابقا أن البنك المركزي "لا يمكن تقييد يديه" من قبل الأسواق.
لكن يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي وضع نفسه في وضع صعب. بالنظر إلى الثقة الثابتة بأن السياسة السهلة آتية الآن، يمكن أن تعاني الأسواق من صدمة حادة – مماثلة للاضطراب الذين شهدناه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي – في حال تمسك البنك المركزي بموقفه.
نانسي ديفيز، كبيرة الإداريين الاستثماريين في شركة كوادراتيك لإدارة رأس المال التي يوجد مقرها في كونيتيكيت، حذرت قائلة "ستكون هناك كثير من التقلبات"، مشيرة إلى أن "السوق تسرعت في احتساب تخفيضات أسعار الفائدة".
ويبدو أن البنك المركزي نفسه كان ينشئ حجة لصالح ما يصفه خبراء الاقتصاد بأنه تخفيضات أسعار الفائدة "التأمينية"، لتجاوز فترة من اللبس. في نيسان (أبريل) أشار كلاريدا إلى أن البنك المركزي خفض أسعار الفائدة في عامي 1995 و1998، على الرغم من عدم وجود ركود في الأفق.
كان هذا هو الأساس المنطقي لجيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، للتصويت من أجل تخفيض أسعار الفائدة في حزيران (يونيو) "لتوفير التأمين ضد مزيد من الانخفاضات في التضخم المتوقع وتباطؤ الاقتصاد الخاضع للمخاطر السلبية المرتفعة".
صحيح أن باول صوت لصالح إبقاء أسعار الفائدة ثابتة، لكنه يبدو أيضا متقبلا للحجة. قال في مؤتمر صحافي "درهم وقاية خير من قنطار علاج".
ثم يصبح السؤال ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيختار تخفيضا قويا في أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، كما يتوقع عدد من المستثمرين والاقتصاديين الآن. تشير الأسواق المالية إلى أن ذلك سيكون البداية فقط، حيث يتم احتساب ما لا يقل عن نقطة مئوية كاملة من أسعار الفائدة خلال العام المقبل، أو نحو ذلك.
ما يشجع الاحتياطي الفيدرالي أن العقود الآجلة لأسعار الفائدة تشير إلى أن المتداولين يعتقدون أن هذا سيكون كافيا لدعم الاقتصاد، ما يؤدي إلى تجديد زيادات أسعار الفائدة اعتبارا من عام 2021، وذلك وفقا لمورجان ستانلي. الابتهاج الذي تشعر به سوق الأسهم الأمريكية، التي سجلت رقما قياسيا عاليا يوم الجمعة أثناء التداولات اليومية، تشير إلى أن مستثمري الأسهم يرون أيضا أن الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من عرقلة الركود.
لكن سيكون عليه السير بحذر، بين إعطاء الأسواق تخفيضات أسعار الفائدة التي تتوق إليها، وبين إثارة فزعها من خلال إرسال إشارات كئيبة فوق الحد بشأن الاقتصاد العالمي.
هامش الخطأ ضئيل، كما حذر مارك هايفيله، كبير الإداريين الاستثماريين في "يو بي إس" لإدارة الثروات. قال: "منذ عام 2009 أثبت الاحتياطي الفيدرالي أنه ناجح بشكل عام في التوجه صوب الطريق الصحيح، لكننا نشعر بالحذر من أن نتخذ مركزا يفترض الكمال".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES