FINANCIAL TIMES

جامعات أمريكية تعيد النظر في علاقاتها البحثية مع الصين

جامعات أمريكية تعيد النظر في علاقاتها البحثية مع الصين

أعادت جامعات أمريكية كبرى النظر في شراكاتها الأكاديمية مع شركة الذكاء الاصطناعي الصينية "آي فلاي تيك" iFlytek، وهي أحدث الخسائر الناشئة عن برود العلاقات الصينية - الأمريكية وصرخة احتجاج على معاملة الصين للمسلمين غربي البلاد.
ويعكف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حاليا على النظر في شراكة بحثية مدتها خمس سنوات بين أكبر مختبر له و"آي فلاي تيك"، التي تبني تكنولوجيا التعرف على الصوت وتحليله التي تزود بها العملاء بما في ذلك الشرطة الصينية، وفقا للشركة.
من ناحية أخرى، قطعت جامعة روتجرز في وقت سابق من هذا العام شراكة مضى عليها خمس سنوات مع "آي فلاي تيك" ـ بدأت في نيسان (أبريل) 2017. وقالت الجامعة إن الأستاذ الذي أشرف على الشراكة في معمل كبير للبيانات، في إجازة تفرغ. شراكة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مع "آي فلاي تيك" التي بدأت في حزيران (يونيو) العام الماضي، تتضمن تمويلا لثلاثة مشاريع قيد التنفيذ في مجال تعلم الآلة "غير الخاضعة للإشراف"، وهي تكنولوجيا تجهز الآلات للتعلم دون الحاجة إلى تحميل مسبق لكميات هائلة من البيانات.
قالت "آي فلاي تيك" أن أعضاء برنامج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لم يكونوا متاحين للتعليق بسبب "الفترة الحساسة" الحالية في العلاقات الصينية - الأمريكية، لكن المتحدث باسم الشركة قال إن الإدارات المعنية في الجامعة تنظر في الشراكة.
دانييلا روس، مديرة مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو أكبر مختبر للأبحاث في الجامعة، دافعت عن الشراكة، قائلة إن ثمار البحث ستتم مشاركتها في المنشورات العلمية العامة، فضلا عن المساعدة في التخطيط الاستراتيجي في "آي فلاي تيك".
قالت: "إننا نقدم فائدة كبيرة للشركات من خلال إظهار ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب. هذا أمر مهم لأنه يسمح لهم برؤية مزيد مما هو في المستقبل".
معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لم يعلق على حالة الشراكة. وسبق أن قطعت الجامعة، وهي واحدة من أكبر المؤسسات الأكاديمية في العالم، علاقاتها مع "هواوي " و"زد تي إي"، وهما شركتان صينيتان لمعدات الاتصالات تعرضتا لضغوط من الحكومة الأمريكية في وقت سابق من هذا العام. في ذلك الوقت، قالت الجامعة إنها ستشدد عملية الفرز لمقترحات التعاون من الصين وهونج كونج.
وتعد "آي فلاي تيك" واحدة من حفنة من شركات التكنولوجيا الصينية التي يطلق عليها اسم "الأبطال الوطنيين" في الذكاء الاصطناعي بسبب برمجياتها في التعرف على الكلام والترجمة. وتبلغ القيمة السوقية للمجموعة المدرجة في شنزن 62 مليار رنمينبي (تسعة مليارات دولار) وقد أنفقت 251 مليون رنمينبي على البحث والتطوير العام الماضي - أكثر من ضعف صافي أرباحها البالغة 125 مليون رنمينبي. وقيل إنها واحدة من مجموعة شركات تدرس إدارة ترمب إضافتها إلى قائمة التصدير السوداء الخاصة بها.
في الصين، يتم استخدام منتجات الشركة في تطبيق تدابير "الأمان الذكي" ذات التكنولوجيا العالية. ويستخدم برنامج "آي فلاي تيك" للتعرف على الصوت من قبل الشرطة في التحقيقات والاستجوابات، كما أنه يساعد مع برنامج لوزارة الأمن العام على بناء قاعدة بيانات وطنية لأنماط الصوت، وفقا لوثائق المشتريات وبيانات الشركة.
قالت إلسا كانيا، وهي خبيرة في التكنولوجيا العسكرية الصينية وعضوة في مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث في واشنطن، إن الشراكة الأكاديمية أثارت مسألة "ما إذا كانت هناك أي عملية لمراجعة أخلاقية مطبقة" في الجامعات.
وأضافت: "أستطيع أن أرى، إذا كان هناك بحث مشترك يرتبط مباشرة بقدرات الشرطة أو يعززها، كيف يثير ذلك أسئلة صعبة عليهم". وتابعت "لم يجر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عملية عامة أو شفافة حول كيفية تحديد نطاق ذلك".
وتسعى "آي فلاي تيك" حاليا إلى جمع ما يراوح بين 300 مليون دولار و350 مليونا للاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة لتعزيز نظامها البيئي المحلي في مواجهة المخاوف بشأن نية الولايات المتحدة فرض "ستارة حديدية" رقمية بينها وبين الصين.
قالت مايا وانج، باحثة في منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" في هونج كونج، على الرغم من أن جمع واستخدام البيانات الصوتية في تطبيق القانون أمر شائع في عديد من البلدان، إلا أن افتقار الصين لتشريعات الخصوصية ذات الصلة تجعل عمل "آي فلاي تيك" مع الشرطة الصينية يمثل إشكالية، ولا سيما في مناطق مثل أقصى غربي شينجيانج حيث يضطر الناس في كثير من الأحيان إلى تقديم عينات بيولوجية للشرطة. واحتجزت بكين أكثر من مليون من الإيجور، وهي جماعة عرقية مسلمة تنتمي إلى المنطقة.
وقالت وانج: "في سنجان، أخبرنا المسلمون الأتراك أنهم عندما يتقدمون بطلبات للحصول على جوازات سفر، يطلب منهم التحدث في ميكروفون". وتابعت "إذا كانوا يعرفون كيف يقرؤون فيتم إعطاؤهم صحيفة ليقرؤوها، وإذا كانوا لا يعرفون القراءة يطلب منهم أداء أغنية أو سرد قصة. قالوا لنا إنهم لا يملكون خيارا سوى الامتثال للأوامر".
وتنقسم الأوساط الأكاديمية حول ما إذا كان ينبغي السماح لمناقشات أخلاقيات التكنولوجيا والسياسة بالتأثير في الشراكات البحثية.
دي كاي، عالم كمبيوتر في جامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا وعضو هيئة التدريس في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، قال ينبغي حماية الشراكات البحثية الأساسية من الضغوط الجيوسياسية، طالما أنها لا تساعد بشكل مباشر على تطوير منتجات غير أخلاقية.
مع ذلك، يعتقد آخرون أن هناك حدودا لهذه الشفافية. قال أليكس جوسكي، باحث يدرس الحزب الشيوعي الصيني في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية: "نحن لا نتساهل مع الخطابات العدائية، وبالمثل لا ينبغي لنا أن نتساهل مع الشراكات التي تضر بالأمن القومي أو تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES