تقارير و تحليلات

144.2 مليار ريال قيمة الصكوك الادخارية المتاحة لتداول الأفراد محليا

 144.2 مليار ريال قيمة الصكوك الادخارية المتاحة لتداول الأفراد محليا

جاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد، وذلك ابتداء من الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة في دعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد بالصكوك أمرا ممكنا، بعد تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال (مقارنة سابقا بمليون ريال). وبذلك تصبح السعودية الدولة الثانية بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تتيح صكوك الادخار لمواطنيها بعد البحرين (2015).

اهتمام متزايد
منذ أن شرعت الدولة في تدشين برنامج الصكوك في منتصف 2017، لاحظنا اهتماما متزايدا من شرائح المجتمع حول ماهية الصكوك وكيفية الاستثمار بها.
وبعد مرور ما يقارب السنتين من الإصدارات الشهرية الحكومية المتوالية، أصبح المجال مفتوحا أمام الأفراد للاستثمار بتلك الأوراق المالية. إلا أن مجال الاستثمار سيكون مقصورا على نوع واحد من الإصدارات الحكومية (من بين ثلاثة أنماط من الأدوات التي تمت الاستعانة بها في سياق الاستدانة المحلية).

قيمة الصكوك التي في المتناول
إذا استثنينا أدوات الدين الحكومية غير المدرجة بسبب عدم شرعية تداول ديون المرابحات، تصبح القيمة الإجمالية لإصدارات أدوات الدين الحكومية بشقيها من السندات والصكوك 287.9 مليار ريال (91.6 في المائة من حجم السوق).
ولكن قرار تخفيض القيمة الاسمية لم يشمل إدراجات السندات (بشقيها الفائدة الثابتة والمتغيرة) التي جاءت تحت برنامج السندات الذي أداره البنك المركزي (ساما) في 2015 وتوقف في 2016.
وعليه فالقرار يخص جميع إصدارات الصكوك التي ابتدأت منتصف 2017 وتشمل 29 إصدارا حتى الآن. وبعد الرجوع لنشرة إصدار أدوات الدين الدولارية، نجد أن هناك تنويها بشأن القيمة الإجمالية لإصدارات السندات المقومة بالريال. حيث يتضح عند مقارنة الأرقام المذكورة بنشرة الإصدار وما تم إدراجه بتداول أن 73 في المائة من إجمالي السندات السيادية قد تم إدراجها (و27 في المائة لم تدرجها وزارة المالية بالبورصة المحلية).
ووفقا لحساباتنا فإن القيمة الإجمالية للصكوك الحكومية (أي الـ29 إصدارا) التي ستكون في متناول الأفراد هي 144.2 مليار ريال، وهذا الرقم الذي يتزايد بشكل شهري يشكل 50 في المائة من إجمالي أدوات الدين الحكومية المدرجة. وهذه القيمة الإجمالية لإجمالي ما تم إصداره تأتي وفقا لإغلاق "سوق الصكوك والسندات" بتاريخ 30 مايو 2019.

ديون المرابحات
كخلفية عامة يصل عدد أدوات المرابحات الحكومية إلى عشر أدوات، وذلك بقيمة إجمالية تصل إلى 25.5 مليار ريال. وجميع تلك الإصدارات غير مدرجة. حيث من المتعارف عليه عدم تداول الصكوك التي تقوم هيكلتها بالكامل على عقد المرابحة أو حتى عقود التمويل القائمة على عقد المرابحة (وهو ما ينطبق على المرابحات الحكومية).
وباستثناء ماليزيا وبعض الدول القليلة، فهناك تحفظات شرعية حول تحريم تداول ديون المرابحات. أما إذا كانت هناك نية لتداول المرابحات، فلابد من تقديم "تداول" ضمانات تؤكد فيه أن هذه الأوراق المالية سيتم تداولها بالقيمة الاسمية.
ولكن في العادة عندما يكون هناك تداول، فإن ذلك يعني أنه سيكون هناك ارتفاع وانخفاض في قيمة هذه الأوراق المالية، ولو تحقق ذلك فهذا يعني أننا نتداول الديون، وهذا ما تحرمه الشريعة.

الأفراد لن يدفعوا الزكاة
بخلاف ما يجري مع بعض الدول الأخرى عندما يضطر الأفراد لدفع ضرائب على الأرباح المتحصلة من الدفعات الدورية للسندات الحكومية، فإن الدولة تكفلت بتحمل الزكاة على الصكوك الحكومية التي تصدرها وزارة المالية محليا (المقومة بالريال السعودي).
مع العلم أن الزكاة ستكون مقتصرة على العوائد السنوية لأدوات الدين (التي يتسلمها المستثمرون) وليس على قيمة الإصدار ككل.
وجاء تحمل الدولة للزكاة المترتبة على الصكوك ليعزز الاستثمارين المحلي والدولي فيها (وهذه المسألة تحظى بأهمية كبرى لدى المستثمرين؛ لأنها تؤثر في نسبة ما يتحصلون عليه من الأرباح الدورية للصكوك).
ويتماشى ذلك التوجه مع وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي التي كان من أهم مبادراتها معالجة المعاملة الزكوية، وطريقة الاحتساب، وكذلك ضريبة الاستقطاع الخاصة بأدوات الدين.

تحفيز الاستثمار بالصكوك الحكومية
ومن المتوقع أن تسهم تلك الإصلاحات الاقتصادية مجتمعة في تحفيز المستثمرين (من الشركات والأفراد) في زيادة استثماراتهم بأدوات الدين الحكومية. هذا الأمر بدأ جليا مع القفزة الاستثنائية في طلبات الاكتتاب للصكوك الحكومية التي تمت ملاحظتها منذ نوفمبر من السنة الماضية.
فلو نستعين بلغة الأرقام فسنجد أن أحجام التغطية عندما تم طرح الصكوك الحكومية في 2017 كان يصل لأكثر من ثلاث مرات (وهذا طبيعي لكون هذا الطرح الحكومي الأول لمثل هذه الأدوات) ثم تقلصت مع توالي الإصدارات إلى مرة واحدة.
ولكن مع بداية تعيين المتعاملين الأوليين في يوليو 2018 بدأنا في ملاحظة وجود ارتفاع تدريجي على طلبات الاكتتابات، وهذا الأمر أدى إلى حدوث تغطية تصل إلى ثلاث مرات لإصدار شهر نوفمبر، وذلك لأول مرة خلال السنة الماضية.
وتعد البنوك السعودية من كبار المستثمرين بأدوات الدخل الثابت، وذلك في ظل المنهجية التي رسمها مكتب الدين العام، بحيث يشكل الدين المحلي نسبة 65 في المائة والخارجي 35 في المائة، مع 10 في المائة بالزيادة أو النقصان.

خفض القيمة الاسمية للصكوك
تأتي هذه الأرقام بعد موافقة السوق المالية السعودية «تداول» على الطلب المقدم من وزارة المالية لتخفيض القيمة الاسمية للصكوك المحلية المدرجة الصادرة عن حكومة المملكة، وذلك نتيجة لتغيير القيمة الاسمية من مليون ريال إلى ألف ريال.
ووفق بيان لـ"تداول"، فإنه تم تغيير القيمة الاسمية للصكوك من مليون ريال إلى ألف ريال للصك دون تغيير في حجم الإصدار لعدد 29 إصدارا.
وأعلن مكتب إدارة الدين العام بوزارة المالية السعودية في أبريل الماضي تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الصادرة عن حكومة المملكة ضمن برنامج إصدار الصكوك المحلية بالريال السعودي، وذلك من قيمة اسمية سابقة مقدارها مليون ريال للصك إلى قيمة اسمية جديدة تبلغ ألف ريال، وفي الوقت ذاته أعلنت كل من شركة السوق المالية السعودية «تداول» وشركة مركز إيداع الأوراق المالية «إيداع» عن إعادة هيكلة المقابل المالي للخدمات المقدمة في سوق الصكوك والسندات.
وتشمل هذه التغييرات بالنسبة لمصدري الصكوك والسندات: تخفيض المقابل المالي المتعلق بخدمة إنشاء سجل مالكي الأوراق المالية، الذي تتقاضاه شركة إيداع من 50 ألف ريال كرسم ثابت، وريالين عن كل مكتتب كرسم متغير، إلى عشرة آلاف ريال كرسم ثابت فقط، ويعفى مصدر الصك والسند عن الرسم المتغير. ويطبق هذا القرار على جميع الإصدارات المدرجة فقط.
كما جرى تخفيض المقابل المالي السنوي المتعلق بخدمة إدارة سجل مالكي الورقة المالية للصكوك والسندات، الذي تتقاضاه شركة إيداع من 100 ألف ريال، إلى 20 ألف ريال. ويطبق هذا القرار على جميع الإصدارات المدرجة فقط.
وذلك علاوة على تخفيض الحد الأدنى للمقابل المالي السنوي الذي تتقاضاه شركة تداول لإدراج الصكوك والسندات من 30 ألف ريال إلى عشرة آلاف ريال عن كل إصدار أول، إضافة إلى تخفيض الحد الأدنى للمقابل المالي السنوي، الذي تتقاضاه شركة تداول لإدراج الصكوك والسندات من 30 ألف ريال إلى خمسة آلاف ريال عن كل إصدار تالٍ.
وإضافة حد أقصى للمقابل المالي السنوي، الذي تتقاضاه تداول لإدراج الصكوك والسندات عن كل إصدار أول وقدره 50 ألف ريال.
كذلك إضافة حد أقصى للمقابل المالي السنوي، الذي تتقاضاه تداول لإدراج الصكوك والسندات عن كل إصدار تالٍ وقدره 25 ألف ريال.
أما بالنسبة لأعضاء السوق والمستثمرين فستشمل التغييرات: رفع الضوابط عن المقابل المالي، الذي تتقاضاه شركات الوساطة لتنفيذ صفقات شراء وبيع الصكوك والسندات بما في ذلك إزالة الحد الأدنى، الذي يعادل 500 ريال، إضافة إلى إزالة سقف العمولة كجزء من محاولات تحفيز المنافسة فيما يخص خدمات التداول المقدمة من قبل شركات الوساطة.
وتخفيض عمولة تداول الصكوك والسندات من 2 نقطة أساس إلى 1 نقطة أساس من القيمة المتداولة، فضلا عن خفض عمولة تداول الصكوك والسندات بمقدار 0.5 نقطة أساس لكل من البائع والمشتري حتى 31 ديسمبر 2021، باستثناء الحالات، التي يكون فيها أي من البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا.
وذلك علاوة على إضافة مقابل مالي سنوي جديد على أعضاء السوق لخدمات الحفظ لشركة إيداع يعادل 0.4 نقطة أساس من القيمة الاسمية لأدوات الدين المحفوظة للإصدارات المدرجة فقط، وذلك لدعم أنشطة السوق الثانوية، بما في ذلك مزاولة نشاطات التمويل مثل إقراض الأوراق المالية واتفاقات إعادة الشراء بهدف تعظيم العائد على الأصول واسترداد تكلفة قيمة الموجودات.

* محلل أدوات الدين والائتمان

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات