FINANCIAL TIMES

الصين .. جوانب القصور في التعليم عبر الإنترنت تبدأ بالظهور

الصين .. جوانب القصور في التعليم عبر الإنترنت تبدأ بالظهور

كيلي كانج، أم من بكين، تعلمت بعض الدروس عندما سجلت ابنتها البالغة من العمر سبعة أعوام في دورس اللغة الإنجليزية عبر الإنترنت مع معلمة في كندا.
ابنتها لم تحب طريقة التدريس وعانت عدم وجود ضغط الصفوف الدراسية من أجل التعلم. في الوقت نفسه، وجدت كانج نفسها تتعرض للإزعاج من مندوب مبيعات كان حريصا على أن توصي آخرين بالخدمة. في النهاية أوقفت الدروس بعد عام.
خلال العقد الماضي أصبح التعليم عبر الإنترنت صناعة كبيرة في الصين، مع 200 مليون مستخدم ومبيعات بلغت 36.5 مليار دولار في العام الماضي، حسبما أفاد مركز معلومات شبكة الإنترنت الصيني، وهو وكالة حكومية.
شركات مثل "في أي بي كيد" VIPKID، وهي أكبر لاعب في هذا المجال، و"دا دا" DaDa تعين معلمي لغة إنجليزية من الولايات المتحدة وأماكن أخرى وتربطهم عبر الإنترنت مع الأطفال الصينيين.
جمعت هذه الشركات مئات الملايين من الدولارات من مستثمرين كبار، مثل "تنسنت" و"سيكويا" و"تايجر جلوبال"، على وعد ببيع التعليم إلى ملايين من الأمهات الصينيات الحازمات Tiger Moms، مثل كانج التي تريد منح أطفالها أسبقية على أقرانهم.
لكن جوانب القصور في هذا الأنموذج بدأت بالظهور. مع عدم وجود حواجز أمام الدخول، تدفق عدد من المنافسين منهم "جوجو كيد" Gogokid، المدعومة من شركة التكنولوجيا العملاقة "بايتي دانس" ByteDance و"هوجيانج" للتعليم والتكنولوجيا، إلى السوق، ما أجبر الشركات الأقدم على ممارسة لعبة مألوفة في مجال التكنولوجيا الصينية – إنفاق النقود للفوز بحصة سوقية مع مسارات غامضة فقط إلى الربحية.
في الوقت نفسه، يشعر الزبائن الحاليون بأنهم يتعرضون للمضايقة من تكتيكات المبيعات القوية، في الوقت الذي يعيد فيه المستثمرون تقييم ما يرون أنه الحجم الحقيقي للسوق.
أكبر عيب في أنموذج الأعمال هو التكلفة المرتفعة للاستحواذ على الزبائن، وذلك وفقا لتنفيذيين سابقين في شركات تكنولوجيا التعليم ومستثمرين.
استنادا إلى مسؤولة تنفيذية سابقة في شركة DaDa، متوسط ما تنفقه العائلة التي تتعامل مع إحدى الشركات الكبيرة يبلغ عشرة آلاف رنمينبي (1400 دولار)، بعد عام من التسجيل. لكن مقابل ذلك الشركات عادة ما تنفق ما بين ثمانية آلاف و15 ألف رنمينبي على الدروس التجريبية، ومكافآت للعائلات والمعلمين، وعمولة مندوبي المبيعات، وغير ذلك.
تكلفة الحصول على زبائن تفوق الإيرادات المتولدة، ما يترك الشركات تكافح لتحقيق الأرباح. قال توبي ماذر، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة لينجومي، الذي أجرى أبحاثا حول القطاع في الصين قبل تأسيس شركته الخاصة: "مع مرور الوقت، قدرة الشركات على زيادة حجم الزبائن انخفضت الآن بشكل كبير".
إحدى المشكلات الرئيسة هي أن خدمات تكنولوجيا التعليم، وفقا لأحد مستثمري التكنولوجيا في بكين "مكلفة فعلا لمعظم الصينيين العاديين". هذا مصدر قلق ملح للغاية في الأجزاء الأقل ثراء من البلاد التي يتم استهدافها الآن من قبل الشركات التي تحاول توسيع السوق. في شيجياتشوانج، درس ابن وينديا يانج مع شركة VIPKID لمدة عام عندما كان في العاشرة من عمره. دفعت نحو 170 رنمينبيا مقابل درس لمدة 25 دقيقة، ومبلغا آخر مقدما 21760 رنمينبيا مقابل 128 درسا – يعادل تقريبا 10 أشهر من الدخل المتاح للشخص العادي في مدينتها. قالت يانج: "هذه الخدمة مكلفة للغاية للأطفال في شيجياتشوانج، على الرغم من أننا نستطيع تحملها".
لكن مثل المستخدمين الآخرين، وجدت نفسها محاصرة من قبل مندوبي مبيعات ملحاحين "لترويج إعلاناتهم"، وترويج شركة VIPKID لأصدقائها. قال ماذر: "مندوبو مبيعات شركات تكنولوجيا التعليم يمارسون مزيدا من الضغط على الزبائن الحاليين لإحالة زبائن جدد، لكن إذا قدمت حوافز كبيرة – كما هو شائع في الصين – فإن فرصة الحصول على زبائن ذوي جودة سيئة (العملاء الذين من غير المرجح أن يصبحوا زبائن) تزيد كثيرا". تم إقناع كانج من قبل مندوبي المبيعات بنشر رمز QR ترويجي على تطبيق الرسائل "وي شات" WeChat، وعرض عليها عشرو دورس مجانية مقابل كل عميل جديد يشترك عبر رمزها.
قال وي دينج، مجند سابق لمدرسين لمصلحة شركة DaDa: "المبيعات الانتهازية دائما ما تمثل مشكلة - كل الشركات لديها الاستراتيجية نفسها".
الجهود الأخرى لتحسين القدرة على تحمل التكاليف تشمل إرساء علاقات مع مجموعات التمويل، مثل "آنت فاينانشيال"، لتقديم قروض للزبائن المحتملين ودروس للمجموعات الصغيرة - على الرغم من أن هذا قد لا يكون مفاجئا، بالنظر إلى صغر سن بعض الأطفال "إلا أن معدلات الاحتفاظ بفصول المجموعات الصغيرة ليست جيدة كثيرا"، كما قال ماذر.
حتى مع تدافع الشركات لتسجيل طلاب جدد، إلا أن الضوابط التنظيمية تقلل من تزويد المعلمين. في نهاية العام الماضي تم إدخال قانون يتطلب من المعلمين، وكثير منهم أمهات يعملن من المنزل أو خريجين حديثي التخرج، أن تكون لديهم شهادة FEFL (تعليم الإنجليزية باعتبارها لغة أجنبية) أو TESOL (معلمو الإنجليزية للمتحدثين بلغات أخرى)، ما يجعل توظيفهم أكثر صعوبة.
شركة VIPKID لديها شراكة مع منظمة TESOL لكنها امتنعت عن القول ما إذا كانت تدفع مقابل الشهادات أم لا. تكهن بعض المختصين في الصناعة بأن ضوابط أخرى يمكن أن تأتي بعد مرحلة معينة من الزمن، بما في ذلك وضع حد أقصى للدفعات المقدمة – وهي خطوة يمكن أن تخفض رأس المال العامل المتاح للشركات.
في الوقت نفسه، بالنظر إلى التوترات بين الولايات المتحدة والصين، أشار بعضهم إلى خطر محتمل هو أن تشتكي واشنطن من تخزين بيانات المعلمين الأمريكيين في الصين. قالت شركة VIPKID إن سياسة الخصوصية الخاصة بها، التي تم تحديثها في كانون الثاني (يناير)، متاحة دائما للجمهور.
وفقا لأحد المختصين في الصناعة: "إنه خطر هائل إذا قرر المشرعون التركيز على هذا الأمر"، مشيرا إلى أن مخاوف الولايات المتحدة بشأن البيانات تسببت في القضاء على استحواذ شركة آنت فاينانشيال على "موني جرام".
لكن القضية الأكثر إلحاحا هي الربحية – المسؤولة التنفيذية السابقة في شركة DaDa، مثلا، ترى أن الحل يكمن في العودة إلى الصفوف الدراسية التقليدية، والجمع بين التعليم عبر الإنترنت والتعليم التقليدي الذي يستخدم الدروس عبر الإنترنت.
"أعتقد ستكون هناك شركة أو شركتان كبيرتان جدا في هذه الصناعة في (...) الأعوام الثلاثة المقبلة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES