FINANCIAL TIMES

لا مجال للهروب .. مواقع البحث تنصب شباكها حول المستخدمين

لا مجال للهروب .. مواقع البحث تنصب شباكها حول المستخدمين

بعد ثلاثة أشهر من إرسال بريد إلكتروني ومكالمة هاتفية بدأت بسماع موسيقى الانتظار لمدة 25 دقيقة، تمكنت كارين إيروين من حذف بياناتها الشخصية من موقع البحث عن الأشخاص "ماي لايف" MyLife.
حاولت تقييد الوصول إلى ملف التعريف الخاص بها على الإنترنت، الذي يتضمن عنوانها ورقم هاتفها، لكن الموقع يطلب رسوما للتحكم في المعلومات. لم تنجح الطلبات المرسلة بالبريد الإلكتروني في حذف البيانات مجانا، فقط بعد أن تحدثت إيروين إلى موظف خدمات العملاء، تم حذفها أخيرا.
قالت "أنا أرفض الدفع لكي أتحكم في معلوماتي"، مضيفة أنها اكتشفت بالمثل تفاصيل أقارب صديقتها وثرواتهم "مجانا، وذلك ببساطة عن طريق معرفة أسمائهم والمدينة التي يعيشون فيها".
تعد مواقع البحث عن الأشخاص، بما في ذلك "ماي لايف" و"سبوكيو" Spokeo و"إنستانت تشيكميت" Instant Checkmate و"بيبول سمارت" PeopleSmart، سماسرة معلومات يجمعون كميات هائلة من المعلومات الشخصية ويضعونها في ملفات شخصية ليتم بيعها. عملاء مثل هذه المواقع التي تفرض رسوما منخفضة نسبيا لمنح إمكانية الوصول إلى الملفات الشخصية، هم في الأغلب أشخاص فضوليون، وشركات تتحقق من المعلومات الأساسية، ووكالات إنفاذ القانون.
يمكن أن تشمل ملفات التعريف معلومات عن العناوين، والأزواج، والتفاصيل المتعلقة بالدعاوى القضائية، والصور، التي يتم جمعها جميعا من السجلات العامة، مثل إجراءات الطلاق والإفلاس، وملفات التعريف لمواقع التواصل الاجتماعي، وقواعد البيانات المدفوعة.
ويتم أيضا جمع المعلومات من مواقع تعتمد على "جوجل"، تسمح للموقع بفهرسة بعض ملفات تعريف المستخدمين، بحيث تجعلها مرئية لعامة الناس.
ويقول خبراء الصناعة إن كمية البيانات لكل شخص على مواقع البحث عن الأشخاص في ازدياد: فهي أكثر دقة، ومن مصادر جديدة، مثل موقع علم الأنساب Ancestry.com.
مع زيادة وعي المستهلكين بالخصوصية، تحاول أعداد متزايدة من الناس السيطرة على بياناتها. لكن إزالة البيانات الشخصية من المواقع أمر شاق - وغالبا ما تظهر المعلومات مرة أخرى في غضون أشهر، وفقا لشركات تراقب مواقع سماسرة المعلومات.
بعض مواقع البحث عن الأشخاص تسمح للمستخدمين بإزالة معلوماتهم من الموقع، لكن في كثير من الحالات، وعلى الرغم من أن البيانات يتم أخذها من المواقع الإلكترونية، إلا أنه لا يتم حذفها بالضرورة من سجلات موقع البحث عن الأشخاص. في الوقت نفسه، يتم إكمال بعض طلبات "إلغاء الاشتراك" في غضون ساعات قليلة، بينما تستغرق الطلبات الأخرى أسابيع - بل إن بعضهم يطلب من الأفراد تقديم مزيد من المعلومات عن أنفسهم من أجل "التحقق" من هوياتهم.
ترسل "ديليت مي" DeleteMe، وهي خدمة تم تطويرها بواسطة "أباين" Abine، وهي شركة لحماية الخصوصية على الإنترنت، طلبات إلغاء الاشتراك نيابة عن العملاء إلى أكثر من 20 من مواقع البحث عن الأشخاص، وتراقب إعادة ظهور البيانات. وفقا للشركة، يظهر سجل واحد على الأقل مرة أخرى على الإنترنت أمام 45 في المائة من الأشخاص في غضون أربعة أشهر.
شركة ون ريب OneRep، التي تقدم خدمة مماثلة، قالت إن سجلا واحدا على الأقل يظهر مرة أخرى خلال عام أمام 41 في المائة من عملائها. تظهر المعلومات مرة أخرى على موقع البحث عن الأشخاص خلال 67 يوما في المتوسط.
مواقع البحث عن الأشخاص تشدد على أنها فقط تجمع المعلومات العامة الموجودة، وأن إلغاء الاشتراك لا يمحو البيانات من الإنترنت. ولأن مواقعها تحصل باستمرار على بيانات جديدة، ينبغي أن تكون قادرة على مطابقة بيانات أولئك الذين اختاروا إلغاء الاشتراك مع السجلات الواردة. غالبا ما تنص شروط مواقع البحث عن الأشخاص على أنها إذا لم تستطع فعل ذلك - في حالة تغيير اسم شخص ما، مثلا – فقد تظهر المعلومات الجديدة على موقعها.
قال متحدث باسم "ون ريب"، "هذه عملية معقدة، لكن في الوقت نفسه، يعتمد عمل (سماسرة المعلومات) كاملا على مدى قدرتهم على مطابقة هذه الملفات الشخصية".
ومع ذلك، يحذر نشطاء مثل بام ديكسون، المديرة التنفيذية للمنتدى العالمي للخصوصية، من أن إتاحة كم هائل من المعلومات الشخصية يعد "خطرا كبيرا جدا يهدد سلامة" الفئات المستضعفة، مثل ضحايا العنف الأسري.
وقالت إن الأشخاص الذين هربوا من المواقف الخطرة تم الكشف عنهم من خلال هذه المواقع، ما أدى إلى وفاتهم في بعض الحالات، مضيفة، "إذا كان لديك اسم مميز أو كانوا يعرفون الحرف الذي يبدأ به اسمك الأوسط، فمن الصعب جدا إخفاء ذلك".
وبحسب "سبوكيو" الذي يصل عدد زواره إلى 18 مليون زائر مختلف في الشهر ويتوقع أن يحقق مبيعات بقيمة 72 مليون دولار هذا العام، تحديد جميع عمليات إلغاء الاشتراك في البيانات الجديدة "تمثل مشكلة فنية صعبة التزمت الشركة بحلها".
تقول شركات الخصوصية أن هذه المشكلات تعد مشكلات على مستوى الصناعة، وتواتر الشكاوى يسلط الضوء على الحاجة إلى التنظيم على مستوى البلاد.
في عام 2014 قالت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية إن مواقع البحث عن الأشخاص تفتقر إلى المساءلة، وأوصت بتشريعات وطنية جديدة لمنح المستهلكين مزيدا من التحكم في استخدام معلوماتهم.
وعلى الرغم من أنه لم يصدر أي تشريع فيدرالي حتى الآن، إلا أن سماسرة المعلومات يخضعون بشكل متزايد لمراقبة أشد على مستوى الولايات. ففي ولاية فيرمونت يجب الآن تسجيل الشركات التي تتاجر في بيانات سكان الولايات، في حين أصدرت كاليفورنيا قانونا يسمح لسكان كاليفورنيا بالانسحاب من المواقع التي تتاجر في بياناتهم.
في واشنطن، يعمل أعضاء مجلس الشيوخ على المسودة الأولى لمشروع قانون الخصوصية الاتحادي الذي يمنح المستهلكين في جميع أنحاء الولايات المتحدة مزيدا من السيطرة على بياناتهم. على الرغم من أن المسودة لم تنشر بعد، يقول مساعدو أعضاء الكونجرس إنه سيسمح للأفراد بمعرفة مزيد حول معلوماتهم الموجودة في تلك المواقع. في الوقت نفسه، فإن جماعات الضغط في صناعة التكنولوجيا تشن حملة ضد أي خطوة لمنع الشركات من بيع البيانات إلى أطراف ثالثة.
نظرا لأن معظم البيانات تأتي من السجلات العامة الرسمية للولايات المتحدة، كما تقول ديكسون "سيكون من الصعب جدا إيقاف (البيانات التي تظهر على الإنترنت)"، في حال لم تتغير القوانين التي تتطلب الكشف العلني عنها.
"الشركات لا تراقبها. هذه فوضى عارمة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES