FINANCIAL TIMES

ألبوم صور من لندن يحدد أبعاد "مدينتي الفاضلة"

ألبوم صور من لندن يحدد أبعاد "مدينتي الفاضلة"

في صباح أحد الأيام، كنت أقوم برحلة روتينية من شارع كنسينجتون الرئيس في اتجاه حديقة هايد بارك، أمشي على طول الرصيف المزدحم، أتحرك بسرعة بين المشاة. كان ذهني في مكان آخر، لكن ساقي كانتا تعرف إلى أين تريدان اصطحابي.
وصلت إلى مفترق طرق، الذي أوقف زخمي وقطع حبل أفكاري. إلى اليمين، قبالة الشارع الرئيس، كان هناك طريق سكني صغير محاط بحواجز برتقالية مألوفة جدا. تخطيت علامة الحذر النابضة بالحياة ولهثت: الطريق الذي كنت أعرفه لم يعد طريقا.
بدلا من ذلك، قابلني فراغ كبير وعميق. توقفت من أجل التفكير. تم حفر الطريق بالكامل وأخرج منه التراب، في انتظار وضع ضريح؛ يتردد صداه، مثل عمل مايكل هيزر الفني الأرضي Double Negative في عام 1969.
هذه المواجهة في الصباح الباكر أدت إلى سلسلة من الأفكار، أو إثارة نقاط، لإيجاد عمل يخاطب لندن ومكاني داخلها. بدأت أدرك أن لندن هي في الأساس شبكة متشابكة من المواد – تجمع وتقسم – تثير لقاءنا وتتآمر لفصلنا.
فكرت في الأعوام الماضية، الحيوية الوافرة ونزهات الصيف الطويلة؛ هل ستتذكرني هذه المواد؟ هل يشعر الرصيف، والأرض تحته، بلمستي؟
في شباط (فبراير) الماضي، كنت أراقب بحرص موقع هيئة النقل في لندن، بانتظار تحديث لمواقعي "المهمة" المختلفة. ركزت بحثي حول شقة عمي في تشيسويك. هذا هو مكان نشأتي داخل المدينة: إذا كان هناك أي مكان قد يحمل الأصداء، وعمق الزمن، فسيكون هناك.
في منعطف مفاجئ للأحداث، كانت هناك حفريات تحدث في الطريق على طول شقة عمي. اقتربت من الموقع، وطلبت الإذن من عامل بناء مرتبك إلى حد ما، وجمعت بعض مواد الحفريات. أخذت هذا المزيج من الأرض والصخور والرمال معي إلى الغرفة المظلمة.
العمل الذي أقدمه هنا يستخدم هذه المواد الموجودة، المُعلّقة في مياه داخل خزان كبير، لإنشاء صور فوتوغرافية مجردة مترابطة تتقلب عبر صور نيجاتيف كبيرة الحجم. التقطت هذه الصور خلال فليم واحد في الكاميرا، هذه العملية الفيزيائية المكثفة، تبث في نفسها صفات موحية للعواطف وذاكرة شخصية.
أشعر بالاحتواء، بينما أحسست في الوقت نفسه بالسيولة والحركة. أستطيع رؤية الرواسب تنتشر تحت قشرة الأرض، والغيوم المحترفة، أو دمدمة طيور الزرزور. عملي الفني يسعى إلى منعك، والتأمل فيك وابتلاعك. جعلك تشعر بلمسته.
معرض ألكسندر مورانت في مهرجان بيكهام 24، من الـ17 حتى الـ19 من أيار (مايو) الماضي؛ Peckham24.com، alexandermourant.com

إيفا ستينرام
بعد وفاة والدي ووالدتي في عام 2015 وعام 2016، اكتشفت واحتفظت بكتاب فخم مزين بالرسوم على طاولة القهوة من شقتهما في ستوكهولم.
الكتاب بعنوان "بريطانيا الجديدة/الربيع البريطاني/المملكة الجديدة"، صدر بعد فترة وجيزة من دخول بريطانيا الجماعة الاقتصادية الأوروبية في عام 1973.
تم تصميم النسخة بثلاث لغات للترويج لبريطانيا العصرية التطلعية، مع التركيز على أصول الوافدين الجدد وخبراتهم.
عندما كنت مراهقة، انتقل والداي – محبا بريطانيا المؤيدان للاتحاد الأوروبي – معي ومع أشقائي إلى لندن.
بعد بضعة أعوام، عندما غادر والداي لندن مرة أخرى، بقيت وبدأت أدرس في كلية الفنون.
في عام 1994، أجرت السويد استفتاء؛ 52 في المائة من السكان صوتوا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فجعلت حياتي هناك.
لم يعش والداي لفترة طويلة بما فيها الكفاية لمشاهدة نتيجة الاستفتاء في بريطانيا عام 2016. بعد التصويت، واصلت العودة إلى كتاب "بريطانيا الجديدة"، حيث أردت التفكر بتوقعات الأمة، والحنين وفقدان الرؤية.
أثناء دراسة صور الكتاب، على أمل إلغاء المادة 50، شعرت بالدهشة من صورة واحدة على وجه الخصوص، لمنصة حفر نفط.
المنصة التي تتميز بعدم وجود أرض أفقية وغير متوازنة، جعلتني أشعر بالغثيان قليلا. وضع فناجين قهوتي على بحر الشمال المضطرب أصبح محاولة عبثية لترسيخها.
في النهاية، مسحت الصور الملوثة باستخدام ماسح ضوئي محمول لا يمكن التنبؤ به. أنا أحب التآكل والفساد الذي يجلبه، تذبذب مبالغ فيه. كل شيء يبدو مناسبا.
معرض إيفا ستنرام "نيو ميريديانز" سيكون في ليتراتورهاوس في برلين، حتى الرابع من حزيران (يونيو) الجاري. وهو جزء من معرض "العطلة الأوروبية – أحلام سياسية"، برعاية بريا باسيل، ليتزامن مع الانتخابات الأوروبية؛ literaturhaus-berlin.de

سيلفيا روزي
انتقلت إلى لندن قبل سبعة أعوام، والمكان الأول الذي أحببته على الإطلاق كان بريكستون. إنه نابض بالحياة وحيوي وللأفارقة الذين لا يخجلون من كونهم منحدرين من منطقة الكاريبي.
حتى بعد انتقالي منها في عام 2013، ما زلت أذهب قدر المستطاع. أكثر ما يجذبني هو محال تصفيف الشعر، حيث تحدق بك مجموعة كبيرة من الشعر المستعار من نافذة العرض، تدعوك للدخول وتجربتها، لتحولك في كل مرة إلى شخصية مختلفة.
إنها تذكرني بطفولتي، عندما جربت الشعر المستعار الخاص بوالدتي، وغالبا ما أدخل هذه المحال، واحد منها على وجه الخصوص.
عادة ما أكون أحمل صورة من ألبوم العائلة وأطلب من المساعدة مساعدتي في العثور على تصفيفة شعر تشبه أكثر تصفيفة شعر والدتي في الصورة. تنظر إلي بدهشة، "هل حقا ستشترين هذا من أجل صورة فقط؟".
قلت لها إنني أعمل في التصوير واستخدم الصور الذاتية كوسيلة للانخراط في تاريخ عائلتي. أقوم بتقليد إيماءات والدتي، من خلال النظر إلى صورها كمهاجرة شابة في إيطاليا أوائل التسعينيات، أفهم نفسي كمهاجرة في بريطانيا اليوم. المساعدة توافق بإيماءة ونواصل الحديث عن الشعر.
في هذه اللوحة، اشتركت مع والدتي. كلانا نرتدي ملابسها التي وجدناها والتي غالبا ما تظهر في الصور في ألبوم العائلة. الشعر المستعار هو من متجر الشعر المفضل لدي في بريكستون. في الصورة، أقلدها وهي بدورها تقلدني. في الصور نكاد أن نصبح الشخص نفسه.
سيلفيا روز ستعرض في مهرجان ثريد ريزيدانسي في السنغال، بدعم من مؤسسة جوزيف وآني ألبرز، في آب (أغسطس) المقبل. سيظهر عملها في جيروود سبيس في لندن، كجزء من جائزة Jerwood/Photoworks لعام 2018، في كانون الثاني (يناير) من عام 2020؛ albersfoundation.org؛ jerwoodspace.co.uk

جيمي هوكسورث
محطة برستون للحافلات كانت أول مكان نظرت فيه إلى الضوء. نوافذها الضخمة أظهرت لي كيف يتحرك الضوء ويتغير طوال اليوم.
بدأت برؤية تأثيره والشعور به وفهمه – كنت أصبح حساسة للضوء. التحلّي بالصبر في مثل هذه المساحة الانتقالية ساعد في تضخيم كل تفصيل.
كل شيء أصبح كبيرا. في الحركة المستمرة لأيام الأشخاص، أصبح الضوء عدسة مكبرة – أداة لدراسة وتقدير الحياة. المساحة الدائرية الباردة أصبحت جنة.
عندما انتقلت إلى لندن أول مرة في عام 2009 وبدأت العمل كمساعدة تصوير، كنت أركب قطارا في عطلة نهاية كل أسبوع، أختار مكانا بشكل عشوائي، وأسافر في جميع أنحاء إنجلترا، اسكتلندا أو ويلز، وأرى ما قد يقابلني.
أحد الأماكن الأولى التي ذهبت إليها كان هاستينجز، حيث وجدت مقعدا جميلا داخل حاجز أمواج خرساني ضخم يطل على البحر.
الانفتاح على الفرص كان يبدو كأنه تثقيف. فتح المجال لاحتمالات لا نهاية لها. أي نوع من الجمال يمكن أن يتسلل. بإمكاني الحصول على علاقة عابرة مع أي شخص غريب، أي جسم. إيقاع التبادل الإبداعي الثابت منحني شعورا بالهدف والإيمان.
لفترة طويلة، كنت فقط أستخدم كاميرا واحدة وعدسة واحدة، وهي RB67 مع عدسة بقياس 127 ملم.
كنت أمضي ساعات لا حصر لها في محاولة فهم الكاميرا، والتعرف على وزنها، والمرايا الخلفية فيها، والقيود والتراكيب التي يبدو أنها تشجعها.
بدأت بتشكيل عملية، مجموعة مألوفة من الأعمال التي جعلتني أشعر بالثقة والانفتاح. حدود استخدام هذه الكاميرا الواحدة والعدسة الواحدة أصبح بمنزلة بطانة أمان؛ كانت لديها البساطة التي تجعلك تشعر بالإلهام.
في الوقت نفسه، الجزء الآخر الذي لا يتجزأ من هذه العملية المتطورة كان تفسير اللون وعمل الطباعة، وقضاء ساعات في الغرفة المظلمة المستهلكة المجيدة. مرة أخرى، البساطة، الإطار المحدود باستخدام ثلاثة ألوان فقط، كانت مغرية للغاية.
بدون معرفة ذلك فعلا، كنت أقوم بتطوير حرفتي – مجموعتي الشخصية من القواعد والأعمال التي أوضحت تجاربي، وجعلتني على اتصال تام مع ما أقوم بتصويره. غرفتي المظلمة في لندن أصبحت مركزا لإبطاء الحياة، تطالب بإحساس بالصبر كان مثيرا ومبهجا. لقد كان السيطرة.
تفسير اللون يبدو وكأنه دورة شخصية من الأخطاء والاكتشاف. أعاني دائما لكي أفهم السبب الذي يجعل بعض المصورين لا يطبعون أعمالهم. كيف يستطيعون الالتفاف على هذه التجربة التي تؤدي إلى فهم عميق للقدرة على التذوق الجمالي، ولعينك؟
لدينا جميعا مشاعرنا وأفكارنا الخاصة عن اللون الذي يتغير باستمرار مع التجارب الجديدة. الغرفة المظلمة توفر مساحة هادئة للعمل خلال هذه التغيرات لكي تبقى متصلا بصورك. من هذا المعنى، أدنى تحول خفي في اللون يجعله يكتسب معنى غير عادي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES