default Author

عجز المرء عن الحصول على الرعاية الصحية والتعليمية

|

ما هو بالضبط رأس المال البشري؟ العبارة نفسها لا تتعدى ثلاث كلمات، وكلمتا "رأس مال" تشيران إلى أصل يحسن قدرة المرء على أن يصبح منتجا من الناحية الاقتصادية، بينما "بشري" تشير إلى الفرد باعتباره الوحدة نفسها التي يوضع فيها الأصل. والعبارة برمتها تتحور لتتمركز حول قدرة الفرد البشري على الاستفادة من نفسه لتحقيق ذاته بالكامل، والتحول إلى أفضل مساهم في المجتمع.  رأس المال البشري هو القوة الاقتصادية الكامنة داخل كل فرد الجاهزة للاستثمار، الأفكار والمواهب التي يتمتع بها كل فرد.
 ما الذي يستطيع كل فرد أن يستفيد منه كي يخرج من نفسه ولنفسه أقصى ما يمكن؟ هذا هو السؤال الذي يسعى معرض الفنون المرئية المعاصرة المقام في مركز الزوار بمجموعة البنك الدولي إلى فهمه. يؤمن البنك الدولي أن الصحة والمعرفة والمهارات المتراكمة لدى البشر على مدى حياتهم هي التي تساعدهم على الاستفادة من قدراتهم إلى أقصى حد باعتبارهم أعضاء منتجين في المجتمع. لكن كيف يمكننا التأكد من أن كل إنسان لديه القدرة على تأمين هذه الأمور الثلاثة؟ ماذا يحدث عندما يعجز المرء عن الحصول على الخدمات الصحية والمعرفة والمهارات -بعضها أو ثلاثتها؟ تتصدى الأعمال الفنية المعروضة لهذه التساؤلات بالتحديد. 
يعرض أكثر من 15 فنانا من مجموعة الفن الدائمة لمجموعة البنك الدولي أعمالهم بهذا المعرض. والتقت مجموعة واسعة من الفنانين الذين أتوا من بلدان شتى من الكاميرون إلى جواتيمالا، ومن سورية إلى جامايكا، ومن ميانمار إلى جنوب إفريقيا، ومن اليونان إلى كندا، معا لمناقشة ما الذي يعنيه تحقيق الإنسان لذاته.
تجسد إينيس فيرديجو من جواتيمالا في عملها الفني Las flores del mal التحديات التي يواجهها نشر الرعاية الصحية في المجتمع.  يتألف هذا العمل من سبع زجاجات لرضاعة الأطفال. تعطي فيردوجو مباشرة للجمهور انطباعا متناقضا بشكل صارخ: فالزجاجات ليست مليئة بما ينبغي أن يكون مغذيات صحية، لكنها ملئت بدلا من ذلك بالحشرات والأتربة وبقايا لبن فاسد والعفن والطلقات النارية وغبار ممحاة وبذور الخردل.
وبعد أن وضعت العناصر -أسلحة وملوثات- في زجاجات الرضاعة، تلمّح فيرديجو إلى فكرة أن هذه الأشياء هي بمنزلة مواد التغذية للجيل المقبل في جواتيمالا. وتتساءل: هل هذا هو الذي سيوفر لأطفالنا ما يحتاجون إليه كي ينموا على أفضل صورة ممكنة؟ ونحن كمشاهدين نجيب بقوة "لا"، فهذه الأشياء لا تضمن حتى مجرد البقاء، ولا تساعد الإنسان على أن يحقق ذاته. ويمثل الوضع الذي يتعذر فيه الحصول على الرعاية الصحية نذير شؤم لمستقبل معتم.
وتضم قطعة أخرى وهي عبارة عن علبة حساء لقياس الذكاء لمارك بادو، مجموعة من أربع لوحات. توظف هذه الأعمال الألوان المبهجة والخطوط الواضحة، والتركيبات البسيطة ما يذكر بأسلوب الفن الشعبي، وتحاكي هذه الأعمال بالتحديد مجموعة لوحات "علب حساء كامبلز" للفنان الأمريكي إندي وورهول.
في أعمال بادو توضع على علب الحساء صور مشاهير الإنتاج الثقافي مع إشارة إلى مهنتهم الفنية (أي "فنان فائق") في الأماكن التي يقرأ فيها للمرء عن نكهة الحساء. ويضيف بادو طبقة أخرى من التعقيد لهذه القطع الفنية بتسمية الحساء كله "معامل ذكاء المكثف QI" QI هو اختصار لمصطلح "معامل الذكاء". وبتوظيفه للصور الاستهلاكية مع صور للأيقونات الثقافية بعناوين مثيرة تختبر الذكاء، يستخدم بادو عمله للتساؤل بصوت مدو عن كيفية تعريف المجتمع بالذكاء الحقيقي. ويتساءل ما إذا كان المجتمع يبحث في الأماكن الصحيحة لتوفير التعليم الجيد، وما دور المنتجين الثقافيين باعتبارهم مفجري هذا الذكاء. من أين تأتي المعرفة في المجتمع، وكيف يمكن لكل فرد فيه أن يجني ثمارها؟

إنشرها