default Author

التعويل على مستقبل المرأة «2 من 2»

|

اتخذ صندوق النقد الدولي خطوات مهمة لمعالجة فجوة البيانات الجنسانية؛ فالمسح السنوي لإمكانية الحصول على الخدمات المالية الذي يجريه الصندوق يتناول الشمول المالي من جانب العرض لدعم التحليل ووضع السياسة. وكان المسح الذي أجري العام الماضي هو أول مسح يقسم البيانات حسب الجنس؛ ما أتاح لنا معرفة البلدان التي تعمل على سد الفجوات بين الجنسين في معاملات مثل الاقتراض والإيداع ــ وهي معلومات غاية في الأهمية لفهم الاستراتيجيات والسياسات التي تدعم هذه المكاسب.
كذلك فإننا نستكشف السبل التي يمكن للتكنولوجيا من خلالها مساعدة النساء على التغلب أو الالتفاف على بعض العوائق الاجتماعية والثقافية التي تحول دون الإدماج المالي للمرأة. فتمكين المرأة من التقدم بطلب للحصول على الحسابات من خلال عملية آلية، على سبيل المثال، يعني أنه لن يتم رفض ذلك الطلب من الوكلاء الذين يعتقدون أنه لا ينبغي السماح للنساء بالحصول على أموالهن الخاصة.
وتقارن كريستالينا جورجيفا، الرئيس المؤقت للبنك الدولي، بين التطبيقات المالية الرقمية واختبارات الأداء العمياء التي يتم استخدامها في عديد من السيمفونيات الكبرى اليوم. وقالت: "ستحقق الخدمات المالية الرقمية للمرأة في مجال الأعمال التجارية ما تحقق لها في مجال الموسيقى".
ونظرا لأن هناك نحو 80 مليون امرأة لا يتعاملن مع المصارف في الاقتصادات النامية، ويتلقين التحويلات الحكومية نقدا، نرى أن هناك فرصة هائلة لإدماج النساء وتمكينهن ماليا على نطاق واسع. لكن لن يحدث هذا إلا إذا أخذنا في الاعتبار الفروق الدقيقة في كيفية حصول الأشخاص على التحويلات النقدية واستخدامهم لها. لذا، عندما نتعاون مع الحكومات في مجال برامج المدفوعات الاجتماعية، فإننا نقوم بذلك على ثلاثة أصعدة: رقمنة المدفوعات على جانب العرض، وتوجيهها خصيصا إلى النساء، وتصميم البرنامج بحيث يلبي الحاجات الفريدة للنساء. ولن تتمكن المرأة من تحقيق الإدماج والاستفادة منه بصورة حقيقية إلا عندما تتم معالجة الجوانب الثلاثة جميعها.
ونحن أيضا شريك مع الحكومات في مجال أنظمة تحديد الهوية ومتطلباتها. ففي كل البلدان تقريبا، يجب على الأشخاص تقديم إثبات قانوني لهويتهم من أجل فتح حساب مالي. لكن في البلدان منخفضة الدخل، لا يوجد لدى 45 في المائة من النساء هوية رسمية، في حين تبلغ النسبة بين الرجال 30 في المائة. وقد نجحت بلدان مثل الهند وباكستان في إطلاق برامج الهوية الوطنية الرقمية ــ باستخدام البيانات البيومترية للتغلب على عقبة معرفة القراءة والكتابة. والآن تستطيع النساء استخدام أرقام الهوية الوطنية لفتح الحسابات المالية الرقمية والارتباط مباشرة بالخدمات الحكومية.
ويبدو أن اقتران الهويات الرقمية بالحسابات الرقمية يحقق النفع المتبادل لكل من الحكومات والمواطنين.
ففي الهند، ساعد إصدار الهويات الرقمية الملايين من الأشخاص على فتح حسابات لأول مرة. وفي باكستان، بعد قيام الحكومة بربط نظام الهوية ببرنامج المدفوعات الاجتماعية، تضاعف تقريبا عدد النساء اللاتي اشتركن في نظام الهوية.
وفي مؤسسة جيتس، نرى أن كل البشر متساوون في القيمة، لكننا نعلم أنه لا تتاح لكل البشر فرص متساوية في الوقت الحاضر. وقد يبدو الحصول على خدمات مالية رقمية وكأنه خطوة صغيرة في السياق الأوسع من عدم المساواة، ولكنه يمكن أن يحدث فارقا كبيرا بالنسبة للمرأة التي تمشي طوال اليوم لتحصيل راتبها، أو تشاهد الآخرين وهم يتخذون القرارات المالية لها. وعندما تحصل النساء، خاصة الأكثر فقرا، على الوضع نفسه والقدرة والفرص التي يتمتع بها الرجال في كل مكان، فإن ذلك يعني تغييرا اجتماعيا جذريا يدفعنا جميعا إلى الأمام.

إنشرها