FINANCIAL TIMES

تسوية بين "أبل" و"كوالكوم" تغير قواعد صراع "الجيل الخامس"

تسوية بين "أبل" و"كوالكوم" تغير قواعد صراع "الجيل الخامس"

آمال إدارة ترمب في العثور على بطل تكنولوجيا وطني للموجة المقبلة من الاتصالات اللاسلكية لشبكة الجيل الخامس، قد تُثمر أخيراً.
التسوية القانونية التاريخية بين شركتي كوالكوم وأبل التي تم التوصل إليها أخيراً، حلت مسألة خطيرة كانت تلوح فوق الشركة الرائدة في تزويد التكنولوجيا الحديثة للهواتف الذكية، ما أدى إلى ارتفاع إضافي بنسبة 10 في المائة في سعر أسهمها عقب توقيع الصفقة.
شركة صناعة جهاز الآيفون أسقطت موجة من قضايا منظورة أمام المحاكم، بالتزامن مع كشف شركة هواوي الصينية للاتصالات، التي يُعتقد أنها تقود السباق نحو اتصال فائق السرعة، أنه ليست لديها عقود تجارية لمعدات شبكة الجيل الخامس في البر الرئيس في الصين.
في غضون يومين، بدا المشهد التكنولوجي حول شبكة الجيل الخامس قد تحوّل.
كانت المخاوف تتزايد في العاصمة واشنطن من أن الصين سوف تستغل ميزة لا يُمكن التغلب عليها في كل من مجالي التطوير ونشر تكنولوجيا الاتصالات، ذات التأثير المهم في الأمن القومي.
الأخبار من كلا جانبي المحيط الهادئ لن تحل كل هذه المخاوف، لكنها ستُزيل سحابة عن شركة تزويد تكنولوجيا رئيسة في الولايات المتحدة، بينما تُشير أيضاً إلى أن الصين قد لا تكون متقدمة في السباق لطرح شبكات الجيل الخامس، كما كان يُخشى من ذي قبل.
كمورد لجزء كبير من المُلكية الفكرية في معايير اتصالات شبكة الجيل الخامس، حين تكون شركة كوالكوم أقوى مالياً فإن هذا يُمكن أن يضمن للولايات المتحدة صوتا أقوى في مستقبل اتصالات الهواتف الخلوية.
إلا أنها مع ذلك لن تفعل شيئا يذكر لحل المخاوف التي تقض مضجع البيت الأبيض: شركة هواوي على عكس كوالكوم، تصنع أيضاً البنية التحتية التي تعتمد عليها الشبكات الخلوية، ولا تزال تشكل تهديداً تنافسياً خطيراً على الأمن القومي.
التسوية بين شركتي أبل وكوالكوم أنهت واحدة من أكثر المعارك القانونية مرارة وتكلفة في تاريخ الشركات الأمريكية.
أعلنت الشركتان المتنافستان أنهما ستُسقطان "جميع الدعاوى" في جميع أنحاء العالم وتبدآن حقبة جديدة من التعاون.
بعد أعوام من رفضها الدفع لشركة كوالكوم رسوم حقوق المُلكية على أساس أن الأسعار عالية فوق الحد، وافقت شركة أبل على تسوية سترخص من خلالها مرة أخرى براءات اختراع شركة كوالكوم.
كما أنها سوف تشتري أيضاً رقائق المودم –أجهزة الراديو اللاسلكية داخل الهواتف الذكية– من شركة كوالكوم، وتتخلى عن شركة التوريد إنتل.
هذا الإعلان تبعه بسرعة الكشف عن أن شركة إنتل ستتخلى عن خطط لتطوير رقائق الهواتف الذكية لشبكة الجيل الخامس.
قال جيف بلابر، المحلل في وكالة سي سي إس إنسايت: "شركة كوالكوم، في غضون يوم واحد، تحوّلت من شركة تعاني من صعوبات كبيرة، إلى شركة جريئة في مجال أجهزة مودم الهواتف الذكية".
الصفقة قد تُنهي أخيراً فترة مضطربة لشركة التكنولوجيا الخلوية. في أوائل العام الماضي، في ظل القضايا القانونية من شركة أبل، وبعد أعوام من عدم الرضا في وول ستريت من الأداء الضعيف لأعمالها في مجال الرقائق، كانت شركة كوالكوم في مرمى محاولة استحواذ مُعادية من شركة برودكوم، القائمة قانونا في سنغافورة.
بسبب القلق من أن الولايات المتحدة على وشك فقدان موقعها تماماً في مجال شبكة الجيل الخامس، قرر البيت الأبيض برئاسة ترمب منع الصفقة.
شركة لوسينت لصناعة البنية التحتية اللاسلكية الرائدة في أمريكا، كانت قد استسلمت في الأصل لعملية استحواذ من قِبل شركة ألكاتيل الفرنسية في عام 2006، ومنذ ذلك الحين، أصبحت شركة هواوي، على الرغم من علاقاتها مع الحكومة الصينية، رائدة في تلك السوق.
بعد 18 شهراً، تبدو شركة كوالكوم منتصرة. تصالحها مع شركة أبل يُعزز أعمال الترخيص التي توفّر الجزء الأكبر من أرباحها، ويُنهي مطالبة بقيمة 30 مليار دولار من شركة صناعة الهواتف، بسبب ممارسات الترخيص.
كما أن التسوية أيضاً مصدر ارتياح لشركة أبل، التي بدا أنها من غير المحتمل أن تُصدر جهاز آيفون يدعم شبكة الجيل الخامس إلى جانب المنافسين في عام 2020، بسبب انتشار الشائعات من أن شركة إنتل لن تكون جاهزة لتقديم رقيقة مودم.
على الرغم من أن تفاصيل الصفقة مع شركة أبل قليلة بشكل ملحوظ، إلا أن تقديرات شركة كوالكوم تُشير إلى أن الاتفاقية ستزيد أرباحها للسهم الواحد بدولارين سنوياً – ما مجموعه 2.4 مليار دولار، وأكثر من نصف أرباحها المرحلية للسهم الواحد البالغة 3.69 دولار في عام 2018.
مع ذلك، لم توضح مدى سرعة انتعاش أرباحها، ما يترك سؤالاً حول ما إذا كانت ستشهد الاستفادة الكاملة من الدخل الإضافي من شركة أبل، قبل انطلاق أعمال الهاتف الخلوي لشبكة الجيل الخامس بالكامل – وهو أمر قد لا يزال بعيداً لأعوام.
تُشير التوقعات الشركة إلى توقع عودة علاقتها مع شركة أبل إلى حيث كانت قبل اندلاع الحرب القانونية: انخفضت الإيرادات من أعمال الترخيص في شركة كوالكوم – التي تصب جميعها في الأرباح – بنحو 2.5 مليار دولار بين الأعوام المالية 2016 و2018، وهي فترة النزاع مع شركة أبل.
كانت شركة أبل قد اشتكت من ممارسة شركة كوالكوم بفرض رسوم حقوق ملكية على جميع الأجهزة الخلوية، التي يتم احتسابها كنسبة مئوية من السعر الإجمالي لكل جهاز بدلاً من مجرد قيمة الرقائق التي يحتويها. كما تجني شركة كوالكوم المال أيضاً من بيع رقائق المودم.
لم يكُن واضحاً من التسوية ما إذا كانت شركة أبل ستعود إلى الترتيب القديم المتمثل في دفع رسوم ترخيص مرتبطة بأسعار مبيعات أجهزة الآيفون، ومقدار المال الذي ستدفعه لشركة كوالكوم ليكون بدلاً لشراء رقائق تلك الشركة.
بيد أن نجاح شركة كوالكوم في إعادة أرباحها على نطاق واسع إلى مستويات ما قبل النزاع يمثل إنجازاً، نظراً لأن شركة أبل طوال فترة التقاضي كانت مصممة على خفض مدفوعاتها من حقوق الملكية لتكنولوجيا الهواتف الخلوية.
ليس من الواضح حتى الآن مَن الذي تراجع أولاً – شركة أبل أم شركة إنتل – وأدى إلى التسوية وانتعاش شركة كوالكوم. إذا كان قرار شركة إنتل للانسحاب من سوق الهواتف الذكية التي تدعم شبكة الجيل الخامس، قد دفع "أبل" للسعي لإبرام صفقة، فإن شركة كوالكوم لم تكشف عن السعر الذي جعلها تقبل بالتسوية.
قال بين باجارين، المحلل في كرييتف ستراتيجيز "وسط مبيعات أجهزة الآيفون المتباطئة في الأصل، كانت شركة أبل "تنفذ من الخيارات" و"تشعر بالضغط" لمواكبة منافسيها، وإصدار هاتف يدعم شبكة الجيل الخامس في عام 2020.
باتريك مورهيد، محلل في "مور إنسايتس" قال إن السعر الذي وافقت عليه شركة أبل "لا يُمكن أن يكون مختلفاً جذرياً" عما تفاوضت عليه شركة كوالكوم مع زبائنها الآخرين لشبكة الجيل الخامس. ولو كان الأمر كذلك، فإن "هذا كان من شأنه التسبب بمشكلة كبيرة لشركة كوالكوم. التسعير الآن هو لمصلحة الشركة".
في الوقت نفسه، فإن تراجُع شركة إنتل المفاجئ عن أجهزة مودم الهواتف الذكية – حيث كانت شركة أبل زبونها الوحيد - شرمى إنتل أكّدت أنها في مسارها للموعد النهائي لعام 2020 – وهو ما بدا أنه قد أسعد المستثمرين، وأغلقت أسهمها بارتفاع بنسبة 1 في المائة بعد الأخبار، وذلك قبل القرار المفاجئ.
في الأسابيع الأخيرة، أكّد الرئيس التنفيذي الجديد لشركة إنتل بوب سوان أن مستقبل شبكة الجيل الخامس لشركة إنتل، هو في أعمالها المتنامية في مجال الشبكات ومعالجة البيانات على الرغم من أنها وضعت أيضاً رهاناً كبيراً على أعمال المودم الأصغر والأكثر خطورة وغير المربحة فيها.
قال بلابر: "نجاح شركة إنتل في شبكة الجيل الخامس لا يتوقف أبداً على نجاحها في أجهزة مودم الجيل الخامس".
وقال مورهيد إن جميع الشركات الأمريكية الثلاث تبدو الآن في مكان "ستكون فيه ضمن أكثر المواقع نجاحاً".
التسوية – التي تتضمن عقدا لمدة ستة أعوام بين شركتي كوالكوم وأبل، مع احتمال تمديد لمدة عامين – قد لا تحل التوترات بين الشركتين على المدى الطويل.
لا يزال كثير من مراقبي التكنولوجيا يتوقعون أن تستكشف الشركة تطوير أجهزة مودم الجيل الخامس – وهي عملية استغرقت نحو عقد من الزمن بالنسبة إلى شركتي سامسونج وهواوي، علاوة على تقديم منتج عليها أن تدفع عليه رسوم حقوق مُلكية لشركة كوالكوم، مقابل استخدام تكنولوجيا رقائق معينة.
في الوقت الحالي على الأقل، يبدو أنه تمت إزالة عقبة سرعة خطيرة في الفترة التي تسبق الجيل الخامس.
قال مورهيد: " شركة كوالكوم كان لديها أكبر المكاسب، وكانت عرضة لأن تكون أكبر الخاسرين. على أن المطاف انتهى بالشركتين إلى الوصول إلى مكان أفضل".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES