FINANCIAL TIMES

باكستان.. تساؤلات على هامش الترقية إلى سوق ناشئة

باكستان.. تساؤلات على هامش الترقية إلى سوق ناشئة

في عام 2017، تمت ترقية البورصة الباكستانية من نطاق سوق التخوم إلى وضع السوق الناشئة، من قبل مؤشر مورجان ستانلي المركب، المهيمن على تصنيف الاقتصادات غير المتقدمة، وهو تصويت نادر للثقة في بلد مضطرب في كثير من الأحيان.
بعد عامين فحسب، أصبح موضع باكستان في المؤشر الناشئ الرئيس، والمطلوب كحد أدنى لبلد يبلغ عدد سكانه 200 مليون شخص، مهددا.
في الحقيقة، ربما ستخرج باكستان سالمة من مراجعة مؤشر مورجان ستانلي المركب السنوي في حزيران (يونيو) المقبل لمؤشرات اقتصادها الوطني، إلا أن حقيقة تعرض موضعها للتشكيك بعد فترة وجيزة من الترقية، هو علامة على صراع البلد لإحداث نقلة.
قال أوليفر بيل، مدير صندوق تي رو برايس فرونتير ماركتس إيكويتي T Rowe Price Frontier Markets Equity: "باكستان تعاني الإعسار لدرجة أنها قد تعود إلى وضع سوق التخوم. عندما أصبحت سوقا ناشئة، يبدو أن الأمور تبعثرت في كل اتجاه. وتزامن ذلك مع قضايا سياسية ومشاكل في العملة، وهناك الآن قلة اهتمام في البلد".
عندما تمت ترقية باكستان من وضع سوق التخوم في حزيران (يونيو) 2017، كانت تتباهى بستة أسهم حققت الحد الأدنى من القيمة السوقية أي 1.6 مليار دولار، وهي السيولة الكافية للانضمام إلى مؤشر مورجان ستانلي المركب.
منذ ذلك الحين، تراجع مؤشر بورصة كراتشي KSE 100 في باكستان بنسبة 44 في المائة مقوما بالدولار، كما أن تراجع الروبية الباكستانية بنسبة 26 في المائة مقابل الدولار، قد أسهم في تعقيد الأمور فهبط مؤشر مورجان ستانلي المركب لباكستان، بنسبة 52.2 في المائة.
من بين بلدان الأسواق الناشئة، كان أداء الأرجنتين هو الأسوأ منذ عام 2017، حيث كانت بورصة كراتشي أقل حتى من بورصة تركيا، التي ضربتها الأزمة.
على نحو غير مستغرب، حتى مجموعة الأسهم الستة التي أكسبت باكستان مكانتها في رابطة الأسواق الناضجة، لم تخرج سالمة من الوعكة.
هناك شركة واحدة فقط، وهي شركة تطوير النفط والغاز، تستوفي الآن معيار القيمة السوقية البالغ 1.6 مليار دولار، على الرغم من أنها قد شهدت انخفاضا في سعر سهمها بنسبة 37 في المائة مقوما الدولار.
بنك إم سي بي وبنك حبيب، أكبر الشركات التالية، لديهما الآن قيمة سوقية تبلغ 1.57 مليار دولار و1.27 مليار دولار، على التوالي، مع تراجع قيم أسهم المصارف بنسبة 65 في المائة مقومة بالدولار، منذ حزيران (يونيو) من عام 2017.
تمثل باكستان الآن 0.03 في المائة فقط من مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة، أي أقل بكثير من نقاط الأساس الثماني التي تمثلها كل من المغرب والأردن عندما تم تخفيض تصنيفهما إلى وضع سوق التخوم، وذلك وفقا لبنك الاستثمار الإقليمي إي إف جي هيرمس EFG Hermes.
بالتالي، فإن قلة من المستثمرين الأجانب يولون كثيرا من الاهتمام لبورصة كراتشي. بناء على وزنها، ينبغي على مدير صندوق أسواق ناشئة عادي قضاء 47 دقيقة فقط سنويا لتحليل وضع باكستان، مقارنة بأربعة أشهر للبورصة الصينية، وذلك وفقا لحسابات أجراها "رينيسانس كابيتال" المصرف الاستثماري الذي يركز على الأسواق الناشئة.
قال دانييل سولتر، رئيس استراتيجية أسهم الأسواق الناشئة في بنك رنكاب RenCap: "تمثل الصين الآن 33 في المائة من المؤشر. يقول مديرو الصناديق لي "يجب أن أفهم الأمر بشكل صحيح. إذا تضاعفت أو انخفضت إلى النصف وفهمت الأمر بشكل خاطئ، قد تكون حياتي المهنية في خطر. إذا تضاعفت أسهم باكستان وكنت قد تجاهلت الأمر، فلن يكون الأمر ذا أهمية، فهي ليست مهمة نهائيا".
وأضاف: "يجب أن تثبت باكستان نفسها أنها فرصة كبيرة لكي يهتم بها الناس. عليهم استثمار الوقت في فهم السياسة، وما إذا كانت هناك خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، وما هي المشاكل الجغرافية السياسية التي ستظهر في المستقبل. ما نشعر به هو أن معظم صناديق الأسواق الناشئة قررت ألا تهتم بباكستان".
علاوة على ذلك، فإن مديري صناديق الأسواق الناشئة يتعرضون لضغوط متزايدة لإدارة محافظ أكثر تركيزا، "وليس مجرد الجلوس هناك ومتابعة المؤشر"، كما قال سولتر.
أي صندوق أدار محفظة تضم 50 سهما بالوزن نفسه، سيكون قد زاد وزن باكستان بمقدار 66 ضعفا، إذا كان يحتفظ بسهم واحد فقط في بورصة كراتشي – مخاطرة أساسية قد يكون قليلون على استعداد لتحملها.
تشير بيانات "رنكاب" إلى أن 82 في المائة من الصناديق المدارة بفعالية، مقارنة بمؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة، لا تتعامل الآن مع باكستان على الإطلاق.
من المرجح أن تبقى باكستان في هذا المكان المنسي، الأقل من المناسب.
مؤشر مورجان ستانلي المركب يشغل واقيا لمنع البلدان من الارتفاع والانخفاض بين المؤشرات باستمرار.
للحفاظ على مكانتها في مؤشر الأسواق الناشئة، تحتاج باكستان إلى وجود ثلاثة أسهم لديها قيمة سوقية أعلى من الحد الأدنى، الذي كان 1.05 مليار دولار بتاريخ تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي– وهو رقم يمكن أن يتغير في المراجعات نصف السنوية.
هذا أقل بكثير من معيار الدخول في المقام الأول، على افتراض أن باكستان ستفي أيضا بقواعد أوزان التعويم الحرة والوصول إلى السوق.
حتى إذا فشلت في تحقيق هذا، قال بافلو تارانينكو، العضو التنفيذي لأبحاث إدارة المؤشرات في مؤشر مورجان ستانلي المركب، إن مزود المؤشرات ببساطة يمكن أن يختار إدراج شركة باكستانية أصغر في مؤشر الأسواق الناشئة، لتلبية الحد الأدنى من المتطلبات للأسهم الثلاثة، وهو تدبير يمكن من الناحية النظرية، أن يدوم إلى الأبد. في الماضي، اختار مؤشر مورجان ستانلي المركب إبقاء نيجيريا ومصر ضمن مؤشراته، عندما تم انتهاك قواعده للوصول إلى الأسواق، وجمهورية التشيك عندما أدى حدث مؤسسي إلى إزالة واحد من أسهمها الثلاثة المؤهلة.
قال تارانينكو: "نريد أن يكون المؤشر قابلا للاستثمار، وفي الوقت نفسه لا نريد الحصول على دورة مبيعات عالية أو تقلب مفرط"، مضيفا أن وزن المؤشر المنخفض بنحو ثلاث نقاط أساس في باكستان، لن يكون له أي "تأثير محدد" على أي قرار قد يتخذه مؤشر مورجان ستانلي المركب في المستقبل. قال سولتر: "يميل مؤشر مورجان ستانلي المركب إلى تجاهل التحركات قصيرة الأجل في الأسواق، حتى لا يكون هناك ارتفاع وانخفاض بين البلدان. الخفض من وضع سوق ناشئة خطوة لن يتخذها مؤشر مورجان ستانلي المركب باستخفاف، وقد نتوقع إجراء عملية تشاور طويلة قبل اتخاذ أي إجراء".
ويتفق معه بيل قائلا: "عادة ما يكونون على قائمة المراقبة. هم يشعرون بالقلق الشديد من ارتفاع وانخفاض الأشياء. أعتقد أنهم سيقاومون الأمر لبعض الوقت".
مع ذلك، يثير النقاش مسألة ما إذا كانت باكستان ستحقق مزيدا من النجاح في اجتذاب تدفقات المحافظ الأجنبية، إذا كانت ستبقى في عالم أسواق التخوم، حيث تمتعت بمجد الحصول على وزن بنسبة 8.9 في المائة، قبل ترقيتها مباشرة.
من الصعب الإجابة على السؤال بشكل نهائي، لأنه في حين يعتقد أن مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة، يحتوي على أصول بنحو 1.9 تريليون دولار تتم مقارنتها معه، إلا أن مزود المؤشرات يرفض التصريح عن ما يتم تتبعه مما يعادله من أسواق التخوم فيه. علاوة على ذلك، يغلب على مديري صناديق أسواق التخوم التمتع بكثير من الحرية للابتعاد عن المؤشر الأساسي. مع ذلك، تشير تقديرات تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في "رنكاب"، إلى أن التدفقات الداخلة لأسواق التخوم الناتجة عن أي تخفيض مستقبلي، ستكون "ضعف حجم التدفقات الخارجة المحتملة من صناديق الأسواق الناشئة السلبية".
قال بيل: "عندما تمت ترقية باكستان، لم يكن ذلك الشيء الصحيح بالنسبة للبلد. كانت تقترب من نسبة 10 في المائة من أسواق التخوم، الآن هي أقل من 0.1 في المائة من مؤشر الأسواق الناشئة، لذلك يتم تجاهلها إلى حد كبير. هذا يعني أن التدقيق الأجنبي لشركاتها تضاءل، لأنها لا تحظى بكثير من اهتمام الناس".
هذا يتفاقم بسبب حقيقة أنه حتى في الذروة، لم يكن هناك سوى ست شركات باكستانية ضمن مؤشر الأسواق الناشئة، بينما سيتم إدراج عدد أكبر بكثير إذا عادت إلى عالم أسواق التخوم، حيث إن الشركات الأصغر مؤهلة لدخول الأخيرة.
نسخة مؤشر الأسواق القابلة للاستثمار في مؤشر مورجان ستانلي المركب لباكستان تحتوي حاليا على 25 سهما.
قال بيل: "جزء من دورنا هو مساعدة هذه البلدان على التطور وتمرير أفضل الممارسات الدولية، من خلال التدقيق الدولي على مستوى الشركة. أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك حد أدنى للوصول إلى الأسواق الناشئة. ربما ينبغي أن يكون 0.5 في المائة من المؤشر مثلا". يتفق سولتر على أن مستثمري أسواق التخوم "ربما يكونون قادرين على النظر إلى الذيل الطويل للشركات الأصغر، التي لن يكترث بها مستثمرو الأسواق الناشئة".
بشكل عام، يجادل بأن الموضوع أثار تساؤلات حول مستقبل مؤشرات البلدان النامية. حيث إن مؤشرات البر الصيني الرئيسة تضاف الآن باضطراد إلى مؤشرات الأسواق الناشئة الرئيسة، على نحو يسحب الاستثمارات من البلدان الأخرى، فإن وزن كل بلد آخر سوف يتراجع.
يقول سولتر إن "من الممكن أن نتحدث في المستقبل عن مؤشرات آسيا، باستثناء الصين".
يتفق معه روبرتسون، ويقول: "هذا يثير بالتأكيد مسألة ماذا ينبغي أن يكون عليه التصميم السليم لمؤشر التخوم أو الأسواق الناشئة. تم تخصيص ثلثي مؤشر الأسواق الناشئة الحالي لمصلحة الصين وتايوان وكوريا الجنوبية والهند.
وتم تخصيص خُمس مؤشر أسواق التخوم للكويت. المؤشر الحالي لأسواق التخوم الناشئة تم تخصيص ربعه للفلبين.
أي بلد من هذه ليس مرضيا لمعظم المستثمرين الذين يبحثون عن تعاملات في الأسواق الناشئة خارج التيار العام".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES