FINANCIAL TIMES

نعي أسطورة الغزو الثقافي بتدفق البث الموسيقي

نعي أسطورة الغزو الثقافي بتدفق البث الموسيقي

قرأ قسم ألفافيل Alphaville كتاب إيمون فورد الجديد: "بيع الخنزير"، الذي يتناول عملية استحواذ ذات رفع مالي كارثية، على شركة التسجيلات الكبيرة المنحلة إي إم آي EMI من قبل مجموعة الأسهم الخاصة تيرا فيرما التابعة لجاي هاندز.
إنها قصة ديون، وفرقة راديوهيد وصناعة تحاول التقاط أنفاسها من تحت المياه المضطربة للتعطيل الرقمي، ونعتقد أن قراء ألفافيل سيستمتعون بها.
هذه القصة القصيرة الرخيصة والمثيرة جعلتنا نفكر في صفقة كبيرة أخرى لشركة تسجيلات موسيقية، كانت مطروحة منذ الصيف الماضي: ألا وهي خطة شركة فيفيندي لبيع ما يصل إلى 50 في المائة من مجموعة الموسيقى العالمية يو إم جي UMG. وعلى وجه الخصوص، السعر الذي قد يدفعه مقدم عرض محتمل مقابل أصولها.
التقييمات التي تم طرحها حتى الآن للشركة التي أنتجت أغاني فرقتي البيتلز ورولينج ستونزويو تو متطرفة.
يقدر بنك يو بي إس قيمتها بما يراوح بين 22 مليار يورو و26 مليار يورو، ويعطيها "دويتشه بنك" تقييما عند 29 مليار يورو، أما بنك مورجان ستانلي فيرفعها إلى 37 مليار يورو، ويزايد بنك جيه بي مورجان برفعها إلى 44 مليار يورو.
إذا نظرنا إلى المداخيل ما قبل الضرائب والفوائد والاستهلاك والإطفاء في مجموعة الموسيقى العالمية التي بلغت 902 مليون يورو، وفقا للتقرير السنوي لمجموعة فيفيندي، فإننا نتحدث عن مضاعفات تراوح بين 24 إلى 48 مرة.
على سبيل المقارنة، قدرت شركة بتشبوك PitchBook متوسط مضاعف الأسهم الخاصة في عام 2018 بـ11.2 ضعف، لصفقة تزيد قيمتها على 250 مليون دولار.
جزء من هذا يعزى إلى مقدمي العروض المحتملين. قد يكون مشترون استراتيجيون تمت مناقشتهم، مثل شركتي جوجل أو سبوتيفاي، مستعدون للدفع مقابل فوائد امتلاك الأعمال أكثر من شركة أسهم خاصة، بالنظر إلى أوجه التعاضد المحتملة.
على أنه حتى عندها، يعتقد قسم ألفافيل أن هناك مجموعة من الافتراضات لهذه التقييمات، وهي افتراضات لا تؤدي إلى صورة منطقية. دعونا نشرح.
أولا، إليكم فكرة قليلة عن الخلفية. منذ أسوأ مرحلة من عام 2011، عندما وصلت سوق التسجيلات الموسيقية العالمية إلى الحضيض بنسبة 41 في المائة دون أعلى مستوياتها في عام 1999، انتعشت الإيرادات لتصل إلى 18.8 مليار دولار، وذلك وفقا لتقرير مارك موليجان في شركة MIDiA للأبحاث. ومن المقرر أن يستمر النمو، حيث يتوقع يو بي إس أن يبلغ حجم السوق 38 مليار دولار بحلول عام 2027.
البث المباشر، عبر منصات مثل سبوتيفاي وأبل ميوزيك، كان القوة المحركة. في عام 2018، وفقا لموليجان، شكلت تلك الوسيلة 162 في المائة من إجمالي نمو السوق البالغ 7.9 في المائة.
كما قد نتخيل من هذه الأرقام، لم يعد أحد يشتري الأقراص الممغنطة (سي دي).
بالتركيز على مجموعة الموسيقى العالمية، تصبح الأرقام أفضل بكثير. في عام 2018، زادت إيراداتها بنسبة 19 في المائة، من حيث العملة الثابتة، إلى ستة مليارات يورو، وذلك وفقا للبيانات المالية في شركة فيفيندي، حيث يمثل البث المباشر الآن أكثر من النصف بقليل من مبيعاتها.
كذلك، فإن هيمنتها على جداول أفضل الأغاني في الولايات المتحدة– ثمانية من أصل عشرة من أكثر الفنانين شعبية في عام 2018، وفقا لرولينج ستون، تم توقيعها مع مجموعة الموسيقى العالمية – تؤكد أيضا قوتها كصانعة مواهب، فضلا عن كونها مكانا لتخزينهم.
في المجموع، كانت التسجيلات الموسيقية تمثل 80 في المائة من مبيعات مجموعة الموسيقى العالمية، مع مساهمة نشر الموسيقى – أعمال ترخيص أغاني الأفلام والتلفزيون والإعلانات – بكل البقية.
بالتالي، فإن تقييم كاتالوج الموسيقى المسجلة في مجموعة الموسيقى العالمية – الأكبر في العالم بما يزيد على ثلاثة ملايين تسجيل – ضروري لأي شخص يتطلع إلى تقديم عرض لشراء حصة في الشركة.
على الرغم من هيمنة الموسيقى الجديدة، إلا أن الفنانين المعروفين لا يزالون أساسيين لنجاح الموسيقى المسجلة.
وفقا لتقرير أصدرته بوز أنجل ميوزيك BuzzAngle Music في عام 2018، فإن الأغاني التي تم إصدارها قبل أكثر من 78 أسبوعا (صحيح أنها تعسفية إلى حد ما، إلا أنه عمر لا يستهان به في صناعة الموسيقى)، كانت تشكل 62.1 في المائة من كل عمليات البث.
لذلك دعونا ننظر إلى هذه الأغاني القديمة الذهبية على أنها أصول. يمكن القول إنها أصول لم تبرز جاذبيتها إلا مع ظهور البث المباشر عبر الإنترنت الذي، مع إيراداته المتكررة وجمهوره المتنامي، جعل المدفوعات المتكررة من الأعمال الراسخة أكثر شبها بالسندات، فيما يتعلق باتساق تدفقها النقدي. (ربما يتذكر القراء ديفيد باوي عندما باع حقوقه في التأليف، على شكل سندات مقابل 55 مليون دولار. لذلك فإن المقارنة تعد ملائمة).
مثل أصول الدخل الثابت ذات الفترات الطويلة، فإن التدفقات النقدية المذكورة هي أيضا حساسة لأصغر الافتراضات بشأن صلاحيتها المستقبلية. وهي افتراضات ليست قوية كما قد يتخيل بعض المستثمرين.
سنستخدم فرقة البيتلز كنقطة مرجعية هنا، حيث كان ذا هوايت ألبوم The White Album الرابع الأكثر مبيعا لمجموعة الموسيقى العالمية العام الماضي.
إذا كنتم تتساءلون "لم البيتلز؟" حسنا، قسم ألفافيل يحب فرقة البيتلز، بالطبع. (يمكن استبدال الأربعة الرائعين بسهولة بأعمالها القديمة الأخرى، مثل كوين ونيرفانا).
على أن المشكلة بالنسبة للمشتري المحتمل هي لم نحن من المعجبين؟ بكل بساطة: لم يكن لدينا خيار. لقد تم تلقيننا.
في الرحلات الطويلة بالسيارة إلى العطلات الصيفية الساحلية، أو في المنزل على ستيريوJVC مرهق، كنا، مثل كثير من أصدقائنا، محدودين بعشرة أغان أو أكثر. أحدها، حتما، سيكون شكلا من أشكال جون وبول وجورج ورينجو (وجورج)، أيقونات فرقة البيتلز "الخنافس".
لندعو ذلك التأثير الثقافي للبث. سيتم نقل الموسيقى من جيل إلى جيل، وتضخيمها بسبب الندرة النسبية، وقيود المساحة المادية، وارتفاع أسعار الوسائط المسجلة.
هذا كان نعمة لشركات التسجيل الكبيرة لأنه لم يكن يعني انخفاض تكاليف التسويق فحسب، بل أيضا عمليات إعادة الإصدار والطبعات المحدودة وإعادة تسجيل الأغاني الأصلية (بالتكنولوجيا الرقمية)، التي أصبحت خدعة يمكن تكرارها بسهولة، حيث نشأت الأجيال الشابة لتصبح من المستهلكين هي نفسها.
تاريخ إصدار فرقة البيتلز الأخير هو مثال رائع. في عام 2000، أصدرت شركة إي إم آي EMI ألبوم البيتلز الوحيد – وهو تجميع، بشكل غير مفاجئ، لكل أغانيهم الأولى التي صدرت بشكل منفرد – وأصبح الألبوم الأكثر مبيعا في هذا العقد في الولايات المتحدة.
كونها غير راضية عن نجاحه، فإن شركة EMI التي لم تقتنع بنجاحه، أطلقت نسخة تمت إعادة تسجيلها رقميا بطبعات متعددة مختلفة لكامل كتالوج الأربعة الرائعين القديم في عام 2009، حتى إنه جاء في نسخة محدودة من فلاش الذاكرة USB (التي كانت ذروة العقد الأول من الألفية). هذا كان الإصدار السادس لأغاني فرقة البيتلز الكاملة في التاريخ.
علاوة على ذلك، أصدرت مجموعة الموسيقى العالمية العام الماضي نسخة فاخرة جدا من الألبوم الأبيض White Album، وهذا هو السبب في أدائها من حيث أعمال البث.
ومع ذلك، فإن البث يحدث مشكلات لهذا النمط من إصدار الأشياء نفسها مرارا وتكرارا، باستخدام حيل إضافية، ثم بيع كثير منها لجمهور تم تلقينه.
الأول واضح. الشكل مقرر، ومن غير المرجح أن يتم تحسينه في العقود القليلة المقبلة. لقد وصلنا إلى عصر الموسيقى الفورية، بافتراض أن لديك إشارة هاتفية أو إنترنتا.
من الصعب التخيل أنها ستصبح أكثر ملاءمة للمستهلكين، وبالتالي من الصعب أكثر إغراء مستمع عادي لفرقة البيتلز بأن يدفع 200 دولار مقابل أسطوانات فينيل جديدة (تحمل هوامش ربح أفضل بكثير) إذا كانت متوافرة أيضا على منصات البث.
الثاني هو أقرب إلى كونه تجربة فكرية، وهي تجربة قدمها لنا محلل شركة ميديا MIDiA للأبحاث، زاك فولر فقال: ماذا لو توصلنا إلى أن الهاتف الذكي يعطل تأثير البث الثقافي؟
كما ذكر قسم ألفافيل من قبل، أحببنا فرقة البيتلز لأنه لم يكن لدينا خيار. بحلول الوقت الذي أصبحنا فيه بالغين، كان قد تم نقش الأغاني في أرواحنا.
الهواتف الذكية، ووسائل الإعلام الرقمية التي يمكن الوصول إليها بسهولة، ربما غيرت هذا.
السيارات الآن تتميز بانتظام بشاشات تلفزيون في الخلف لتوجيه انتباه الأطفال إلى أراضي فيلم فروزِن، حتى يتمكن الوالدان من الاستماع إلى بون جوفي، أو الشجار، بسلام.
غرفة النوم، بالنسبة للأغلبية، كانت فيما مضى مكانا لا يمكن أن يتم فيها سوى القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى (عبر الإذاعة أو أقراص السي دي) بخصوصية.
لقد أصبحت الآن مكانا لمشاهدة نيتفليكس، أو لعب لعبة فورتنايت أو متابعة العنصريين السويديين على "يوتيوب".
ليس من الركاكة أن نشير إلى أنه في هذه البيئة، فمن غير المرجح أن تكون أغنية "إليانور ريجبي" هي وسيلة الترفيه.
بالطبع، هناك طرق أخرى لجعل الأغاني الكلاسيكية رائجة. الموجة الأخيرة من أفلام السير الذاتية الموسيقية المقبولة – مثل فيلم بوهيميانر ابسودي لفرقة كوين – يمكن أن تساعد في إحياء الأغاني الكلاسيكية لبضعة أشهر.
هذه المطبات في البث ليست غير قابلة للتنبؤ فحسب، كما يتضح من فشل فيلم كل الأعين عليّ All Eyez on Me عن حياة توباك شاكور، بل هي أيضا تحدث لمرة واحدة. يمكن القول إن تأثير البث الثقافي يتطلب تعرضا مستمرا، وليس 90 دقيقة فقط في السينما. (فضائح الفنانين تساعد أيضا، إن كانت الأفعال الأخيرة لبث أغاني آر كيلي هي أي شيء يمكن القياس عليه، إلا أن من الصعب كذلك هندستها. كما نعتقد).
مع كل هذه الضجة بشأن المحتوى الجديد في صناعة التلفزيون، قد يعتقد البعض أننا نبالغ في التأكيد على انخفاض قيمة الكتالوج القديم. بالتأكيد، تستطيع تايلور سويفت البدء من حيث توقفت فرقة رولينجستونز، أليس كذلك؟
المشكلة هي العثور على تايلور سويفت جديدة إذا بدأت التدفقات النقدية من الكتالوج بالانخفاض.
في العام المالي 2017، قدر بنك يو بي إس أن مجموعة الموسيقى العالمية مولت الفنانين والمجموعات الموسيقية (المقصود بذلك البحث عن فنانين)، وتكاليف تسويق كان بقيمة 1.3 مليار يورو من أرباحها من الكتالوج القديم البالغة 1.7 مليار يورو. لذلك هناك مشكلة مستعصية (تشبه أغلوطة البيضة والدجاجة) غير قابلة للحل.
ربما نحن نبالغ في القضية. في النهاية، فرق البيتلز ورولينجستونز وبوب مارلي تتألف من فنانين رائعين. موسيقاهم ستستمر، لكن هذا ليس هو السؤال بالنسبة إلى مستثمر محتمل.
السؤال هو: إلى أي درجة سيستمر تدفق مبالغ الريع لحقوق التأليف من هؤلاء الفنانين؟ لنفترض أن السير بول والسير رينجو (من فرقة البيتلز) سيصبحان أكثر ثراء بكثير من أعمال البث، لربما لن تبدو المضاعفات الواردة في الأرقام جنونية إلى هذه الدرجة. في هذا العصر، من الصعب العثور على أصول تنمو ولها تدفقات نقدية شبه متوقعة.
أما إذا لم يحمل الجيل التالي المودة نفسها نحو الفنانين الذين حددوا الأعوام الـ 50 الأولى من عصر البوب، فأين سيترك كتالوجات شركات التسجيل القديمة؟ نقترح ما يلي: في بقعة أكثر تشددا مما يتخيل معظم الناس.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES