FINANCIAL TIMES

انفتاح الشهية على المجازفة يظهر علامات تخمة الأسواق العالمية

انفتاح الشهية على المجازفة يظهر علامات تخمة الأسواق العالمية

بعد بيانات مخيبة للآمال من اليابان والصين، رفعت الولايات المتحدة رقم الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من العام الماضي، إلى مستوى فاق التوقعات، حيث وصل معدل نموه إلى 2.6 في المائة.
انتهت بيانات شباط (فبراير) الماضي إلى إظهار شهية للمجازفة في الأسواق، تكشف قدرا خفيا من عسر الهضم.
ومع ذلك، كان معدل الربع الرابع من العام الماضي، أبطأ من الربعين السابقين له "3.4 في المائة للربع الثالث و4.2 في المائة في الربع الثاني"، ما أتاح لاتجاه اعتدال الاقتصاد تشكيل بداية ملامح الاقتصاد في عام 2019.
من جانبها، تمهد منظمة كونفرنس بورد الطريق أمام هبوط سلس في الولايات المتحدة: "خلال عام 2019 ، من المرجح أن يتباطأ النمو في اتجاه الاقتصاد في الأجل الطويل بنسبة 2 في المائة، مع خفض الدعم المقدم من السياسة المالية، ولكن بشكل تدريجي أكثر مما كان متوقعا في بداية العام" حسب تقرير المنظمة.
البيانات الأمريكية رفعت من توقعات عوائد الخزانة قليلا، فيما تصورت بقاء مؤشر السوق العريض: ستاندرد آند بورز 500، مراوحا بين 2800 و 2810 نقاط - وهو السقف الذي حد من انتعاشات السوق في الربع الأخير من 2018.
تحظى الأسهم بدعم من ثبات سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وقلة عائدات السندات وتقلبات سوق خاملة، لكنها ارتفعت بشكل عادل بالفعل هذا العام.
بيد أنه في المقابل، يجب أن يمثل آذار (مارس) الماضي، فترة نجاح نظرا إلى المكاسب المكونة من رقمين، التي سجلها عدد من المعايير، في شباط (فبراير) الماضي.
ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية بنسبة 10.5 في المائة هذا العام حتى الآن، أي أعلى بنسبة 9.2 في المائة، باستبعاد سوق الأسهم الأمريكية.
بالنظر إلى السوق الأمريكية، يقول ديفيد بيانكو من شركة "دي دبليو إس DWS الآن" وقد أصبح كل من مؤشر "إس آند بي 500 " و"راسيل 2000 الآن"، على مسافة قريبة من أعلى مستوياتهما السابقة، "ينبغي النبش في خلفية الاقتصاد الكلي، وتوقعات نمو الأرباح، والميزانيات العمومية، بل وفي تقييمات تعيدنا إلى ضآلة الوزن الناقص الذي كان متاحا لدينا، قبل عمليات بيع متأخرة خلال 2018".
يظهر تذكير آخر بالماضي القريب - كيف بدت الأمور في أيلول (سبتمبر) الماضي وأوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي - بتقلب الأسهم مؤشر "إس آند بي 500 " ومؤشر "ستوكس 50" في أوروبا.
وعلى نطاق أوسع، خفت حدة تقلبات السوق للسندات والعملات بشكل كبير، ما يعكس هديل المصارف المركزية الحمائمية.
غير أن هذه ليست أخبارا جيدة للمصارف الاستثمارية وعمليات التداول فيها، وهي نقطة أثارها بنك جي بي مورجان.
خمول تقلبات السوق لا يعني أن هناك مخاطر أقل، فالارتفاع المطرد في القيمة ضمن مناطق محفوفة بالمخاطر في السوق، شبيه بصعود الدرج بجملة من الخطوات دفعة واحدة، وذلك له جانب آخر.
عندما يتردد صوت التنبيه بالوصول، تأخذ الأسهم والائتمان المصعد إلى أسفل، كما رأينا بشكل كبير العام الماضي، في شباط (فبراير) الماضي عند بداياته، ومن ثم في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وهو يشارف على الرحيل.
الأدلة المتزايدة على تباطؤ متزامن للاقتصاد العالمي، تعني أننا نقترب من منعطف مهم. هنا، تلوح الصين في الأفق بتواصل من محفزها الأخير، المحتمل له تكييف مزاج المستثمرين الأوسع.
وهناك ملاحظة من شركة بيمكو جديرة بالاهتمام: "على عكس المقاربات الصينية السابقة، التي كانت أكثر تركيزا على الطلب "مباشرة"، فإن هذا الحافز الأخير يحركه جانب العرض، لذلك من الصعب معرفة التأثير المضاعف النهائي له، في ظل عدم وجود أي سوابق" للقياس بها أو البناء عليها. في الواقع، يحذر جيسال باستاكيا من شركة هارت وود لإدارة الاستثمار قائلا: "في حين أن مؤشرات التوسع الائتماني الشامل في كانون الثاني (يناير) الماضي هي موضع ترحيب، يجب على المستثمرين أن يراقبوا أدلة الاستدامة، لإثبات تأثير التوسع الائتماني في النشاط الاقتصادي أيضا".
التحول الواضح من تركيز الصين على "تقليص ديون" نظامها المالي، هو نتاج ما سعرته الأسواق. والآن تتعين عليهم رؤية بعض الأدلة الحقيقية، على استفادة الاقتصاد بشكل عام.

دبلوماسية السوق
ربط الوضع في السوق خلال شباط (فبراير) الماضي بدبلوماسية الأسواق - النهاية المفاجئة لقمة الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في هانوي، أضرت بأسهم كوريا الجنوبية، حيث انخفض مؤشر كوسبي بنسبة 1.8 في المائة.
وفضلا عن ذلك تم احتواء الموجات السلبية التالية للحدث في الأسواق، وتلاحظ مجموعة براون برازرز هاريمان ما يلي: "تم التخطيط للقمة على عجل، لذا فإن النتيجة المبتسرة لم تكن مفاجأة. كحال كل الأمور في كوريا الشمالية، من المرجح أن يكون تأثيرها قصير الأجل في السوق".
بالنسبة للأسواق، فإن القلق مشهد متكرر مع كل محاولة من الولايات المتحدة والصين، إضفاء طابع رسمي على أي اتفاق تجاري.
يقول مارك تشاندلر من شركة بانوكبورن جلوبال فوركس:
"موقف الرئيس الأمريكي في القمة مع نظيره الكوري الشمالي، يومذاك، كان أمرا مهما في حد ذاته، فقد بعث تحذيرا بصدد اتفاق تجاري منتظر بين أمريكا والصين، جراء مخاوف من أن يتدهور أيضا، في اللحظة الأخيرة".
على صعيد آخر، لعبت شركات بناء المنازل في بريطانيا، على وتر الخروج من الاتحاد الأوروبي - هذه هي وجهة النظر في شركة بي سي أيه BCA للأبحاث - التي تلاحظ أن القطاع سيستفيد إذا ما قرر البرلمان البريطاني رفض الخروج بلا اتفاق، بدلا من مجرد تأخيره،
وهذا يستلزم ارتفاعا مستمرا في الجنيه الاسترليني. كما تجادل الشركة - التي تعتقد أن هذا الحدث ستتفاقم فيه الأصول المعرضة للمخاطر في بريطانيا- بأنه يجب على المستثمرين التركيز على مؤشر فاينانشيال تايمز 250 ومؤشر فاينانشيال تايمز للأسهم ذات الرساميل الصغيرة، كون اللاعب الأفضل الآن هي شركات بناء المنازل في بريطانيا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES