FINANCIAL TIMES

في الهند .. موقف الشركات عامل حاسم في الاقتراع

في الهند .. موقف الشركات عامل حاسم في الاقتراع

في الهند .. موقف الشركات عامل حاسم في الاقتراع

في الهند .. موقف الشركات عامل حاسم في الاقتراع

خلال فترة ولاية ناريندرا مودي الأولى كرئيس للوزراء التي بدأت في عام 2014، كان مصدر بعض أقوى الدعم الذي حظي به، يكمن في مجالس الإدارة ومكاتب كبار المسؤولين في الشركات الأكثر نفوذا في الهند.
قادة الشركات، الذي أثار مودي إعجابهم بسجله الاقتصادي كرئيس وزراء ولاية جوجارات، كانوا يأملون أن يتمكن من إحداث تغييرات مماثلة على الساحة الوطنية، من خلال القضاء على الفساد والبيروقراطية، وإنهاء الشعور بتراجع السياسة الذي بدأ خلال فترة ولاية الحكومة السابقة.
بعد مرور خمس سنوات، وفي الوقت الذي يستعد فيه مودي للترشح لفترة ولاية ثانية، تتباين مستويات الحماس في دوائر الأعمال، بسبب ما يراه البعض أنه سجل متباين من السياسة الاقتصادية.
يثني كبار التنفيذيين على حكومته لمضيها قدما في إجراء إصلاحات حيوية، ولا سيما نظام جديد للإفلاس وضريبة القيمة المضافة لعموم الهند.
إلا أنهم شعروا بخيبة الأمل إزاء التقدم بشأن قضايا أخرى، مثل الميزانيات العمومية المجهَدة في المصارف الكبرى المملوكة للدولة في الهند، وإزاء قرار "إلغاء بعض فئات العملة" الذي سبب الاضطراب، حين أوقف التعامل بنوعين من فئات البنكنوت في عام 2016.
قال هارش جوينكا، رئيس مجلس إدارة مجموعة آر بي جي، تكتل يضم صناعات تراوح بين الإطارات والتكنولوجيا "هذه الحكومة كانت تحظى بأغلبية واضحة، وهي حكومة شعرنا أن بإمكانها فعل ما هو أكثر من ذلك بكثير. اليوم، يمكننا القول إن معظم كبار رجال الأعمال لا يزالون من المناصرين لمودي، إلا أن السبب الرئيس هو عدم وجود بديل قوي".
في كانون الثاني (يناير) الماضي، ألقى مودي خطابا في قاعة مزدحمة بالناس في فايبرانت جوجارات، خلال المؤتمر السنوي للاستثمار الذي قام بتأسيسه حين كان الرجل الأول في الولاية، واستخدمه لبناء سمعة طيبة له كأحد رجال السياسة الأكثر تواؤما مع الأعمال في الهند.
وعد مودي بمواصلة التركيز على الإصلاحات وتحرير الضوابط التنظيمية، قائلا "إنه بعد مرور خمس سنوات على ترؤسه للحكومة، فإن الهند باتت منفتحة على الأعمال على نحو لم يسبق له مثيل".
الملاحَظ أن فرض ضريبة السلع والخدمات في عام 2017 جاء ليحل مكان حزمة مربكة من رسوم وطنية وأخرى تفرضها الولايات. النظام الجديد اضطر كثيرا من الشركات الصغيرة إلى دفع الضرائب للمرة الأولى، ما ساعد تنافسية الشركات الأكبر حجما التي تتنافس مع القطاع شبه الرسمي، في مجالات مثل الصناعات التحويلية الخفيفة.
قال ريدهام ديساي، مختص الأسهم الاستراتيجي لدى بنك مورجان ستانلي "تلك الشركات كانت تعيش وضعا غير موات في السابق، لأنها بكل بساطة كانت تدفع الضرائب المطلوبة منها".
هناك قانون جديد للإفلاس يسمح بأن يتم بيع الشركات المعسرة أو تصفيتها بشكل أسرع بكثير، وهذا تحول تاريخي للقوة بعيدا عن فئة الناس من أصحاب المعارف والنفوذ، كانوا يحتفظون بالسيطرة على شركاتهم، وفي الوقت نفسه يضطرون مصارف الدولة إلى الوقوع في الخسائر.
قال سونجوي تشاترجي، رئيس مجلس الإدارة بنك جولدمان ساكس في الهند "المرة الأخيرة التي شهدنا فيها مثل هذه الفترة الانتقالية كانت في التسعينيات"، مشيرا إلى الإصلاحات التي تسببت في إنهاء قانون "تراخيص راج" البيروقراطي.
كان الدفع نحو مزيد من الشفافية سمة مميزة لفترة تولي مودي سلطاته، ولا سيما من حيث فرض أنظمة جديدة شاملة على قطاع العقارات، الذي كان ينظر إليه على أنه عرضة لغسل الأموال.
قال أبهيشيك لودها، العضو المنتدب لمجموعة لودها، واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في الهند "هذا يوجد نوعا مختلفا من الصناعة، حيث يقضي على الجهات التي كانت تستغل حالة عدم الوضوح".
إلا أن المعارضين السياسيين يشيرون إلى تورط قطب الأعمال أنيل أمباني في صفقة دفاع كبيرة، ليشكل تحديا أمام التقدم الذي يحرزه مودي في مجال الشفافية.
كما كان من المتورطين أيضا موكيش، الشقيق الأكبر لأمباني، بعد أن عُدّ مشروعه الرقمي ريلايانس جيو بقيمة 30 مليار دولار كان من المستفيدين من قرارات تنظيمية. وتسبب ذلك في الإضرار بالشركات الأجنبية بما فيها فودافون ووول مارت، التي حققت العام الماضي أكبر استثمار مباشر أجنبي في تاريخ الهند.
يتفق معظم زعماء الأعمال والمحللين على أن مودي أدخل نمطا أكثر منهجية للتعاملات مع الشركات الكبرى، كثيرا ما كان ما يتوقف نجاحها على العلاقات الشخصية مع الوزراء.
قال راشيش شاه، الرئيس التنفيذي لشركة إيديلوايس، وهي مجموعة مالية كبيرة في مومباي "كان الناس يأتون إلى دلهي للحصول على موافقات خاصة وما إلى ذلك، من الواضح أن ذلك يتراجع الآن".
تسبب النظام الجديد في إثارة غضب الذين ازدهروا تحت ظل النظام القديم. حتى مؤيدي مودي من الشركات تضررت ثقتهم بسبب قراره بإلغاء بعض فئات العملة في عام 2016، التي تسببت في إزالة الأوراق النقدية الأكبر من التداول وذلك لإضعاف الاقتصاد الأسود، ما تسبب في إحداث فوضى في اقتصاد الهند الذي يحركه النقد.
يستشهد البعض في القطاع المالي بهذه الحادثة ليقولوا إن التحالف الذي يقوده مودي – الذي يعد أنه سيحقق الفوز على الأرجح في الانتخابات – سيؤدي إلى إضعاف سلطته وتقليل فرصة فرض السياسات المتهورة.
في مجالات أخرى، تعرضت الأعمال لخيبة الأمل بسبب المشكلة المعاكسة، عدم اتخاذ الإجراءات.
حذر آدي جودريج، رئيس مجلس إدارة تكتل جودريج للسلع الاستهلاكية، من أن الحكومة فشلت في تقديم موارد إضافية كافية للنظام القانوني المثقل بالقضايا العالقة في الهند، ما تسبب في تورط الشركات في قضايا لا تنتهي في المحاكم.
قانون الإصلاح الزراعي – حيث الشركات لا تزال تعاني من أجل تأمين أراض للاستثمار الصناعي – وقوانين سوق العمل – التي تضغط على الشركات الصغيرة للحد من أعداد الموظفين وتقييد عملية توظيف العمال المؤقتين – يُنظَر إليها على أنها فرص ضائعة.
قال إسرار أحمد مكا، صاحب مشروع في مجال الأحذية في تشيناي، الذي يرأس اتحاد منظمات التصدير الهندية في جنوب الهند "نحن نتنافس ضد شركات في بنجلادش وفيتنام، في أعمال موسمية وكثيفة العمالة، وغير قادرين على توظيف العمال وتسريحهم عند الحاجة".
كما أضاف أن ثمة مصاعب أخرى تتمثل في الضغط على الائتمان المصرفي، حيث تعترك المصارف المهيمنة في الدولة مع قروض الشركات المتعثرة.
في عام 2017، أعلنت الحكومة خطة لإعادة رسملة المصارف بقيمة 32 مليار دولار، ويبدو أنها غير كافية لتثبيت استقرار المصارف التابعة للدولة. البيئة الائتمانية المتشددة استثارت الجدل بعد أن فرضت الحكومة ضغوطا على بنك الاحتياط الهندي "المركزي" لتعزيز السيولة، ما تسبب في تأجيج التوترات التي بلغت ذروتها في استقالة أورجيت باتل، من منصب محافظ البنك في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
في الوقت الذي اتهم فيه سياسيو المعارضة مودي بتقويض استقلالية البنك المركزي الهندي، شعر كثير من التنفيذيين بأن باتيل كان قد اتخذ موقفا متشددا بلا مبرر، مع وصول التضخم إلى مستوى أقل من النطاق المستهدف.
يعزى انخفاض التضخم إلى حد كبير إلى سياسة الإنفاق الحصيفة التي اتبعها مودي، بإشرافه على تقليص العجز، بحسب ما يقولون أيضا.
قال رئيس إحدى الشركات الكبرى في مومباي "الرأي العام يقضي بأن حكومة مودي والاستمرارية أمران مرغوب بهما الآن. من الواضح أن أداء هذه الحكومة كان أفضل بكثير من الحكومة السابقة، التي كانت تتسم بالفوضى. على أننا بحاجة إلى مستوى أعلى بكثير من النمو، إذ يمكننا فعل ما هو أكثر من ذلك المعدل الحالي، بكثير".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES