المشراق

بين «أعلام الزركلي» و«صحراء الصويان»

بين «أعلام الزركلي» و«صحراء الصويان»

بين «أعلام الزركلي» و«صحراء الصويان»

غرد الباحث قاسم الرويس قائلا: "إذا كان الطنطاوي قد عد كتاب الأعلام للزركلي من مفاخر الأواخر على الأوائل، فإني أعد هذا الكتاب (كتاب الصحراء العربية) من مفاخر السعوديين على العرب وغير العرب".
وكتاب الأعلام في السير والتراجم، مكث المؤرخ والعلامة السعودي خير الدين الزركلي في تأليفه 60 عاما، وأورد فيه من الفوائد والنوادر ما لا حصر له. ووقف العلماء أمام كتابه هذا مشدوهين لروعته، وما كلمة الشيخ علي الطنطاوي السابقة إلا واحدة من كلماتهم العديدة، ونصها: "الكتاب العظيم (الأعلام) أحد الكتب العشرة التي يفاخر بها هذا القرن القرون السابقة"، أما عبدالعزيز الرفاعي فيقول: "لو سئلت عن أعظم كتاب عربي صدر في القرن الرابع عشر الهجري، لقلت دونما تردد إنه الأعلام"، ويرى الشيخ حمد الجاسر أن كتاب الأعلام "عصارة فكر بحاثة جليل، قل أن يضاهيه أحد في سعة اطلاعه على المؤلفات قديمها وحديثها، وهو خلاصة مئات من الكتب والمطبوعات ألفت في التراجم، بحيث يصح القول بأن الأعلام من مفاخر عصرنا الثقافي". ولغيرهم من العلماء والمثقفين ثناء كبير على هذا الكتاب يطول ذكره.
فالطنطاوي لم يبالغ في ثنائه على كتاب الزركلي، بل يتسق كلامه مع كلام عديد من العلماء والمثقفين. ولكن هل بالغ قاسم الرويس فيما قال عن كتاب الصحراء العربية؟
يقع كتاب "الصحراء العربية، ثقافتها وشعرها عبر العصور، قراءة أنثروبولوجية" في 819 صفحة، وصدرت طبعته الأولى عام 1431هـ/ 2010، ومؤلف الكتاب هو الدكتور سعد الصويان، وموضوع الكتاب يدخل ضمن تخصصه واهتمامه الثقافي. أما قاسم الرويس فهو باحث له عديد من المؤلفات والتحقيقات، ومئات المقالات، كثير منها في هذا المجال أو تدور حوله، فإذا ما أصدر رأيا مثل رأيه السابق فإنه يصدره عن خبرة ومعرفة. وقد يبدو للبعض أن في رأيه مبالغة.
تناول الصويان في كتابه السابق موضوعات كَتب فيها كثير من العرب وغيرهم، لكن أغلبها كتابات ودراسات غير جادة، يغلب عليها السطحية والعاطفة، وتكثر فيها الأخطاء، والتحليلات الساذجة، ولا أبرئ نفسي فأنا واحد ممن كتب في هذا المجال كتابات ضعيفة. لقد ابتذلت ثقافة الصحراء بهذا النوع من الدراسات والمقالات حتى جاء الصويان وأعاد لهذه الثقافة اعتبارها بمؤلفاته، ولا سيما الكتاب مدار الحديث.
سبر الصويان غور الصحراء العربية وهو ابنها، وقابل رواتها الكبار الذين كانوا يروون بعفوية على سجيتهم، وقرأ جل ما كتب عن صحراء العرب، وعلى مدى سنوات طويلة وهو يبحث ويكتب ويناقش ويسأل ويحلل، فجمع كما هائلا من المعلومات والروايات اختزلها في هذا الكتاب، الذي هو بحق نحْت فكر.
هناك كتب تخلد، تستقر في الذاكرة الإنسانية ولا تزول، والصحراء العربية من هذا النوع من الكتب، ولكني أتساءل لماذا ظل هذا الكتاب مجهول القدر على الرغم من مرور سنوات على صدوره؟، ربما هناك عدة أسباب لا داعي لنقاشها، ولكن الأكيد أن كتاب "الصحراء العربية" للدكتور الصويان سيظل كتابا خالدا، وهو واحد من مفاخر الثقافة العربية. وأتمنى وأتوقع أن يترجم إلى عدة لغات في السنوات المقبلة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق