FINANCIAL TIMES

كسر عظم بين صناع الأدوية والكونجرس حول التسعير

 كسر عظم بين صناع الأدوية والكونجرس حول التسعير

 كسر عظم بين صناع الأدوية والكونجرس حول التسعير

عندما مثل سبعة تنفيذيين من أكبر شركات الأدوية في العالم أمام مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، واجهوا جبهة موحدة نادرة في السياسة الأمريكية، يتفق كل من الجمهوريين والديموقراطيين بلا جدال، على أن أسعار الأدوية مرتفعة فوق الحد.
كبار الإداريين التنفيذيين لشركات من ميرك، وفايزر، وأسترا زينيكا، وآبفي، وسانوفي، وبريستول-مايرز سكويب، إضافة إلى رئيس تنفيذي من شركة جونسون آند جونسون، واجهوا أسئلة صعبة حول ما يصبح سريعا قضية رئيسة في انتخابات عام 2020 الرئاسية.
مع تزايد عدد الأمريكيين المشمولين بخطط التأمين الصحي "القابلة للخصم العالي" التي تجعلهم يدفعون نسبة أكبر من أسعار الأدوية من جيوبهم الخاصة، يحرص السياسيون على بيان أنهم مصدومون بقدر المرضى من التكاليف المرتفعة.
ديفيد فريند، المؤسس المشارك لمركز بي دي أو BDO للتميز والابتكار في مجال الرعاية الصحية، قال إن جلسة الاستماع كانت مسرحا سياسيا "في حين أن الديموقراطيين والجمهوريين لديهم طرق مختلفة، إلا أن الحزبين يودان أن يظهرا بمظهر الأبطال وراء خفض أسعار الأدوية".
الارتفاعات العجيبة في أسعار الأدوية– بما في ذلك الحالة الشهيرة لقيام مارتن شكريلي برفع سعر دواء الإيدز "دارابريم" بنحو خمسة آلاف في المائة، والزيادات الكبيرة من شركة فاليانت – تصدرت العناوين الرئيسية في الأعوام الأخيرة، ما أثار غضب المرضى ضد صناعة الأدوية.
من المرجح أن يتعرض كثير من الناس لرفع ثابت تدريجي للأدوية الشائعة والأسعار العالية للعلاجات المبتكرة، مثل العلاجات الجديدة لمرض السرطان.
الإنفاق على الأدوية من المتوقع أن يرتفع في المتوسط بنسبة 6.3 في المائة سنويا من عام 2017 حتى عام 2026، وذلك وفقا لمركز الرعاية الطبية والخدمات الطبية التابع للحكومة الأمريكية.
إجمالي فاتورة الأدوية الموصوفة للأفراد في عام 2017 بلغ 333 مليار دولار.
تعهد الرئيس ترمب بخفض الأسعار "غير العادلة" للأدوية في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه هذا الشهر، حيث قال إنه سيعالج مشاكل "الركوب المجاني العالمي" – أي البلدان ذات الأسعار المنخفضة، التي تستفيد من شركات صناعة الأدوية الأمريكية – وتوفير "شفافية الأسعار".
الاقتراح الأكثر واقعية من طرف الإدارة حتى الآن جاء الشهر الماضي عندما اقترح أليكس عازار، وزير الصحة والخدمات الإنسانية، قانونا لدفع الرديات من شركات التصنيع مباشرة إلى الزبائن، بدلا من أن تقبع لدى الوسطاء في نظام معتم.
يفضل الديموقراطيون تنظيما حتى أوسع نطاق، حيث إن خمسة مرشحين للرئاسة – أعضاء مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، وكوري بوكر، وكيرستين جيليبراند، وكامالا هاريس وإليزابيث وارن – يدعمون ثلاثة مشاريع قوانين كاسحة لإحداث تغييرات واسعة في سوق الأدوية.
مشاريع القوانين ستربط سعر الأدوية الموصوفة في الولايات المتحدة بمتوسط السعر في خمسة بلدان رئيسية – المملكة المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان – ما يسمح للمرضى والصيادلة باستيراد أدوية آمنة، وبأسعار معقولة من كندا وبلدان أخرى والطلب من برنامج ميديكير Medicare، خدمة الخطط الصحية التي تدعمها الحكومة لكبار السن، التفاوض على خفض أسعار الأدوية بشكل جماعي.
جيو بانيتا، الرئيس التنفيذي في رابطة بيوكوم لشركات التكنولوجيا الحيوية في كاليفورنيا، قال إنه يأمل أن جلسة الاستماع لن تركز على "إذلال وتقريع صناعة" أسهمت كثيرا في جودة حياة المرضى وصحتهم.
وأضاف، "يبدو أن هناك حمى غضب متنامية بين الديموقراطيين الذين يترشحون للرئاسة لملاحقة صناعة الأدوية، من خلال التفوق على بعضهم بعضا بمقترحات لا معنى لها".
في حين يتنافس المشرعون في الولايات المتحدة ليكونوا بطل الشعب، إلا أن التنفيذيين لدى شركات الأدوية الذين مثلوا أمام اللجنة المالية لمجلس الشيوخ دافعوا بأمرين، وذلك وفقا لمايكل ريا، الرئيس التنفيذي لشركة آر إكس سيفنجز سوليوشنز Rx Savings Solutions، التي تطور البرمجيات لأصحاب العمل وشركات التأمين للمساعدة على خفض تكاليف الأدوية الموصوفة الاعتذار وتوجيه أصابع الاتهام للآخرين.
وقال "عارضوا فكرة أن زيادات أسعار الأدوية تذهب فعليا إلى أرباحهم. وجادلوا أنه نظام معقد جدا وكثير من الناس يستفيدون من هذا الأمر".
"كما حاولوا أيضا أن ينأوا بأنفسهم عن السلوك السيئ – الشركات الأصغر ترفع الأسعار بنسبة 50 أو 100 في المائة – على الرغم من أن ارتفاعات بنسبة 10 في المائة، في الواقع، لا تزال تشكل أربعة أضعاف التضخم وكثير من الدولارات لبعض أدوية السوق الشاملة".
باسكال سوريو، الرئيس التنفيذي لشركة أسترا زينيكا القائمة في المملكة المتحدة، حاول تقديم حجة مفادها بأن شركات الأدوية بإمكانها لعب دور في خفض تكاليف النظام الصحي بشكل عام.
في حديثه إلى الصحافيين بعد إصدار نتائج الربع الرابع للشركة هذا الشهر، قال سوريو إنه ينوي إخبار المشرعين أن "شركات الأدوية يمكن أن تكون جزءا من الحل، فهي جزء من المشكلة، إذا بدأنا النظر إلى تكاليف الرعاية الصحية بالمجمل".
أحد مجالات الاستجواب، الذي من المتوقع أن تركز عليه اللجنة هو ما إذا كانت الخصومات– التي تقدمها شركات الأدوية لشركات التأمين – ستؤدي إلى زيادة التكاليف على المستهلكين، الذين غالبا ما يضطرون إلى دفع نسبة من سعر الدواء الرسمي، الذي تضعه الشركة بدلا من السعر المخفض.
في حديثه قبل جلسات الاستماع، تشاك جراسلي، رئيس اللجنة من الحزب الجمهوري، قال "يبدو أنه لا أحد يعرف بالضبط كيف تتوصل إلى سعر معين، ولماذا لديك خصومات – فيما يتعلق بمدى حجم الرديات ومن يستفيد من الخصم، على حد سواء، وما إذا كان المستهلك يستفيد أو ما إذا كان شخص ما في الوسط يستفيد".
أشار كثير إلى شركات إدارة مستحقات الصيدليات التي تدير برامج الأدوية لشركات التأمين.
ورحبت شركات صناعة الأدوية باقتراح عازار لجلب الشفافية لنظام الخصومات، حيث قالت إنه ينبغي على شركات إدارة مستحقات الصيدليات، تمرير المزيد منها إلى المرضى.
في الوقت الذي يروي فيه مرضى السكري قصصا مروعة حول عدم تمكنهم من تحمل تكلفة الإنسولين، تعرضت شركة سانوفي والشركات المنافسة "إلي ليلي" و"نوفو نورديسك" للانتقاد بسبب الزيادات في أسعار الأدوية الأساسية.
آدم جلاك، رئيس الشؤون الخارجية في شركة سانوفي، قال إن صافي سعر الأنسولين الذي تنتجه الشركة انخفض بنسبة 25 في المائة منذ عام 2012 بسبب المنافسة، لكن لم يتم تمرير ذلك إلى المستهلكين "نحن نعلم أن هناك كثيرا من الغضب في مجتمع المرضى حول السبب في استمرار ارتفاع التكلفة المترتبة عليهم، ونشاركهم الشعور بالإحباط في أن انخفاض صافي أسعار الأنسولين لم يترجم إلى تكاليف منخفضة للمرضى".
وقال بانيتا إنه "من العدل" أن كل جزء من الصناعة ينبغي أن يناقش كيفية خفض الأسعار.
وتساءل قائلا "لماذا لا يتم جلب شركات إدارة مستحقات الصيدليات إلى كابيتول هيل؟ لماذا لا يتم جلب شركات التأمين إلى كابيتول هيل؟".
جمعية إدارة الرعاية الصيدلانية، التي تضم شركات إدارة مستحقات الصيدليات تتعرض للانتقاد، أطلقت حملة إعلانية لتبين كيف أن هذه الشركات "داعمة للمستهلكين في المعركة من أجل خفض تكاليف الأدوية الموصوفة".
يعتقد آخرون أن التكنولوجيا ستعطل نموذج أعمال شركات إدارة مستحقات الصيدليات، لذلك فإن هيئات التنظيم ليست مضطرة إلى القيام بذلك.
جون سكولي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة أبل الذي يقود الآن آر إكس آدفانس RXAdvance، وهي منصة سحابية لإدارة مستحقات الصيدليات، قال إن شركات مثل شركته – وأمازون التي اشترت صيدلية على الإنترنت بيل باك PillPack العام الماضي – ستدخل الشفافية إلى السوق.
وقال، "ستكون أمازون لاعبا كبيرا في هذه الصناعة. إنها مشكلة من الأفضل أن يحلها القطاع الخاص".
اعترض التنفيذيون السبعة بشدة على المقترحات، التي تستهدف أعمالهم بشكل مباشر، من تحديد الأسعار بناء على تلك، التي في بلدان أخرى والسماح بالواردات من الخارج، إلى دفع خدمة ميديكير Medicare إلى التفاوض على خفض الأسعار والتدابير لتشجيع مزيد من المنافسة من الأدوية الجنيسة.
ستعمل مجموعات الأدوية على ترويج البحث والتطوير للعالم بأسره – ومتوسط تكلفة إنشاء كل دواء يبلغ 2.6 مليار دولار، وذلك وفقا لمركز تافتس لدراسة تطوير الأدوية.
كما سيشرحون أيضا كيفية الابتكار مع نماذج الدفع الجديدة مثل التسعير بناء على القيمة، حيث شركات التأمين لا تدفع إلا مقابل الأدوية، التي أثبتت فعاليتها.
ويوجد الآن أكثر من 40 عقدا من مثل هذه العقود للأدوية، وذلك وفقا لجمعية الصناعة فارما PHRMA.
واستشهد سوريو بدواء بريلينتا، وهو دواء لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تعهدت شركة أسترا زينيكا أن النسبة التي يدفعها المرضى الذين يوصف لهم الدواء، والذين قد يعانون نوبة قلبية ثانية لا تزيد على نسبة معينة، ما يوفر المال من الإدخال إلى المستشفى.
وقال فريند إن شركات الأدوية تعرف أن عليها اتخاذ إجراء "الشركات تدرك الغضب المتزايد في الولايات المتحدة حول تسعير الأدوية. وإذا لم تفعل شيئا، يمكن أن تكرَه على ضبط الأسعار".

لا بديل

كريستي فيليكس لا تستطيع أن تنسى رحلة إلى صيدلية سي في إس CVS المحلية في نورث كارولاينا، في هذا الوقت من العام الماضي.
كانت تريد تسلم دواء تيمودور، الذي تصنعه شركة ميرك لعلاج المرحلة الرابعة من سرطان الدماغ، الذي تعانيه، الذي يبلغ سعره في العادة 75 دولارا.
وحيث إن تأمين زوجها انتقل في الفترة الأخيرة من "سيجنا" إلى "يونايتد"، فقد قفز السعر على الفاتورة، ستدفع شركة التأمين الآن 1100 دولار من أصل السعر البالغ 7000 دولار. وقالت "ما رأيك في هذا؟ زيادة 5900 دولار شهريا بعد أن يسري مفعول التأمين".
سبق أن عانت السيدة فيليكس رد فعل سلبيا من الدواء البديل الجنيس، الذي جعلها "في حالة مرضية شديدة للغاية".
وقالت "أنا مصابة بسرطان الدماغ. وهذا يختلف عن الإصابة بالزكام، ثم إنه ليس لدي خيار آخر؛ هذا هو الدواء الوحيد الذي أستطيع تناوله، ومن شأنه أن يكون مفيدا في تقليص الورم الموجود في دماغي".
وهي تشعر بأنها محظوظة لأن صاحب عمل زوجها تعاقد مع وسيط لمساعدتهما في تقليص التكلفة – وفي النهاية تم تسجيلها في برنامج تديره شركة ميرك لكي تتلقى الدواء مجانا.
مثل كثير من المرضى الأمريكيين الذين يعانون التعامل مع نظام الرعاية الصحية المعقد والمكلف أثناء مرضهم، فإن السيدة فيليكس تعد أن الحكومة وشركات الأدوية مسؤولة عن ارتفاع الأسعار.
وقالت "يبدو الأمر وكأنهم ضموا صفوفهم ليجعلوا هذا الأمر في منتهى الصعوبة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES