FINANCIAL TIMES

بوسع إصلاح بسيط جعل ضرائب بريطانيا أكثر عدلا

بوسع إصلاح بسيط جعل ضرائب بريطانيا أكثر عدلا

هناك اقتراح لإصلاح إعادة توزيع الضرائب من مؤسسة الاقتصادات الجديدة، لعله يستحق الاهتمام كونه اقتراحا عمليا بشكل لافت، جاء في الوقت المناسب.
إنه عملي لأنه بسيط بكلا المعنيين الجيدين للكلمة: فهو سهل الفهم وتنفيذه بسيط.
يتمثل الاقتراح الوارد في تقرير جديد أعده ألفي ستيرلنج وسارة أرنولد، في إلغاء بدلات الضرائب الشخصية، بحيث تبدأ فئات ضريبة الدخل عند الحصول على أول جنيه من الإيرادات، وتستخدم الأموال التي تم جمعها للتمويل، من خلال دفع مبلغ مقطوع متساو بشكل منتظم لجميع المواطنين البالغين.
سيستخدم جزء صغير لاستعادة قيمة إعانة الطفل المعدلة حسب التضخم للفترة ما بين 2010 و2011، ودمجها في "بدل وطني أسبوعي" جديد.
وباستخدام الهيكل الإداري الحالي المعني بالضرائب والإعفاءات الضريبية، يمكن تحقيق ذلك.
وفقا لحسابات مؤسسة الاقتصادات الجديدة، سيكون المبلغ نحو 2500 جنيه استرليني سنويا لكل شخص بالغ، إضافة إلى إعانة الطفل.
وبتطبيقه على كل مواطن يحمل رقم تأمين وطني، يمكن اعتماده والعمل به في غضون بضع سنوات، ضمن دائرة برلمانية بكل تأكيد.
يكشف هذا الاقتراح البسيط عددا من الحقائق المهمة. إحداها حجم المال الذي يمكن توفيره للمالية العامة - الموارد التي يمكن تخصيصها لأغراض أخرى - من إلغاء البدلات: 107 مليارات جنيه استرليني سنويا.
في الوقت الحالي، هذه الموارد تعود بالنفع إلى حد كبير على الأسر ذات الدخل الأعلى، لأن ارتفاع معدلات ضريبة الدخل الهامشية، يرفع قيمة هذا البدل أكثر بالنسبة لهم.
مجرد مشاركة هذا السخاء على أساس موحد هو إعادة توزيع للدخل بشكل كبير.
وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى نقاش آخر: ذلك الذي يتعلق بالدخل الأساسي الشامل، ولأنه ليس دخلا أساسيا شاملا، بالطبع؛ فهو قليل جدا للعيش، لذلك لا يعتبر "أساسيا".
بيد أنه لا يزال مهما إذ سيحصل زوجان لديهما طفلان على ما مجموعه نحو 6700 جنيه استرليني سنويا "2500 جنيه استرليني لكل والد تضاف إلى البدل الوطني الجديد، إضافة إلى إعانة الطفل الأعلى". وهذا يكفي لإحداث فرق حقيقي.
تكمن أهمية ذلك في أنه يوضح كيف أن الدخل الأساسي الشامل الحقيقي قد لا يكون مكلفا إلى درجة رفضه في كثير من الأحيان.
ويبدو أن التقرير لم ينظر في إلغاء بدل التأمين الوطني، الذي سيضيف نحو 60 مليار جنيه استرليني، أي أكثر من النصف مرة أخرى، إلى الموارد المحررة، ولا في غيرها من النفقات الضريبية المزعومة.
أظهرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أوسيد" أنه يمكن دفع مبالغ كبيرة من الدخل الأساسي الشامل، في المملكة المتحدة، عشرة آلاف جنيه استرليني سنويا لأسرة مكونة من أربعة أفراد، عن طريق إلغاء البدلات، كما تقترح مؤسسة الاقتصادات الجديدة، وإعادة توزيع معظم الإنفاق على مستحقات قائمة بالتساوي بين الأفراد.
يمكن تحقيق مزيد من خلال زيادة معدلات ضريبة الدخل الهامشية على أصحاب الدخل الأعلى – إلى مستويات لا تزال أقل بكثير من تلك التي يواجهها أصحاب الدخل المنخفض، في الواقع، في هذه الفترة بسبب استرداد الاستحقاقات مع ارتفاع الأرباح.
هناك حقيقة مهمة أخرى يبرزها التقرير وهي ارتفاع معدل الضريبة الهامشية بشكل مثير للصدمة على أصحاب الدخل المنخفض، الذين يحصلون على مستحقات.
هذا هو الحال على الرغم من أن تطبيق الائتمان الشامل، وهو عبارة عن إعانة نقدية واحدة بسيطة ترتبط بالتحقق من الموارد، الهدف منها حل هذه المشكلة.
البخل في تمويل الائتمان الشامل جعل "معدل التناقص" عند 63 في المائة، وعند التعامل مع القواعد الضريبية يمكن أن يعني معدلات ضريبية هامشية فعلية تبلغ 76 في المائة، لأصحاب الدخل المنخفض النموذجيين.
هناك عامل أخير : الجانب الآخر من البساطة هو عدم وجود فارق بسيط في تأثير السياسة.
يعترض البعض على نهج الدخل الأساسي الشامل، لأنه يساعد في بعض الأحيان أشخاصا ليسوا بحاجة إليه، ويفشل في مساعدة من هم في أمس الحاجة إليه.
هذا النوع من المخططات التي نظرت فيها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على سبيل المثال، لا يساعد دائما على تحسين معدلات الفقر.
إن مقترح مؤسسة الاقتصادات الجديدة يفي بالغرض بموجب هذا المعيار. في المتوسط، أفقر الأسر التي تبلغ نسبتها 65 في المائة، من المفترض أن يكونوا في وضع أفضل مع الإصلاح، إلا أن الأكثر أهمية من ذلك هو أن هذا يشمل جميع أنواع الأسر الشائعة، حتى لو لم يكن التأثير المتفاوت مثاليا.
على سبيل المثال، ما يحصل عليه شخص ليس لديه أطفال أكثر من الشخص الذي لديه أطفال، بسبب التعاملات مع نظام الإعانات. الفقر ينتشر بين البالغين، وليس كثيرا بين الأطفال.
الجانب الآخر أن مؤسسة الاقتصادات الجديدة لم تقدر التغيرات السلوكية: كيف يؤثر قرار الناس في العمل على إصلاحهم؟ البعض يشعر بالقلق من أن مخططات على غرار الدخل الأساسي الشامل من شأنها أن تقلل من مشاركة القوى العاملة.
أفضل الأدلة المتاحة تبين أن هذا ليس هو الحال.
يستحق اقتراح مؤسسة الاقتصادات الجديدة الدعم – في حد ذاته – لأن بوسعه التمهيد لإنشاء طريق آمن نحو إصلاحات لا تزال أكثر طموحا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES