FINANCIAL TIMES

«مان يونايتد» يعوض فقدان البطولات بأرباح البورصات

«مان يونايتد» يعوض فقدان البطولات بأرباح البورصات

«مان يونايتد» يعوض فقدان البطولات بأرباح البورصات

«مان يونايتد» يعوض فقدان البطولات بأرباح البورصات

اعترف أولي جونار سولشيار، المدير الفني المؤقت لنادي مانشستر يونايتد بـ"أننا لم نلعب مباريات على هذا المستوى منذ فترة"، في تصريح له خلال الشهر الماضي، بعد تعرض الفريق لخسارة أمام "باريس سان جيرمان" في دوري الأبطال، وهو أرقى منافسات أندية كرة القدم في أوروبا.
كان سولشيار قد عين بصورة عاجلة بعد إقالة خوسيه مورينهو من منصب المدير الفني لفريق الدوري الإنجليزي الممتاز في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وهو أحدث مدرب يتم طرده خلال فترة انحدار استمرت طوال خمس سنوات، لفريق سبق له أن هيمن على كرة القدم الإنجليزية.
على الرغم من أن سولشيار ألهم مسيرة رائعة في الآونة الأخيرة، إلا أن خسارته أمام "باريس سان جيرمان" كانت نوعا من "الوقفة الواقعية"، بشأن طموحات الفريق لتحدي أفضل الفرق في القارة.
على أن سولشيار يصر على أن العودة الشهيرة بالإسبانية "ريمونتادا" لا تزال ممكنة، "هناك جبال موجودة ليتم تسلقها".
كان الأداء الباهت ضد فريق باريس سان جيرمان في مباراة الذهاب واحدا من أبرز الأمثلة على لغز الأعمال التجارية والرياضية الذي أصبح عليه نادي مانشستر يونايتد. من الناحية المالية، على الأقل، النادي هو أصلا في قمة اللعبة، وأصبح واحدا من أغنى أندية كرة القدم في العالم من خلال بناء أعمال هائلة من وراء انتصارات أليكس فيرجسون، المدير الأسبق، الذي فاز بنحو 38 جائزة كبرى خلال فترة إدارته التي استمرت نحو 27 عاما.
ذلك النجاح لم يكن من السهل تكراره. منذ تقاعد السير ألكس في عام 2013، لم يفز النادي بالدوري الإنجليزي ولا بدوري الأبطال - وهما أكبر المنافسات وأكثرها ربحا - الذي كان يلعب فيه.
كان مورينهو هو المدير الثالث الذي كان يحاول ذلك، وعندما تم طرده كان الفريق يقبع في المركز السادس في الدوري.
ومع ذلك، استمر دخل نادي مانشستر يونايتد في الارتفاع بغض النظر عن الأداء على أرض الملعب.
زادت الإيرادات السنوية من 363.2 مليون جنيه في عام 2013 إلى 590 مليون جنيه في العام الماضي، أي بعد كل من ريال مدريد وبرشلونة في إسبانيا، فحسب.
التنفيذيون الحاليون، والموظفون السابقون وغيرهم ممن لديهم معرفة وثيقة بشؤون النادي، يتحدثون عن وجود مفارقة - نشاط تجاري-رياضي منقطع الصلة بالنتائج على أرض الملعب.
على الرغم من هذه النتائج المالية المثيرة للإعجاب، إلا أنه أصبح من الصعب تجنب السؤال الصعب، هل يمكن أن يظل فريق مان يونايتد واحدا من أكثر الأندية ربحا واحتراما في العالم، إذا لم ينافس الفريق على الجوائز الكبرى؟
يقول كليف باتي، كبير الإداريين الماليين "نحن بحاجة إلى الفوز. ولسنا بحاجة إلى الفوز لمجرد أن نكون ناجحين تجاريا، نحن بحاجة إلى الفوز لأن ذلك هو سبب وجودنا في نهاية الأمر".
هذه المعضلة تركت النادي في حالة تغير مستمر. يعمل التنفيذيون على تعزيز الأعمال التجارية، واستغلال التكنولوجيا لجذب المشجعين الشباب وإحداث تغييرات واسعة في استراتيجيات الرعاية.
ويهدف هذا العمل إلى كسب مزيد من المال، وتمويل إنفاق أكبر على اللاعبين. يتم تعيين موظفين في مواقع حساسة، بما في ذلك تعيين مدير دائم.
يقول ريتشارد أرنولد، العضو المنتدب لمجموعة يونايتد، وأحد المهندسين الرئيسين لأعمالها، "ثقافة الرغبة في الفوز خارج أرض الملعب صحيحة تماما مثلما هي صحيحة على أرض الملعب. كما قال السير ألكس ذات مرة (نحن لا نتعرض للهزيمة أبدا، لكن أحيانا ينفد الوقت لدينا)، هذه هي الثقافة التي تدور في أرجاء النادي".
في الوقت الذي يسعى فيه الفريق إلى استعادة عافيته، يواجه النادي منافسة شديدة. يتمتع ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ بإيرادات مماثلة على نطاق واسع.
ظهرت قوى جديدة في كرة القدم، مثل "باريس سان جيرمان" و"مانشستر سيتي". فريقا ليفربول وتوتنهام هوتسبير تفوقا على فريق مان يونايتد على الصعيد المحلي، من خلال اختيارات أكثر حنكة في المدربين واللاعبين.
يقول نايجل كوري، مؤسس شركة إن سي بارتنرشيب NC Partnership للاستشـــــــارات الرياضية "أعتقد أنها واحدة من مجموعة صغيرة من الفرق في عالم كرة القدم، التي لديها مثل هذه العلامة التجارية القوية وجاذبية رائعة، وستتمكن من تحمل الانخفاض في الوضع من وقت إلى آخر. على أن من الواضح، أن ذلك ليس إلى الأبد".
انطلق عمل نادي مان يونايتد في أعقاب انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 1992، عندما تم تعزيز بيع مباريات النادي الإنجليزي إلى شركات البث في الخارج. جمع النادي جحافل من المشجعين على مستوى العالم، ليصبح على رأس فرق دوري إنجلترا الممتاز، وعلامة تجارية قوية.
في مكالمة مع المحللين الماليين العام الماضي، قال إد وودوارد، الذي تم تنصيبه في عام 2013 كنائب رئيس تنفيذي من قبل عائلة جلاسر المالكة للنادي "أداء الملعب ليس له تأثير حقيقي فيما يمكننا القيام به على الجانب التجاري من العمل".
كان وودوارد يعني أنه بغض النظر عن التقلبات في وضع الفريق فإن الأعمال التجارية أصبحت متوقعة بشكل ملحوظ.
مصادر إيرادات النادي معروفة بشكل مسبق إلى حد كبير. سجلت مشاريع مان يونايتد إيرادات سنوية تراوح بين 615 مليون جنيه و630 مليون جنيه هذا الموسم، حيث ارتفع حجمها إلى الضعف خلال عقد من الزمن.
يأتي نحو ثلث الإيرادات من البث، خاصة من حصة النادي من صفقات تلفزيونية متعددة السنوات، بقيمة ثمانية مليارات جنيه موقعة من قبل الدوري الإنجليزي الممتاز.
من المتوقع أن تعوض الزيادة من عقود البث الخارجية في الدوري الإنجليزي، مبالغ تزيد على قيمة التراجع في حقوق البث المباشر للمملكة المتحدة، خلال السنوات المقبلة.
يتلقى النادي نسبة أخرى بقيمة 18 في المائة من إيراداته من المباريات. استاد أولد ترافورد، ملعب النادي المستوعب 75 ألف متفرج، أحد أكبر الملاعب في أوروبا، ويبيع كامل التذاكر في جميع الألعاب.
تكمن أكبر قوة في النادي في الصفقات التجارية، مثل عقود الرعاية، التي تمثل نحو نصف الإيرادات. الشراكات الرئيسة أمامها سنوات متبقية للتشغيل.
في عام 2015 وقع نادي مان يونايتد عقد تصنيع للعدة الرياضية لمدة عشر سنوات مع شركة أديداس الألمانية لصناعة الملابس الرياضية بقيمة 750 مليون جنيه.
ويدفع الشريك الرئيس الراعي لقمصان الفريق، أي شركة شيفروليه موتور 559 مليون دولار ضمن عقد مدته سبع سنوات، ينتهي في عام 2022. وكانت الصفقة قائمة على تصور استقبال نادي مانشستر يونايتد في الصين، حيث يدعي النادي أن لديه ما يزيد على 100 مليون متابع.
بهدوء، يغير مان يونايتد نهجه التجاري الذي يؤدي إلى صفقات رعاية أقل عددا وأكبر قيمة. لدى المجموعة نحو 100 شخص في فريق الرعاية، وهو عدد أكبر بكثير من أي ناد آخر.
كثير منهم محللون يجمعون بيانات الصناعة لمندوبي المبيعات للمساعدة على التوصل إلى اتفاق.
سمح هذا التفاني في البحوث لنادي مان يونايتد بالسعي وراء صفقات تسويق واسعة في أماكن كثيرة، واكتسب عشرات الرعاة عبر العالم.
ويشمل ذلك "تشي" الشريك الرسمي للمشروبات الرياضية في نيجيريا، وماندافيرمنتيشن الشريك الرسمي للمكملات الغذائية في اليابان. يتم نسخ ذلك النموذج من قبل الأندية المنافسة.
سمح نادي مان يوناتيد لبعض هذه الصفقات بإنهاء مدتها، مع التركيز على مجموعة أصغر من شركاء "عالميين" يسعدهم دفع مبالغ أكبر.
هذه المجموعة تشمل مجموعة كوهلر للتصنيع في الولايات المتحدة، التي أصبحت أول راع رسمي للقمصان الموحدة.
تم تصميم التحركات الأخيرة الأخرى لاستهداف جيل الألفية. في آب (أغسطس) الماضي، أطلق النادي تطبيقا رسميا، وهو خدمة على الجوال توفر إحصاءات مباشرة خلال المباريات، ومقابلات مع اللاعبين وأنواع أخرى من المحتوى.
تهدف هذه الخطة إلى بناء علاقة مباشرة مع المؤيدين عبر الإنترنت، وكل منهم عميل محتمل، من خلال جمع البيانات حول تفضيلاتهم. يدعي النادي أنه أصبح التطبيق الرياضي الأكثر تحميلا في 70 بلدا.
يقول فيل لينش، رئيس قسم الإعلام في نادي مان يونايتد الذي يقود استراتيجيته الرقمية "الفرق التي تطور الآن قاعدتها من المعجبين للمرة الأولى تبدأ من الصفر على أساس الأداء الحالي. ليس لديهم صدى عاطفي بالطريقة التي لدينا إذا كان لديك بالفعل قاعدة معجبين قائمة، وكان والدك من المعجبين".
منطقة عدم القدرة على التنبؤ في الأداء المالي للنادي هي دوري الأبطال. تتم مشاركة ما نحو 1.95 مليار يورو بين الأندية المشاركة في دورة هذا الموسم، ولا سيما من عقود البث.
تفوق نادي ريال مدريد على نادي مان يونايتد كأغنى ناد في العالم في الموسم الماضي، جزئيا على خلفية الفوز بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا.
يعتقد النادي الإنجليزي أنه أقل اعتمادا على النجاح الأوروبي من الأندية المنافسة، حيث يبني التنفيذيون توقعاتهم المالية استنادا إلى المقدمة المتواضعة المتمثلة في الحصول على المرتبة الثالثة بشكل منتظم على الأقل في الدوري الإنجليزي الممتاز، والوصول إلى دور ربع النهائي في دوري أبطال أوروبا.
ستظهر مشكلات أكبر إذا أصبح الأداء الضعيف مستوطنا. بداية سيئة لهذا الموسم تعني أن النادي يعترك الآن من أجل التأهل لدوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل. تتضمن صفقة مان يونايتد مع شركة أديداس شرطا جزائيا، ما يعني أن الفشل في الوصول إلى أفضل منافسة في أوروبا لموسمين متتاليين، سيؤدي إلى أن يخصم من النادي مبلغ 21 مليون جنيه، لكل سنة خارج الدوري.
كتب محللون في "دويتشه بنك" في بحث في الفترة الأخيرة، أنه على الرغم من أن العلامة التجارية لدى مان يونايتد متينة، إلا أنها يمكن أن تتشوه إذا لم يصل الفريق بشكل منتظم إلى المشاركة في التحدي على أكبر الألقاب.
قد يؤثر ذلك في جاذبية النادي لجيل جديد من المؤيدين، ويقلل من قيمة الصفقات التجارية المستقبلية.
ألقى النادي المال من أجل حل هذه المشكلة. في المواسم الستة قبل أن يتقاعد السير ألكس، كان مان يونايتد يملك ثالث أعلى فاتورة أجور في الدوري الإنجليزي الممتاز، وفاز باللقب ثلاث مرات ووصل إلى ثلاثة نهائيات دوري أبطال أوروبا، وفاز بواحدة.
كانت هذه عودة مثيرة للإعجاب، حيث أظهرت الأبحاث أن أفضل مؤشر لوضعية الدوري هو رواتب اللاعبين.
زاد النادي من الانفاق. هذا لم ينجح. في المواسم الخمسة الماضية، كان "مان يونايتد" يملك أعلى فاتورة الأجور في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه لم يقترب من الفوز باللقب ووصل إلى ربع نهائي لدوري أبطال أوروبا مرة واحدة.
"وقع الضرر قبل خروج السير ألكس ولم نتعاف"، كما يقول دنكان دراسدو، الرئيس التنفيذي لصندوق دعم "مانشستر يونايتد"، الذي من رأيه أن المبلغ الذي زاد على مليار جنيه لتسديد الفوائد، والرسوم، وتوزيعات الأرباح، والتكاليف الأخرى المتعلقة بشراء عائلة جلاسر عالية المديونية للنادي مقابل 790 مليون جنيه استرليني في عام 2005، كان من الأجدى إنفاقه على تحسين تشكيلة الفريق.
ويقول "إذا كنت جادا في تحدي أمثال نادي باريس سان جيرمان، فعليك أن تستثمر في المستوى نفسه. ليس من الواضح أننا نفعل ذلك".
مع ذلك، في المواسم الخمسة الماضية، كان صافي الإنفاق للنادي - وهو المبلغ الذي يتم إنفاقه للحصول على لاعبين ناقصا المبالغ المستردة من المبيعات - نحو 500 مليون جنيه، وفقا لموقع ترانفسرماركت Transfermarkt الإحصائي لكرة القدم.
يقول باتي "إن "مان يونايتد" سيستمر في أن يكون "منفقا صافيا" في سوق انتقال اللاعبين ويتحمل فاتورة أجور ضخمة".
يقول باتي "من الواضح أننا إذا كنا نجلس على الهامش ونشاهد أندية أرسنال وتشيلسي وليفربول ومانشستر سيتي تعترك مع هذا الأمر، عندها لن يكون هذا في مصلحتنا ويمكنك أن ترى كيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثير تجاري على المدى الطويل، ومن الواضح أنه سيؤثر في النادي".
ما يحتاج إليه "مان يونايتد" هو وريث قادر لخلافة السير ألكس لجعل قوته المالية تؤتي ثمارها.
سولشيار مكلف بهذه المهمة حتى نهاية هذا الموسم. في حال تحسن الوضع فهذا يعني أنه سيتم النظر بجدية في تعيينه بشكل دائم، وذلك وفقا لأشخاص مقربين من قيادة النادي.
يجري تقييم مرشحين آخرين، بمن في ذلك موريشيوس بوكتيينو مدير فريق توتنهام هوتسبير وزين الدين زيدان مدير "ريال مدريد" السابق.
ربما يكون التعيين الأكثر أهمية هو "مدير جديد لكرة القدم". الأندية المنافسة مثل ليفربول، وسيتي، وهوتسبيرز، لديها في الأصل قادة فنيون مكلفون ببناء فرقة لعب على مدى عدة سنوات، وتحديد التعاقدات وتدريب اللاعبين الشباب.
أوقف النادي هذا التعيين في الوقت الذي قاوم فيه مورينيو بشدة التخلي عن أي سيطرة على شؤون كرة القدم، ذلك وفقا لأشخاص مطلعين على أمور النادي الداخلية.
حتى الآن لم يحدد وودوارد الطبيعة الدقيقة للدور الذي سيلعبه رئيس كرة القدم، مثلما إذا كان سيسيطر على الانتقالات بشكل كامل، وذلك وفقا لشخص قريب من المداولات. كل من المرشحين الداخليين والخارجيين أجروا محادثات حول المنصب.
قد يتبين أن اتخاذ القرارات الصحيحة بشأن العمليات الرياضية أمر حاسم إذا كان النادي سيحول عملاقا تجاريا، ليجعله مرة أخرى فريقا مهيمنا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES