FINANCIAL TIMES

كاليفورنيا تقود حراك ضبط بيانات عمالقة التقنية

كاليفورنيا تقود حراك ضبط بيانات عمالقة التقنية

كاليفورنيا تقود حراك ضبط بيانات عمالقة التقنية

إذا أردت أن تزعج الناس فعلا، فما عليك سوى أن تؤذي أطفالهم. هذه هي الرسالة ضمن سلسلة جديدة من الشكاوى بشأن شركات التكنولوجيا الكبيرة.
الأسبوع الماضي، قدم أكثر من عشر مجموعات من مجموعات الدفاع عن المستهلكين والأطفال طلبا إلى لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية، للتحقيق في نشاطات شركة فيسبوك بشأن ممارسات خادعة مزعومة، بعد الكشف في وثائق دعوى جماعية تم الكشف عنها أخيرا، وتقول "إن الشركة تحاول عن دراية خداع الأطفال لإنفاق مبالغ كبيرة من المال في الألعاب على الإنترنت".
أشار موظفو شركة فيسبوك في الواقع إلى الأطفال باعتبارهم "حيتانا"، وهو مصطلح يستخدم في الكازينوهات للمقامرين الذين ينفقون كثيرا من المال.
في الوقت نفسه، هناك علامات تجارية مثل "نستله" و"ديزني" توقفت عن شراء إعلانات على موقع يوتيوب المملوك لشركة جوجل، بعد إغراق أشخاص أقسام التعليقات على مقاطع فيديو للأطفال بالمنشورات.
السلوك المؤسسي المعني، بالطبع، يختلف بشكل كبير في الحالتين. الأمر المشترك هو نموذج الأعمال القائم على تحقيق الأرباح من محتوى المستخدمين والبيانات.
هذا هو الموضوع الأكبر الذي يأمل عدد من المشتكين للجنة التجارة الفيدرالية، وأبرزهم منظمة كومون سنس ميديا Common Sense Media أن يعالَج من خلال جزء جديد من تشريعات كاليفورنيا، الذي يهدف إلى وضع حد للحقبة التي يتم فيها التعامل مع البيانات الشخصية، كسلعة تستغل بحرية من قِبل شركات تكنولوجيا المنصات.
قد يتم الكشف عن تفاصيل التشريع، التي سبق أن أثارها في الأصل جافين نيوسوم حاكم كاليفورنيا، في خطابه الأخير، في وقت قريب، ربما يكون هذا الأسبوع.
الفكرة الأساسية هي أنه ينبغي إجبار شركات تكنولوجيا المنصات مثل شركتي فيسبوك وجوجل – ربما أيضا مجموعات أخرى مثل أمازون، أو حتى شركات بدون منصات تجمع البيانات الشخصية وتحقيق الأرباح منها – على دفع "أرباح بيانات" إلى المستهلكين في حال استخدام أي من معلوماتهم الشخصية.
الفكرة أنه إذا كانت البيانات هي النفط الجديد، عندها ينبغي أن يحصل الناس الذين يملكونها "في هذه الحالة مستخدمو الإنترنت أنفسهم" على جزء من الأرباح الهائلة التي تتحقق منها.
هذه ليست قفزة فكرية ضخمة بالنظر إلى أن مواطني بعض الولايات الأمريكية مثل آلاسكا، أو بلدان مثل النرويج، يستفيدون منذ فترة طويلة من سلع مثل النفط.
فكرة "توزيع الأرباح من البيانات" قائمة جزئيا على عمل جارون لانيير مختص التكنولوجيا في سيليكون فالي والاقتصادي جلين ويل، المؤلف المشارك لكتاب "الأسواق الجذرية: اقتلاع الرأسمالية والديمقراطية من أجل مجتمع عادل"، الذي يشرح بالتفصيل كيف يمكن أن تنجح فكرة الدفع للمستخدمين مقابل البيانات.
تم دفع الفكرة خلف الكواليس من قِبل جيم ستاير محامي الحريات المدنية الأستاذ في جامعة ستانفورد، رئيس منظمة كومون سينس ميديا Common Sense Media "الذي أنفق شقيقه توم الملياردير ممول صناديق التحوط، نحو 50 مليون دولار على حملة تدعو إلى إدانة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالتقصير".
سيستند التشريع إلى قوانين الخصوصية الصارمة في كاليفورنيا التي تم اعتمادها العام الماضي، التي كانت مدعومة أيضا من منظمة كومون سنس Common Sense.
هذه تؤكد المفارقة أن كاليفورنيا، التي أنجبت شركات المنصات العملاقة، يمكن أيضا أن تكون المكان الذي سيتم كبحها فيه لأول مرة.
قال لي ستاير "كان من الممكن أن نحاول تقديم هذا التشريع في واشنطن، إلا أن الأخيرة ليست ديمقراطية فاعلة، في حين إن كاليفورنيا هي كذلك".
كاليفورنيا هي أيضا مرتع لحركة "عمل البيانات" التي تهدف إلى إعادة تصنيف البيانات، ليست كأصول بل كنوع من العمل. وهذا شيء يدافع عنه ويل في كتابه، إلى جانب إيجاد "نقابات بيانات" يُمكن أن تدافع عن المستهلكين/العاملين.
يقول "هناك حاجة إلى فئة جديدة من المنظمات التي يمكن أن تكون بمنزلة وكلاء لمستخدمي الإنترنت"، ما يجلب قوة المساومة الجماعية إلى المستخدمين الذين ليس لديهم حاليا أي طريقة للدفاع ضد قوة شركات التكنولوجيا الكبيرة.
يمكن لعب مثل هذا الدور من قِبل النقابات القائمة أو مجموعات الدفاع عن المستهلكين، بل أيضا من قبل الجمعيات التعاونية، أو الجامعات، أو النقابات، أو شركات النشر، أو الجمعيات المهنية أو حتى المؤسسات المالية.
بدأت كاليفورنيا في وضع أعلى المعايير لحماية البيانات، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل أيضا من بعض الجوانب في العالم، قوانين الخصوصية في الولاية التي من شأنها أن تجبر على الكشف عن معلومات رئيسة جديدة حول كيفية استخدام البيانات وبيعها إلى أطراف ثالثة، تعد أكثر صرامة حتى من نظام حماية البيانات العام في الاتحاد الأوروبي.
العملية التشريعية ستكون طويلة ومعقدة، لكنها في الأصل تؤدي إلى مجموعة من التقلبات الجديدة والمثيرة للاهتمام في قصة شركات التكنولوجيا الكبيرة.
على سبيل المثال، لقد أثارت جدلا حول ما إذا كان ينبغي بالتأكيد التعامل مع البيانات كأصول "تريدها بعض الحكومات ومجموعات المستهلكين" أو عمل "يريدها عدد من الليبراليين في تكنولوجيا البلوكتشين واليساريين".
كما ستثير أيضا ما يبدو أنه نقاش قوي ومثير للجدل حول الشركات التي ينبغي أن تدفع هذه الأرباح المقترحة.
ويل مثل لانيير، يعمل لدى شركة مايكروسوفت، ويعتقد أن الشركة التي يعمل لديها "تدير محرك بحث بينج" ينبغي في الواقع أن تدفع أرباحا رقمية تماما مثل شركتي جوجل وفيسبوك.
إذا تم تطبيق القانون على كل شركة تجمع تستفيد من البيانات، عندها ستصبح السلة أكبر بكثير وستشتمل على شركات السيارات وتصنيع السلع الاستهلاكية، ومتاجر التجزئة، أو في الواقع، كل شركة هذه الأيام. سواء تم وصف البيانات في نهاية المطاف كأصول، أو نوع من العمل، يصبح من الواضح أن الشركات ستضطر إلى مشاركة العائدات، وهذا سيكون له تأثير كبير في هوامش أرباحها المستقبلية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES