FINANCIAL TIMES

لا فائدة لكوكبنا من طفرة المواد الغذائية النباتية

 لا فائدة لكوكبنا من طفرة المواد الغذائية النباتية

 لا فائدة لكوكبنا من طفرة المواد الغذائية النباتية

كانت سلسلة المخابز البريطانية "جريجز" تقدم عينات مجانية من لفائف النقانق النباتية لزبائن الصباح الباكر المراهقين هذا الأسبوع. أحد الأصدقاء وهو يحتسي القهوة، رفض العرض، "لم يكن شكلها يدل على أنها سليمة".
بالنسبة إلى هذا الموضوع فهو يخالف روح العصر. عدد الأشخاص في المملكة المتحدة الذين يقولون عن أنفسهم إنهم نباتيون، أو لا يأكلون المنتجات الحيوانية في ازدياد؛ يرون أن هذه اللفائف هي الأفضل مبيعا.
ويبدو أن الأساس الأخلاقي العالي لها محل تمسك على نحو متزايد من قبل من لديهم حمية نباتية. يُطلَب منا أن ننضم إليهم، وعندها يمكننا إنقاذ صحتنا وكوكبنا في الوقت نفسه.
هل سنفعل؟ الحقيقة هي أننا لم نتوصل حتى الآن إلى حقيقة قاطعة بشأن هذا الأمر. خذ البيئة. ليس من المؤكد أن زيادة كبيرة في النظم الغذائية القائمة على النباتات، من شأنها أن تحل جميع مشكلاتنا البيئية.
التكلفة الكربونية للمحاصيل الصناعية ضخمة: فبعض التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى 20 في المائة من ناتج ثاني أكسيد الكربون في العالم هو نتيجة مباشرة للحراثة.
ثم إنه ليست كل طرق تربية الحيوانات متساوية. الحيوانات التي تتغذى على الحبوب، التي تتم تربيتها في كثير من مناطق الأعلاف المتصحرة، ضارة بالبيئة.
إن الحيوانات المجترة التي تنشأ في المروج، يمكن أن تساعد على تخزين الكربون في الطبقة العليا من تربتنا الحيوية والحفاظ عليها.
ليس من الواضح أن اتباع نظام غذائي نباتي هو الأكثر صحية بالنسبة إلى معظم الناس. هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث تشير إلى أن الأنظمة الغذائية المختلطة يمكن أن تكون أفضل من النظم الغذائية القائمة على النباتات، خاصة إذا كانت هذه النظم الغذائية المرتكزة على النباتات تشتمل على كميات عالية من الكربوهيدرات والمواد الغذائية المعالجة بشكل كبير.
لاحظ النجاح الذي حققه بعض الباحثين في عكس داء السكري من النوع الثاني باستخدام نظام غذائي غني بالبروتين والدهون، على سبيل المثال.
وأخيرا، فإن الفكرة القائلة، إن النظام الغذائي القائم على عدم تناول منتجات اللحوم هو في الواقع "يرفق بالحيوانات" تحتاج إلى تحد صغير.
تنشئة الحيوانات في المصانع رهيبة، وليس هناك عذر للقسوة التي تعانيها حيوانات المسالخ، ويكشف النقاب عنها في كثير من الأحيان.
على أن حجم الرفق بالحيوان الذي تحصل عليه حين تتناول النباتات، يعتمد على الحيوانات التي تهتم بها بالدرجة الأولى.
إذا كان الأمر يتعلق بالأبقار والأغنام والدجاج، فلا بأس. إذا كان الأمر يتعلق بجميع الكائنات الحية، تصبح الأمور معقدة بعض الشيء.
الكميات الضخمة من المبيدات الحشرية المستخدمة في معظم الأراضي الزراعية الصالحة مؤذية لكثير من الحيوانات والحشرات الصغيرة، التي تزدهر وتتغذى في المزارع، إذا ما كانت محظوظة بالنجاة من المحراث، "لنفكر في الديدان والسحالي والأرانب والعناكب والفئران والثعابين والرخويات والخنافس والحشرات الأخرى".
لا مهرب من حقيقة إنه عندما يتعلق الأمر بتناول الطعام – سواء كان لا يشتمل على اللحوم، أو نباتيا أو آكلا للنبات - فنحن جميعا متورطون في القتل.
إذا كنت تهتم بكل كائن حي على حدة، فربما ينبغي لك ألا تأكل شيئا ما عدا البقر، أو النصف من الأبقار التي تتغذى على المواد العضوية سنويا "على افتراض أنك تحتاج إلى 2000 سعرا حراريا في اليوم" بدلا من المخاطرة بالتواطؤ على وفاة عدد أكبر بكثير من العنكبوت، وأثناء العيش على الحبوب. الأمر صعب، أليس كذلك؟
هذا لا يعني أنه تمت تسوية أي شيء من الناحية الأخلاقية أو الفلسفية أو البيئية نحو هذا الاتجاه أو ذاك. الأمر ليس كذلك. كل هذه الحجج كانت تقدَّم منذ عشرات السنين، ومن الصعب التوصل إلى أرقام كمية بشأنها جميعا.
على أن من المستحيل أن نتوصل إلى حقيقة واضحة تقول "إن مزيدا من الطعام الذي لا يشتمل على اللحوم، يعني خيرا تاما للحيوانات أو البشر أو الكوكب".
هناك مجموعة واحدة تستفيد بالتأكيد من الاتجاه العام نحو الأطعمة النباتية: هي شركات صناعة الأغذية المعالجة وشركات التجزئة.
لقد نتج في السنوات القليلة الماضية شيء من رد الفعل العنيف ضد الأطعمة المعالجة. نحن جميعا قلقون بعض الشيء بشأن مقدار السكر الذي يدخل أجسامنا، ونفهم مزيدا عن كيف يمكن أن يؤدي الغذاء المرتفع في نسبة السكر إلى إيجاد مقاومة للأنسولين، ونشعر بريبة متزايدة من صناعة المنتجات قليلة الدسم، بالنظر إلى أنه كلما كان الطعام الذي نأكله قليل الدسم، نصبح على ما يبدو أكثر بدانة.
فهل هناك بالتالي ما هو أفضل من الوقت الحاضر لكي تجد الصناعة نفسها أمام سوق جديدة بالكامل، تبيع فيها الأغذية المعالجة التي تنتجها المصانع؟ وهي سوق، على نحو مجيد، مدفوعة أيديولوجيا وبالهوية أكثر من أي سوق أخرى.
هذه فرصة تسويقية قائمة على المعلومات البيئية المضللة للتغلب على جميع الفئات الأخرى.
لقد ابتكر منتج نباتي جيد، ولا يمكنك من خلاله إرسال الإشارات بفضائله بلا هوادة، بل يمكنك أيضا الحصول على علاوة سعرية جيدة منعشة أيضا.
في السوبرماركت المحلي لدينا، تبيع شركة كيلوجزجر مواد نباتية تحتوي حبوب نستله تحمل شعار "أخضر إلى الأبد" في الجزء العلوي من العلبة.
في ممر اللحوم، يمكنك الحصول على "بيرجر" من نوع "بيوند ميت" أي ما بعد اللحم، وهو همبرجر نباتي تماما، "يشتمل على الدم مثل المنتج الحيواني".
أفضل أنواع بيرجر البقر البريطاني يبلغ سعره 6.61 جنيه للكيلو جرام. البيرجر المزيف "الذي يصنع في الغالب من بروتين البازلاء" يكلف 21.81 جنيه للكيلو جرام. هذه فعلا علاوة دسمة على السعر، أليس كذلك؟
وهناك أيضا شيكولاتة نباتية، وجبن نباتي، وأسماك نباتية، ودجاج نباتي، وآيس كريم نباتي. استنادا إلى حساباتي، يبلغ متوسط علاوة السعر لهذه المنتجات نحو 50 في المائة، على الرغم من حقيقة أن فول الصويا والفطر والبازلاء وزيت النخيل، هي مكونات أرخص بالتأكيد من منتجات الألبان واللحوم.
هذه ليست سوى البداية. محال السوبر ماركت جميعا، بما في ذلك متاجر ماركس آند سبنسر وتيسكو وسانزبري، تذكر جميع منتجاتها النباتية في آخر نتائج التداول.
شركة يونيليفر استحوذت على "فيجيتيريان بوتشر"، شركة صناعة اللحوم المزيفة، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وهي تتجه نحو "حافظة تشتمل على مزيد من المنتجات المستندة إلى النباتات".
في عام 2017، اشترت شركة نستله شركة سويت إيرث، وهي شركة مقرها كاليفورنيا في مجال الأطعمة النباتية والأطعمة الخالية من اللحوم، وتطلق "بيرجر" خاليا من اللحوم هذا العام. وهي تتوقع أن تصل قيمة أعمالها الخالية من اللحوم إلى مليار دولار في العقد المقبل.
لا يوجد سبب يمنع شركات الأغذية من الاستجابة للطلب. الذين يتحولون إلى نباتيين في محاولة لإنقاذ العالم، يحسن بهم أن يضعوا في حسبانهم أن معظم هذه المنتجات المعالجة والمعبأة والمشحونة، من المحتمل أن تكون مفيدة لأرباح شركات الأغذية أكثر مما هي مفيدة لكوكب الأرض أو صحتك.
الدليل على ذلك تجده في منتجات "جريجز". جزئيا بفضل نجاح لفائف النقانق النباتية، أبلغت الشركة عن زيادة بنسبة 14 في المائة في المبيعات في أول ستة أسابيع من السنة. طبعا هذا يفيد المساهمين، لكن هل يحقق أي فائدة حقيقية لبقية الناس منا!

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES