FINANCIAL TIMES

حصيلة تغطية حي لندن المالي طوال 20 عاما .. إليكم ما تعلمته

حصيلة تغطية حي لندن المالي طوال 20 عاما .. إليكم ما تعلمته

حصيلة تغطية حي لندن المالي طوال 20 عاما .. إليكم ما تعلمته

الكلمات الأولى التي كانت تظهر تحت اسمي في صحيفة "فاينانشيال تايمز" تعود إلى اثنين من البرامج التلفزيونية للأطفال.
كنت قد كتبت في كانون الثاني (يناير) من عام 2001، أنهما ينطلقان على قناة آي تي في ITV باستخدام "صور يولدها جهاز الكمبيوتر" و– شهيق حاد– مع مواقع إلكترونية متصلة.
بعد ذلك بفترة وجيزة، سجلت تطورا ثوريا آخر: نظام "المعلوماتية في السيارة" الذي من شأنه منح سائقي سيارات فورد، معلومات المرور ليتمكنوا من تخطيط مسار رحلتهم.
في الشهر التالي، كتبت تقريرا عن استطلاع أظهر أن نصف الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز FTSE 100، قد استخدم "البث عبر الإنترنت" لمشاركة المعلومات مع المستثمرين.
أثناء إخلاء مكتبي بعد نحو عقدين من الزمن في "فاينانشيال تايمز"، وجدت نفسي أتصفح كتب القصاصات الحمراء القديمة التي كنت ألصق فيها المقالات اليومية بدقة. ليست التقنيات فحسب ما يحدد تاريخ الكتابة. على قصرها، هناك القطع المكونة من 150 كلمة، شكلت الجزء الأكبر من مقالاتي خلال تلك الأسابيع الأولى، وتتكون بشكل أساسي من سلسلة متعاقبة من الأرقام التي تسبب الذهول: توزيعات أرباح الأسهم، وأرباح كل سهم، والأرباح قبل الضرائب، الأمر الذي يدفعني إلى التساؤل ما إذا كان حتى أكثر القراء تفانيا، قد تمكنوا من الوصول إلى نهايتها.
بعض الأشياء لا تتغير. الكتابة عن التجارة بطريقة مشوقة لا تزال تشكل تحديا. القراء، حتى قراء "فاينانشيال تايمز"، لا يزالون بحاجة إلى التغيير بين الحين والآخر، تماما كما هي الحال دائما.
مقالتي الأكثر قراءة في أعوامي الأخيرة من الصحافة في "فاينانشيال تايمز" لم تكن نظرة انتقادية على إمبراطورية آجنيلي، أو تحليلا متعمقا لشركة سانت جوبان في فرنسا.
بدلا من ذلك، كان الموضوع الذي كتبته هو تغيير لون شعري من اللون البني إلى اللون الأبيض الطبيعي.
الشيء الوحيد الذي تغير في أعوامي الـ25 من العمل في قطاع المال ومن ثم الكتابة عنه هو فهمي للأعمال، وفهمي لكيف ينبغي أن تنسجم مع المجتمع.
بحلول أواخر عام 2008، تخرجت من برنامج بينكي آند بيركي Pinky & Perky إلى وظيفة جديدة كمحررة في قسم الشركات، حيث كنت أدير مكتب الأخبار المسؤول عن تغطية الشركات.
بعد مرور أسبوعين، سافرت لزيارة مكتبنا في نيويورك. عندما ركبت الطائرة، في صباح يوم الخامس عشر من أيلول (سبتمبر) من عام 2008، كان بنك ليمان براذرز وشركة التأمين العملاقة أيه آي جي AIG لا يزالان يعملان. بحلول الوقت الذي وصلت فيه، كان بنك ليمان قد انهار فيما كانت شركة أيه آي جي AIG تخضع لإجراءات خاصة.
الأجواء في بورصة وول ستريت كانت مشحونة. ذهبت مع زملائي إلى جانب مبنى بنك ليمان، الذي كان عليه شاشة شريطية تدور حوله – في الأوقات العادية – تعرض أسعار الأسهم. في تلك الليلة، أذكر أن الشاشة كانت مليئة بما يشبه النيران.
إذا كان ذلك مقصودا، فإن التعليق البصري حقق الهدف بالتأكيد. لم يكن النظام المالي الذي بدا أنه مهيأ للاشتعال، بل أيضا كثير من افتراضاتنا السائدة كصحافيين من "فاينانشيال تايمز".
في "فاينانشيال تايمز" كما الحال في أماكن أخرى، فوتنا معظم علامات التحذير. إذا نظرنا إلى ما كتبته لعمود ليكس في "فاينانشيال تايمز" في الفترة التي سبقت الأزمة، أشعر بالصدمة من التهاون النسبي من قِبلي، ومن قِبل زملائي.
لقد أثنيت بحرارة على القرار الذي اتخذته شركات البناء في إسبانيا لتنويع أنشطتها في الخارج "أحد الأسباب الرئيسة لسقوطها"، وتوقعت اختلافا "عاديا" في هوامش أرباح السندات السيادية الأوروبية.
واعتقدنا أننا مراقبون متشككون، من خلال الإشارة إلى المخاطر التي لم يكن الآخرون أذكياء بما فيه الكفاية لاكتشافها. ربما لا..
كان هذا لحظة مفيدة بالنسبة إلي، لأنها عززت درسا كنت أتعلمه منذ العمل في الحي المالي في لندن وفي وول ستريت في التسعينيات: الإخفاقات التي أدت إلى الأزمة كانت تتعلق بالسلوك والشخصية أكثر مما هي بأدوات أو عمليات مالية.
حكايات الجشع العادي والأشخاص العاديين الذين تم تضليلهم وخداعهم من قِبل المصرفيين غير المسؤولين تبدو مألوفة. كان هناك عنصر واحد للأزمة رأيته يتكرر في عدة أشكال مختلفة: القوة الغالبة. في عالم الأعمال هذا تولد جميع أنواع الأزمات، من الشخصية إلى النظامية.
الأعوام الـ33 التي أمضاها مارتن سوريل في شركة الإعلانات التي بناها باسم دبليو بي بي WPP، انتهت جراء جدل جزئي، لأنه بدا أنه يعامل الأشخاص الذين عملوا معه عن كثب، مثل سائقه، بازدراء.
أحد الأسباب في انهيار بنك ليمان كان لأنه يدار من قِبل رئيس مجلس إدارة ورئيس تنفيذي مشترك، بحلول عام 2008، كان قد استحوذ على هيمنة شبه كاملة، ولم يحاسب من قِبل الذين لديهم واجب القيام بذلك.
أعضاء مجلس إدارة ديك فولد لم يتعمقوا كثيرا بما فيه الكافية في الأنشطة الحقيقية للمصرف، ولم يتحدوا الشخص الذي يديره بشكل كاف. كان يبدو أن العضوية في مجلس إدارة بنك ليمان كانت شرفا اجتماعيا وليس مسؤولية ائتمانية.
الرؤساء التنفيذيون الذين على هذه الشاكلة لا يريدون أن يكون حكمهم موضع تساؤل، خاصة من قِبل الصحافيين. ثمن القيام بذلك، كما توصلت في كثير من الأحيان، هو الاستدعاء إلى وجبات غداء "عقابية" في مطاعم ذكية.
كنت قد قضيت ساعتين مؤلمتين في مطعم لو بونت دي لا تور بجانب جسر البرج في عام 2012، تخللها تناول طعام لذيذ مع غضب متبادل مع إيفان جلاسنبرج، الرئيس التنفيذي لشركة جلينكور العملاقة للسلع، وكان غاضبا بسبب تشكيكي في منطق عملية استحواذه المقترحة على شركة إكستراتا.
رؤساء الشركات الذين يتمتعون بفترة ولاية طويلة جدا يفقدون الوعي الذاتي. حيث يصبحون مترددين في ترقية الأشخاص حولهم إذا كانوا سيتحدون وجهات نظرهم.
في الوقت نفسه، فإن التشكيك في رئيس يتمتع بمثل هذه المكانة هو أمر مستحيل، يشجع الغطرسة ويؤدي إلى قرارات سيئة في الأعمال.
من المحبط أن الجهود لمعالجة هذا الأمر وبشكل عام، تحسين حوكمة الشركات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى منذ الأزمة المالية كانت فاترة.
مجالس الإدارة تواصل الفشل في أداء واجباتها. لننظر إلى شركة كيدز. هذه الجمعية الخيرية البريطانية الجديرة، مع تأسيسها من مجموعة من الداعمين بما في ذلك ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، انهارت في عام 2015.
يشمل أمناؤها آلان ينتوب، الرئيس السابق لشبكة بي بي سي BBC، الذي إلى جانب زملائه الأمناء، بدا متأثرا بكاميلا باتمانج هيليدج مؤسِستها الجذابة، بحيث لم يستطع التشكيك في الصحة المالية للجمعية.
بالطبع، هناك قضايا تتجاوز مجالس الإدارة الضعيفة والرؤساء التنفيذيين المهيمنين. يشعر رؤساء الشركات بمعاملة غير عادلة من قِبل الصحافة، التي يعتقدون أنها لا تمنحهم محاكمة عادلة. فضيحة تلو الأخرى أدت إلى زيادة تآكل ثقة الجمهور بالشركات.
بدأت حياتي المهنية في "فاينانشيال تايمز" في وقت انهيار شركة إنرون، وكان مديروها المخادعون لم يُسقِطوا شركة الطاقة الأمريكية فحسب، بل أسقطوا معها شركة تدقيق الحسابات آرثر أندرسن.
كل عام منذ ذلك الحين شهد تكرارا. بيرنارد مادوف ومخطط بونزي؛ وشركة بارمالات الإيطالية والفجوة بقيمة 14 مليار يورو في حساباتها؛ وبيع نشط لعقود تأمين حماية المدفوعات في المملكة المتحدة.
ربما كان الأكثر إثارة للصدمة هو رؤساء الشركات الذين اختاروا استغلال مستثمريهم وموظفيهم، مع بقائهم ضمن القانون. فيليب جرين خرج من مجموعة بي إتش إس BHS مع معرفة كاملة بأن المتقاعدين فيها من المحتمل أن يصبحوا فقراء؛ ودفع مالكو شركة كاريليون لأنفسهم أرباح أسهم كبيرة، مدركين تماما أن شركات التوريد الصغيرة ستتعرض للإفلاس، إذا فشلت شركة المقاولات.
آخر مرة أجريت فيها مقابلة مع جرين كانت في عام 2004، عندما كان في منتصف محاولته الثانية للاستحواذ على متاجر ماركس وسبنسر. بعد مرور فترة زمنية، نعرف الآن أن ذلك الاجتماع قدم فكرة عن التسريبات حول سلوكه ظهرت منذ ذلك الحين.
كان في أوج نجاحه، وحيث كان "توبشوب" هو الاسم الأروع في الشارع الرئيس البريطاني؛ وكانت بقية إمبراطوريته "أركاديا" تحقق الأرباح؛ وحفلاته الفخمة كانت حديث الصحافة.
على أن عجزه عن الاستحواذ على سلسلة المتاجر البريطانية جعلته رجلا غاضبا، رجلا مستعدا للتنفيس عن إحباطاته بمهاجمة أحد الصحافيين. كان على مغادرة الاجتماع في وقت أبكر مما كان مخططا، وكان يتبعني بالصراخ والشتائم.
يبدو أن الصفقات تشجع أسوأ التجاوزات. قد تكون غير واقعية، مثل فشل عملية دمج بقيمة 36 مليار يورو بين شركتي الدفاع العملاقتين في أوروبا بي أيه إي سيستمز BAE Systems وإي أيه دي إس EADS في عام 2012؛ أو بسعر مبالغ فيه ورفع مالي مفرط، مثل عملية الاستحواذ على مطارات المملكة المتحدة من قِبل مجموعة فيروفيال الإسبانية في عام 2006؛ أو منحرفة بسبب شعور بالعداء الشخصي مثل صفقة شركتي فيسبوك وواتساب بقيمة 22 مليار دولار التي اكتملت في عام 2014؛ أو متغطرسة بشكل خطير، مثل عملية الاستحواذ على بنك أيه بي إن آمرو الهولندي ABN Amro مقابل 71 مليار يورو، من قِبل بنك اسكتلندا الملكي ومصرفين أوروبيين آخرين في عام 2007.
ما يوحدها هو أن كل صفقة أعلن عنها من قِبل مؤيديها بأنها قيمة للمال وتعزز الدخل، ومنطقية من الناحية الاستراتيجية. عندما غطيت صفقة المطارات من أجل عمود ليكس في فاينانشيال تايمز، كانت مجموعة بي أيه أيه BAA تستدعيني إلى مكاتبها في فكتوريا، حيث حاول موظفون إغراقي بمصطلحات علمية، من خلال إظهار رسم بياني تلو الآخر يثبت مدى جودة السعر الذي حصلوا عليه مقابل الشركة.
حساب علاوة صفقة دائما ما كان أمرا مبهما، وأحدها أدى إلى تحقيق كثير من الملايين كرسوم استشارية.
في بعض الأحيان، إظهار مدى بُعد وعود الرؤساء التنفيذيين عن الحقيقة هو إحدى الوظائف المهمة في "فاينانشيال تايمز".
كطفلة، كنت محظوظة بما فيه الكفاية لأنشأ في ظروف مريحة في لندن، افترضت ببساطة أن العالم كان يدار بكفاءة من قِبل الكبار.
أدركت على نحو بطيء – وأحيانا مؤلم – أن معظم الشركات في الحقيقة تدار بشكل سيئ للغاية.
الدرس الثاني الذي تعلمته من الأزمة المالية، والأعوام التي انقضت منذ ذلك الحين، هو أن الجهل بالشؤون المالية واسع الانتشار، وخطير.
نعم، المصارف كانت مسؤولة عن السلوك الفظيع. نعم، صناع السياسة من مسؤولي البنوك المركزية إلى المنظمين إلى وزراء المالية، فشلوا في معالجة التشوهات في السوق، وحين ننظر إليها من على مسافة زمنية، تبدو واضحة بشكل ساطع.
الأشخاص "العاديون" الذين يشعرون أنهم سُرقوا إلى حد كبير من المسؤولين يتحملون المسؤولية أيضا.
إذا حصلت على قرض عقاري على منزل بدون أي حقوق ملكية، فإنك تخاطر. وإذا اقترضت ضعف دخلك الشهري عدة مرات على بطاقات الائتمان، فإنك تخاطر. إذا قمت بإيداع مدخراتك في بنك أيسلندي غير معروف يقدم أسعار فائدة لا تصدق، فإنك تخاطر.
قرارات من هذا القبيل أيضا لعبت دورا في الأزمة المالية. وكانت أيضا غير مسؤولة. جزئيا كانت مدفوعة بعدم فهم معظم الناس للحقائق المالية والاقتصاد الأساسي.
مثل هذا الجهل – في المجتمعات الحديثة – أمر لا يغتفر.
الصحافيون المختصون بالأعمال مثلي ليسوا معفين. أتذكر الجلوس في قاعة اجتماعات كبيرة جدا في الطابق العلوي من مبنى بنك ليمان الكبير في كناري وارف في عام 2005، مع زميلتي جيليان تيت، التي كانت تسلمني عمود ليكس في "فاينانشيال تايمز" قبل أن تصبح محررة قسم الأسواق.
على عكس جيليان، سمحت لمجموعة كبيرة من المفردات الجديدة: تشريح وتقطيع القروض، والتمويل الأوسط، والسندات الثانوية، والتزامات الديون المضمونة، أن تغمرني.
اللغة المعقدة والمتخصصة والمستخدمة بشكل متزايد لوصف الأدوات المالية، كانت أحد الأسباب وراء فشل معظم الصحافة في كشف الأزمة التي كانت قريبة. على أن ذلك ليس عذرا "مقبولا".
في وقت مبكر من حياتي المهنية، قضيت عدة أعوام في فريق التمويل الشخصي لدينا. واحدة من مقالاتنا المنتظمة كانت تشجّع القراء على الكتابة عن معضلاتهم المالية، التي طلبت من المختصين الإجابة عنها في الصحافة المطبوعة.
قرّاء "فاينانشيال تايمز" متمرسون، إلا أن أسئلتهم كان من الواضح أنها تتيح للمستشارين الماليين في كثير من الأحيان، أن يكونوا قادرين على استغلال الجمهور. إذا كنت لا تعرف كيفية عمل التأمين، فإن من الصعب تقييم أي قسط يجب أن تدفع. إذا كنت لا تفهم أسعار الفائدة، فلا يمكنك اختيار القرض العقاري المناسب.
بالنسبة إلى المجتمعات الغنية مثل مجتمعنا، يعد هذا بمنزلة مهارات أساسية في الحياة. وينبغي تدريسها في المدارس الابتدائية. بدون فهم كيفية عمل التمويل، لا يمكنك اتخاذ أفضل القرارات لحياتك وحياة عائلتك. بدون فهم كيفية عمل الاقتصاد، يتخذ الناخبون الخيارات السياسية بناء على معرفة غير كافية.
عدم الفهم واسع الانتشار للاقتصاد الأساسي طغى على التقارير حول "بريكست" على مدى الأعوام الثلاثة الماضية. وهذا ما يفسر جزئيا السبب في أن كثيرا من الجمهور، قبل الاستفتاء، فشلوا في إدراك حقيقة الحكايات المبالغ فيها لحملة المغادرة، وهو ما يفسر جزئيا السبب في لجوء حملة البقاء إلى توقعات مبسطة للهلاك الاقتصادي، توصل كثير من الناس بحق إلى أنها غير معقولة.
هذا ما يفسر أيضا لماذا يبدو أن عددا قليلا جدا من الساسة يفهمون المخاطر التي تواجه الشركات وبالتالي الاقتصاد، في متاعبنا السياسية الحالية.
من النادر جدا العثور على سياسي يفهم الحقائق التجارية لإدارة شركة أو – لا سمح الله – كان فعلا يدير شركة في الماضي.
في المملكة المتحدة على الأقل، غالبا ما يكون هناك ازدراء للنشاط التجاري وكسب المال، الأمر الذي يعوق مثل هذا الفهم.
المدارس التي تعد – في كثير من الأحيان - أرض التدريب للنخبة الحضرية في العاصمة، لا تزال تغرس قليلا من الاحترام للأعمال القذرة المتمثلة في ممارسة الأعمال التجارية.
نحن جميعا – مدرسين، صحافيين، سياسيين، رؤساء تنفيذيين – بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في شرح سبب أهمية الأعمال، وكيف أن الضرائب التي تدفعها الشركات هي ما يمول خدماتنا العامة، ولماذا يعد الإقراض المصرفي ضروريا لدفع النمو، وكيف أن أصحاب العمل ناجحون لأن لديهم موظفين ناجحين.
رجال الأعمال أنفسهم يقومون بعمل سيئ من حيث عرض قضيتهم علنا. "بريكست" هو مثال على القضايا المهمة للغاية التي يختار كثيرون إخفاءها بدلا من التحدث عنها علنا.
هناك استثناءات. السير تشارلي مايفيلد من "جون لويس" ويورجن ماير، الذي يدير شركة سيمنز في المملكة المتحدة، وبول بولمان من "يونيلفر"، وكارولين فيربيرن، المديرة العامة لاتحاد الصناعة البريطانية، وحتى لاري فينك من "بلاك روك"، هم من بين الذين حاربوا من أجل سد النقص وإحداث التوازن، ولإظهار ما يربط الأعمال بالمجتمع، باعتبارها أغراضا أوسع من دافع تحقيق الأرباح. على أنهم بحاجة إلى الآخرين للمساعدة على تغيير المفاهيم.
كثير من الشركات يدار بشكل سيئ، لكن الأعمال ليست سيئة. معظم الأشخاص الذين يديرون الشركات الذين قابلتهم خلال الأعوام الـ18 الماضية، يهتمون بالأشخاص الذين يوظفونهم. معظم أصحاب المشاريع يعتقدون أن هناك هدفا لإدارة شركتهم أكبر من مجرد كسب المال.
أصوات الشركات الكبيرة، والأشرار في الشركات الكبيرة، غالبا ما تغرق قصص ملايين الشركات الصغيرة التي تشكل غالبية أصحاب العمل في المملكة المتحدة، وفي أنحاء العالم كافة.
أجريت مقابلات مع كثير منها في الأعوام القليلة الماضية، في اسكتلندا، وكامبريدج، وفي بلباو وميونخ.
كثير منها تديره عائلة، من الجيلين الثاني أو الثالث، وتركز على بناء أعمال مستدامة. على عكس المتاجر الكبيرة في المملكة المتحدة، التي تبتز مزارعي الألبان من خلال أسعار حليب أقل باستمرار، هي تتمتع بعلاقات طويلة وذات اعتماد متبادل مع موردين تتعامل معهم.
وتعتني بموظفيها، بتحويل المتدربين إلى مهندسين وإبقاء الأشخاص في دفاترها الحسابية أثناء فترات المرض الطويلة.
الرسم الكاريكاتوري الشائع للأعمال، المليء بمصرفيين استغلاليين ومستغلي اقتصاد الوظائف المرنة، هو ببساطة ليس دلالة على الواقع. الأمر يعود إلى الشركات لتبديده.
ربما لن يناديني مايكل أوليري بعد الآن بلطف كما فعل عندما أجريت معه مقابلة في عام 2005، حين كان يدافع عن قرار شركة ريان إير بإضافة "مزايا إضافية" مثل الوجبات الخفيفة إلى أسعار تذاكرها.
الشركة تحتاج إلى القيام بأكثر من مجرد تغيير ثقافتها. يجب أن تتحدى نفسها بشأن ما هو هدفها فعلا، وليس ما يريده المساهمون فيها. يجب أن تكون مستعدة للتعامل مع مشكلات كبيرة في عصرنا، مثل تغير المناخ أو العبودية الحديثة. ويجب أن توضح بصوت أعلى سبب أهميتها.
في عام 2016، أجريت مقابلة مع جلوريا شتاينم، الناشطة النسائية الأمريكية العظيمة. هي تجادل بأن النساء هن المجموعة الوحيدة من الناس اللائي يصبحن أكثر تطرفا مع تقدم العمر.
مع اقتراب مضي 30 عاما لي في عالم العمل، أشعر بقوة أكبر من أن الشركات يجب أن تتبنى اتجاها جديدا، أتمنى أن ألعب فيه دورا نشطا.
أنوي القيام بوعظ أقل، وممارسة أكثر. إذا كان بإمكاني مساعدة أي شركة على التغيير بطريقة أعتقد أنه ينبغي أن تتغير بها، أتمنى أيضا أننا سنستمر في تحمل المسؤولية، بشكل مسؤول وقابل للقراءة. وذاك رجاء من زملائي في "فاينانشيال تايمز".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES