ثقافة وفنون

شهر الكتاب .. تحدي القراءة وعدوى المعرفة

شهر الكتاب .. تحدي القراءة وعدوى المعرفة

شهر الكتاب .. تحدي القراءة وعدوى المعرفة

شهر الكتاب .. تحدي القراءة وعدوى المعرفة

شهد شهر القراءة - الذي أطلقته الإمارات في عام 2016 ليكون في شهر مارس من كل عام - تحديات من طراز رفيع، بعد مشاركة وزراء وسفراء فيه، كاسرا كل الحواجز الرسمية.
يقول عباس العقاد "الكتب طعام الفكر"، وهي تجارب آلاف من السنين في مختلف الأمم والعصور، ولا يمكن أن تبلغ تجربة الفرد الواحد أكثر من عشرات السنين، لذلك كانت تجربة التحدي في شهر القراءة ملهمة ومحفزة لملايين، ووجدت صدى منقطع النظير على "تويتر" وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، إماراتيا وعربيا.

"قبلت التحدي"

مبادرة "قبلت التحدي" في شهر القراءة كانت متميزة، ولقيت تفاعلا كبيرا، وكان لافتا في هذا الصدد تفاعل وزراء وسفراء، منهم تركي الدخيل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الإمارات، حينما تحداه سلطان السعد القحطاني، الصحافي ومقدم برنامج "الأبواب المتفرقة" على قناة MBC، واختار كتاب "سعادة السفير" للوزير الراحل غازي القصيبي، فيما تحدى الدخيل بدوره نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في الإمارات، والتحدي كان لقراءة كتاب أنيس منصور "في صالون العقاد كانت لنا أيام".
ويقوم التحدي على نشر غلاف كتاب استمتع القارئ بقراءته، ويتحدى شخصا بعينه لقراءة الكتاب، وبعد أن ينهي الأخير قراءته، يتحدى شخصا آخر وهكذا، أو يتم التحدي بطريقة أخرى، عبر نشر صور أغلفة سبعة كتب استمتع بقراءتها/ أو ينصح بقراءتها، دون ذكر الأسباب أو تقييم لهذه الكتب، لسبعة أشخاص مختلفين.
وشارك وزراء إماراتيون دعما لشهر القراءة، منهم الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية، سارة الأميري وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة، الدكتور أحمد بالهول وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة رئيس وكالة الإمارات للفضاء، عمر بن سلطان العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي، وزكي نسيبة وزير الدولة.
عدوى التحدي انتقلت إلى أرجاء العالم العربي، ومن أبرز المشاركين فيه الفنانة أحلام، الداعية المصري معز مسعود، الروائيون الفائزون بجائزة "البوكر" الروائي السعودي عبده خال والروائي الدكتور محمد حسن علوان، وكذلك الروائي الكويتي سعود السنعوسي، الإعلامي مصطفى الأغا، والإعلاميات نشوة الرويني ومهيرة عبدالعزيز وإعلامية قناة "العربية" منتهى الرمحي، والروائية الفلسطينية نبال قندس.

مسح شامل وصندوق للقراءة

بداية التجربة الإماراتية كانت بإجراء مسح وطني شامل على 12 ألف شخص، تبين من خلاله أن الفرد يقرأ في العام 1.5 كتاب، وأن الطالب يقرأ أربعة كتب في العام مقارنة بـ40 كتابا يقرأها الطالب في كوريا الجنوبية، كما وجد المسح الإحصائي الشامل أن نصف الطلاب في المدارس والجامعات ليس لديهم عادة القراءة.
دفعت هذه النتائج الإمارات إلى أن تتحرك لمواجهة هذا القصور، فأطلقت مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم كأضخم مكتبة من نوعها تضم أكثر من 4.5 مليون كتاب ما بين ورقي وإلكتروني وسمعي، وأنشأت صندوقا لدعم القراءة بقيمة 100 مليون درهم، بهدف أن تصبح القراءة سلوكا راسخا لدى 50 في المائة من الإماراتيين البالغين بحلول عام 2026، ولدى 80 في المائة من طلبة المدارس، وأن يقرأ الطالب 20 كتابا في المتوسط سنويا بصورة اختيارية، وألا تقل نسبة الآباء المواطنين الذين يقرأون لأطفالهم عن 50 في المائة.

دعوات لنقل التجربة إلى السعودية

تزامنا مع شهر القراءة، توجهت الدعوات إلى وزارة الثقافة السعودية، وهي الوزارة الفتية المنتظر الإعلان عن استراتيجيتها أواخر الشهر الحالي، لنقل التجربة الإماراتية في تعزيز ثقافة القراءة بين فئات المجتمع، وتحفيزهم لتحويلها إلى ممارسة يومية أصيلة.
في التجربة الإماراتية الثرية كثير من التفاصيل الاستثنائية، عنها تقول نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في تصريحات صحافية لوكالة أنباء الإمارات "إن شهر القراءة يعد فرصة سانحة لتعزيز الارتباط بالقراءة باعتبارها أحد أهم عناصر بناء الفرد، ويمثل فرصة سنوية للتحفيز على المطالعة الواعية، والاستنتاج، وإثارة الأسئلة، والإسهام في تنمية المعرفة، وإثراء التحصيل الدراسي، وإحياء وتفعيل برنامج البحث والمشاركة كبديل لخيار التلقين والحفظ والتلقي التقليدي". اليوم، يأتي شهر القراءة في عامه الرابع وسط نجاح كبير، إذ تعد التجربة الأولى على مستوى العالم، النابعة من "قانون القراءة" في الإمارات، الذي اعتمدته الدولة لترسيخ القراءة كعادة مجتمعية، كما اعتمد الشيخ محمد بن راشد الاستراتيجية الوطنية للقراءة حتى عام 2026، التي تتضمن 30 توجها وطنيا رئيسا في قطاعات التعليم والصحة والثقافة وتنمية المجتمع والإعلام والمحتوى، فيما خصص مجلس الوزراء حقيبة معرفية للمواليد المواطنين في الإمارات كافة، جاعلا من القراءة حقا ثابتا ومتاحا للجميع، يتم تكريسه من الولادة، عبر توفير ثلاث حقائب معرفية تغطي احتياجات الطفل من مرحلة الرضاعة حتى الرابعة من العمر، بواقع حقيبة كل عامين.
كما يطرح القانون مفهوم التطوع المعرفي، من خلال تشجيع فئات المجتمع على تخصيص جزء من أوقاتهم للقراءة لكبار السن والمرضى والأطفال ومن في حكمهم ممن يعجز عن القراءة، ومبادرة المكتبة المتنقلة لتوزيع أكثر من 1.5 مليون كتاب مجانا في مختلف أنحاء الإمارات، من خلال مشروع "ثقافة بلا حدود"، إضافة إلى مبادرة "تحدي القراءة العربي" الشهيرة.

رهان على وزارة الثقافة والهيئة

يراهن السعوديون على وزارة الثقافة والهيئة العامة للثقافة بقدرتهما على نقل التجارب الناجحة والمثرية أيا كان مصدرها إلى المملكة، وتحويلها إلى خلية عمل يومية لنشر المعرفة وتعزيز القراءة، عبر أكثر من ألف فعالية.
الاستراتيجية الإماراتية استلزمت جهدا بحثيا، تمثل في الاطلاع على أكثر من مائة دراسة عالمية حول القراءة، ومعاينة استراتيجيات في سبع دول، ما يرتقي بالمنظومة التعليمية، ويفعل دور المكتبات العامة لتعمل نهارا وليلا وفي أوقات الإجازات، ما يثمر مجتمعا معرفيا، محصنا فكريا، قادرا على تولي دور القيادة ومواصلة مسيرة النجاح، وهو الدور المنوط بوزارة وهيئة الثقافة، وينتظر من استراتيجيتيهما الجديدتين أن تنتقلا بالثقافة والمجتمع السعودي إلى آفاق أبعد، والمكانة التي تليق بالمملكة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون