FINANCIAL TIMES

الأسهم الصينية تعود إلى الانتعاش بقوة بعد قتامة 2018

الأسهم الصينية تعود إلى الانتعاش بقوة بعد قتامة 2018

شهدت الأسهم الصينية انتعاشا هذا العام، بفعل التحفيز الذي أطلقه البنك المركزي الصيني ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، في انعكاس حاد لأدائها العام الماضي، باعتبارها ضمن أسواق الأسهم ذات الأداء المتراجع في العالم.
انخفض مؤشر سي إس آي CSI 300 للشركات المدرجة في شنغهاي وشنزن بقوة إلى منطقة السوق الهابطة في 2018، حيث تراجع بنسبة 26 في المائة، إلا أن المؤشر قد انتعش مرة أخرى، ليصبح من بين الأفضل أداء في العالم هذا العام، حيث ارتفع بنسبة 10.9 في المائة منذ بداية العام حتى تاريخه.
الانتعاش الكبير جاء بعد أن عمد جاي باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى تنفيذ تحول مفاجئ في نهاية الشهر الماضي، عندما فتح المجال لخفض أسعار الفائدة هذا العام.
الخطوة المسالمة تبعتها بنوك مركزية أخرى على مستوى العالم، ما منح دفعة إلى الصين والأسواق الناشئة الأخرى.
وجاء التغيير في اللهجة على خلفية التوترات الجغرافية السياسية العالمية، مع عوامل اللبس التي تحيط بالبريكست واحتمالات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، على تراجعها من أن تكون شاملة.
عقد المفاوضون الأمريكيون والصينيون يوما ثانيا من الاجتماعات في بكين يوم الجمعة، لكن الطريق المسدود يزيد الضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتأجيل زيادة في الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في بداية آذار (مارس) المقبل.
المخاوف بشأن نتيجة المفاوضات أثرت في تداولات الأسهم الصينية يوم الجمعة الماضي، حيث انخفض مؤشر CSI 300 نحو 2 في المائة.
قال إريك بيان، مدير صندوق في بنك جيه بي مورجان لإدارة الأصول، إن ضعف الدولار الأمريكي نتيجة لهجة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأكثر سلمية يدعم أصول الصين والأسواق الناشئة.
وأضاف: "الارتفاع القوي هذا العام جاء أيضا من اللهجة الأكثر إيجابية للمفاوضات الصينية الأمريكية وهذا ما ساعد معنويات السوق إلى حد ما".
بن لوك، خبير الاستراتيجية الكلية العالمية في شركة ستيت ستريت جلوبال ماركتس، قال: "أي نوع من التأخير في الرسوم الجمركية هو مفيد للصين، لأنه يعني ببساطة أنه لا يتعين عليك دفع الضريبة. هذا العام، زادت التوقعات باستمرار الحرب التجارية؛ ويعرف الناس أن هذه ستكون مشكلة طويلة الأجل. والآن أصبحت التقييمات أرخص بكثير، لذلك بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن الصين قد باتت جذابة جدا".
مثل هذه التقييمات المنخفضة ساعدت في حث المستثمرين الأجانب على تسجيل رقم قياسي بلغ تسعة مليارات دولار في الأسهم الصينية في كانون الثاني (يناير) الماضي، أكبر تدفق داخلي لشهر واحد على الإطلاق.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن يرفع مؤشر مورجان ستانلي المركب العالمي نسبة الأسهم الصينية، التي سيتم إدراجها في مؤشره الرئيسي للأسواق الناشئة – خطوة ينبغي أن تجذب المزيد من التدفقات الداخلة.
كما تعززت معنويات المستثمرين أيضا من تدابير التحفيز الأخيرة التي كشف عنها بنك الشعب الصيني، والتوقعات بأن بكين ستعزز الزخم في الأشهر القليلة المقبلة.
السلطات الصينية خفضت الضرائب، وفي العام الماضي اتخذ البنك المركزي إجراءات لتحسين السيولة والإقراض للشركات الخاصة، الأمر الذي قلل من حجم الاحتياطات النقدية التي يجب أن تحتفظ بها المصارف.
البيانات الرسمية التي أصدرها البنك المركزي الصيني هذا الأسبوع أظهرت ارتفاعا في قروض الرنمينبي الجديدة من قبل المصارف المحلية إلى 3.23 تريليون رنمينبي (476.6 مليار دولار) في كانون الثاني (يناير) الماضي، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
في حين أن صناع السياسة في بكين غالبا ما يسعون إلى بناء مخزن للسيولة في كانون الثاني (يناير) قبل العام القمري الجديد، عندما يرتفع الطلب على النقود، إلا أن نمو القروض الشهر الماضي تفوق على توقعات المحللين بأكثر من 400 مليار رنمينبي.
أشارت بيانات التضخم يوم الجمعة الماضي إلى أن زيادات الأسعار الضعيفة قد تضغط على صناع السياسة لزيادة العرض في مواجهة الطلب الضعيف.
ارتفعت تكاليف التصنيع في الصين بنسبة 0.1 في المائة فقط في كانون الثاني (يناير) الماضي، فيما نمت أسعار المواد الاستهلاكية بأبطأ وتيرة لها منذ أكثر من عام.
يعمل البنك المركزي في الصين أيضا على مسودة قواعد من شأنها السماح له بتوجيه التمويل مباشرة إلى الشركات الخاصة، وضمان أن المصارف التجارية ستركز بشكل أكبر على الإقراض للقطاع الخاص، بدلا من الشركات المملوكة للدولة.
تدابير التحفيز ومبادرات الإقراض ساعدت أسهم الشركات المالية لتصبح واحدة من القطاعات الأفضل أداء هذا العام.
قال لوك: "على الرغم من أنه كان ارتفاعا واسع النطاق، إلا أن القطاعات التي حركت المؤشر أكثر من غيرها هي المصارف وشركات التأمين. إذا كنت مستعدا لدفعة من المالية العامة وكان صناع السياسة يدعمون الاقتصاد الحقيقي... عندها سيلجأ الناس إلى المصارف للحصول على القروض".
الشركات المدرجة في هونج كونج انتعشت أيضا هذا العام، بارتفاع 8 في المائة بعد انخفاض بنسبة 15 في المائة في عام 2018.
على أن المصارف وشركات الأدوية والأسهم العقارية هي القطاعات التي قادت هذا الانتعاش.
تعرضت شركات التكنولوجيا العملاقة في آسيا لضغوط العام الماضي، جزئيا لأن الحرب التجارية أثرت في المزاج العام، وهناك أيضا الرياح المعاكسة في قطاعات محددة.
شركة تنسنت، ذات نصيب الأسهم الأكبر في مؤشر هانج سينج، واجهت أوقاتا صعبة بعد أن عمدت هيئة تنظيم صناعة الألعاب إلى تجميد التراخيص الجديدة على الألعاب في العام الماضي. وانخفض سعر سهمها بأكثر من الخمس العام الماضي.
يتوقع المستثمرون أن يستمر الانتعاش الحالي في الأسهم الصينية. قال بيان من بنك جيه بي مورجان لإدارة الأصول: "نحن إيجابيون فيما يتعلق بالأسهم الصينية على المدى الطويل. نحن نفضل الأسواق الداخلية في الصين بسبب التقييم الذي لا يزال جذابا جدا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES