FINANCIAL TIMES

انتعاش البورصات رهن دولار ضعيف وحافز صيني

انتعاش البورصات رهن دولار ضعيف وحافز صيني

بورصة وول ستريت ما زالت بحاجة إلى ما يعادل حدثا استثنائيا و"رائعا" ذا مكانة مماثلة لبطولة الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، وهي المنافسة التي انتهت، للتو.
من المتوقع أن يتوقف نمو أرباح الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، بشكل فعلي في النصف الأول من العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018، عندما بدأ تأثير التخفيضات الضريبية للشركات.
وعلى مدار العام كله، يتوقع المحللون ارتفاع أرباح الشركات الأمريكية بنحو 5 في المائة، ما يعني أن هناك حاجة إلى نصف ثان مزدهر.
ما إذا كان هذا سيحدث فإنه يتوقف، جزئيا، على كيف سيكون أداء الاقتصاد العالمي، بالنظر إلى أن كثيرا من الشركات الأمريكية لديها أقسام دولية مهمة.
لذلك فإن ثقة وول ستريت في زيادة توسع الأرباح في أواخر العام، تحتاج إلى انتعاش النمو العالمي وأن يبقى الدولار منخفضا إلى حد معقول.
هذه مجموعة من النتائج بدأت البورصات العالمية في التفكير فيها، حيث تتأرجح المشاعر من اليأس العميق في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى ومضات بسيطة من التفاؤل.
التقييمات الرخيصة المعروضة في الأسواق الناشئة تجتذب المستثمرين، إلا أن الكثير الآن يعتمد على قوة التحفيز الصيني، وحل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
الارتفاع بنسبة 9 في المائة هذا العام في مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية، بعد تراجع بنسبة 6 في المائة العام الماضي، يظهر أن أسواق الأسهم تتخذ النهج "المتفائل" حول كيف سيحدث هذا.
وبالنسبة للمستثمرين في المملكة المتحدة، فإن الاتساع العالمي لكثير من الشركات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 100، سيوفر بعض الراحة في حالة حدوث "بريكست" مدمر.
وحتى إن تبين أن المزاج الحالي في غير محله، فإن الارتفاع في الأسهم هذا العام هو تذكرة بأنه قد تكون هناك تكلفة للبقاء على الهامش.
يقول جورج لاجارياس في شركة مازارس: "على الرغم من كل الحديث عن السياسة أو السياسات أو حتى الاقتصاد، من الحكمة أن يتذكر المستثمرون أن مراكزهم تكمن في الأسهم والسندات".
فضلا عن توقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن زيادة أسعار الفائدة، والتفاؤل بشأن صفقة تجارية بين الصين والولايات المتحدة، فإن انتعاش التداول في الأسهم والائتمان هو أيضا دلالة على أن التراجع في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قد قلل من التدهور المثير للقلق في البيانات الاقتصادية، خاصة في منطقة اليورو.
هذا ما كان واضحا هذا الأسبوع مع ارتفاع مؤشر ستوكس 600 في أوروبا إلى أعلى مستوياته منذ ثلاثة أشهر، حيث أظهرت البيانات أن ألمانيا تجنبت بشكل ضيق حالة ركود خلال الربعين الأخيرين من العام الماضي.
الانخفاض الحاد الأخير في عوائد السندات الحكومية وإشارات على السياسة النقدية متساهلة من البنوك المركزية الأخرى تساعد في الوقت الحالي، على إعطاء الانطباع أنه تم زرع البذور من أجل انتعاش في النصف الثاني.
يلاحظ دافال جوشي من وكالة بي سي أيه BCA للأبحاث: "تراجع نسبة التشاؤم على هامش الربح بسبب تحسن الدوافع قصيرة الأجل من التحفيز الصيني، وانخفاض عوائد السندات العالمية، وكذلك أسعار الطاقة بشكل حاد".
ويعتقد أن هذه الرياح المواتية ستستمر لبضعة أشهر أخرى، ما يؤدي إلى توسيع أداء الأسواق الناشئة إلى جانب القطاعات الدورية الكلاسيكية مثل القطاعات المالية، والموارد الأساسية والصناعية.
مع عودة الدولار إلى أعلى مستوياته منذ شهرين، في الوقت الذي تتبع فيه البنوك المركزية المبادرة المسالمة من "الاحتياطي الفيدرالي"، فإن اتجاه العملة الاحتياطية سيكون أمرا حاسما أيضا.
البحث في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يظهر أن الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الإيرادات الأجنبية، تتفوق على أخواتها الأكثر تركيزا على المستوى المحلي، بالنظر إلى أن الاقتصاد الأمريكي يشهد تراجعا إلى نمو بمعدل 2 في المائة.
على سبيل المثال، فإن شركات مؤشر ستاندرد آند بورز البالغ عددها 125 شركة على مقياس التعرض المركّز للإيرادات الأجنبية، قد ارتفعت بنسبة 15 في المائة هذا العام، بعد انخفاض بنسبة 12.1 في المائة في عام 2018.
في المقابل، فإن شركات مؤشر ستاندرد آند بورز على مقياس التعرض المركّز للإيرادات الأمريكية، قد ارتفعت بنسبة أكثر تواضعا بلغت 10.4 في المائة في عام 2019، بعد انخفاض بنسبة 6.8 في المائة العام الماضي.
هذه المؤشرات تحتوي على شركات ضمن الربع الأعلى من الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأكثر تعرضا للإيرادات الأجنبية أو المحلية.
في الأعوام الأخيرة، قادت الشركات الأمريكية الكبيرة التي تتمتع بإيرادات خارجية كبيرة السوق الأوسع، ما سلط الضوء على الحاجة الملحة إلى انتعاش واضح في النمو العالمي خلال الأشهر المقبلة.
الاستثناء عدم إشارة المحللين إلى ارتفاع في أرباح الشركات الكبيرة على مؤشر ستاندرد آند بوزر 500.
لقد خفضوا توقعاتهم عام 2019 فيما يتعلق بنمو الأرباح للشركات التي تحقق أقل من نصف مبيعاتها داخل الولايات المتحدة إلى 1.9 في المائة، وذلك وفقا لشركة فاكتسيت. بالنسبة للشركات التي تحقق أكثر من نصف مبيعاتها في الولايات المتحدة، فإن معدل نمو الأرباح المتوقع يبلغ 6.7 في المائة.
نمو الأرباح للنصف الأول من عام 2019 يقدر بنحو 5 في المائة أو أكثر، فيما تواجه الشركات الأمريكية ضغطا على هوامش الأرباح، من خلال تكاليف أعلى مثل الأجور. لذلك هناك علامة نجمة كبيرة بجانب تقديرات المحللين الحالية لارتفاع بنسبة 9.5 في المائة في أرباح الربع الرابع مقارنة بالعام السابق.
هذا سيكون ارتفاعا هائلا من متوسط نمو الأرباح بنحو 1 في المائة الذي توقعه بنك مورجان ستانلي للأرباع الثلاثة الأولى من العام.
في الواقع، يشير خبراء الاستراتيجية في المصرف إلى أن المحركات النموذجية لارتفاعات الأرباح الكبيرة في الماضي، مثل المقارنات السهلة عاما بعد عام والتخفيضات الضريبية، لن تؤدي إلى حدث رائع هذه المرة.
بدلا من ذلك، فإن انتعاش التداول في الأسهم العالمية بحاجة إلى دولار ضعيف، وتحفيز صيني كبير بما فيه الكفاية، لإحداث تأثير كبير بالنسبة لأرباح الشركات الأمريكية.
ما لم يرتفع الاقتصاد العالمي خلال الصيف، فإن مزيدا من الاضطرابات في سوق الأسهم ستلوح في الأفق تماما، قبل أن تبدأ الأوراق بالتحول في فصل الخريف في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES