FINANCIAL TIMES

غلاء سعر عقار كيترودا يعرقل علاج السرطان

غلاء سعر عقار كيترودا يعرقل علاج السرطان

غلاء سعر عقار كيترودا يعرقل علاج السرطان

قبل عقد من الزمن، دفعت شركة الأدوية الأمريكية، ميرك 41 مليار دولار للاستحواذ على شركة شرينج-بلاو Schering-Plough، ما أدى إلى خفض آلاف الوظائف، وسط أزمة الابتكار والثقة في الصناعة.
الشركتان كانتا تطنطنان بما لديهما من أدوية لعلاج الكولسترول وفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، حيث أشارتا لفترة وجيزة إلى "خط إنتاج يبشر بالخير" في مجال الأورام السرطانية.
ما كان مختبئا في ذلك الخط هو عقار كيترودا، جسم مضاد يمكن جهاز المناعة في الجسم من مهاجمة السرطانات.
لقد كانت عملية استحواذ عرضية، وتم تجاهل الدواء في البداية من قبل شركة ميرك، بل وكاد أن يكون مصيره الإهمال، على أنه بات الآن إنجازها الرئيس، حيث يتوقع بنك جيه بي مورجان أن تصل مبيعاته إلى 16 مليار دولار سنويا، بحلول منتصف العشرينيات من هذا القرن. وهو يسهم في تمديد حياة المرضى لفترة أطول من العلاج الكيماوي وحده، وإن كان بشكل مكلف.
الابتكار السريع في عقاقير الأورام مثل "كيترودا" والطب الجيني أدى إلى موجة دمج أخرى.
وافقت شركة بريستول-مايرز سكويب على الاستحواذ على شركة سيلجين مقابل 90 مليار دولار في كانون الثاني (يناير) الماضي، كما وافقت شركة جلاكسوسميث كلاين على شراء شركة تيسارو للتكنولوجيا الحيوية الأمريكية، مقابل 5.1 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وقالت شركة إيلي ليلي الشهر الماضي إنها سوف تستحوذ على شركة لوكسوأونكولوجي مقابل 8 مليارات دولار.
إنه وقت مثير لصناعة كافحت سنوات كثيرة لكي تجعل أقسام البحث والتنمية تحقق النتائج.
وهو كذلك تحول مرحب به من التسويق الشامل لحبوب الرعاية الأولية، تجاه الأدوية للمرضى الذين يعانون أمراضا خطيرة.
هذا الأسبوع، تبين أن عقار كيترودا يعمل على تحسين صحة المرضى الذين يعانون سرطان الكلى والورم الأروميالدبقي، وهو ورم نشط في الدماغ.
على أنه يثير أسئلة حول مستقبل شركات الأدوية. أحدها هو ما إذا كانت أكثر ابتكارا من ذي قبل، على الرغم من هذا النشاط.
الثاني هو إلى متى ستتمكن الضجة بشأن أدوية الأورام المتطورة من إقناع شركات التأمين وأنظمة الرعاية الصحية، بدفع الفواتير التي هي مرتفعة في الأصل وقد ترتفع أكثر.
عقار كيترودا يوضح كيف تعمل الصناعة الآن – حيث تم اكتشافه من قبل شركة أدوية هولندية اشترتها شركة شرينج-بلاو Schering-Plough في عام 2007، بدلا من أن يتم تطويره في مختبرات الأبحاث التابعة لأي من المجموعتين.
دور شركة ميرك، عندما أدركت في النهاية ما كان بين يديها (بفضل رؤية شركة بريستول-مايرز وهي ترعى عقارا منافسا يدعى أوبديفو)، كان إخضاع عقار كيترودا للتجارب وتطويره.
كيترودا أو أوبديفو هما عقاران مهمان للغاية في التخصص الناشئ للعلاج المناعي للسرطان.
إنهما من "مثبطات نقاط التفتيش" التي تمنع الجسم من حجب الاستجابة المناعية للخلايا السرطانية.
منذ اعتماد عقار كيترودا لأول مرة في الولايات المتحدة في عام 2014، تم استخدامه لمعالجة مجموعة واسعة من السرطانات، أحيانا وحده، ولكن غالبا مع عقاقير أخرى.
هذا النجاح دفع شركات أدوية أخرى للاستحواذ على شركات التكنولوجيا الحيوية، أو لتشكيل شراكات لتطوير عقاقير مماثلة، من أجل إنتاج عقاقير أخرى يمكن استخدامها معها.
يتم اكتشاف الكثير من العقاقير في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية – حيث تقدر شركة ماكينزي الاستشارية أن 69 في المائة من محافظ شركات الأدوية سريعة النمو، قد جاءت من عمليات الاستحواذ أو الترخيص في عام 2015.
هذا يجنب خطر العمل لأعوام على عقار قد يفشل، لكنه يخلق تحديات أخرى. هناك مجموعة أدوية حصلت من الناحية العملية على أبحاث مراحل مبكرة، من مصادر أخرى يُمكن أن تعاني هجرة الأشخاص الأذكياء – قد تفتقر إلى العلماء الذين يستطيعون بشكل صحيح تقييم أي الصفقات ينبغي إبرامها مع شركات التكنولوجيا الحيوية.
ويمكن أن تعاني أيضا من أجل صناعة معظم العقاقير التي استحوذت عليها من شركات أخرى من خلال توسيع تطبيقاتها.
هذه الطريقة في إدارة الصناعة تضخم الأسعار. اكتشاف الأدوية في مجال التكنولوجيا الحيوية هو مسعى محفوف بالمخاطر، لذلك يرغب المستثمرون (وعلماء الأبحاث الذين يتركون وظائف آمنة) في الحصول على مكافآت ثرية على النجاح.
موجة الابتكارات في مجال الأورام تزيد الخوف من تفويت الفرص بين شركات صناعة الأدوية – حيث تُظهر الصفقات الأخيرة مدى ارتفاع السعر الذي ستدفعه لتأمين مستقبلها.
في النهاية، المريض سيدفع. في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تمت الموافقة على استخدام عقار كيترودا في الخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة.
السعر الرسمي لكل ثلاث عمليات حقن أسبوعيا هو 5260 جنيها، ومتوسط تكلفة الدورة العلاجية هو 84 ألف جنيه، على الرغم من أن الخدمة الصحية الوطنية تحصل على خصم.
السعر الرسمي لعقار كيمريا، وهو عقار مخصص لسرطان الدم من شركة نوفارتيس، هو 282 ألف جنيه لكل علاج.
العقاقير المبتكرة ليس من المكلف تطويرها فحسب، بل أيضا من الصعب رفضها. قد يملك طبيب الأورام فرصة واحدة لإنقاذ حياة مريض، وسيختار الدواء الذي لديه أفضل فرصة لإنقاذه.
هذا يحد من الضغط لخفض الأسعار، على عكس الأقراص التي لديها منافسة من الأدوية الجنسية، أو على سبيل المثال، عقار التهاب الكبد من النوع ج لديه منافس قد يكون فعالا أيضا.
من بعض الجوانب، السوق ناجحة – ثورة الابتكار التي تحفزها هذه المكافآت قوية للغاية، إلى درجة أن العقاقير المنافسة لعقار مثل "كيترودا" تبرز الآن بشكل أسرع من ذي قبل.
ولو كان السرطان أقل تعقيدا، قد يتوقع المرء أن تبدأ الأسعار بالانخفاض؛ فحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ضد "ظلم أسعار الأدوية المرتفعة" التي يدفعها نظام ميديكير، من شأنها أن تسفر عن نتائج.
على أننا الآن على مسافة بعيدة للغاية عن أي شيء مثل "علاج للسرطان" ونادرا ما يكون الدواء الواحد كافيا – حيث تعمل الكثير من مجموعات الأدوية على عقاقير لاستخدامها مع عقار كيترودا أو أوبديفو.
هذا لن يجعل من الصعب فحسب تقاسم المكافآت، بل السعر الإجمالي سيرتفع ولن ينخفض. من الصعب حرمان أي مريض من العيش لعام إضافي، على أن الفاتورة ستكون مخيفة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES