Author

المحطة الصينية لولي العهد .. أهداف مشتركة وضرورية

|


في محطته الثالثة (الصين) من جولته الآسيوية، يرسم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان معالم مرحلة جديدة للعلاقات التاريخية التي تجمع كلا من المملكة والصين. وهي علاقات تاريخية، لأنه على الرغم من قيام العلاقات الرسمية بين البلدين في عام 1990، إلا أن العلاقة بينهما كانت موجودة منذ 75 عاما. أي أن الحراك سبق الارتباط الرسمي، ما يعزز تلقائيا هذه العلاقة التي تستند إلى معايير عالمية حقيقية، فالبلدان عضوان في مجموعة العشرين التي تمسك بزمام المبادرة الدولية. وهما محوريان على الساحتين الإقليمية والعالمية من كل الجهات، بما في ذلك المشاركة في صناعة القرار الدولي، فضلا عن دورهما السياسي في حل المشكلات التي تحدث هنا وهناك، وحراكهما الحثيث لضمان السلم العالمي.
وحملت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للصين في عام 2017 كل المعايير التاريخية، لأنها أطلقت سلسلة من الاتفاقيات والتفاهمات بين الرياض وبكين، وعززت في الواقع ما هو قائم بينهما. وزيارة ولي العهد لبكين نقلة نوعية أخرى، لأنها تتزامن مع تصاعد الحراك الذي أحدثته "رؤية المملكة 2030" على الساحة الوطنية، وهي "رؤية" تتضمن روابط دولية مختلفة على جميع الصعد. فالصين أكبر شريك تجاري للسعودية، فكيف الحال وهي الآن تشارك عملية تنفيذ "الرؤية" التي فتحت آفاقا جديدة لكل من يرغب في دخول السوق السعودية أو من يريد أن يعزز حضوره التنموي والاستثماري فيها؟ والتبادل التجاري بين البلدين بلغ 70 مليار دولار قبل تراجع أسعار النفط، ولكنه لم ينخفض كثيرا بعد هذا التراجع.
هذه العلاقات المتنامية دائما، تشهد أيضا تصدر المملكة قائمة أكبر الموردين للبترول الخام للصين، إضافة إلى المشاريع المشتركة في مجال الطاقة التقليدية والبتروكيماويات، وكذلك الطاقة المتجددة. فالمشاريع الصينية في المملكة تتعاظم، وكذلك الاستثمارات السعودية في الصين، ما أسهم في فتح أبواب جديدة تمضي بصورة متوازية مع مخططات "رؤية المملكة". وإذا ما أخذنا الجانب الصيني في المملكة، فهناك أكثر من 160 شركة تعمل في مجالات حيوية مثل الهندسة والإنشاءات والاتصالات والبنية التحتية. وهناك مشاريع منفذة بين البلدين تشمل قطاعات ذات أهمية استراتيجية بما فيها تصريف المياه والسكك الحديدية ومحطات الكهرباء وبالطبع تكرير البترول، أي أن الأساس قائم بين الرياض وبكين لعلاقات طموحة، لها بالتأكيد انعكاساتها الإيجابية الدولية.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قالها في أكثر من مناسبة، إن الصين (كما الهند) تتحرك لتحتل مكانها المتقدم في قائمة الاقتصادات الأكبر في العالم، وهذا يعني أنها تتمتع بقدرات كبيرة على المضي قدما في تنمية العلاقات التي تأتي مخرجات عالية الجودة، بل ضرورية لكلا الطرفين، فـ "رؤية المملكة"، على سبيل المثال تستهدف نقل التكنولوجيا للسعودية، والصين تقدمت أغلب الدول في هذا المجال بالتزامها المساهمة في عمليات النقل هذه التي تحاكي المستقبل. هناك كثير من ميادين التعاون بين السعودية والصين، من الطاقة إلى التكنولوجيا، فالبنية التحتية والسياحة والثقافة والترفيه إلى آخر القطاعات التي تمثل محاور رئيسة في "رؤية المملكة"، وفي مسيرة البناء الاقتصادي السعودي، يضاف إلى هذا المشهد الواسع، الناتج السياسي للعلاقة بين طرفين محوريين، وهو ناتج يصب دائما وفق الأسس التي يحتاج إليها هذا العالم، وعلى رأسها ضمان الأمن والاستقرار العالميين.
زيارة ولي العهد للصين، تصنع مستقبلا جديدا بين هذين البلدين اللذين تجمعهما قواعد مشتركة وأهداف مشتركة.

إنشرها