أخبار

السعودية والصين .. «رؤية» و«طريق» حاضر العالم ومستقبله

 السعودية والصين .. «رؤية» و«طريق» حاضر العالم ومستقبله

 السعودية والصين .. «رؤية» و«طريق» حاضر العالم ومستقبله

 السعودية والصين .. «رؤية» و«طريق» حاضر العالم ومستقبله

لا تذكر الصين أخيرا إلا وتذكر معها مبادرة أطلقتها في سبتمبر 2013 لإنشاء حزام اقتصادي جديد يحيي طريق الحرير القديم الرابط بريا وبحريا بين دول آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا لتعزيز الربط الدولي ودعم حركة التجارة. وهو الطريق الذي رحبت به السعودية ووقعت على اتفاقياته في الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني للمملكة، التي أتت في حينها وفقا لمراقبين ترويجا لهذا الطريق وإدراكا من قبل الصين لأهمية الدور السعودي في إحيائه. فيما تتواصل اليوم الزيارة الثانية للأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، عراب "رؤية السعودية 2030" وقائدها، للصين ودول الشرق؛ امتدادا لتلك الزيارة في تلاق واضح مع مبادرة الصين الأخيرة؛ إذ تحمل الزيارة ضمن خطوطها العريضة كثيرا من الرؤى المنبثقة من "رؤية السعودية" بعوامل نجاحها المعلنة، أصالة البلد وقدراته الاستثمارية المتنوعة وأخيرا موقعه الجغرافي الاستراتيجي الرابط بين قارات العالم الثلاث. توازن دولي وكما كان يعول قديما على خط الحرير لإثراء العالم اقتصاديا وسياسيا قبل أن تقوم للحضارة الغربية أية قائمة. فإنه يعول من قبل الطرفين السعودي والصيني اليوم كثيرا على المبادرة الصينية لإعادة التوازن الاقتصادي الدولي الذي لطالما تفردت به القوى الغربية ومصارفها المعولمة حصرا، خصوصا إذا ما اجتمعت لها إرادات دول الشرق التي يمر بها هذا الطريق. ومن أهمها وبلا شك المملكة العربية السعودية، حيث يتزامن طموح الصين في إعادة الاعتبار لطريقها القديم، وإطلاق المملكة أخيرا رؤيتها بآفاقها العالمية. فوفقا لدراسة أخيرة عملت على استقصاء العوائد الاقتصادية والسياسية لهذا الطريق فهو يمر بـ65 دولة وافقت 50 منها حتى الآن ويربط آسيا بأوروبا وإفريقيا. وبملاحظة موقع السعودية الرابط بين آسيا وإفريقيا تعد السعودية مركزا رئيسا ومهما لهذا الطريق. فيما أكدت الدراسة أن الصين تسعى إلى تعظيم الاستفادة من الطريق في مضاعفة تجارتها مع الدول العربية من 240 مليار دولار إلى 600 مليار دولار، وتستهدف رفع رصيدها من الاستثمار غير المالي في الدول العربية من عشرة مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار، إضافة إلى الوصول بحجم تجارتها مع إفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول 2020. ويبدأ طريق الحرير من الصين ويمر عبر تركستان وخراسان وكردستان وسورية إلى مصر ودول شمال إفريقيا مرورا بأوروبا. اعتماد متبادل وبصورة أعم توضح ضرورة هذا الطريق للصين مستقبلا والدور السعودي لإحيائه. فإنه منذ أن انخرطت الصين في الاقتصاد العالمي عام 1978، وبدأت عملية الإصلاح والانفتاح، والنمو الاقتصادي السريع، اتضح لها بالفعل أن وصولها إلى الموارد المعدنية العالمية أمر جوهري في نجاحها المستقبلي، وبما أن قدرة الصين على تأمين احتياجاتها النفطية من أراضيها تعد محدودة، فقد عملت على تطوير علاقاتها وبشكل جيد بمنطقة الشرق الأوسط التي تستورد منها معظم مستلزماتها النفطية. ومن هذا المنطلق، فإن مفتاح الاستراتيجية الصينية لضمان الوصول إلى إمدادات كافية ومتوازنة من النفط هو العلاقات المميزة مع المملكة العربية السعودية، لذلك تشهد العلاقات الثنائية تطورا تدريجيا مع مرور الوقت. وفي هذا الإطار، بدأ التعاون الثنائي الصيني - السعودي في الازدياد خاصة في مجال الطاقة، ووقعت الصين والسعودية اتفاق التعاون الاستراتيجي في عام 1999، الذي اعتبر نقطة تحول في مجال التعاون النفطي. وفي الوقت الحاضر، يبلغ ما يقرب من نصف احتياجات الصين النفطية من الشرق الأوسط،، ويشكل النفط السعودي ربع واردات الصين النفطية. وفي الجهة المقابلة، فإن المسؤولين السعوديين يدركون على نحو متزايد أن الصين ستكون أكبر سوق للنفط مستقبلا، لذلك فإن تعزيز العلاقات مع بكين مهم جدا. ففي الماضي كانت الصين، وفقا لتقارير اقتصادية أمريكية، تظن أن المملكة متحفظة في علاقاتها تجاه الشرق، ما قد يؤثر في العلاقات الصينية - السعودية. إلا أنه مع زيادة الطلب الصيني للنفط، والتجاوب السعودي لتوسيع التعاون في التنقيب وتكرير النفط، جعل الصين تدرك تحولا آخر في الوضع. وهذا يدل على أن هناك مزيدا من التعاون في مجال الطاقة بين البلدين مستقبلا، استنادا إلى التعاون والمصالح المشتركة بين البلدين ما يساعد على تعزيز التعاون والعلاقات السياسية بين الصين والسعودية.

وتشير تقارير اقتصادية غربية إلى إن النمو الاقتصادي الصيني المتواصل ما بين 8 في المائة إلى 10 في المائة على مدى 20 عاما، عزز من مستوى العلاقات الصينية - السعودية، حيث أصبحت العلاقة من أهم العلاقات في المنطقة، ما أسهم بدوره في تعزيز النمو الاقتصادي للصين.

كما أن الصين سيكون لها بفضل تفوقها الاقتصادي المرتقب وطريق الحرير الجديد الذي ستسعى بكل السبل لتأمين سلامته وانسيابيته، دور سياسي وأمني مهم في المستقبل. وهو الأمر الذي تأخذه الرؤية الاقتصادية السعودية فضلا عن السياسية بكثير من الاعتبار.

يذكر أن السعودية كانت قد وقعت أثناء زيارة الرئيس الصيني للسعودية عديدا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم حول تعزيز التعاون في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الـ21، والتعاون في الطاقة الإنتاجية والعلوم والتقنية والملاحة بالأقمار الصناعية، وإقامة آلية للمشاورات حول مكافحة الإرهاب، والتعاون في المجال الصناعي والطاقة المتجددة، والتعاون لإقامة المفاعل النووي ذي الحرارة العالية والمبرد بالغاز.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار