default Author

دولة الرعاية الاجتماعية .. مد وجزر «3»

|


إن التصدي لمخاطر الدخل خلال الحياة العملية يتضمن توفير دخل للعاطلين عن العمل واستعادة فرص كسب العيش وتوسيع مجالاتها، وذلك على سبيل المثال من خلال توفير التدريب وتقديم خدمات رعاية الطفل. وفي هذا السياق، عقدت مناقشات مجددا حول شكل آخر مختلف للدخل الأساسي المعمم. وتتوقف إمكانية تنفيذه على مستوى المنافع وتوزيع الدخل. ونظرا إلى ميل منحنى التوزيع نحو الدخل الأقل، فإن عدد من يحققون الاستفادة الصافية سيفوق عدد مقدمي المساهمة الصافية. ونتيجة ذلك، فإن ارتفاع متوسط معدل الضريبة اللازمة لتمويل هذا الحجم الكبير من المنافع سيفضي إلى إيجاد عوامل تثبيط كبيرة عن العمل. ومن ناحية أخرى، ربما تراجعت القيود المالية إذا أدت الآلات التي يوجهها الذكاء الاصطناعي إلى رفع معدلات النمو ومن ثم توسيع الوعاء الضريبي. وقد تصبح هذه المنفعة مهمة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء.
أما التصدي لمخاطر الدخل في مرحلة التقاعد، فإنه يعني الابتعاد عن الاعتماد على المساهمات على أساس الوضع الوظيفي. ويتمثل جزء من الحل في وضع برنامج لمعاشات التقاعد غير القائمة على المساهمات وبمعدل ثابت يُمَوَّل من الضرائب ويُمنح على أساس السن والإقامة، دون اشتراط المساهمة فيه. وأصبح هذا النوع من البرامج واسع الانتشار في عدد أكبر من الاقتصادات المتقدمة، منها كندا وتشيلي وهولندا ونيوزيلندا، وفي الاقتصادات النامية. وتحقق نظم معاشات التقاعد غير القائمة على المساهمات ميزتين معا: تخفيف حدة الفقر وتقليص فجوة الدخل في مرحلة التقاعد بين الرجل والمرأة. والتغير الموازي لذلك هو رفع الحد الأدنى لسن التقاعد بمرور الوقت مع طول أعمار السكان. وينبغي الاختيار بين مستوى برامج التقاعد غير القائمة على المساهمات وسن التقاعد لتخفيف حدة الفقر دون الإثناء عن العمل والادخار.
ولا يوجد نظام أمثل لمعاشات التقاعد يُطَبَّق في كل البلدان. بحسب دراسة Barr and Diamond في 2009 البرامج الناجحة المرتبطة بالدخل تأخذ أشكالا مختلفة. ومن الأمثلة على ذلك: البرنامج الوطني ذو المساهمات المحددة الذي بدأته السويد في تسعينيات القرن الـ20. ويقوم هذا الترتيب على نظام معاشات التقاعد غير المُمَوَّل، أي: إن مساهمات هذا العام تستخدم لأداء مدفوعات منافع هذا العام، لكن - بخلاف البرامج التقليدية لمعاشات التقاعد غير المُمَوَّلة - يقدم هذا البرنامج منافع وثيقة الصلة بالمساهمات التراكمية للعمالة. واعتمد هذا التصميم أيضا كل من لاتفيا والنرويج وبولندا. وينبغي تنظيم حسابات الأفراد، إذا كانت تشكل جزءا من نظام التقاعد الأوسع نطاقا، من خلال برامج ادخار بسيطة تدار بتكلفة زهيدة - إجبارية أو قائمة على التسجيل التلقائي- وتمنح خيارات محدودة، وهي اختيار جيد يتوافر تلقائيا لمن لا يحددون اختياراتهم، بحسب دراسة Barr and Diamond في 2017. وفي المستقبل، نجد أن أداء المدفوعات بالوسائل الإلكترونية يفتح المجال لتحديد المساهمات في برامج التقاعد على أساس الإنفاق الاستهلاكي وليس على أساس الدخل. وفيما يخص التصدي للمخاطر على الصحة، يكاد يكون هناك اتفاق عام بين الاقتصادات المتقدمة، على أن حالات فشل السوق المستعصية تبين أن التأمين الاكتواري الخاص غير ملائم للتصدي للمخاطر الطبية، والولايات المتحدة من هذه الحالات. وتشير أحد أهم النتائج المستخلصة. وحسب دراسة Barr في 2012 إلى أن التدخل بالقدر الضروري لمعالجة العدد الكبير من المشكلات الفنية أمام التأمين الطبي الاكتواري بناء على المخاطر الفردية، يؤدي إلى اعتماد ترتيبات الضمان الاجتماعي بحكم الواقع، بإدخال الجميع في مجمع واحد للمخاطر.
ويجب أن ندرك التعقيد المتزايد في عملية توفير التعليم والتدريب المناسبين كي نتصدى لمخاطر عدم اتساق المهارات مع متطلبات سوق العمل. ونحن نواجه تزايدا مستمرا في مجموعة المهارات التي تطلبها سوق العمل، وكذلك السبل إلى اكتسابها، ونظرا لسرعة التغير التكنولوجي يتعين على العاملين معاودة التدريب، عدة مرات في بعض الأحيان، طوال مدة حياتهم العملية التي تزداد طولا... يتبع.

إنشرها