FINANCIAL TIMES

اصطفاف «اتصالات» بريطانيا إلى جانب «هواوي»

اصطفاف «اتصالات» بريطانيا إلى جانب «هواوي»

اعتلى جيري وانج، رئيس الشركة الصينية لصناعة معدات الاتصالات في بريطانيا المسرح، ليحاول تهدئة الوضع حول دور شركة هواوي في بناء شبكات الجيل الخامس، بعد أن قررت كل من الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، حظر نشاطات الشركة على أراضيها، لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
لقد حصلت شركة هواوي الصينية على ثلاث طاولات في حفل أقيم بمناسبة العام الصيني الجديد، في فندق دورتشستر في لندن يوم الخميس الماضي، ولقد كانت تلك فرصة طيبة للشركة من أجل مجاملة رؤساء تنفيذيين لشركات اتصالات بريطانية، وإعادة بناء علاقات باتت متوترة خلال الأشهر الأخيرة.
بينما يحتدم النقاش حول استخدام شركة هواوي للجيل المقبل من إنترنت الجوال في أوروبا، قال وانج إن الشركة أنفقت ملياري جنيه إسترليني في المملكة المتحدة حتى الآن، وتعتزم إنفاق ثلاثة مليارات أخرى في حقبة الجيل الخامس.
وأضاف وانج: "موقف المملكة المتحدة المنفتح ودعمها للأسواق الحرة والشركات، يمثل قيما تلقى احتراما في كل أنحاء العالم ومحط إعجابنا في شركة هواوي. في هذه الأوقات المضطربة، نثق بأن بريطانيا ستحافظ على انفتاحها وشموليتها وتقديم خيارات حكيمة، تخدم مصالح المواطنين في المملكة المتحدة".
على أن الطاولات الثلاث في مأدبة العشاء، حيث استضافت هواوي في السنوات السابقة الرؤساء التنفيذيين لشركات الاتصالات، امتلأت هذا العام بممثلين ومندوبين أدنى مرتبة.
جزئيا، جاءت هذه المناسبة في الوقت نفسه الذي أقيم فيه حفل وداع لرئيس شركة بريتيش تيليكوم المنتهية ولايته، جافين باترسون.
كان هنالك أيضا تردد بين بعض الرؤساء التنفيذيين من حيث قبول ضيافة شركة هواوي، في وقت تتهم فيه الشركة الصينية من قبل السلطات الأمريكية بالتجسس على الشركات وخرق العقوبات.
قال أحد كبار مستشاري قطاع الاتصالات ممن لم يحضروا الحفل: "إنه ليس عام الحظ بل في أفضل الأحوال، بعض منه".
علاقة شركة هواوي بقطاع الاتصالات الأوروبي أصيبت بهزة كبيرة بسبب الضغوط السياسية المفروضة من الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات الأخرى، في وقت تقرر فيه شركات التشغيل آلية بناء شبكات الجيل الخامس.
من المحتمل أن فرض حظر شامل على معدات شركة هواوي، لن يكون حظرا على صميم الشبكة فحسب، بل أيضا حظرا في طبقة البث على شبكة الراديو، أي الصواري التي ترحل المعلومات إلى داخل الشبكة، ومن شأن ذلك أن يتسبب في تأخير إطلاق الجيل الخامس لسنوات، وأن يضيف تكاليف باهظة على شركات التشغيل وهي تخوض عمليات إلغاء الأجهزة واستبدالها، بدلا من تحديث معدات الجيل الرابع المتقدمة والمستخدمة حاليا.
بموجب مثل هذا السيناريو، ستشهد جهات التشغيل مثل شركات فودافون والاتصالات الألمانية وفيون انهيارا في علاقاتها العالمية مع شركة هواوي، اعتمادا على ما إذا كانت ستسمح تلك الدول باستخدام كامل أو استخدام جزئي، أو عدم الاستخدام المطلق للمعدات الصينية.
كما أن هنالك أيضا مخاوف من أن فرض حظر على شركة هواوي من شأنه أن ينشئ احتكارا ثنائيا لكل من شركتي إريكسون ونوكيا في بعض الأسواق، وهو سيناريو قد يؤدي إلى تراجع الهوامش مع مرور الوقت.
شركة هواوي والشركة الصينية المنافسة لها زي تي إي، المستهدفتان الآن من قبل الولايات المتحدة بشكل خاص، ساعدتا في خفض أسعار المعدات على مر السنين، بفضل إمكانية الحصول على التمويل الرخيص.
لم تعد معدات شركة هواوي هي الأرخص في السوق، لكن يمكن القول إن استثماراتها الكبيرة في الأبحاث والتطوير، تجعل معداتها هي الأكثر تطورا.
حتى الآن، أعربت شركات التشغيل عن دعمها العام للشركة الصينية، في الوقت الذي تتخذ فيه خطوات لحماية أنفسها من التداعيات السياسية الأكثر حدة.
قررت شركة بريتيش تيليكوم الاستغناء عن برمجيات شركة هواوي الموجودة في قلب شبكة الجوال إي إيEE، في حين اقترحت شركة الاتصالات الألمانية، المملوكة جزئيا من قبل الدولة الألمانية، سلسلة من الإجراءات لتخفيف المخاوف الأمنية، بما في ذلك فحص البرنامج المفتوح من الشركة.
ربما كان الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لشركة هواوي هو الخطوة التي اتخذتها شركة فودافون، التي كانت واحدة من أكبر عملائها خارج الصين، لفترة تزيد على عقد من الزمن، حيث قررت "الإيقاف المؤقت" لعمليات الشراء والتركيب لأي معدات مستخدمة في الطبقة الأساسية من شبكاتها في إسبانيا وأوروبا الشرقية.
لقد أصبح الوضع حرجا داخل القطاع. قالت هيئة الصناعة في قطاع الهواتف المحمولة أي اتحاد جي إس إم أيه GSMA، إنها سوف تناقش آلية رد الفعل كقطاع إزاء الضغوط من أجل حظر شركة هواوي، خلال اجتماع مجلس الإدارة السنوي، في المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة الذي سيعقد في برشلونة في نهاية شباط (فبراير) الجاري.
أورانج ستيفان الرئيس التنفيذي للشركة ريشار، قال من قبل إن شركته لن تستخدم معدات شركة هواوي في فرنسا، وهو في الوقت نفسه رئيس مجلس الإدارة الحالي لاتحاد GSMA، إلا أن المجموعة تضم أيضا ممثلين من شركات تشغيل قطاع الاتصالات في الدولة، البالغ عددها ثلاث شركات في الصين. في الوقت نفسه، من المحتمل أن يحضر رين تشينجفاي، مؤسس شركة هواوي المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة ليلتقي بالتنفيذيين في قطاع الاتصالات، في الوقت الذي تحاول فيه الشركة الحد من الأضرار.
بالنسبة للتنفيذيين في قطاع الاتصالات، فإن الاتهامات التي تطالب شركة هواوي بموجب القانون الصيني، بأن تساعد في جمع المعلومات الاستخباراتية، تتجاهل ضوابط الوقاية التي وضعتها شركات التشغيل.
قال نيك ريد، الرئيس التنفيذي لشركة فودافون، الذي يعارض فرض حظر على معدات شركة هواوي، إن شركات الاتصالات بحاجة إلى إجراء مزيد من المحادثات مع الحكومات والدوائر الأمنية "لكشف الحقائق أمام الجميع".
في وقت سابق من هذا الشهر، أرسلت شركة بريتيش تيليكوم كبار التنفيذيين الأمنيين لديها، لحضور اجتماع مع الوزراء في اللجنة المشتركة المعنية باستراتيجية الأمن القومي، لمناقشة دور شركة هواوي في الشبكة.
ذكر أحد كبار التنفيذيين في الصناعة أن شركات الاتصالات الروسية تستخدم معدات شركة هواوي، وأن أجهزتها الأمنية أجرت تقييمات فنية متعمقة لتلك المعدات.
وقال: "لقد أجروا فحصا دقيقا لها، ويمكن القول إنه كان أكثر دقة مما أجراه الأمريكيون، لكنهم لم يعثروا على أي ثغرة".
قال جافين باترسون، الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته لشركة بريتيش تيليكوم، إن شركته سوف تستمر في تجارب الجيل الخامس مستخدمة معدات شركة هواوي، إضافة إلى معدات من شركات أخرى منافسة لها.
وأضاف أن ثقته ليست مستمدة فحسب من طريقة بناء شبكات بريتيش تيليكوم نفسها، التي لا تستخدم معدات شركة هواوي في الشبكة الداخلية، بل من "جي سي إتش كيو" GCHQ الذراع الأمنية لحكومة المملكة المتحدة، التي تتفحص معدات شركة هواوي. وقال: "نحن قادة عالميون في مجال الأمن المعلوماتي. وأنا أثق بهم كثيرا". قال بوريس نيمسيك، رئيس مجلس إدارة دلتا للاستشارات وهو تنفيذي سابق في الصناعة، إن المخاطر كبيرة بالنسبة لأوروبا، في الوقت الذي تخاطر فيه بالتخلف عن ركب، ليس الولايات المتحدة والصين فحسب، بل وأجزاء من آسيا، فيما لو شاركت في خطوة تهدف إلى فرض حظر على معدات شركة هواوي في هذا الوقت المتأخر من العملية.
وأضاف أنها يمكن أن تجد نفسها متخلفة عن بلدان في إفريقيا والشرق الأوسط، التي لا ترى بأسا في نشر معدات شركة هواوي الأكثر تقدما في مجال الجيل الخامس.
وختم بالقول: "أداء شركة هواوي رائع. في أوروبا يجب أن نشعر بالغيرة. على مدى 20 أو 30 عاما كنا في المقدمة، لكننا تصرفنا بشكل سيئ. هم يتمتعون الآن بقوة كبيرة تقف وراءهم. الصناعة بحاجة إلى شركة هواوي لتكون ثقلا يقف في وجه شركتي نوكيا وإريكسون. وسوف نقيد أنفسنا كثيرا إذا استثنيناهم".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES